Messages les plus consultés
-
لزوبعة الذهنية أسلوب العصف الذهني Brain storming ، أو ما يعرف بالقصف الذهني أو الزوبعة الذهنية: إن مصطلح العصف الذهني يعد أكثر استخ...
-
ساهم علماء الجزائر في حركة التعليم والتأليف مساهمة فعالة، وليس أدل على ذلك من وجود العشرات من العلماء الجهابذة الذين بلغوا درجة الاجتهاد وال...
-
إن منح الزمان أن تجد أناسا لله قائمين بالنصح والإرشاد والدعوة والتعليم ومن بين هذه النفحات الغالية وجود الزاوية العظيمة زاوية سيدي محمد بن أ...
-
تبهاعبد المنعم ، في 24 يناير 2011 الساعة: 22:25 م رحلتي إلى توات قرأت كثيرا عن منطقة توات، بحكم الاهتمام بموضوع...
-
ظهرت الزوايا في المغرب الإسلامي منذ القرن السادس الهجري، الثالث عشر ميلادي، حيث حلت تدريجيا محل الرباط، ثم تطورت مهامها وتوسعت على يد المراب...
-
سم الله الرحمان الرحيم هذه هي المجموعة الثانية للمخطوطات وقد وضعت العنوان ومؤلف المخطوط وان شاء الله سوف اضع البطاقة الفنية للمخطوطة بالتع...
-
قائمة منشورات دار الغرب الإسلامي / بيروت كتبه مشاري القحطاني بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله أوقات ال...
-
ظهرت ولاية الجلفة بمقتضى التقسيم الإداري عام 1974 للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وهي تضم 36 بلدية، و12 دائرة يزيد تعداد السكان ل...
-
كتبها محمد علي قاسمي الحسني ، في 9 يوليو 2010 الساعة: 23:10 م عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة...
dimanche 27 février 2011
samedi 26 février 2011
اهم مخطوطات مكتبة الشيخ بن عزوز القاسمي الحسني
سم الله الرحمان الرحيم
هذه هي المجموعة الثانية للمخطوطات وقد وضعت العنوان ومؤلف المخطوط وان شاء الله سوف اضع البطاقة الفنية للمخطوطة بالتعريف بالمؤلف وبداية المخطوط ومؤلف المخطوط وعدد الأسطر وعدد الصفحات ونوع الخط ولكن اختصرت الأمر للتعريف بما يوجد في أرض المغرب من مخطوطات نادرة وغير نادرة وهو لأول مرة ينشر على النت .
الجزء الثاني
1 ـ العيون الغامزة على خبايا الرامزة للامام الدماميني
2 ـ قرة الأعيان في أدب تلاوة القرآن لعبد القادر بن قاري مصطفى مفتي ديار مستغانم
3 ـ كيفية سيرة زواوة لمؤلف مجهول
4 ـ اتحاف الصدر باعراب شواهد آي القطر للعلامة بن عزوز القاسمي الحسني نزيل حاسي بحبح وعين وسارة
5 ـ تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهي في معرفة الحساب من غير آلة ولا كتاب لعلي بن محمد بن محمد علي المقري
6 ـ رسالة في الحساب لابن البناء المراكشي
7 ـ رسالة في المنطق للقاضي زكرياء
8 ـ كتاب في اللغة لعبد الرحمان الثعالبي في غريب القرآن أقوم بتحقيقه
9 ـ شرح اليوسفية في علم النحو المنسوب للسيد عبد العزيز الديريني
10 ـ منظومة في الفقه لصفي الدين الجمال النتيني
11 ـ منظومة في التوحيد لأحمد بن عبد الله الجزائري
12 ـ كتاب في العقيدة لأحمد الشرنوبي
13 ـ الروضة الأنيقة في بيان الشريعة والحقيقة لعبد العزيز الدميري
14 ـ القولة الشافية بشرح القواعد الكافية للعربي بن السنوسي القيزاني
15 ـ تحفة الناظرين في إبطال القول بمقتضى الحكم بصحة الوقف بعد موت الواقفين
16 ـ شرح السنوسية في العقيدة للامام الملالي
17 ـ عجائب الأخبار ذات التأسيس فيما وقع أو سوف يقع للمسلمين مع الفرنسيس لأبي راس المعسكري
18 ـ جوهرة العقول في ذكر آل الرسول لعبد الرحمان بن محمد الفاسي في الأنساب
19 ـ السلسلة الواقية والياقوتة الصافية لأحمد بن محمد بن ابي القاسم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد العشماوي في الأنساب
20 ـ نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء لمحمد بن محمد بن المشري الحسني السائحي التيجاني
21 ـ ميزان الشعر المسمى لقطة المبتدىء في علم العروض لعلي بن عبد الرحمان الجزائري الوهراني
22 ـ تقييد على عقيدة الامام الشريف الحسني لمحمد بن قاسم بن نصر
24ـ طرح المدر لحل اللاءلاء والدرر ليوسف بن محمد بن عبد الجواد بن خضر الشربيني
25 ـ المقالة المفردة في تحقيق الكلام النقلي لعبد الرحمان بن أحمد الإيجي
26 ـ جز من حديث لنجم الدين الغبطي
27 ـ رسالة في نجاة أبوي النبي (( أسنى المطالب في نجاة ابي طالب )) لأحمد بن زيني دحلان
28 ـ تقييد على عقيدة الإمام الشريف الحسني لبلقاسم بنم ناصر الفجيجي
29 ـ عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثا من أحاديث سيد المرسلين لأسماعيل العجلوني بن محمد جراح3
31 ـ منظومة المصباح في رسم القرآن للشريشي
32 ـ القول الأسد في نصيب الميت في الوقف من غير ولد لمحمد بيرم الثاني ابي عبد الله
ـ
34 ـ ألفية في طريق السلوك لمصطفى البكري
25 ـ نظم الفصيح لثعلب لابن المرحل الاندلسي
26 ـ كتاب السر الأفخر والكبريت الأحمر الكافي للحذاق في علم الحروف والاوفاق لزين الدين عبد الرحمان بن علي البسطامي في علم الجفر والحكمة والخواص وغيرها من العلوم والطلاسم
27 ـ العلم الروحاني والسر الرباني لزين الدين عبد الرحمان بن علي البسطامي كذلك في الحكمة
28 ـ الكشف في علم الحرف لزين الدين عبد الرحمان بن محمد بن علي البسطامي في علم الحكمة كذلك
29 ـ تحفة الناظرين في إبطال القول بمقتضى الحكم بصحة الوقف بعد موت الواقفين لآبي عبد الله محمد بيرم الثاني
30 ـ الغراء في ترتيب اختلاف وجوه القراء لابن ثابت التلمساني
31 ـ تقييد يشتمل على كيفية الطرق وتحرير نسبتها على قراءة الامام نافع لابن توزينت التلمساني وهي نسخة غير النسخة الأولى في المجموعة وقمت بتحقيقه وهو تحت الطبع
32 ـ الشقائق النعمانية في شرح الروضة السلوانية لابي راس المعسكري وهي قصيدة في الصيد
33 ـ كتاب نحو القلوب لعبد الكريم بن هوازن القشيري وهي رسالة في التصوف تتكلم عن الأجرومية على علم التصوف
34 ـ رسالة في البسملة وجزء في علم الحديث لمؤلف مجهول
35 ـ تحفة المحبين في شرح الأربعين لمحمد بن حيوة السندي المدني
36 ـ مقدمة في العقائد في معرفة الذات والصفات والرسل للسيد الميزرابي المدني او محمد حيوة السندي المدني
37 ـ غنمية الوافد وبغية الطالب الماجد لعبد الرحمان الثعالبي قام بتحقيقها الشيخ شايب محمد وطبعت بدار ابن حزم وهي فهرست الثعالبي فيها مروياته واجازاته
39 ـ رسالة في الحديث لمحمد حيوة السندي
40 ـ المفروض في علم الفروض لعبد الكريم المغيلي
41 ـ نتائج الألمعية في شرح الكافية البديعية لصفي الدين الحلي عبد العزيز بن سرايا
42 ـ رسالة في نسب الرسول لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء
44 ـ خطبة الجمعة التاريخية للشيخ البشير الإبراهيمي
45 ـ منظومة في علم الإقراء لعبد الرحمان
46 ـ منظومة غرامي صحيح لابن فرج الإشبيلي
