تعريف الطريقة الرحمانيّة الخلوتيّة والزاويّة القاسميّة
بسم الله الرحمن الرحيم
الطريقة الرحمانيّة الخلوتيّة
الرحمانيّة نسبة إلى الشيخ سيّدي محمّد بن عبد الرحمن الزواويّ الأزهريّ، أخذ العلم في جامع الأزهر الشريف، وأجيز من شيوخه، وأخذ الطريقة الخلوتيّة عن الشيخ محمّد بن سالم الحفني، ونشرها في المغرب العربيّ، ثمّ نُسبت إليه الرحمانيّة، وأمّا الطريقة الخلوتيّة، الّتي تفرّعت عنها الطريقة الرحمانيّة، فهي طريقة أهل السنّة والجماعة. والخلوتيّة: نسبة إلى الخلوة، من خلا يخلو خلوّا وخلاء، والكلمة عند اللّغويّين تحتمل عدّة معان، منها: الانفراد والانعزال والاستثناء والاعتماد والإرسال والإطلاق والتجرّد والتفرّغ والترك والكلام والبراءة والتسليم والموادعة والمضيّ والموت. وعند الصوفيّة: "هي محادثة السرّ مع الحق"، وبهذا يتحقّق الإخلاص في الأعمال، قال السوسيّ: "الخالص من الأعمال ما لم يعلم به ملك فيكتبه، ولا عدوّ فيفسده، ولا النفس فتعجب به". ويرون أنّ الخلوتيّة مستمدّة من معانيها، فقالوا: "هي طريقة مؤسّسة على الكتاب والسنّة"، مستندين إلى الحديث الذي رواه البخاريّ عن السيّدة عائشة رضي الله عنها، قالت: (أوّل ما بدئ به صلّى الله عليه وسلّم الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه، وهو التعبّد اللّيالي ذاوت العدد). الحديث. وقال القسنطينيّ: "قال القسطلاني إنّما حبّب إليه الخلوة لأنّ معها فراغ القلب والانقطاع عن الخلق. وفيه تنبيه على فضلها وسنّيّتها، لأنّها تريح القلب من أشغال الدنيا وتفرغه لله تعالى". ويستندون أيضا إلى قوله (: (سبعة يظلّهم الله في ظلّه، يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه) من جملتهم (رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) رواه مالك والبخاريّ ومسلم والنسائيّ. وإلى الحديث القدسيّ: (يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا) الحديث، رواه البزّار بإسناد صحيح، قاله المنذريّ. ونسب بعضهم الخلوتيّة إلى أخي محمّد الخلوتيّ، وهو السادس بعد أبي النجيب السهرورديّ في سلسلة رجال السند. والقول الأوّل هو الأرجح لأنّ محمّدا نفسه نُسب إليها. [1]
مؤسّس الطريقة الرحمانيّة الشيخ سيّدي محمّد بن عبد الرحمن الأزهريّ (1133-1208 هـ = 1715-1793 م)
هو محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن أبي القاسم بن عليّ بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمـد بن الحسن بن طلحة بن جعفر بن محمد العسكري بن عيسى بن حمزة بن إدريس .... ابن السيّدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولـد بقرية بوعلاوة بعرش آيت إسماعيل، ناحية قشتولة، وتقع على بعد 15 كلم، شرق ذراع الميزان، في منطقة جرجرة من الجزائر، وإلى هذه الأرض يُنسب، كما لُقّب بالأزهريّ، نسبة إلى الأزهر الشريف الذي جاوره مدة طويلة. الراجح أنه ولد سنة 1133هـ= 1715م، ونشأ ببلاد زواوة التي اشتهرت في تلك الفترة بالعلم والفقه. تتلمذ في بداية أمره على يد الشيخ الحسين بن آعراب الذي تخرّج من الأزهر الشريف وعاد منه بعلوم جمّة وثقافة واسعة. ذهب ابن عبد الرحمن إلى الحجّ في التاسعة عشرة من عمره، أي حوالي سنة 1152هـ، وفي طريق عودته أعجب بالأوضاع العلميّة بمصر فاستقر فيها مجاورا للأزهر الشريف، وفيه تلقّى العلوم على أيدي علماء أجلاّء منهم: الشيخ أحمـد بن محمد بن أبي حامد العدويّ المالكيّ الأزهريّ الشهير بـ "الدردير" (تـ 1201هـ)، والشيخ عليّ بن أحمـد الصعيديّ العدويّ (تـ 1189هـ)، والشيخ علي العمروسيّ (تـ 1173هـ)، والشيخ محمّد بن عبد الله بن أيّوب المعروف بـ"المنوّر التلمسانيّ"(تـ 1173هـ). وبعد تحصيل العلوم الإسلاميّة من هؤلاء الأعلام، اتّجه إلى شيخ مربٍّ يسلك على يده، ووجد ضالّته في الشيخ محمّد بن سالم الحفناويّ الخلوتيّ، وعنه أخذ الطريقة الخلوتيّة، وكلّفه بنشرها، والقيام بالدعوة في السودان والهند، يقول الشيخ محمّد بن عبد الرحمن في إحدى رسائله: "ثمّ بعثني (أي شيخه) إلى بلاد السودان وبلاد الهنود لأقرئهم جميع الفنون وإعطاء الورد، فشرعت في تربية الإخوان". وأقام ست سنوات في دار فور يقرئ السلطان ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى صار له أتباع كثيرون . أمره شيخه بالعودة إلى القاهرة وألبسه الخرقة، وكلّفه بالتوجّه إلى الجزائر لنشر الطريقة هناك، وكان ذلك سنة 1177هـ. استقرّ الشيخ بن عبد الرحمن فترة ببلاد القبائل كواعظ ومرشد، ثم انتقل إلى قرية الحامّة قرب مدينة الجزائر، واستقرّ هناك وتصدّى للتعليم، ولنشر الطريقة الخلوتيّة، والتفّ حوله عدد كبير من الطلاّب، فعلا صيته وذاعت شهرته، وأهدى له أفراد عائلة بني عيسى قطعة أرض بنى عليها زاويته الّتي اتّخذها مركزا لنشر الطريقة وملتقى للإخوان والمريدين. ولم تمض فترة طويلة على استقراره بالحامّة حتّى بدأت المشاكل والمتاعب تترى من طرف علماء الظاهر الذين كانـوا يرون في التفاف الناس حول الشيخ بن عبد الرحمن مساسا بكرامتهم وحطا من قيمتهم، فبدءوا بشن الحملات عليه وإثارة الـداي محمّد عثمان عليه، ممّا جعله ينصب له مجلسا للحكم في أمره، فعقد لذلك مناظرة للنظر في الاتّهامات الموجّهة إليه، برئاسة المفتي علي بن الأمين مفتي المالكيّة بالعاصمة، لكنّ موقف الشيخ كان الأصوب، وظهرت حججه على آرائهم الباطلة، وبرّئ من تهمة الزندقة الّتي وجّهت إليه، وتبيّن للداي كذبهم ومؤامرتهم وسوء نيّتهم، فأكرم نزله، واستضافه أياّما بقصره، وأخذ عنه ورد طريقته وأصبح من أتباعه ومريديه. وبالرغم من موقف الداي المؤيّد للشيخ، فإنّه فضّل مغادرة الجزائر العاصمة، والعودة إلى مسقط رأسه آيت إسماعيل بجرجرة، حيث أسّس هناك زاوية جديدة وتفرّغ للتعليم ونشر الطريقة. نجد في دائرة المعارف الإسلاميّة أنّ الشيخ استقرّ أوّلا بقريته آيت إسماعيل، وبسبب حسد علماء قريته، انتقل إلى الحامّة الّتي أثار نشاطه فيها معارضة علماء الدّين، فاستدعوه للمحاكمة. لا تذكر المصادر شيئا عن حياته الاجتماعية إلا ما عرفنا من أنه تزوج امرأة حبشية بالقاهرة، وأن له أخا لحق به في القاهرة، وأمره الشيخ الحفناوي بالعودة معه إلى الجزائر، وأنه لم يترك عقبا من صلبه، وأبناؤه هم شيوخ طريقته وخلفاؤه من بعده.
مـن أشهـر تلامـذته
سيدي علي بن عيسى، سيدي عبد الرحمن باش تارزي، سيدي محمد بن عزوز البرجي، سيدي محمد العمالي والد حميدة العمالي...
من مـؤلفـاتــه
1 ـ رسالة فتح الباب: ألفها في آداب الخلوة، وشروطها ودخولها ونتائجها. 2 ـ رسالة طي الأنفاس: يتحدث فيها عن آداب الطريقة الخلوتية بشكل عام، وآداب الخلوة، وطي النفوس السبعة وهو المبدأ الذي تقول به الطريقة الخلوتية من الأسماء السبعة والنفوس السبعة التي يجب قطعها بالأسماء السبعة المعروفة. 3 ـ دفتر الدفاتر: وهو أيضا عبارة عن مجموعة رسائل في الطريقة، والذكر والخلوة، وهي امتداد للرسائل الخلوتية المكتوبة في هذا الشأن. 4 ـ شرح على الريفاوي: شرح لقصيدة (قوته قولي) لصاحبها عبد الله الريفاوي، ويجمع هذا الشرح بين أصول الطريقة وأركانها، وآداب المريد، انتهى من تأليفه سنة 1172هـ. 5 ـ شرح لامية الزقاق: في الأقضية، قال عنه أنه ألفه بإذن شيخه الحفناوي. 6 ـ زلزلة النفوس: وكان لا يفارقه لعزته عليه. توفي ( سنة 1208هـ= 1793م. ودفن بزاويته. [2]
أصول الطريقة الرحمانيّة
ملامحها العامّة المشتركة هي: الشيخ المرشد، والذكر، والورد، والمريد، وعلى هذا الاعتبار فالرحمانيّة طريقة صوفيّة الأصل خلوتيّة الفرع، وقد وضعت الرحمانيّة مناهج تربويّة، ضبطتها برسوم وقواعد، تبدأ بأخذ العهد عن الأستاذ الشيخ لالتزام الانضباط، والمتابعة، والمثابرة، وتنتهي بتلقين المقرّر، ومادّته الذكر بأسماء الله الحسنى باعتباره الركن الأوّل لتربية النفس وتزكيتها. ثمّ يشرع المريد في التطبيق العلميّ، باتّباع قوانين أربعة، هي: الجوع، والسهر، والصمت، والعزلة (تقليلك للطعام، تقليلك للمنام، تقليلك للكلام، عزلتك كليّا). ويُتبعها بأصول ثلاثة عشر، لمقاومة عناصر الإثم؛ وهي بالترتيب: التوبة والمجاهدة والدعاء والخوف والورع والزهد والصبر والشكر والقناعة والرضا والتفويض والتسليم والتوكّل والانقطاع إلى الله تعالى بالعبادة في الخلوة.
ورد الطريقة الرحمانيّة
تذكر بعد صلاة الفجر: يا حيّ يا قيّوم لا إله إلاّ أنت برحمتك أستغيث. أربعين مرّة. ثمّ: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم أستغفر الله. مائة مرّة. ثمّ الصلاة الكاملة، وهي: اللهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد وآله صلاة أهل السموات والأرضين عليه وأجر يا ربّ لطفك الخفيّ في أموري. ثلاث مرّات. ثمّ: اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم أجرني من النار. ثلاث مرّات. وبعد صلاة الصبح، بعد المعقّبات، تذكر: لا إله إلاّ الله. ثلاثمائة مرّة، المائة الأولى بالمدّ والثانية بالتوسّط والثالثة بالقصر. وبعد صلاة العصر كذلك: لا إلّه إلاّ الله. ثلاثمائة مرّة. وبعد صلاة عصر الخميس: تترك الهيللة، وتنتقل إلى الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بقولك: اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم. ثلاثمائة مرّة. وبعد صلاة الجمعة: تصلّى بهذه الصيغة: اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد النبيّ الأميّ وعلى آله وصحبه وسلّم. ثمانين مرّة. ثمّ المعقّبات. ثمّ لا إله إلاّ الله، كما هي العادة. وبعد كلّ صلاة بعد المعقّبات: تصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عشر مرّات، بالصيغة الآتية: اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد وسلّم.
من أعلام الطريقة الرحمانية
الشيخ سيّدي عبد الرحمن بن أحمـد باش تارزيّ (ت 1222هـ = 1807م)
الشيخ سيّدي محمّد بن أحمد بنعزوز البرجيّ (1170-1233هـ= 1757-1818م)
الشيخ سيّدي مصطفى بن محمّد بن سيدي عيسى (1168-1236هـ= 1750-1820م)
الشيخ سيّدي محمّد الصالح بن سليمان العيسويّ الزواويّ (1152 - 1242 هـ = 1739-1826م)
الشيخ سيّدي عليّ بن عيسى المغربيّ (ت 1252هـ = 1836م)
الشيخ سيّدي السعيد بن عبد الرحمن بن أبي داود (1176-1256هـ= 1762-1840م)
الشيخ سيّدي علي بن عمر الطولقيّ (1166-1258هـ= 1754-1842م)
الشيخ سيّدي عبد الحفيظ بن محمد الخنقيّ (1203-1266هـ= 1789-1850م)
الشيخ سيّدي الصادق بن مصطفى البسكريّ (1194-1276هـ= 1779-1859م)
الشيخ سيّدي المختار بن عبد الرحمن بن خليفة الجلاليّ (1201-1277هـ= 1784-1859م)
الشيخ سيّدي الصادق بن الحاج الأوراسيّ (1205-1277هـ= 1790-1860م)
الشيخ سيّدي المهديّ السكلاويّ الزواويّ (1200-1278هـ= 1786-1862م)
الشيخ سيّدي الشريف بن الأحرش النايليّ (1218-1281هـ= 1803-1864م)
الشيخ سيّدي مصطفى بن محمد بن عزوز البرجيّ (1220-1282هـ= 1803-1865م)
الشيخ سيّدي مصطفى بن عبد الرحمن باش تارزي (ت بعد 1287هـ= 1870م)
الشيخ سيّدي أبو العبّاس بن محمّد بن أحمد بن عزوز البرجيّ (ت بعد 1287 هـ = بعد 1870 م)
الشيخ سيّدي محمّد وعلي السحنونيّ (ق 14هـ= 19م)
الشيخ سيّدي الحاج محمّد باشا آغه بن أحمد (ت 1289 هـ = 1872 م)
الشيخ سيّدي محمّد أمزيان بن عليّ الحدّاد (1205 - 1290 هـ = 1790 - 1873 م)
الشيخ سيّدي أحمـد بن محمد العماليّ (1227-1290هـ= 1812-1873م)
الشيخ سيّدي محمّد بن أبي القاسم البوجليليّ (ت بعد 1300هـ= 1882م)
الشيخ سيّدي أبو القاسم بن أحمد ابن أبي داود (ت 1308 هـ = 1891 م)
الشيخ سيّدي محمّد بن محمّد بن عزوز البرجيّ (1229-1309هـ= 1813-1891م)
الشيخ سيّدي الحسين بن عليّ بن عمر الطولقيّ (1246 - 1309 هـ = 1830 - 1891 م)
الشيخ سيّدي محمّد السعيد بن أحمد بن عبد الرحمن باش تارزي (ت بعد 1309 هـ = 1891 م )
الشيخ سيّدي محمّد التارزي بن محمد بن أحمد بن عزوز البرجيّ (1227-1310هـ= 1812-1892م)
الشيخ سيّدي محمّد المكي بن الصديق الونجليّ الخنقيّ (ت 1311هـ= 1894م)
الشيخ سيّدي محمّد بن أبي القاسم الهامليّ (1240-1315هـ = 1824-1897م)