47 ـ قصيدة لعمر الحلبي الشهير بابن الوردي مطلعها اعتزل ذكر الأغناني والعذل
48 ـ منظومة في مثلثات قطرب لعبد العزيز الدريني
49 ـ قصيدة المنفرجة
51 ـ قصيدة في مدح طه الحبيب لابن الخطيب
52 ـ منظومة الصبان في علم الحديث للامام الصباني
53 ـ تحفة السالكين ودلالة السائرين لمنهاج المقربين لمحمد بن عبد الرحمان الأزهري الجرجري
54 ـ الجامع الأزهر واللامع الأنور لموسى بن محمد بن موسى القليبي العمري المالكي
55 ـ احدى شراح خليل لمؤلف مجهول
56 ـ كتاب في الطب لعبد الرحمان الثعالبي
57 ـ ورقات من كتاب الشفا للقاضي عياض
58 ـ مخطوط ناقص الأول والآخر في الربا
59 ـ رسالة في الفقه لمؤلف مجهول
60 ـ دلائل الخيرات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
61 ـ منظومة في علم الإقراء لمحمد التهامي بن الطيب
62 ـ جزء من نفح الطيب للمقري التلمساني
63 ـ متن ابن عاشر في الفقه لابن عاشر الشهير في المغرب
64 ـ ثبت محمد بن عمار الهنداوي لابي العباس احمد بن بلقاسم العجالي
65 ـ ثبت ابن توزينت التلمساني
66 ـ الكافي لابن عبد البر الاندلسي
67 ـ رسائل الأمير عبد القادر الجزائري
68 ـ كتاب شرح لامية العجم للشيخ العالم العلامة كمال الدين الدميري
69 ـ شرح على خليل
70 ـ كتاب لا ينقط حروفه لمؤلف مجهول
71 ـ الدرة في الفرائض لمؤلف مجهول
72 ـ الذهب الأبريز منسوب لعبد الرحمان الثعالبي
74 ـ كتاب في علم الفلك لمؤلف مجهول وهو يشرح منظومة السوسي
75 ـ رسالة في الاستعارات شرح الدمنهوري
76 ـ رسالة لمحمد بن القاسم الها ملي البوسعادي
77 ـ رسائل عمر الطولقي
78 ـ الزهرات الوردية في الفتاوي الأجهورية لعبد الملك
79 ـ منظومة ابن آجروم في النحو
80 ـ قيد الشوارد في شرح الشواهد لمؤلف مجهول
81 ـ شرح ألأخضري على سلمه
81 ـ موضح السر المكنون في شرح الجوهر المكنون في صدف ثلاثة فنون للاخضري
82 ـ تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام لابن عاصم القيسي الاندلسي
83 ـ ألفية ابن مالك في النحو
84 ـ منظومة في الفرائض لابراهيم ابي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التلمساني
85 ـ شرح ابى يعلى الشريف الحسني على الأجرومية من تأليفه تعرف بالدرة النحوية شرح الأجرومية
86 ـ شرح الأخضري على سلمه نسخة أخرى للاخضري
87 ـ خالد الأزهري على الأجرومية لخالد الأزهري
88 ـ الاتحاف بتمييز ما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف
89 ـ ورقات مبعثرة في النحو والحديث
90 ـ التذكرة في الفقه لعمر سراج الدين
ـ 92 ـ سفر ضخم في علم التفسير لمؤلف مجهول
93 ـ نتيجة افكار ذوي المجد في تحرير ابحاث اما بعد لمؤلف مجهول
94 ـ شرح الحمدلة لشهاب الدين احمد بن العماد
95 ـ شرح مثلثات قطرب للفيروز آبادي
96 ـ فهرست ارزقي في احصاء كتب الجامع الأكبر بالجزائر
97 ـ فهرسة في الكتب لابن عزوز القاسمي الحسني
98 ـ فهرس المخطوطات المحفوظة في الجامع الأعظم بالجزائر مسجد كتشاوة لمحمد بن ابي شنب
99 ـفهرس مخطوطات مكتبة الهامل ببوسعادة الجزائر لمحمد بن القاسم الهاملي .
100 ـ شرح القصيدة السلوانية لابي القاسم الفجيجي وهي قصيدة في الصيد
هذا وإن شاء الله سوف احصي مخطوطات المكروفيلم وهي كثيرة واطلب من القارىء والباحث والمتخصص ان لا ينسونا من دعائهم وان يغفر لنا ولهم انه سميع وبالاجابة جدير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما الى يوم الدين وآخر دعواتنا ان الحمدلله رب العالمين محرر الفهرس بلقاسم ضيف بن ابي بكر الجزائري موطنا العربي نسبا الجلفاوي أقليما البحبحي دارا ومنزلا
هذه هي المجموعة الثانية للمخطوطات وقد وضعت العنوان ومؤلف المخطوط وان شاء الله سوف اضع البطاقة الفنية للمخطوطة بالتعريف بالمؤلف وبداية المخطوط ومؤلف المخطوط وعدد الأسطر وعدد الصفحات ونوع الخط ولكن اختصرت الأمر للتعريف بما يوجد في أرض المغرب من مخطوطات نادرة وغير نادرة وهو لأول مرة ينشر على النت .
الجزء الثاني
1 ـ العيون الغامزة على خبايا الرامزة للامام الدماميني
2 ـ قرة الأعيان في أدب تلاوة القرآن لعبد القادر بن قاري مصطفى مفتي ديار مستغانم
3 ـ كيفية سيرة زواوة لمؤلف مجهول
4 ـ اتحاف الصدر باعراب شواهد آي القطر للعلامة بن عزوز القاسمي الحسني نزيل حاسي بحبح وعين وسارة
5 ـ تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهي في معرفة الحساب من غير آلة ولا كتاب لعلي بن محمد بن محمد علي المقري
6 ـ رسالة في الحساب لابن البناء المراكشي
7 ـ رسالة في المنطق للقاضي زكرياء
8 ـ كتاب في اللغة لعبد الرحمان الثعالبي في غريب القرآن أقوم بتحقيقه
9 ـ شرح اليوسفية في علم النحو المنسوب للسيد عبد العزيز الديريني
10 ـ منظومة في الفقه لصفي الدين الجمال النتيني
11 ـ منظومة في التوحيد لأحمد بن عبد الله الجزائري
12 ـ كتاب في العقيدة لأحمد الشرنوبي
13 ـ الروضة الأنيقة في بيان الشريعة والحقيقة لعبد العزيز الدميري
14 ـ القولة الشافية بشرح القواعد الكافية للعربي بن السنوسي القيزاني
15 ـ تحفة الناظرين في إبطال القول بمقتضى الحكم بصحة الوقف بعد موت الواقفين
16 ـ شرح السنوسية في العقيدة للامام الملالي
17 ـ عجائب الأخبار ذات التأسيس فيما وقع أو سوف يقع للمسلمين مع الفرنسيس لأبي راس المعسكري
18 ـ جوهرة العقول في ذكر آل الرسول لعبد الرحمان بن محمد الفاسي في الأنساب
19 ـ السلسلة الواقية والياقوتة الصافية لأحمد بن محمد بن ابي القاسم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد العشماوي في الأنساب
20 ـ نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء لمحمد بن محمد بن المشري الحسني السائحي التيجاني
21 ـ ميزان الشعر المسمى لقطة المبتدىء في علم العروض لعلي بن عبد الرحمان الجزائري الوهراني
22 ـ تقييد على عقيدة الامام الشريف الحسني لمحمد بن قاسم بن نصر
24ـ طرح المدر لحل اللاءلاء والدرر ليوسف بن محمد بن عبد الجواد بن خضر الشربيني
25 ـ المقالة المفردة في تحقيق الكلام النقلي لعبد الرحمان بن أحمد الإيجي
26 ـ جز من حديث لنجم الدين الغبطي
27 ـ رسالة في نجاة أبوي النبي (( أسنى المطالب في نجاة ابي طالب )) لأحمد بن زيني دحلان
28 ـ تقييد على عقيدة الإمام الشريف الحسني لبلقاسم بنم ناصر الفجيجي
29 ـ عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثا من أحاديث سيد المرسلين لأسماعيل العجلوني بن محمد جراح3
31 ـ منظومة المصباح في رسم القرآن للشريشي
32 ـ القول الأسد في نصيب الميت في الوقف من غير ولد لمحمد بيرم الثاني ابي عبد الله
ـ
34 ـ ألفية في طريق السلوك لمصطفى البكري
25 ـ نظم الفصيح لثعلب لابن المرحل الاندلسي