الشيخ سيّدي المبروك بن محمّد بن أحمد بن عزوز البرجيّ (ت بعد 1315 هـ = 1897 م)
الشيخ سيّدي علي بنعثمان بن علي الطولقيّ (1232-1316هـ = 1824-1898م)
الشيخ سيّدي محمّد العربيّ بن أحمد ابن أبي داود (ت بعد 1315 هـ = 1898 م)
الشيخ سيّدي محمّد الطيّب بن أحمد ابن أبي داود (ت بعد 1315 هـ / 1898 م)
الشيخ سيّدي الهاشميّ بن عليّ دردور الأوراسيّ (1230- 1317هـ =1815- 1899م)
الشيخ سيّدي سالم بن محمد العايب السوفيّ (ق 13هـ= 18م)
الشيخ سيّدي محمّد أمزيان ابن أبي داود (ق 13 هـ = ق 19 م)
الشيخ سيّدي مصطفى بن المختار بن عبد الرحمن بن خليفة الجلاليّ (ق 13 هـ / ق 19 م)
الشيخ سيّدي محمّد بن المختار بن عبد الرحمن بن خليفة الجلاليّ (ق 13 هـ / ق 19 م)
الشيخ سيّدي علي بن الحملاوي بن خليفة (ق 14هـ= 19م)
الشيخ سيّدي محمّد بن محمّد بن أبي القاسم الحسنيّ الهامليّ (1277-1331هـ= 1862-1913م)
الشيخ سيّدي محمد بن السعيد السحنوني (1255-1332هـ= 1839-1914م)
الشيخ سيّدي المختار بن محمّد الهامليّ (1284-1333هـ= 1867-1914م)
الشيخ سيّدي المكي بن مصطفى بن عزوز البرجيّ (1270-1334هـ= 1854-1915م)
الشيخ سيّدي محمّد الصغير بن المختار بن عبد الرحمن الجلاليّ (ت 1335 هـ = 1917 م)
الشيخ سيّدي محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن الديسيّ (1270 - 1340 هـ = 1845 - 1922م)
الشيخ سيّدي عبد الكريم بن التارزيّ بن عزوز البرجيّ (ت بعد 1343 هـ = 1925 م)
الشيخ سيّدي محمّد العربيّ بن محمّد بن عزوز البرجيّ (ت بعد 1343 هـ = 1925 م)
الشيخ سيّدي عاشور بن محمّد بن عبيد الخنقيّ (1264 1346 هـ=1848 1927 م)
الشيخ سيّدي أحمد الأمين بن المدنيّ بن المبروك ابن عزوز البرجيّ (ت بعد 1353 هـ = 1934 م)
الشيخ سيّدي محمّد أبو القاسم الحفناويّ بن أبي القاسم الديسيّ (1269 - 1361 هـ = 1852 - 1941 م)
الشيخ سيّدي الونوغي بن أحمد بن مرزاق المقرانيّ (ت بعد 1363 هـ = 1943 م)
الشيخ سيّدي عبد الحميد بن محمّد الصغير بن المختار الجلاليّ (ت بعد 1369 هـ = بعد 1950 م)
الشيخ سيّدي محمّد العربي خليفة البسكريّ (ت بعد 1373هـ = 1953م)
الشيخ سيّدي عبّاس الهاشميّ بن عليّ بن عمر الطولقيّ (ت بعد 1372 هـ = 1953 م )
الشيخ سيّدي عبد القادر بن أبي القاسم القاسمي الحسنيّ (ت 1374 هـ = 1954 م)
الشيخ سيّدي عبد القادر بن إبراهيم بن الشيخ المسعديّ النائليّ (1302 - 1376 هـ = 1884 - 1956 م)
الشيخ سيّدي محمّد الخضر بن الحسين بن عليّ بن عمر الطولقيّ (1293 1377 هـ = 1876 1958 م)
الشيخ سيّدي الطاهر بن عليّ بن أبي القاسم بن العبيديّ (1304 - 1387 هـ = 1885 - 1968 م)
الشيخ سيّدي محمّد المكيّ بن المختار القاسمي الحسنيّ (1320 - 1388 هـ = 1902 - 1967)
الشيخ سيّدي أحمد بن عليّ بن أبي القاسم بن العبيديّ (ت 1388 هـ = 1969 م)
الشيخ سيّدي مصطفى بن محمّد بن أبي القاسم القاسميّ الحسنيّ (1315 - 1390 هـ = 1897 - 1970م) [3]
الشيخ محمّد بن أبي القاسم مؤسّس زاوية الهامل
ولد الأستاذ في شهر رمضان 1239هـ الموافق لـ 1823م ببادية الحامديّة، بولاية الجلفة، من أبوين ينتهي نسبهما إلى سيّدي أبي زيد بن عليّ جدّ غالبيّة أشراف المغرب الأوسط. حفظ القرآن الكريم في مسقط رأسه، على يدي ابن عمه محمّد بن عبد القادر، وأرسخ حفظه وترتيله، ورسمه بزاوية أولاد سيّدي عليّ الطيّار، بجبال البيبان الّتي قصدها رفقة أخيه الحاج محمّد، وعادا منها بعد عامين اثنين. رحل ثانية في طلب العلم إلى جبال القبائل، فحلَّ بزاوية سيّدي أبي داود بتاسلينت ناحية أقبو، بعد ثلاث خلت من شهر رمضان المعظم سنة 1256هـ. أخذ من شيخها وأستاذها سيدي: أحمد بن أبي داود، علوم الفقه، والنحو، وعلم الكلام والفلك، والفرائض، والمنطق، وذلك خلال خمس سنوات قضاها بهذه الزاوية متعلّما، ومقرّرا للمبتدئين من الطلاّب، ومناوبا لأستاذه، الذي أمره في سنته الأخيرة بالتدريس في زاوية سيّدي أبي التقى. وبحلول عام 1262هـ الموافق لـ 1844م جلس للتدريس بالهامل، بلدة آبائه وأجداده، فتوافد عليه الطلاب من المناطق المجاورة، لتلقّي العلم، فزاد عددهم على ثمانين طالبا. وفي هذه الفترة بالذّات زار الأمير عبد القادر، الذي كان غير بعيد عن البيرين، بجبل البيضاء، وفي نيّته أن يكون مجاهدا في صفوف جيش الأمير، غير أنّ هذا الأخير طلب منه أن يبقى مدرّسا لأبناء المسلمين. ومن هنا توطّدت العلاقة، فكانت بينهما مراسلات من الجزائر ومن الشام، وما تزال بالزاوية قطع من أسلحة أهداها الأمير للشيخ محمّد بن أبي القاسم. وازدادت العلاقة بعائلة الأمير متانة بتعاقب شيوخ الزاوية. ولبلوغ درجة الإحسان التي كانت تتوق إليها نفسه، قيّض الله له الشيخ المختار بن عبد الرّحمن بن خليفة الجلاّلي، فلازمه من بداية سنة 1273هـ إلى أول سنة 1278هـ، حيث أَذِن له في إعطاء ورد الطريقة الرحمانيّة، وخلفه على رأس زاويته قريبا من سنة. عاد بعدها إلى الهامل فبنى زاويته العامرة، في أحضان عمران، لنشر العلم والتربية الروحية، ولإيواء أبناء السبيل، وسد حاجة المحتاجين، فسخر حياته للتربية والتعليم، وإصلاح ذات البين، ونذر نفسه لنصرة المجاهدين من أبناء وطنه، فجمع المؤن وبعث بها إلى المجاهدين بالزيبان في ثورة الزعاطشة، ثمّ آوى ما يزيد على ثمانين أسرة من عائلة الشيخ المقرانيّ، ولا يزال بالزاوية حي " أولاد مقران " قائما. ولمواقفه هذه، كانت السلطة الاستعماريّة تراقب حركاته وسكناته، وتحاصر نشاطه. وفي هذا ما يصدق الرواية المتداولة التي تقول: إن الأستاذ مات مسموما في طريق عودته من الجزائر العاصمة بالمكان المسمى "حدّ الصحاري"، وذلك في شهر المحرّم 1315 هـ / جوان 1897م. وحمل جثمانه ليدفن في زاويته.
زاوية الهامل القاسميّة
تقع الزاوية في الجنوب الغربي من مدينة بوسعادة، على المرتفعات المتاخمة لجبال أولاد نائل. تنتسب الزاوية القاسميّة إلى مؤسّسها الإمام والعالم الربانيّ، الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم، الشريف الحسنيّ، رحمه الله، المتوفّى في شهر المحرم (1315 هـ/ جوان 1897 م). أسّس الشيخ رحمه الله زاويته، وعمرها في بيته الكائن برحاب المسجد العتيق، في فترة مقاومة الأمير عبد القادر، حيث بلغ عدد طلبته آنذاك، ثمانين طالبا، كان يتولى تعليمهم، ويتكفل بنفقات إقامتهم. ثم بنى زاويته الحالية وعمرها. وتضم عدّة مرافق، أهمّها: المسجد الجامع. وبيت القرآن. وبيوت الطلبة. وقاعات الإطعام. وسكنات لإقامة الزائرين، فضلا عن مسكن شيخ الزاوية.. ترجم للمؤسّس وكتب عن زاويته كثير من المؤرّخين والكتّاب، وأشادوا بأعماله وجهاده، وأجمعوا على اعتبار زاويته من أشهر الزوايا العلميّة في المغرب العربيّ الكبير، نظرا إلى الدور الإيجابيّ الذي اضطلع به رجالها، وجهودهم العلميّة، والتربويّة، وأعمالهم الوطنيّة، في عهد الاحتلال، وبعد استعادة الاستقلال.
أدّت الزاوية دورا رائدا في مختلف مراحل الجهاد، ضد الوجود الأجنبيّ، وكانت أحد معاقل الحركة الوطنيّة، ثم مركز إسناد للثورة التحريريّة.
اختارها رجال الزوايا في المغرب العربيّ، في مطلع الثلاثينيّات مقرًّا لجامعة زوايا الشمال الإفريقيّ، وانتخب شيخ الزاوية، أنذاك، رئيسا للجامعة. وعندما تأسّست رابطة الزوايا الرحمانيّة في غرّة المحرم 1410هـ/03 أغسطس 1989م، اختار رجالهُا زاويةَ الهامل القاسميّة مقرًّا للرابطة الرحمانيّة وانتخبوا الشيخ القاسميّ رئيسا لها.
تسخّر الزاوية اليوم جهودها لتعليم القرآن الكريم، ونشر تعاليم الدين الحنيف، وإرساخ قيمه الروحيّة السامية، فضلا عن رسالتها الإصلاحية، وعملها لترقية المجتمع، وتوثيق أواصر الأخوّة والوحدة بين أفراده، وإصلاحه بالدّين القيّم والتوجيه الراشد.
ينتشر أتباع الزاوية وأحبابها وقدماء طلبتها، في شرق البلاد وغربها ووسطها، ويرتبط بها أتباع الطريقة الرحمانيّة روحيا وثقافيا. تتكفّل الزاوية بعدد من الأسر الفقيرة، وتساعد اليتامى والمساكين وأبناء السبيل والمعوزين، وتطعم الطعام الوافدين، زائرين وعابرين. كما تتكفّل بطلبة العلم، مجانا: إيواء وإطعاما وتعليما. نشاط الزاوية العلمي والتربوي والاجتماعي ازدهرت الزاوية، وذاع صيتها، مشرقا ومغربا، فأصبحت، بعد سنوات قليلة من تأسيسها: مركز إشعاع حضاري، استقطبت اهتمام الباحثين، وأثارت عناية الدارسين، وقصدها العلماء وأهل الفضل، من داخل البلاد وخارجها. معهداً علميّا عاليا، تخرَّج منه عدد كبير من العلماء والفقهاء، كانوا يؤهّلون علميّا، ويجازون للإفتاء، أو القضاء، أو التدريس في كبرى الحواضر العلميّة، داخل الوطن وخارجه.
مركزا روحيا قياديا لأتباع الطريقة الخلوتيّة الرحمانيّة، تلتفّ حوله قلوبهم وتأتلف أرواحهم، وملاذا آمنا، يجد فيها ذوو الحاجات ما يسدّ خللهم، ويفرّج كربهم، ويصلح شأنهم.
تخرج من الزاوية الآلاف من طلبة العلم، خلال قرن ونصف، وتراوح تحصيلهم العلميّ بين حفظ القرآن الكريم والفقه في الدين، وبين بلوغ أرقى الدّرجات العلميّة، ولقد فاق عدد طلبة المعهد القاسميّ 1500 طالب عام 1975م.
يتوزّع خرّيجو المعهد القاسميّ، منذ استعادة الاستقلال، على مختلف قطاعات النشاط الوطني: رجال تربية وتعليم، ورجال قضاء، وأئمة مساجد، وباحثين في الجامعات والمعاهد، ومؤطّرين ومسيّرين في مختلف المؤسّسات والهيئات.
تواصل الزاوية آداء رسالتها التعليميّة، والتربويّة والاجتماعيّة، مسخّرة جهدها لتعليم القرآن الكريم، ونشر هدايته، وإرساخ مبادئ الإسلام وإحياء قيمه، وإصلاح المجتمع بالدّين القيّم والتوجيه الراشد، وتعمل جاهدة لتوثيق أواصر الأخوّة والوحدة بين أفراد المجتمع، وصيانته من الأفكار الهدّامة، والدعوات المشبوهة، والنزعات الطائفيّة المفرّقة، والتيّارات الدينيّة المتشدّدة.
ويتخرج منها حاليا عدد من حفظة القرآن الكريم في كل عام، مزوّدين بحصيلة من العلم تؤهّلهم للالتحاق بالمعاهد الإسلاميّة لتكوين الإطارات الدينيّة.
متوسّط طلبة الزاوية من عهد تأسيسها
1265هـ /1848م = 1280هـ /1863م = 080 - 200 طالب.
1280هـ /1863م = 1345هـ /1927م = 200 - 450 طالب.
1345هـ /1927م = 1364هـ /1945م = 300 - 600 طالب.
1364هـ /1945م = 1374هـ /1955م = 200 - 350 طالب.
1374هـ /1955م = 1382هـ /1962م = 050 - 150 طالب.
1382هـ /1962م = 1384هـ /1964م = 200 - 400 طالب.
1384هـ /1964م = 1390هـ /1970م = 400 - 800 طالب.
1390هـ /1970م = 1395هـ /1975م = 1100- 1500 طالب.
وهي الآن تستقطب في حدود مائة طالب للقرآن الكريم.
وللنهوض برسالة الزاوية الحضارية، أعدّ القائمون عليها مخطّطا يتضمّن مشروع بناء معهد عال للعلوم الشرعية، تراعى في مرافقه جميع الشروط والوسائل التربوية، ويتخرج منه، بإذن الله، علماء متخصصون في العلوم الشرعية، يفقهون الأمة في دينها، ويرسخون فيها عقيدتها ومقوماتها، ويحيون قيمها وأخلاقها الأصيلة المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف وشريعته السمحة.