26 ـ كتاب السر الأفخر والكبريت الأحمر الكافي للحذاق في علم الحروف والاوفاق لزين الدين عبد الرحمان بن علي البسطامي في علم الجفر والحكمة والخواص وغيرها من العلوم والطلاسم
27 ـ العلم الروحاني والسر الرباني لزين الدين عبد الرحمان بن علي البسطامي كذلك في الحكمة
28 ـ الكشف في علم الحرف لزين الدين عبد الرحمان بن محمد بن علي البسطامي في علم الحكمة كذلك
29 ـ تحفة الناظرين في إبطال القول بمقتضى الحكم بصحة الوقف بعد موت الواقفين لآبي عبد الله محمد بيرم الثاني
30 ـ الغراء في ترتيب اختلاف وجوه القراء لابن ثابت التلمساني
31 ـ تقييد يشتمل على كيفية الطرق وتحرير نسبتها على قراءة الامام نافع لابن توزينت التلمساني وهي نسخة غير النسخة الأولى في المجموعة وقمت بتحقيقه وهو تحت الطبع
32 ـ الشقائق النعمانية في شرح الروضة السلوانية لابي راس المعسكري وهي قصيدة في الصيد
33 ـ كتاب نحو القلوب لعبد الكريم بن هوازن القشيري وهي رسالة في التصوف تتكلم عن الأجرومية على علم التصوف
34 ـ رسالة في البسملة وجزء في علم الحديث لمؤلف مجهول
35 ـ تحفة المحبين في شرح الأربعين لمحمد بن حيوة السندي المدني
36 ـ مقدمة في العقائد في معرفة الذات والصفات والرسل للسيد الميزرابي المدني او محمد حيوة السندي المدني
37 ـ غنمية الوافد وبغية الطالب الماجد لعبد الرحمان الثعالبي قام بتحقيقها الشيخ شايب محمد وطبعت بدار ابن حزم وهي فهرست الثعالبي فيها مروياته واجازاته
39 ـ رسالة في الحديث لمحمد حيوة السندي
40 ـ المفروض في علم الفروض لعبد الكريم المغيلي
41 ـ نتائج الألمعية في شرح الكافية البديعية لصفي الدين الحلي عبد العزيز بن سرايا
42 ـ رسالة في نسب الرسول لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء
44 ـ خطبة الجمعة التاريخية للشيخ البشير الإبراهيمي
45 ـ منظومة في علم الإقراء لعبد الرحمان
46 ـ منظومة غرامي صحيح لابن فرج الإشبيلي
47 ـ قصيدة لعمر الحلبي الشهير بابن الوردي مطلعها اعتزل ذكر الأغناني والعذل
48 ـ منظومة في مثلثات قطرب لعبد العزيز الدريني
49 ـ قصيدة المنفرجة
51 ـ قصيدة في مدح طه الحبيب لابن الخطيب
52 ـ منظومة الصبان في علم الحديث للامام الصباني
53 ـ تحفة السالكين ودلالة السائرين لمنهاج المقربين لمحمد بن عبد الرحمان الأزهري الجرجري
54 ـ الجامع الأزهر واللامع الأنور لموسى بن محمد بن موسى القليبي العمري المالكي
55 ـ احدى شراح خليل لمؤلف مجهول
56 ـ كتاب في الطب لعبد الرحمان الثعالبي
57 ـ ورقات من كتاب الشفا للقاضي عياض
58 ـ مخطوط ناقص الأول والآخر في الربا
59 ـ رسالة في الفقه لمؤلف مجهول
60 ـ دلائل الخيرات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
61 ـ منظومة في علم الإقراء لمحمد التهامي بن الطيب
62 ـ جزء من نفح الطيب للمقري التلمساني
63 ـ متن ابن عاشر في الفقه لابن عاشر الشهير في المغرب
64 ـ ثبت محمد بن عمار الهنداوي لابي العباس احمد بن بلقاسم العجالي
65 ـ ثبت ابن توزينت التلمساني
66 ـ الكافي لابن عبد البر الاندلسي
67 ـ رسائل الأمير عبد القادر الجزائري
68 ـ كتاب شرح لامية العجم للشيخ العالم العلامة كمال الدين الدميري
69 ـ شرح على خليل
70 ـ كتاب لا ينقط حروفه لمؤلف مجهول
71 ـ الدرة في الفرائض لمؤلف مجهول
72 ـ الذهب الأبريز منسوب لعبد الرحمان الثعالبي
74 ـ كتاب في علم الفلك لمؤلف مجهول وهو يشرح منظومة السوسي
75 ـ رسالة في الاستعارات شرح الدمنهوري
76 ـ رسالة لمحمد بن القاسم الها ملي البوسعادي
77 ـ رسائل عمر الطولقي
78 ـ الزهرات الوردية في الفتاوي الأجهورية لعبد الملك
79 ـ منظومة ابن آجروم في النحو
80 ـ قيد الشوارد في شرح الشواهد لمؤلف مجهول
81 ـ شرح ألأخضري على سلمه
81 ـ موضح السر المكنون في شرح الجوهر المكنون في صدف ثلاثة فنون للاخضري
82 ـ تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام لابن عاصم القيسي الاندلسي
83 ـ ألفية ابن مالك في النحو
84 ـ منظومة في الفرائض لابراهيم ابي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التلمساني
85 ـ شرح ابى يعلى الشريف الحسني على الأجرومية من تأليفه تعرف بالدرة النحوية شرح الأجرومية
86 ـ شرح الأخضري على سلمه نسخة أخرى للاخضري
87 ـ خالد الأزهري على الأجرومية لخالد الأزهري
88 ـ الاتحاف بتمييز ما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف
89 ـ ورقات مبعثرة في النحو والحديث
90 ـ التذكرة في الفقه لعمر سراج الدين
ـ 92 ـ سفر ضخم في علم التفسير لمؤلف مجهول
93 ـ نتيجة افكار ذوي المجد في تحرير ابحاث اما بعد لمؤلف مجهول
94 ـ شرح الحمدلة لشهاب الدين احمد بن العماد
95 ـ شرح مثلثات قطرب للفيروز آبادي
96 ـ فهرست ارزقي في احصاء كتب الجامع الأكبر بالجزائر
97 ـ فهرسة في الكتب لابن عزوز القاسمي الحسني
98 ـ فهرس المخطوطات المحفوظة في الجامع الأعظم بالجزائر مسجد كتشاوة لمحمد بن ابي شنب
99 ـفهرس مخطوطات مكتبة الهامل ببوسعادة الجزائر لمحمد بن القاسم الهاملي .
100 ـ شرح القصيدة السلوانية لابي القاسم الفجيجي وهي قصيدة في الصيد
هذا وإن شاء الله سوف احصي مخطوطات المكروفيلم وهي كثيرة واطلب من القارىء والباحث والمتخصص ان لا ينسونا من دعائهم وان يغفر لنا ولهم انه سميع وبالاجابة جدير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما الى يوم الدين وآخر دعواتنا ان الحمدلله رب العالمين محرر الفهرس بلقاسم ضيف بن ابي بكر الجزائري موطنا العربي نسبا الجلفاوي أقليما البحبحي دارا ومنزلا
انتصار إسرائيل على الجزائر في واحدة من أخطر المعارك
نتصار إسرائيل على الجزائر في واحدة من أخطر المعارك
اسماعيل القاسمي الحسيني
02/09/2009
لقد سبق لي في هذه الصفحة تحديدا في 30/07، أن تطرقت لموضوع دور أجهزة المخابرات العربية؛ لما لهذا الجهاز من أهمية عالية في استقرار البلد وأمنه. كما حاولت تنشيط ذاكرة أولئك الذين يزعمون أن جهاز المخابرات بعبعا ينصح بتجنب ذكره، بأنه ليس أكثر من مؤسسة تخضع لمواد دستور البلد وقوانينه، موكل إليها خدمة الشعب، ومكونة من أبنائه أصلا، ولا يعني التطرق لأدائها اتهاما بالخيانة أو العجز، ولو كنت شخصيا أحمل تلكم الصورة عن أفراد جهاز المخابرات، التي لا تختلف كثيرا عن عالم الإجرام والمرتزقة عند البعض، لما كلفت نفسي عناء ذكرهم ليس خوفا وإنما ترفعا، ولكني أؤمن بأن من بين رجاله قيادات ذات كفاءات عالية، تتمتع بروح وطنية صلبة وقوية، كما أعتقد أنه ما من مسلم إلا وفيه بذرة خير علينا استثمارها في صالح الأمة، وليس استعداؤه لحسابات شخصية، أو لأحكام فردية. كما لا يمكن من الناحية الموضوعية، إن حدثت تجاوزات من بعض العناصر، أن نسحب الحكم على كافة الجهاز.