أعلام الزاوية
أنجب المعهد القاسميّ أطواد علم مبرّزين، حملوا مشعل الثقافة العربيّة والتربية الإسلاميّة إلى كلّ ربوع القطر الجزائريّ، وأناروا بمعارفهم جوانبه، وما زالت آثارهم وأعمالهم هي النور المشعّ في ربوع القطر العزيز، وهي العمل الحيّ المثمر، يجني جناه الخلف عن السلف، ومن أبرزهم تلامذة الشيخ المؤسّس، وهم: الشيخ محمّد بن عبد الرحمن الديسيّ صاحب التآليف الكثيرة، منها الزهرة المقتطفة في نظم الجمل، وشرحها، وحاشيتها، والموجز المفيد على شرح منظومة عقد الجيد في التوحيد كلاهما له، والمناظرة بين العلم والجهل، والمشرب الراوي على منظومة الشبراويّ، وقد ذكر معظم مؤلّفاته سواء منها المطبوع أو المخطوط مذيّل كشف الظنون. والشيخ محمّد بن الحاجّ محمّد القاسميّ صاحب كتاب الزهر الباسم في ترجمة الشيخ سيّدي محمّد بن أبي القاسم، مطبوع، وله رسائل أخرى كثيرة منها المطبوع والمخطوط، وقد ذكره أيضا مذيّل كشف الظنون، والشيخ المختار القاسميّ، والشيخ محمّد الصدّيق الديسيّ. وتلامذة هؤلاء هم: الشيخ أبو القاسم القاسميّ، والشيخ أحمد القاسميّ، والشيخ ابن السنوسيّ بن عبد الرحمن، والشيخ أحمد بن بوداود بن عبد الرحمن، والشيخ عبد السلام التازي الأستاذ بجامعة القرويّين، والشيخ حميده الديسيّ الجزائرليّ المدرّس بالحرم النبوي بالمدينة المنوّرة، والشيخ أبو القاسم الحفناويّ صاحب كتاب تعريف الخلف برجال السلف، والشيخ الحسين بن أحمد البوزيديّ المدرّس بالأزهر الشريف، والشيخ الحسين بن المفتي القاضي بقفصة في تونس، والشيخ أبو مزراق الوانوغيّ مفتي الشلف، والشيخ محمّد العاصميّ مفتي الأحناف بالجزائر، والشيخ محمّد العيد بن البشير مفتي سور الغزلان، والشيخ محمّد بوعود قاضي آفلو، والشيخ المختار بن عليّ قاضي الجلفة، والشيخ القندوز ابن الشريف قاضي الجلفة أيضا، والشيخ قويدر بن محمّد البوزيديّ قاضي وهران، والشيخ أبو بكر بن عبد القادر قاضي بوسعادة، والشيخ الحاجّ بن يعقوب قاضي فرنده، والشيخ الطيّب بن الأخضر قاضي السوقر، والشيخ الأحسن بن أحمد قاضي معسكر، والشيخ بلقاسم بن الجديد قاضي سيدي عيسى، والشيخ العربيّ بن أبي داود شيخ زاوية آقبو، والشيخ العابد بن عبد الله المدرّس بأولاد جلاّل والشيخ مصطفى بن قويدر المدرّس بأولاد جلاّل أيضا، وعنهما تخرّج الشيخ نعيم النعيميّ. والشيخ عبد القادر ابن إبراهيم المسعدي،ّ والشيخ مصطفى بن سادات الكاتب في جريدة المنتخب، وغير هؤلاء كثير.
أبرز من تتلمذ عن الشيخ المؤسّس بالسماع والأخذ أو بالإجازة
أمّا الذين تتلمذوا عن الشيخ بالإجازة فنذكر من بينهم الشيخ محمّد المكيّ بن مصطفى ابن عزّوز، والشيخ عاشور الخنقيّ، والشيخ عبد الحليم بن سماية، والشيخ عبد القادر المدكالي، والشيخ عليّ بن سلطان القنطريّ، والشيخ صالح القلّيّ، والشيخ حمدان الونيسيّ القسنطينيّ، والشيخ محمّد السنوسيّ التونسيّ، صاحب كتاب الاستطلاعات الباريسيّة. والشيخ شعيب التلمسانيّ، صاحب العقيدة، والدكتور محمّد العربيّ الجزائريّ، وقد ذكر ذلك في محاضرته الطبيّة المطبوعة بتونس.
أعيان العلماء الذين زاروا الزاوية وألقوا بها دروسا ومحاضرات وذكروها في تآليفهم
ومن الذين زاروا الزاوية وحاضروا فيها: العلاّمة الشيخ محمّد الحجويّ صاحب الفكر السامي، العلاّمة المحدّث الشيخ عبد الحيّ الكتّانيّ، الشيخ عمر برّي شاعر المدينة وأديب الحجاز، الشيخ أحمد المأمون البلغيثيّ المغربيّ صاحب التآليف الكثيرة، الشيخ عبد الحميد بن باديس، الشيخ محمّد البشير الإبراهيميّ، الشيخ أحمد توفيق المدنيّ، الشيخ طفيش شيخ الديار المزابيّة، الشيخ إبراهيم بيّوض، الشيخ سليمان البارونيّ. وغيرهم ممّا يطول عدّهم. وعن هؤلاء جميعا يمكن الرجوع إلى تعريف الخلف لأبي القاسم الحفناوي، والأعلام للشيخ ابن عاشور التونسي، وهدية العارفين لإسماعيل باشا، ونهضة الجزائر الحديثة للشيخ محمّد عليّ دبوز، وحياة كفاح للشيخ أحمد توفيق المدني، والأعلام لخير الدين الزركليّ، وأعلام الجزائر لعادل نويهض، وتاريخ الجزائر الثقافيّ للدكتور سعد الله في طبعته الأخيرة ، ، ، وغير ذلك.
خلفاء المؤسّس
السيدة زينب بن محمد بن أبي القاسم
ولدت في بلدة الهامل، عام (1287هـ/1872م). حفظت القرآن الكريم، وتفقّهت على يد والدها. تولت إدارة الزاوية بعد وفاة مؤسسها، فأحسنت تسييرها. كتب عنها بعض المستشرقين الذين رأوا فيها مثالا للمرأة العربية المسلمة التي أثبتت جدارتها في حسن الإدارة والسياسة، ولا سيما في تلك الفترة التي كانت المرأة في المجتمعات الإسلامية محجرا عليها. توفيت رحمها الله في الزاوية بتاريخ: ( 1323هـ/1905م) ودفنت بجنب والدها.
الشيخ محمد بن الحاج محمد بن أبي القاسم
ولد في بلدة الهامل، عام (1277هـ/1859م). كفله عمه الشيخ محمّد بن أبي القاسم، وعلّمه، فتفقّه على يديه، وبرز في علوم شتّى، كما أخذ عن الشيخ محمّد بن عبد الرحمن الديسيّ، والشيخ عاشور الخنقيّ، والشيخ محمّد المكي بن عزوز، وغيرهم من العلماء. درّس بالزاوية، وتولّى مشيختها بعد وفاة ابنة عمّه السيّدة زينب عام (1323هـ/1905م) فنهض بها نهضة علميّة استرعت اهتمام العلماء في المشرق والمغرب، فكاتبوه وزاروه، واستجازوه وأجازوه، وكوّن علاقات علميّة وأدبيّة واسعة في شتى الأقطار الإسلاميّة، توفّي رحمه الله عام (1331هـ /1913م ) في الزاوية ودفن فيها. من تآليفه (الزهر الباسم) مطبوع، و(المطلب الأسنى) مطبوع، و(تحفة الأفاضل) ورسائل أخرى مخطوطة.
الشيخ المختار بن الحاج محمد بن أبي القاسم
ولد في بلدة الهامل. أخذ العلم عن عمّه الشيخ محمّد بن أبي القاسم، والشيخ محمّد بن عبد الرحمن الديسي وغيرهما. اشتهر بالورع والصلاح. تولّى مشيخة الزاوية بعد وفاة أخيه الشيخ محمّد، ولم يعمر بعده إلاّ قليلا. ساعد الشيخ ابن أبي شنب في نشر كتاب (البستان في ذكر أولياء وعلماء تلمسان). توفّي رحمه الله في الزاوية عام (1333هـ / 1915م).
الشيخ أبو القاسم بن الحاج محمد بن أبي القاسم
ولد في بلدة الهامل. أخذ العلم عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيّ، والشيخ محمّد بن الحاج محمّد وغيرهما. درّس بالزاوية، وتولّى مشيختها بعد وفاة أخيه الشيخ المختار. اشتهر بالعلم والحزم، وازدهرت الزاوية في عهده. ساهم في بناء مسجد باريس. توفّي رحمه الله في الزاوية عام (1346هـ /1927م). الشيخ أحمد بن الحاج محمد بن أبي القاسم ولد في بلدة الهامل. أخذ العلم عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي، والشيخ محمد بن الحاج محمد وغيرهما. تولى مشيخة الزاوية بعد وفاة أخيه الشيخ أبي القاسم. وتوفي رحمه الله في الزاوية قبل تمام الحول، عام (1347هـ / 1928م).
الشيخ مصطفى بن محمد بن الحاج محمّد
ولد في بلدة الهامل، عام (1315هـ/1897م). تعلّم في الزاوية، وتفقّه على يد والده الشيخ محمّد بن الحاج محمّد والشيخ محمّد بن عبد الرحمن الديسيّ والشيخ أبي القاسم بن الحاج محمّد، وغيرهم من علماء الزاوية. شارك في حفل تدشين مسجد باريس، نيابة عن عمّه شيخ الزاوية (1345هـ/1927م). درّس بالزاوية، وتولّى مشيختها بعد وفاة عمّه الشيخ أحمد (1347هـ/1928م). كان أحد الأعضاء المؤسّسين لجمعية العلماء المسلمين (1350هـ/1931م)، ثمّ عضوا مؤسّسا لجمعيّة علماء السنّة (1351هـ/1932م). زار مصر والحجاز (1354هـ/1935م) واتّصل بالعلماء في البلدين. ساهم في تأسيس جامعة زوايا الشمال الإفريقي (1367هـ/1948م) وعُيّن رئيسا لها. زار المغرب الأقصى بمناسبة مؤتمر زوايا الشمال الإفريقي (1371هـ/1952م). زار ثانية مصر والحجاز (1384هـ/1965م) كما زار في هذه الرحلة القدس الشريف وعمّان ودمشق، ووطّد علاقاته بعلماء المسلمين في البلدان المذكورة. قاد الزاوية في أحلك الظروف وأصعبها، ولاسيما إبّان ثورة التحرير، واستطاع بحكمته أن يجعل الزاوية مركز إسناد للمجاهدين، واستمرّ في أداء رسالتها، على الرغم من محاولات السلطة الاستعماريّة توقيف نشاطها. كما كان له دور بارز في سدّ الطريق عن الحركة الخيانيّة للعميل ابن الونيس، بمنع امتدادها في أوساط الجماهير المحصنة بتأثير الزاوية وتوجيهها الوطني. كما شهد عهده انبعاث المعهد القاسمي، بعد استعادة الاستقلال، في عقد الستينيّات. توفي رحمه الله عام (1390هـ/1970م)، في الجزائر العاصمة، ودفن في الروضة القاسمية، بجوار أسلافه.
الشيخ الحسن بن محمد بن الحاج محمد
ولد في بلدة الهامل عام (1318هـ/1900م). تعلّم في الزاوية على يد شيوخها. تولى مشيخة الزاوية بعد وفاة أخيه الشيخ مصطفى سنة 1390هـ. أعاد بناء بعض مرافق الزاوية، وجدّد بيوت الطلبة التي هُدّمت في فترة التأميمات. عُرف خلال حياته بأعماله الخيريّة وأياديه البيضاء في مجال الرعاية الاجتماعية. توفّي رحمه الله في الزاوية عام (1407هـ /1987م) ودفن فيها، بجوار أسلافه.
الشيخ الخليل بن مصطفى بن محمد
ولد في بلدة الهامل عام (1349هـ/1930م). تعلّم في زاويتها على أيدي شيوخها منهم والده الشيخ مصطفى، والشيخ محمد بنعزوز بن المختار، والشيخ عبد الحفيظ بن أبي القاسم، كما أخذ عن الشيخ عبد الحي الكتاني، والشيخ الطاهر العبيدي، والشيح الحسن العثماني. خصه والده بعناية بالغة، فصحبه في رحلاته العلمية إلى المشرق والمغرب. أجيز للتدريس بالزاوية عام (1367هـ/1948م). أسّس رفقة مجموعة من الشباب القاسميّ جريدة محلّية فكرية ثقافية أدبية (1367-1368هـ/1948-1949م). اسمها "الروح". لبّى داعي الجهاد حين اندلعت ثورة التحرير المباركة، وعمل مع قادة الثورة في الولاية السادسة، اعتقل سنة (1376هـ/1956م)، وأفرج عنه (1378هـ/1958م)، وبقي تحت الإقامة الجبرية إلى غاية الاستقلال. تولّى إدارة المعهد القاسميّ، عند افتتاحه في صائفة (1382هـ/1962م)، وقد قصد المعهد طلاّب العلوم الإسلاميّة من كافّة القطر الجزائريّ، واستقطب في سنواته الأخيرة أكثر من 1500 طالب في العام الواحد. تخرّج منه إطارات ذوو كفاءات عالية، يشغل كثير منهم اليوم مناصب مهمّة في مختلف قطاعات النشاط الوطنيّ. واستمر في إدارة المعهد إلى أن أغلق سنة (1396هـ/1976م)، بعد إلغاء التعليم الحرّ والتعليم الأصليّ. اختير لعضويّة المجلس الإسلاميّ الأعلى (1401هـ/1981م). أوفد إلى فرنسا في مهمة دينيّة عام (1406هـ/1986م)، فكان تأثيره في الجالية الإسلاميّة واسعا. تولّى مشيخة زاوية الهامل بعد وفاة عمّه الشيخ الحسن بن محمّد (1407هـ/1987م). انتخب رئيسا للرابطة الرحمانيّة للزوايا العلميّة (1410هـ/1989م). توفّي رحمه الله بباريس سنة (1414هـ/1994م). ترك مجموعة من المقالات الفكرية، نشر بعضها في جريدتي "العصر" و "الروح".
الشيخ محمد المأمون بن مصطفى بن محمد
ولد في بلدة الهامل، بتاريخ 25 فبراير 1944م. حفظ القرآن الكريم في الزاوية، وأخذ العلم عن شيوخها، ومنهم الشيخ محمّد بن عبد العزيز الفاطمي، والشيخ محمد قريشي التاجروني، والشيخ الخليل مصطفى والشيخ أحمد بن عزوز. أجازه والده الشيخ مصطفى بن محمد، والعالم الجزائريّ الشيخ الطاهر العبيديّ، والشيخ محمد علوي المالكي. كما أجيز في الدراسات العليا من جامعة الجزائر. صحب والده في رحلاته. وظلّ إلى جواره حتى وفاته رحمه الله. تولّى التدريس في المعهد القاسمي والإشراف على التنظيم التربويّ فيه (1963-1970). دُعي إلى وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية. في مطلع عام 1971 لتولّي وظيفة سامية فيها، فأسندت إليه إدارة البرامج والامتحانات، ثم إدارة التوجيه الديني وتنظيم شؤون الحج والعمرة (1971–1992). عضو مؤسّس لمجمع الفقه الإسلاميّ المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلاميّ في جدّة (1982). اختيرا نائبا لرئيس الرابطة الرحمانيّة للزوايا العلميّة (1989). انتخب أمينا عاما للجمعيّة الجزائرية لاتحاد المغرب العربي (1989). دعي للإشراف على هيئة الرقابة الشرعيّة في بنك البركة الجزائريّ (1992). اختير لتولّي مشيخة الزاوية (1994). اختير عضوا في المجلس الإسلاميّ الأعلى (1998). دعي لعضوية المجلس الشرعيّ لهيئة المراقبة والمحاسبة للمؤسّسات الماليّة الإسلاميّة في البحرين (2002). شارك في ملتقيات وندوات إسلاميّة دوليّة، في الجزائر وخارجها، له أبحاث ودراسات، وخطب ومقالات، أكثرها مخطوط، ونشر بعضها في الجرائد والمجلات.