خبر مقتضب، مرت عليه الصحافة الوطنية كأنه لا شيء، مفاده نشر اتحاد الصناعيين الاسرائيليين تقريرا حول حجم الصادرات الإسرائيلية إلى الدول العربية، الأردن على رأس القائمة تليها مصر والمفاجأة الجزائر (الخبر 15/08)؛ تابعت بحرص شديد كل وسائل الإعلام الوطنية، عساني أقف على توضيح من أحد المسؤولين، نفيا أو إثباتا، ولكن دون جدوى ليتأكد مرة أخرى، أن الطبقة السياسية لم تكن تسخر حين صرح كثير من رموزها أنهم لا يملكون من الأمر شيء، بل ولا يريدون إلا الحياة الكريمة، وبمحض إرادتهم لن يتعدوا الخطوط الحمراء، وليأت من بعدهم الطوفان.
أتفهم موقف الحكومة وممثليها، لا يمكنهم نفي الخبر، ولا إنكار قيام علاقات تجارية مع العدو الصهيوني، والسلع بعلامات المنتج تغرق السوق الجزائرية، وبكميات ونوعيات لا يمكن إدراجها تحت عذر السلع المهربة، ليس لديهم ما يقولون، إذن ما عليهم في مجالسهم المغلقة إلا رمي الكرة إلى ملعب الجيش وهيئة الاستعلامات، هم من يدير هذه الحرب ولا يمكن لنا أن نعرف أسرارها لطبيعتها، يتنفس سياسيو الطبقة الحاكمة الصعداء، فأكتاف مؤسسة الجيش عريضة يمكنها حمل ما يريدون، وفي المقابل يعض بعض القادة الوطنيين في هذه المؤسسة أصابعهم، لم تعد الحرب حربنا، فقد أبدع هؤلاء القوم سياسة انفتاح السوق، وكرسوا لها قوانين تمنعنا نحن من التدخل أصلا، فما لنا ولرجال أعمال جزائريين يعقدون صفقات تجارية مع أمثالهم من العرب أردنيين أو مصريين!؟ كيف يمكن لنا أن نعرف بأن هذه السلع من إنتاج العدو الإسرائيلي إن كانت عليها أختام دولة عربية!؟ وهناك دفوع كثيرة تبدو في ظاهرها موضوعية، لولا أن مفهوم الدولة أو حتى مفهوم النظام (دكتاتوريا-شموليا - شوفينيا - كيفما كان) يحمل الجميع المسؤولية. وعلى أية حال لا يمكنني إصدار حكم مجاني بأن 'حاميها حراميها' كما يقال، ما لم أملك الدليل القطعي.
العسل الفتاك والدواء المسموم
رجل أعمال جزائري، يفاوض شركة أوروبية منتجة للعسل الطبيعي، يسأل: أي سوق ستغطي؟ الجزائر، تتوقف المفاوضات، لدينا زبون رئيسي هو من يغطي تلك السوق تربطنا معه اتفاقيات لا يمكن الإخلال بها؛ ليعلم الجزائري من داخل الشركة ذاتها، أن عميلهم إسرائيلي، يقوم بتحويل منتج العسل المصفى إلى كيان العدو، حيث تدخل عليه مواد كيماوية قطعا ليست لفائدة المستهلك، خاصة إن كان من خانة الأعداء، ثم يعاد تغليفه ودمغه بعلامة شركة عربية، يمر المنتج عبر مملكتها ومنها إلى السوق الجزائرية. هذه ليست قصة خيالية، بل واقعة أشهد على صحتها؛ هكذا وبكل بساطة حد السخرية يقتحم العدو الإسرائيلي بسلاحه الصناعي الفتاك صحة المواطن الجزائري، ولا يعترض سبيله أحد.
فتح ساسة الجزائر استيراد الدواء لفئة تعد على الأصابع، ليحتكروا السوق الوطنية، يتجاوز غلاف عملياتها 4 مليار دولار سنويا، يدير القوم دفة الاستيراد وجهة الشرق، تحديدا نحو دولة عربية تقيم معاهدات سلام مع العدو الإسرائيلي، ويؤسس رجال أعمالها شركات مختلطة مع أثريائه، ليس لبعضهم من تلك الشركات إلا الوثائق، لترتفع نسبة الدواء المستورد من تلكم الدولة إلى 70'. لست مؤهلا للطعن في إمكانيات تلكم الدولة في صناعة الأدوية، والتي في ظرف قياسي أصبحت تغطي حاجيات كثير من الدول العربية، وإن كان عدد شركاتها الذي تجاوز 120 يدعو بجدية للتوقف عنده، ولكن المؤكد أن إنتاجها ممنوع تسويقه في الدول الغربية، ليس لحماية المنتج بل لحماية المستهلك، بصورة أوضح تشير شهادات بعض الأخصائيين إلى أن تلكم الأدوية لا ترقى إلى المواصفات العلمية المطابقة للسوق الأوروبية، دون الذهاب إلى أبعد من ذلك. وبناء على دراسة منظمة الصحة العالمية تبين أن الدول الآسيوية مسؤولة عن 35' من الأدوية المغشوشة على مستوى العالم، وتمثل الهند ما نسبته 35' منها، والباكستان 13.3' والدول الآسيوية الأخرى 14.6'. تستوقفنا هذه الدراسة بشكل جاد حين نعلم بأن محتكري سوق الأدوية في الجزائر قد ولوا وجوههم شطر الهند كذلك، في غياب شبه مطلق لمخابر ومؤسسات رقابية ذات تقنيات وخبرات تمكنها من فحص هذه المواد الخطيرة على حياة المجتمع.
النتيجة الرسمية
أيام قليلة بعد الخبر الأول، في 24/08 تنزل جريدة وطنية مستقلة واسعة الانتشار، ببشرى للشعب الجزائري، انه تقرير الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث. ملخصه الآتي: 3 ملايين جزائري مصابون بداء السكري والإصابة بالعقم، كلا الداءين في تصاعد خطير، 35' مصابون بارتفاع الضغط الدموي، التهاب الكبد الفيروسي، 100.000 عملية استئصال المرارة سنويا، أمراض القلب وفقدان البصر في تزايد مضطرد وخطير، 20 ألف عملية جراحية على العظام.
هذه الأرقام الفلكية والنسب العالية لا تحتاج إلى تعليق، لكن اللافت أنها بعيدة كل البعد عن الأوضاع الصحية للشعب الجزائري، فيما درج بوصفها 'العشرية السوداء'، والمراد بها حقبة حكم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جـــــديد من ثمانينيات القرن الماضي، بل يذهب بعض المتابعين للشأن الجزائري إلى التأكيد على أن التدهور الصحي الذي تقره التقارير الرسمية، قد ازدادت وتيرته بشكل يهدد المجتمع بداية هذا القرن، نتيجة عوامل عدة على رأسها تقاذف المسؤوليات، وجشع من يوصفون بأثرياء الفتنة التي أقحم فيها الشعب الجزائري ظلما، هذا بالإضافة طبعا إلى الفوضى الضاربة بأطنابها في قطاعات الإدارة والمؤسسات الرقابية، كما أقر بذلك الرئيس نفسه.
الإقرار بالهزيمة
تقتضي الشجاعة الاعتراف بالهزيمة في هذه المعركة الخطيرة للعدو الإسرائيلي، ولكن هي معركة عبارة عن جولة من حرب لا زالت دائرة رحاها، وغبارها لما يهدأ، ولكن للتوضيح وحتى لا يغتر العدو، لا يتحمل الشعب الجزائري مسؤوليــــة الهزيمة، وإن تحمل نتائجها باصطـــبار، بل المســـؤول الأول عن هذا الوضع المهين، هم الشخصيات الوطنية بمن فيهـــم الرؤساء السابقون، الذين آلوا على أنفسهم صمت القبـــور، وكذلك القيادات العليا في كل موقع من مواقع المسؤولية، وليس فقط المؤسسة العسكرية وأجهزة الاستعلامات، دون ذكر ما يسمى البرلمان ومجلس الأمة وبقية المؤسسات، أمام حرب فاحت رائحتها حتى أزكمت أنوف الطبقة الدنيا من المجتمع والتي أنتمي إليها.
ولا يسعني هنا كذلك إلا العتب على الصحافة الوطنية المستقلة، وقد أصيبت بتخمة المال، لعدم إيفادها صحافيين محققين وراء مثل هذه القضايا الخطيرة، كما فعلت إحدى القنوات الفرنسية، والتي أثبت محققها الصحافي بالصورة والصوت، كيف تتم عملية صناعة الأدوية المغشوشة في الهند تحت الطلب، ومن المعلوم أنها موجهة بالدرجة الأولى لسوق الدول النامية ؛ فأهل هذه المهنة يعلمون أن سلطتهم أصبحت في زماننا هي الأولى، وأنهم يتحملون بذلك جزءا لا يستهان به من المسؤولية.