مكتبة الزاوية
تضم مكتبة الزاوية مجموعة من المخطوطات، تقدّر بنحو ألف مجلد. نشرت فهرسة لاثنين وخمسين عنوانا منها بعناية المستشرق رينيه باسييه عام 1897م، وأعدّ العاملون فيها الآن فهرسة شملت ثلاثمائة عنوان، نشرت في مستوى المكتبات عام 1998م. المخطوطات التي تمّ فهرستها إلى الآن. هي بالأرقام كالآتي: علوم القرآن: المصاحف: 31. التفسير: 42. أحكام التلاوة: 9. إعراب القرآن: 10. المجموع: 92. الحديث الشريف: الحديث: 18. شرح الحديث: 45. مصطلح الحديث: 7. المجموع: 70. الفقه: الفقه: 261. أصول الفقه: 33. المجموع: 294. التاريخ: التاريخ: 8. السير: 24. التراجم: 12. المجموع: 44. التصوف: المجموع: 94. الفكر: التوحيد: 30. المنطق: 24. المجموع: 54. اللغة: النحو: 48. البلاغة: 15. المعاجم: 7. الأدب: 65. المجموع: 135. العلوم: الطب: 3. الفلك: 11. الحساب: 8. المجموع: 22.
تضم المكتبة القاسمية، فضلا عن المخطوطات، مجموعة من المطبوعات الحجرية النادرة، منها ما طبع بخط اليد، كالتي نشرت في الهند والمغرب الأقصى، ومنها ما كان بالحرف المطبعي، كمنشورات المطبعة السلطانية بفرنسا، ومطبوعات بولاق بمصر. كما تضم المكتبة مجموعة قيمة من الوثائق والرسائل الواردة من أعلام العالم الإسلامي إلى شيوخ الزاوية. تكفّل شيوخ الزاوية بطبع ونشر عدة كتب، أهمها: المنح الربانية للقسنطيني، طبع في تونس عام 1890. والزهر الباسم للقاسمي، طبع في تونس عام 1891. كما ساهموا وساعدوا في نشر وتحقيق كتب من بينها: توهين القول المتين للديسي، طبع في الجزائر، والبستان في ذكر علماء تلمسان لابن أبي مريم، تحقيق الأستاذ ابن أبي شنب، طبع في الجزائر 1908. ومنار الإشراف للخنقي، طبع في الجزائر 1914. وترتيب المدارك للقاضي عياض، تحقيق ونشر دار السعادة، المغرب 1952. كما تمّ تحقيق خمس من مخطوطاتها عامي 2000 و2001 من قبل باحثين جامعيين. ويعمر المكتبة الآن شيخ الزاوية الحالي، حفظه الله، بما تستلزمه المكتبات الحديثة من وسائل، حيث قام بتوسيع مبناها، وإعادة تأثيثها بشكل ييسّر تصنيفها وترتيبها.
التدريس بزاوية الهامل
إنّ الزاوية قامت بمجموع مرافقها لتستقبل الطلاّب والوافدين، في وقت قياسي لا يتعدّى جمع القلّة، وأقامت للعلم سوقا رائجة، فأمّ الزاوية كلّ من له رغبة في طلب العلم، وتزاحم الطلاّب بالركب على مجالس شيوخ اختيروا للقيام بتزويد كلّ متعطّش إلى العلم بما يروي ظمأه. الأستاذ المؤسّس ألزم نفسه بالقواعد التي التزم بها طالبا في الزوايا التي أمضى فيها ردحا من الزمن، فقد سهلت عليه تجربته تنظيم أمور الزاوية لتكون مثالا في الانضباط، وطلاّبها أمثلة في الذكر الحسن. لقد عمل فيها بالنظام الذي كانت تسير عليه زاوية مشايخه الداوديّين، وهذا النظام الداخليّ يسمّى بالسفارة، القانون ملزم لكلّ المتعاملين كبار الطلبة وصغارهم. العلوم التي كان الطلبة يتلقّونها في الزاوية كانت تدرّس بالزاوية ومعهدها القاسميّ جميع علوم الشريعة الإسلاميّة من التفسير والحديث وأصول الفقه والفقه المالكيّ والنحو والبلاغة والمنطق وعلوم اللغة والأدب والسيرة والتاريخ والفلك. يحفظ الطالب القرآن الكريم، ومتن المرشد المعين، المعروف بمتن ابن عاشر في الفقه المالكيّ. ومتن الأجروميّة في العربيّة. ويقوم بشرح هذين المتنين الطلبة السبّاقون، والنظّارون. وبعد ذلك، يشرع الطلبة في قراءة الرسالة لابن أبي زيد القيروانيّ، في فقه المالكيّة، إلى جانب قطر الندى في قواعد اللّغة العربيّة، ويتولّى تدريسها النظّارون، وبعض من الأساتذة الذين يوليهم الشيخ هذا الأمر. وغالبًا ما يدرّس كبار الطلبة هذين المتنين في سنة التخرّج، تدريبا لهم وإفادة لغيرهم. وأمّا كبار الطلبة وحفظة القرآن، وبعض الوافدين على الزاوية بغرض تعلّم العلم، فيدرسون في الفقه مختصر الخليل بن إسحاق المالكيّ، ويدرسون في اللّغة العربيّة شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك. إلى جانب دروس المنطق والعقيدة وأصول الفقه على مدار السنة. إلاّ مختصر خليل، فإنّ له وقتا خاصّا به هو فصل الشتاء. ولافتتاح تدريسه حفل خاص، يحضره شيخ الزاوية، وجمع غفير من الطلبة، وأئمّة المساجد في الهامل وضواحيه، وأعيان البلدة، وحتّى الصبيان، لترسخ في ذاكرتهم، وتحفّزهم على اللحوق بركب المتعلّمين. يفتتح الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثمّ تقرأ مقدّمة المختصر، ويقوم شيخ الزاوية بشرحها، ثمّ تتلى آيات من الذكر الحكيم، ويدعو بعد ذلك الشيخ للطلبة وأساتذتهم بالتوفيق في تحصيلهم وتعليمهم. وتوزّع الحلوى والمكسّرات وبعض المشروبات كالشاي والقهوة على الأولاد والحاضرين. وهذا التقليد أرسخه الأستاذ المؤسّس منذ فتح زاويته الأولى بالمسجد العتيق في الهامل. ومازال معمولا به إلى اليوم. ولطلبة الزاوية نظام داخليّ يحكمهم يُسمّى (السفاره). ويخضع الطلبة في هذا النظام إلى ترتيب يوجب عليهم التقيّد به والعمل بما فيه، لتحديد فئات الطلبة من الأعلى إلى الأدنى، وما يقتضيه ذلك من احترام وطاعة والتزام وعطف. ويترتّب طلبة القرآن الكريم حسب حفظهم، فالأوائل المقدّمون هم حفّاظ القرآن، وهؤلاء يعينون شيخهم في تعليم بقيّّة الطلبة، بالتكتيب والتجويد والتصحيح. يليهم المعيدون وهم الذين لم يحفظوا القرآن بعد، وإنّما شقّوه، وهم بصدد إعادته؛ ثمّ المبتدئون. فإذا جلس الطلبة في حلقة الحزب الراتب، جلس الحفّاظ حول المعلّم، ثمّ المعيدون، ثمّ المبتدئون. وكانت هذه الحلقة تعقد بعد صلاة الصبح ويتلون