وأولا وأخيرا، مؤسسة العدالة وعلى رأسها النائب العام الأول، الذي عرفته عالي الكفاءة، قوي الشكيمة، ماضي الحكم، لما لا يفتح تحقيقا في هذا الملف الخطير؟ وقد تناولته الصحافة الوطنية! فقد كفل له الدستور، بل من صميم مهامه سماع ممثل وزارة التجارة، ووزارة الصحة وممثل الجمارك، لدفع أي فساد قد يهلك المجتمع، أو أي لبس نتيجة تداول معلومات كهذه شديدة الخطر.
ختاما، وردا على أصحاب المنطق الساخر من مقالاتي في 'القدس العربي'، قولا : لعلك تسعى إلى تغيير الكون بقلمك وكلماتك، ستكون الخاسر الوحيد بفتح مواضيع خطيرة كهذه. كلا ما أمرنا الله بتغيير الكون، ولو أراد ذلك لفعل، بل أمرنا بالبلاغ ورفع كلمة الحق خالصة لوجهه، هنا ينتهي تكليفي، وهنا تنتهي مسؤوليتي لتبدأ مسؤولية المتلقي، وإن كنت من أجل ديني وشعبي ووطني أعد خاسرا، فليت شعري فيما هم رابحون غير الأكل والشرب والمسكن و...، وهي قواسم تشترك فيها مع الإنسان ما نعرف...!؟ طيب الله أوقاتكم.
' فلاح جزائري
ismailelkacimi@gmail.com
اسماعيل القاسمي الحسيني
02/09/2009
لقد سبق لي في هذه الصفحة تحديدا في 30/07، أن تطرقت لموضوع دور أجهزة المخابرات العربية؛ لما لهذا الجهاز من أهمية عالية في استقرار البلد وأمنه. كما حاولت تنشيط ذاكرة أولئك الذين يزعمون أن جهاز المخابرات بعبعا ينصح بتجنب ذكره، بأنه ليس أكثر من مؤسسة تخضع لمواد دستور البلد وقوانينه، موكل إليها خدمة الشعب، ومكونة من أبنائه أصلا، ولا يعني التطرق لأدائها اتهاما بالخيانة أو العجز، ولو كنت شخصيا أحمل تلكم الصورة عن أفراد جهاز المخابرات، التي لا تختلف كثيرا عن عالم الإجرام والمرتزقة عند البعض، لما كلفت نفسي عناء ذكرهم ليس خوفا وإنما ترفعا، ولكني أؤمن بأن من بين رجاله قيادات ذات كفاءات عالية، تتمتع بروح وطنية صلبة وقوية، كما أعتقد أنه ما من مسلم إلا وفيه بذرة خير علينا استثمارها في صالح الأمة، وليس استعداؤه لحسابات شخصية، أو لأحكام فردية. كما لا يمكن من الناحية الموضوعية، إن حدثت تجاوزات من بعض العناصر، أن نسحب الحكم على كافة الجهاز.
خبر مقتضب، مرت عليه الصحافة الوطنية كأنه لا شيء، مفاده نشر اتحاد الصناعيين الاسرائيليين تقريرا حول حجم الصادرات الإسرائيلية إلى الدول العربية، الأردن على رأس القائمة تليها مصر والمفاجأة الجزائر (الخبر 15/08)؛ تابعت بحرص شديد كل وسائل الإعلام الوطنية، عساني أقف على توضيح من أحد المسؤولين، نفيا أو إثباتا، ولكن دون جدوى ليتأكد مرة أخرى، أن الطبقة السياسية لم تكن تسخر حين صرح كثير من رموزها أنهم لا يملكون من الأمر شيء، بل ولا يريدون إلا الحياة الكريمة، وبمحض إرادتهم لن يتعدوا الخطوط الحمراء، وليأت من بعدهم الطوفان.
أتفهم موقف الحكومة وممثليها، لا يمكنهم نفي الخبر، ولا إنكار قيام علاقات تجارية مع العدو الصهيوني، والسلع بعلامات المنتج تغرق السوق الجزائرية، وبكميات ونوعيات لا يمكن إدراجها تحت عذر السلع المهربة، ليس لديهم ما يقولون، إذن ما عليهم في مجالسهم المغلقة إلا رمي الكرة إلى ملعب الجيش وهيئة الاستعلامات، هم من يدير هذه الحرب ولا يمكن لنا أن نعرف أسرارها لطبيعتها، يتنفس سياسيو الطبقة الحاكمة الصعداء، فأكتاف مؤسسة الجيش عريضة يمكنها حمل ما يريدون، وفي المقابل يعض بعض القادة الوطنيين في هذه المؤسسة أصابعهم، لم تعد الحرب حربنا، فقد أبدع هؤلاء القوم سياسة انفتاح السوق، وكرسوا لها قوانين تمنعنا نحن من التدخل أصلا، فما لنا ولرجال أعمال جزائريين يعقدون صفقات تجارية مع أمثالهم من العرب أردنيين أو مصريين!؟ كيف يمكن لنا أن نعرف بأن هذه السلع من إنتاج العدو الإسرائيلي إن كانت عليها أختام دولة عربية!؟ وهناك دفوع كثيرة تبدو في ظاهرها موضوعية، لولا أن مفهوم الدولة أو حتى مفهوم النظام (دكتاتوريا-شموليا - شوفينيا - كيفما كان) يحمل الجميع المسؤولية. وعلى أية حال لا يمكنني إصدار حكم مجاني بأن 'حاميها حراميها' كما يقال، ما لم أملك الدليل القطعي.
العسل الفتاك والدواء المسموم
رجل أعمال جزائري، يفاوض شركة أوروبية منتجة للعسل الطبيعي، يسأل: أي سوق ستغطي؟ الجزائر، تتوقف المفاوضات، لدينا زبون رئيسي هو من يغطي تلك السوق تربطنا معه اتفاقيات لا يمكن الإخلال بها؛ ليعلم الجزائري من داخل الشركة ذاتها، أن عميلهم إسرائيلي، يقوم بتحويل منتج العسل المصفى إلى كيان العدو، حيث تدخل عليه مواد كيماوية قطعا ليست لفائدة المستهلك، خاصة إن كان من خانة الأعداء، ثم يعاد تغليفه ودمغه بعلامة شركة عربية، يمر المنتج عبر مملكتها ومنها إلى السوق الجزائرية. هذه ليست قصة خيالية، بل واقعة أشهد على صحتها؛ هكذا وبكل بساطة حد السخرية يقتحم العدو الإسرائيلي بسلاحه الصناعي الفتاك صحة المواطن الجزائري، ولا يعترض سبيله أحد.
فتح ساسة الجزائر استيراد الدواء لفئة تعد على الأصابع، ليحتكروا السوق الوطنية، يتجاوز غلاف عملياتها 4 مليار دولار سنويا، يدير القوم دفة الاستيراد وجهة الشرق، تحديدا نحو دولة عربية تقيم معاهدات سلام مع العدو الإسرائيلي، ويؤسس رجال أعمالها شركات مختلطة مع أثريائه، ليس لبعضهم من تلك الشركات إلا الوثائق، لترتفع نسبة الدواء المستورد من تلكم الدولة إلى 70'. لست مؤهلا للطعن في إمكانيات تلكم الدولة في صناعة الأدوية، والتي في ظرف قياسي أصبحت تغطي حاجيات كثير من الدول العربية، وإن كان عدد شركاتها الذي تجاوز 120 يدعو بجدية للتوقف عنده، ولكن المؤكد أن إنتاجها ممنوع تسويقه في الدول الغربية، ليس لحماية المنتج بل لحماية المستهلك، بصورة أوضح تشير شهادات بعض الأخصائيين إلى أن تلكم الأدوية لا ترقى إلى المواصفات العلمية المطابقة للسوق الأوروبية، دون الذهاب إلى أبعد من ذلك. وبناء على دراسة منظمة الصحة العالمية تبين أن الدول الآسيوية مسؤولة عن 35' من الأدوية المغشوشة على مستوى العالم، وتمثل الهند ما نسبته 35' منها، والباكستان 13.3' والدول الآسيوية الأخرى 14.6'. تستوقفنا هذه الدراسة بشكل جاد حين نعلم بأن محتكري سوق الأدوية في الجزائر قد ولوا وجوههم شطر الهند كذلك، في غياب شبه مطلق لمخابر ومؤسسات رقابية ذات تقنيات وخبرات تمكنها من فحص هذه المواد الخطيرة على حياة المجتمع.
النتيجة الرسمية
أيام قليلة بعد الخبر الأول، في 24/08 تنزل جريدة وطنية مستقلة واسعة الانتشار، ببشرى للشعب الجزائري، انه تقرير الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث. ملخصه الآتي: 3 ملايين جزائري مصابون بداء السكري والإصابة بالعقم، كلا الداءين في تصاعد خطير، 35' مصابون بارتفاع الضغط الدموي، التهاب الكبد الفيروسي، 100.000 عملية استئصال المرارة سنويا، أمراض القلب وفقدان البصر في تزايد مضطرد وخطير، 20 ألف عملية جراحية على العظام.
هذه الأرقام الفلكية والنسب العالية لا تحتاج إلى تعليق، لكن اللافت أنها بعيدة كل البعد عن الأوضاع الصحية للشعب الجزائري، فيما درج بوصفها 'العشرية السوداء'، والمراد بها حقبة حكم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جـــــديد من ثمانينيات القرن الماضي، بل يذهب بعض المتابعين للشأن الجزائري إلى التأكيد على أن التدهور الصحي الذي تقره التقارير الرسمية، قد ازدادت وتيرته بشكل يهدد المجتمع بداية هذا القرن، نتيجة عوامل عدة على رأسها تقاذف المسؤوليات، وجشع من يوصفون بأثرياء الفتنة التي أقحم فيها الشعب الجزائري ظلما، هذا بالإضافة طبعا إلى الفوضى الضاربة بأطنابها في قطاعات الإدارة والمؤسسات الرقابية، كما أقر بذلك الرئيس نفسه.
الإقرار بالهزيمة
تقتضي الشجاعة الاعتراف بالهزيمة في هذه المعركة الخطيرة للعدو الإسرائيلي، ولكن هي معركة عبارة عن جولة من حرب لا زالت دائرة رحاها، وغبارها لما يهدأ، ولكن للتوضيح وحتى لا يغتر العدو، لا يتحمل الشعب الجزائري مسؤوليــــة الهزيمة، وإن تحمل نتائجها باصطـــبار، بل المســـؤول الأول عن هذا الوضع المهين، هم الشخصيات الوطنية بمن فيهـــم الرؤساء السابقون، الذين آلوا على أنفسهم صمت القبـــور، وكذلك القيادات العليا في كل موقع من مواقع المسؤولية، وليس فقط المؤسسة العسكرية وأجهزة الاستعلامات، دون ذكر ما يسمى البرلمان ومجلس الأمة وبقية المؤسسات، أمام حرب فاحت رائحتها حتى أزكمت أنوف الطبقة الدنيا من المجتمع والتي أنتمي إليها.
ولا يسعني هنا كذلك إلا العتب على الصحافة الوطنية المستقلة، وقد أصيبت بتخمة المال، لعدم إيفادها صحافيين محققين وراء مثل هذه القضايا الخطيرة، كما فعلت إحدى القنوات الفرنسية، والتي أثبت محققها الصحافي بالصورة والصوت، كيف تتم عملية صناعة الأدوية المغشوشة في الهند تحت الطلب، ومن المعلوم أنها موجهة بالدرجة الأولى لسوق الدول النامية ؛ فأهل هذه المهنة يعلمون أن سلطتهم أصبحت في زماننا هي الأولى، وأنهم يتحملون بذلك جزءا لا يستهان به من المسؤولية.
وأولا وأخيرا، مؤسسة العدالة وعلى رأسها النائب العام الأول، الذي عرفته عالي الكفاءة، قوي الشكيمة، ماضي الحكم، لما لا يفتح تحقيقا في هذا الملف الخطير؟ وقد تناولته الصحافة الوطنية! فقد كفل له الدستور، بل من صميم مهامه سماع ممثل وزارة التجارة، ووزارة الصحة وممثل الجمارك، لدفع أي فساد قد يهلك المجتمع، أو أي لبس نتيجة تداول معلومات كهذه شديدة الخطر.
ختاما، وردا على أصحاب المنطق الساخر من مقالاتي في 'القدس العربي'، قولا : لعلك تسعى إلى تغيير الكون بقلمك وكلماتك، ستكون الخاسر الوحيد بفتح مواضيع خطيرة كهذه. كلا ما أمرنا الله بتغيير الكون، ولو أراد ذلك لفعل، بل أمرنا بالبلاغ ورفع كلمة الحق خالصة لوجهه، هنا ينتهي تكليفي، وهنا تنتهي مسؤوليتي لتبدأ مسؤولية المتلقي، وإن كنت من أجل ديني وشعبي ووطني أعد خاسرا، فليت شعري فيما هم رابحون غير الأكل والشرب والمسكن و...، وهي قواسم تشترك فيها مع الإنسان ما نعرف...!؟ طيب الله أوقاتكم.
' فلاح جزائري
ismailelkacimi@gmail.com
أبو الغيط و : " لن يمر أي كلب من هنا "
إسماعيل القاسمي الحسني
" لن يمر أي كلب من هنا" عنوان مقال لجنرال الاحتياط الإسرائيلي يوم طوف ساميا، في 20/5/2009 بجريدة 'هآرتس'، مضمونه عبارة عن حوار جرى بين الكاتب وجنرال مصري حول حدود قطاع غزة مع مصر، يؤكد فيه أنه لن يسمح الجنرال المصري لأي كلب (والمقصود هنا الفلسطيني) بالمرور من مصر إلى قطاع غزة المحاصر إذا تلقى أوامر واضحة من القاهرة.
قفز إلى ذاكرتي هذا المقال، عند قراءة تصريحات معالي وزير الخارجية المصري لـ 'الأهرام العربي' يوم 19/12 في معرض رده على موضوع الجدار الفولاذي أبرزها قوله: '.. ولكن المهم أن الأرض المصرية يجب أن تكون مصانة، ويجب ألا يسمح أي مصري بأن تنتهك'.
لا أخفي هنا أني أتحفظ كثيرا مما يصدر عن العدو الإسرائيلي، وقاعدتي في التعامل مع المعلومات التي يكون هو مصدرها هي البحث عن نقيض الخبر وما وراء المعلومة، سواء الدافع إلى نشرها وإن أمكنني كذلك تحديد الهدف المراد، غير أن هذه القاعدة - أقر بمرارة- أنها لا تستقيم مع واقع الحال فيما يتعلق بحكومة مصر، هذه الأخيرة كثيرا ما تنفى أو تحجم عن التعليق علي تقارير إعلامية إسرائيلية تخص شؤونه الداخلية والخارجية، ثم سرعان ما تثبت الأيام صدقيتها قبل أن يؤكدها متأخرا.
أعبر هنا، ودون مزايدة أنني أترفع متكبرا عن تناول تصريحات هذا الوزير، ولن أضيع وقتي وجهدي في تذكيره بالقوانين الدولية، ولا قرارات الأمم المتحدة، ولا معاهدات جنيف، اليت تدعو لفك الحصار عن المحاصرين وتفرض علي الدول المجاورة لهم فتح معابرها وابوابها لانقاذهم وامدادهم بما يعينهم علي الحياة ومواجهة الحصار ولن أدعوه لمراجعة ما صادق عليه النظام المصري ذاته في قمة دمشق في 30/3/2008 بالالتزام بتعزيز التضامن العربي بما يصون الأمن القومي،و تغليب المصالح العليا للأمة العربية على أي خلافات أو نزاعات تنشأ بين بلدانها،ومواصلة تقديم أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي للشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة (هكذا بالعبارة) ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ولن أجعل من نفسي أضحوكة أمام العالم حين أذكرتلك الحكومة بنص ما وقع عليه نظام مصر نفسه، في قرار جامعة الدول العربية الصادر في 26/1/2009 :' 5- إنشاء هيئة عربية عليا في إطار جامعة الدول العربية تقوم بوضع الآليات اللازمة لإعادة الاعمار - في ضوء التبرعات المالية العربية - بما في ذلك إنشاء صندوق خاص بقطاع غزة. 7- تكثيف جهود الإغاثة والعون الإنساني للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة بالتنسيق مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، والطلب إلى المجالس الوزارية العربية المعنية بتقديم المساعدات العاجلة على نحو فاعل يلبي احتياجات السكان في قطاع غزة'.
ناهيها عن مصادقة النظام في مصر على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي جاء في جزئه (1) الباب الأول من مادته 20 نصا:' 3- لجميع الشعوب الحق في الحصول على المساعدات من الدول الأطراف في هذا الميثاق، في نضالها التحرري ضد السيطرة الأجنبية، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية'.