فيها حزبا، وبين العشائين، يتلون ثلاثة أحزاب، وغيّر توقيت الأولى في الثورة إلى قبيل صلاة العصر، واستمرّ الحال إلى اليوم. وكان الطلبة يتاوزعون ليلة الجمعة أجزاء القرآن الكريم فيختموه ثلاث مرّات. وأمّا ترتيب طلبة العلم، فيأتي في الصفّ الأوّل النظّارون وهم الذين ختموا حفظ القرآن الكريم أكثر من ثلاث مرّات، ويخلف المبرّزون منهم الأستاذ إذا غاب، ويتكفّل بعضهم بتحضير درس الأستاذ مع مجموعة من السبّاقين. والسبّاقون هم أصحاب الشرح، وهؤلاء يرخّص لهم الشيخ في استعمال الشرح، والغالب عليهم، أن يكونوا ممن ختم الكتاب موضوع الدرس، أكثر من مرّة، وقد يأذن الشيخ للمتفوّقين منهم بتقرير الدرس للمبتدئين. يليهم الحجّارون، وهم أصحاب المتون، والغالب على هؤلاء أن يكونوا من المبتدئين في قراءة الكتاب محلّ الدرس. فإذا جلس هؤلاء في حلقة الدرس، جلس النظّارون حول الشيخ، ثمّ السبّاقون، ثمّ الحجّارون، وبهذا يلتزم الطلبة في حلقة الدرس. هذا، وقد يكون الواحد من الطلبة نظّارًا في علم، سبّاقًا في علم آخر، وحجّارًا في علم ثالث. أمّا العلوم التي تدرّس بالزاوية، فكما سبق الإشارة إليه يحفظ المبتدئون متن المرشد المعين إلى الضروريّ من علوم الدين المشهور بمتن ابن عاشر، ثمّ يقرؤون شرحه المسمّى ميّارة الصغرى، ويحفظون متن الأجروميّة، في اللغة، وفيه أهمّ قواعد اللّغة، ويقرؤون شرح الكفراويّ له. ويقرؤون في التوحيد أمّ البراهين للإمام السنوسيّ مع شرحه لها ويحفظونها، ويتولّى إقراء هذه الشروح للمبتدئين أحد النظّارين أو السبّاقين. وأمّا المستوى الثاني، فيدرسون متن رسالة ابن أبي زيد القيرواني، في فقه السّادة المالكيّة، وشرح أبي الحسن عليه، ويتولّى درسه أحد الشيوخ، أو أحد النظّارين. ويدرسون ملحة الإعراب في علوم العربيّة للإمام الحريريّ، مع شرح الإمام بحرق. ثمّ يحفظون جوهرة التوحيد لإبراهيم اللقّانيّ، ويدرسون شرح ابنه عبد السلام لها. مع العلم أنّ المعمول به آنذاك، هو أن يحفظ الطلبة متون هذه الكتب. ويشرعون بالموازاة مع ذلك في قراءة المعلّقات وحفظها ودراسة شروحها، وكان الأقرب شرح الشنتمريّ. إلى جانب هذا، هناك البردة، والهمزيّة، وبانت سعاد، والمضريّة، وما إليها من المدائح النبويّة التي تنشد في المولد النبويّ الشريف. وفي المستوى الثالث يتفرّغ الطلبة إلى دراسة مختصر خليـل بن إسحاق الجنديّ، في فروع المالكيّة؛ والمعتمد من شروحه في الزاوية هو حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للإمام الدردير، وقد سبق أن ذكرنا طريقة تدريسه. وأيضا ألفيّة ابن مالك مع حاشية الصبّان على الأشمونيّ، وأمّا بقيّة الطلبة، وهم من ختم القرآن، وهو بصدد إعادته، أو كان ممن حفظه، فإنّ البعض منهم يكون قد تفرّغ لطلب العلم، ومن ثمّ؛ حلقاتهم تتعدّد، والفنون التي يدرسونها تتنوّع. أمّا التعليم العالي فكانت حلقات العلم فيه بزاوية الهامل متنوّعة، في فنونها وفي مواسمها وفي شيوخها، القارّين منهم والزائرين. فكان يخصّص فصل الشتاء لدرس مختصر خليل وحده، ويخصّص الربيع لتفسير القرآن الكريم، والمعتمد فيه تفسيرا الواحديّ والبيضاويّ. وأيضا الحديث النبويّ الشريف، وكانوا يولون عناية بالموطّأ والبخاريّ ومسلم. وكان لرجال الزاوية عناية كبيرة بالحديث، ولاسيما صحيح الإمام البخاريّ، إذ يقرأ على سبيل التعبّد، فيختم أحيانا في ليلة. كما يقرأ للعلم، والحالة هذه تنعقد حلقة العلم، ويأمر الشيخ أحد القارئين بسرد الصحيح، فإن استوقف الشيخَ حديثٌ رأى وجوب شرحه، أو سأل أحد الطلبة عن ما تعذّر عليه فهمه منه، استهلّ الشيخ في شرحه بما فتح الله عليه فيه. فيستغرق أحيانا شرح حديث واحد ساعة الدرس، وقد يُقرأ فصل كامل بدون توقف أو شرح. كما كانت لهم عناية بالأربعين النوويّة، حفظا وقراءة وشرحا، وبكتاب الشفاء للقاضي عياض والجامع الصغير وشروح شمائل الترمذيّ والمواهب اللّدنيّة قراءة وشرحا. وتسرد في شهر ربيع الأوّل السيرة النبويّة لابن هشام. فضلا عن مولد البرزنجي في ليلة المولد، ومجالس العروسيّ. وفي التصوّف تقرأ المنظومة الرحمانيّة وشرحها لباش تارزيّ والوصيّة الجليّة للشيخ مصطفى البكريّ، والحكم العطائيّة. وكلّ هذه الدروس تعقد في حلقة عامّة بالمسجد الجامع في الزاوية. أمّا الدروس الخاصّة، فتعقد في بيوت المشايخ لبعض الطلبة الذين يختارهم الأساتذة، والاختيار يقع من الأستاذ بناء على المستوى العلميّ للطالب وسيرته وصحّة عقيدته ونباهته وذكائه ومدى طموحه إلى التحصيل.[4]
------------------------------------------------------------
هوامش
[1] نقلا بتصرّف عن (ورد الطريقة الرحمانيّة الخلوتيّة من الكتاب والسنّة) دار الخليل القاسمي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1425هـ الجزائر: ص: 13. 14. 15.
[2] انظر: مناقب الشيخ الأزهري، لعلي بن عيسى العصنوني، مخطوط بالمكتبة الوطنيّة بالحامّة، تحت رقم 945. ديبون كوبولاني، ص: 382. 383. تعريف الخلف برجال السلف: ج 2 ص: 457-474. دائرة المعارف الإسلاميّة، مادّة الرحمانيّة، مقال لمرجليوث، تاريخ الجزائر العام للجيلالي: ج 4 ص: 47، معجم مشاهير المغاربة: 37. [نقلا عن كتاب أعلام التصوّف في الجزائر، الأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسنيّ، مخطوط مرقون على الكمبيوتر، ص: 281-284].
[3] نقل باختصار عن (أعلام التصوّف في الجزائر). و(فهرسة مخطوطات المكتبة القاسميّة) فصل الرسائل الخاصّة، دار الغرب الإسلامي، 1427/2006: ص: 463-505