كما أعتذر للقراء عن عدم الاستدلال بآراء كبار العلماء الأزهريين التي حرمت غلق معبر رفح، واعتبرت هذا العمل مما يهدم أركان الدين، مستندين إلى صريح القرآن وصحيح الحديث، ولا حتى استعراض اراء خبراء القانون الدولي (المصريين) التي تجرم ذلكم العمل؛ ولن أرد على زعمه بأحقية مصر في ان تفعل ما تريد على أراضيها حماية لأمنها القومي، بواقع الحال الذي يمنعه من إرساء درع صاروخية هناك، أو تثبيت منظومة رادارات علاوة على بناء قواعد عسكرية.
وهو الذي يقر بوجود 200 رأس نووية لدى العدو (أقصد إسرائيل وليس حماس)، ولن أجيبه عن شعارهذا النظام الذي يرفعه 'مصر لن تدافع إلا عن نفسها' كذلك بواقع حاله، حين أرسل جنده لتحرير الكويت، أعتقد الأخيرة ليست محافظة مصرية، واليوم له أكثر من 3000 جندي خارج الحدود قطعا ليسوا في جولة سياحية.
ومن الأسباب القوية التي تمنعني من الاسترسال في هذا الاتجاه، أن عدوى العدو قد انتقلت إلى ضفتنا العربية على الصعيد الرسمي، العدو الصهيوني المجرم يبيع العالم ومن بينهم نحن كلاما مادته الأولية والنهائية هواء، ويمضي على معاهدات واتفاقيات ولكنه لا يقيم لها وزنا، وعلى الأرض يعمل بمقتضى مصلحته وإن خالفت مواثيقه كل المواثيق والقرارات الدولية، ويفرض سياسة الأمر الواقع وإن عارضها بالكلام كل العالم، وبهذا الأسلوب يعتقد أنه يحقق مصالحه وأهدافه.
ذات السلوك يتبناه النظام المصري منذ إعلانه الحرب على العراق، وإلى اليوم يمعن في الفصل بين مواثيقه مع الدول العربية واتفاقياته وبين سياسة الأمر الواقع المناقضة لها تماما، المفارقة الوحيدة، أن العدو الإسرائيلي يعمل على بناء وطن له ودولة، والنظام المصري ليس بذات الهدف إطلاقا. لكل هذا لم يعد يفاجئني أبدا أي قرار مصري، ولا يستفزني أي تصريح من قبله، فالمسألة أصبحت واضحة بالنسبة إليّ على الأقل.
وآخر مظاهرها الكاشفة لهذا الدجل السياسي والفاضحة في آن، أنه يقر ما جاء في تقرير غولدستون وما قبله من اعتبار أبرز الوجوه السياسية والعسكرية للعدو كمجرمي حرب، ويزعم تأييده لكل مسعى ينتهي بهم إلى المحاكمة، وفي الوقت الذي تلاحقهم فيه العدالة في الدول الغربية (بلجيكا.اسبانيا. بريطانيا) يقوم باستقبالهم بصفتهم أصدقاء أهل للترحاب، ويمنع أي تحرك على الهيئات المستقلة أن ترفع ضدهم قضايا في مصر.
ما يدعوني في مثل هذا القرار(بناء الجدار الفولاذي) للوقوف عنده، هو البحث بجدية وجرأة في مسألة الموقف الرسمي العربي من سياسة النظام المصري تجاه غزة، وماذا عن القرارات السابقة الذكر التي صادقوا عليها، سواء في قمة غزة وقمة الكويت، أو على مستوى جامعة الدول العربية، من وزراء الخارجية إلى المندوبين الدائميين !
هل زعماء الدول العربية وزعماء دول العالم الإسلامي لا يملكون أدوات الضغط على النظام المصري للعدول عن قراره؟ أم أنهم يدعمونه وإن كانت النتيجة إبادة لمليون ونصف مليون عربي مسلم أعزل يعيش تحت حصار المحتل الصهيوني؟.
الإجابة عن التساؤل الأول لا يمكن أن تكون بالنفي، فالأدوات لو صدق الدعم لأهل غزة تبدأ بتجميد العلاقات الاقتصادية عمليا (وهذا ما أعلنته بعض المنظمات الغربية كمنظمة تضامن من أجل فلسطين وسلام لأطفال العالم بمقاطعة السلع المصرية) إلى سحب السفراء وإعلان البراءة من هذا الجدار المخزي.
فقد فعل ذات الخطوات بعض هؤلاء الزعماء ليس مع النظام المصري بل مع أنظمة غربية قوية، تربطهم بها مصالح أهم وأخطر، نتيجة مسائل (شخصية) تافهة لا ترقى بأية حال لخطر إبادة شعب، لتبقى الإجابة عن التساؤل الثاني رهينة مواقفهم في الأيام القليلة القادمة، وإن كنت لا أراهن عليها فصمتهم يفسر مواقفهم ويترجمها.
أخيرا أوجه خطابي لقادة الولايات المتحدة، بما أن معظم أنظمتنا العربية مجرد هيئات إدارية وعسكرية تابعة لها، أن السياسة الحالية التي تقمعون بها هذه الأمة لا تخدم بالمطلق مصالحكم على المديين المتوسط والبعيد، وشعور مرارة الإخفاقات المتراكم في أنفسنا لن يستمر على حاله أبد الدهر.
هذا ليس تهديدا بل هكذا تتطور المجتمعات الذي تقتضيه سنة الحياة، التي مهما أوتيتم من قوة لن تغيروها ولن تعطلوها، وعليه تيقنوا أن شعوب هذه الأمة تحمل الدول الغربية مسؤولية دعمها لهذه الأنظمة لتقف في وجه خياراتها المشروعة، كما تحملها كل الخسائر التي لحقت بها سواء الماضية أو الحالية واللاحقة إلى حين التغيير ، ولا أعتقد أن الحساب يكون ساعتها يسيرا، يبدأ بكنس أي كلب حراسة لكم من هنا.
فلاح جزائري
ismailelkacimi@gmail.com
القدس العربي
2/1/2010
" لن يمر أي كلب من هنا" عنوان مقال لجنرال الاحتياط الإسرائيلي يوم طوف ساميا، في 20/5/2009 بجريدة 'هآرتس'، مضمونه عبارة عن حوار جرى بين الكاتب وجنرال مصري حول حدود قطاع غزة مع مصر، يؤكد فيه أنه لن يسمح الجنرال المصري لأي كلب (والمقصود هنا الفلسطيني) بالمرور من مصر إلى قطاع غزة المحاصر إذا تلقى أوامر واضحة من القاهرة.
قفز إلى ذاكرتي هذا المقال، عند قراءة تصريحات معالي وزير الخارجية المصري لـ 'الأهرام العربي' يوم 19/12 في معرض رده على موضوع الجدار الفولاذي أبرزها قوله: '.. ولكن المهم أن الأرض المصرية يجب أن تكون مصانة، ويجب ألا يسمح أي مصري بأن تنتهك'.
لا أخفي هنا أني أتحفظ كثيرا مما يصدر عن العدو الإسرائيلي، وقاعدتي في التعامل مع المعلومات التي يكون هو مصدرها هي البحث عن نقيض الخبر وما وراء المعلومة، سواء الدافع إلى نشرها وإن أمكنني كذلك تحديد الهدف المراد، غير أن هذه القاعدة - أقر بمرارة- أنها لا تستقيم مع واقع الحال فيما يتعلق بحكومة مصر، هذه الأخيرة كثيرا ما تنفى أو تحجم عن التعليق علي تقارير إعلامية إسرائيلية تخص شؤونه الداخلية والخارجية، ثم سرعان ما تثبت الأيام صدقيتها قبل أن يؤكدها متأخرا.
أعبر هنا، ودون مزايدة أنني أترفع متكبرا عن تناول تصريحات هذا الوزير، ولن أضيع وقتي وجهدي في تذكيره بالقوانين الدولية، ولا قرارات الأمم المتحدة، ولا معاهدات جنيف، اليت تدعو لفك الحصار عن المحاصرين وتفرض علي الدول المجاورة لهم فتح معابرها وابوابها لانقاذهم وامدادهم بما يعينهم علي الحياة ومواجهة الحصار ولن أدعوه لمراجعة ما صادق عليه النظام المصري ذاته في قمة دمشق في 30/3/2008 بالالتزام بتعزيز التضامن العربي بما يصون الأمن القومي،و تغليب المصالح العليا للأمة العربية على أي خلافات أو نزاعات تنشأ بين بلدانها،ومواصلة تقديم أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي للشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة (هكذا بالعبارة) ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ولن أجعل من نفسي أضحوكة أمام العالم حين أذكرتلك الحكومة بنص ما وقع عليه نظام مصر نفسه، في قرار جامعة الدول العربية الصادر في 26/1/2009 :' 5- إنشاء هيئة عربية عليا في إطار جامعة الدول العربية تقوم بوضع الآليات اللازمة لإعادة الاعمار - في ضوء التبرعات المالية العربية - بما في ذلك إنشاء صندوق خاص بقطاع غزة. 7- تكثيف جهود الإغاثة والعون الإنساني للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة بالتنسيق مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، والطلب إلى المجالس الوزارية العربية المعنية بتقديم المساعدات العاجلة على نحو فاعل يلبي احتياجات السكان في قطاع غزة'.
ناهيها عن مصادقة النظام في مصر على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي جاء في جزئه (1) الباب الأول من مادته 20 نصا:' 3- لجميع الشعوب الحق في الحصول على المساعدات من الدول الأطراف في هذا الميثاق، في نضالها التحرري ضد السيطرة الأجنبية، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية'.
كما أعتذر للقراء عن عدم الاستدلال بآراء كبار العلماء الأزهريين التي حرمت غلق معبر رفح، واعتبرت هذا العمل مما يهدم أركان الدين، مستندين إلى صريح القرآن وصحيح الحديث، ولا حتى استعراض اراء خبراء القانون الدولي (المصريين) التي تجرم ذلكم العمل؛ ولن أرد على زعمه بأحقية مصر في ان تفعل ما تريد على أراضيها حماية لأمنها القومي، بواقع الحال الذي يمنعه من إرساء درع صاروخية هناك، أو تثبيت منظومة رادارات علاوة على بناء قواعد عسكرية.
وهو الذي يقر بوجود 200 رأس نووية لدى العدو (أقصد إسرائيل وليس حماس)، ولن أجيبه عن شعارهذا النظام الذي يرفعه 'مصر لن تدافع إلا عن نفسها' كذلك بواقع حاله، حين أرسل جنده لتحرير الكويت، أعتقد الأخيرة ليست محافظة مصرية، واليوم له أكثر من 3000 جندي خارج الحدود قطعا ليسوا في جولة سياحية.
ومن الأسباب القوية التي تمنعني من الاسترسال في هذا الاتجاه، أن عدوى العدو قد انتقلت إلى ضفتنا العربية على الصعيد الرسمي، العدو الصهيوني المجرم يبيع العالم ومن بينهم نحن كلاما مادته الأولية والنهائية هواء، ويمضي على معاهدات واتفاقيات ولكنه لا يقيم لها وزنا، وعلى الأرض يعمل بمقتضى مصلحته وإن خالفت مواثيقه كل المواثيق والقرارات الدولية، ويفرض سياسة الأمر الواقع وإن عارضها بالكلام كل العالم، وبهذا الأسلوب يعتقد أنه يحقق مصالحه وأهدافه.
ذات السلوك يتبناه النظام المصري منذ إعلانه الحرب على العراق، وإلى اليوم يمعن في الفصل بين مواثيقه مع الدول العربية واتفاقياته وبين سياسة الأمر الواقع المناقضة لها تماما، المفارقة الوحيدة، أن العدو الإسرائيلي يعمل على بناء وطن له ودولة، والنظام المصري ليس بذات الهدف إطلاقا. لكل هذا لم يعد يفاجئني أبدا أي قرار مصري، ولا يستفزني أي تصريح من قبله، فالمسألة أصبحت واضحة بالنسبة إليّ على الأقل.
وآخر مظاهرها الكاشفة لهذا الدجل السياسي والفاضحة في آن، أنه يقر ما جاء في تقرير غولدستون وما قبله من اعتبار أبرز الوجوه السياسية والعسكرية للعدو كمجرمي حرب، ويزعم تأييده لكل مسعى ينتهي بهم إلى المحاكمة، وفي الوقت الذي تلاحقهم فيه العدالة في الدول الغربية (بلجيكا.اسبانيا. بريطانيا) يقوم باستقبالهم بصفتهم أصدقاء أهل للترحاب، ويمنع أي تحرك على الهيئات المستقلة أن ترفع ضدهم قضايا في مصر.
ما يدعوني في مثل هذا القرار(بناء الجدار الفولاذي) للوقوف عنده، هو البحث بجدية وجرأة في مسألة الموقف الرسمي العربي من سياسة النظام المصري تجاه غزة، وماذا عن القرارات السابقة الذكر التي صادقوا عليها، سواء في قمة غزة وقمة الكويت، أو على مستوى جامعة الدول العربية، من وزراء الخارجية إلى المندوبين الدائميين !
هل زعماء الدول العربية وزعماء دول العالم الإسلامي لا يملكون أدوات الضغط على النظام المصري للعدول عن قراره؟ أم أنهم يدعمونه وإن كانت النتيجة إبادة لمليون ونصف مليون عربي مسلم أعزل يعيش تحت حصار المحتل الصهيوني؟.
الإجابة عن التساؤل الأول لا يمكن أن تكون بالنفي، فالأدوات لو صدق الدعم لأهل غزة تبدأ بتجميد العلاقات الاقتصادية عمليا (وهذا ما أعلنته بعض المنظمات الغربية كمنظمة تضامن من أجل فلسطين وسلام لأطفال العالم بمقاطعة السلع المصرية) إلى سحب السفراء وإعلان البراءة من هذا الجدار المخزي.
فقد فعل ذات الخطوات بعض هؤلاء الزعماء ليس مع النظام المصري بل مع أنظمة غربية قوية، تربطهم بها مصالح أهم وأخطر، نتيجة مسائل (شخصية) تافهة لا ترقى بأية حال لخطر إبادة شعب، لتبقى الإجابة عن التساؤل الثاني رهينة مواقفهم في الأيام القليلة القادمة، وإن كنت لا أراهن عليها فصمتهم يفسر مواقفهم ويترجمها.
أخيرا أوجه خطابي لقادة الولايات المتحدة، بما أن معظم أنظمتنا العربية مجرد هيئات إدارية وعسكرية تابعة لها، أن السياسة الحالية التي تقمعون بها هذه الأمة لا تخدم بالمطلق مصالحكم على المديين المتوسط والبعيد، وشعور مرارة الإخفاقات المتراكم في أنفسنا لن يستمر على حاله أبد الدهر.
هذا ليس تهديدا بل هكذا تتطور المجتمعات الذي تقتضيه سنة الحياة، التي مهما أوتيتم من قوة لن تغيروها ولن تعطلوها، وعليه تيقنوا أن شعوب هذه الأمة تحمل الدول الغربية مسؤولية دعمها لهذه الأنظمة لتقف في وجه خياراتها المشروعة، كما تحملها كل الخسائر التي لحقت بها سواء الماضية أو الحالية واللاحقة إلى حين التغيير ، ولا أعتقد أن الحساب يكون ساعتها يسيرا، يبدأ بكنس أي كلب حراسة لكم من هنا.
فلاح جزائري
ismailelkacimi@gmail.com
القدس العربي
2/1/2010
شهداء بلدية الهامل ولاية المسيلة
لاسم مكان الالتخاق تاريخ ومكان الاستشهاد
1- ــ شخمة اخمد الهامل 1955 بدرمل
2- ــ رقدي البيرش الهامل 1955بدرمل
3- ــ ضيفا الله رابح الهامل 1955 بدرمل
4- ــ قاسمي الحسني نور الدين الهامل 1956 بطاقين
5- ــ العربي الشيخ بن البشير الهامل 1956 سيدي عيسى
6- ــ بلقاسم منير الزرقاء 1957 بالزرقاء
7- ــ بن علية عيسى الزرقاء 1957 بالزرقاء
8- ــ لقويني الحسين الهامل 1957 بجبل ثامر
9- ــ مزاري محمد الهامل 1957بجبل امساعد
10ـ لخذاري عمر القرارة الظهراوية 1958 بالهامل
11- ــ رحيمي عيسى سيدي موسى 1958 سيدي موسى
12- ــ حساني بولنوار الهامل 1958 القرارة الظهراوية
13-عبد اللهوم عبد القادر امحارقة 1958جبل امحارقة
14-عبد الكريم السعيد الهامل 1958 الهامل
15-دحماني بالقاسم الهامل 1958 امحارقة
16-دحماني الصغير امحارقة 1958 باهامل
17-دحماني عمر امحارقة 1958 حدود تونس
18-خضراوي المختار الهامل 1958بجبل ام ساعد
19-منير علي الهامل 1958 قرون الكبش
20-لمجد عبد القادر امحارقة 1958 جبل ام ساعد
21-لعراف قادة امحارقة 1958 حبل ام ساعد
22-داسة بالقاسم الهامل 1959لولاد جلال
23-النمس الدراجي الهامل 1959 جبل ام ساعد
24-ضيف الله علي العياني الشلالة 1959 الشلالة
25-نواري عطية قرنسا 1959 ليون
6-2السبع الميلود الهامل 1959جبل السبافة
7-2دحية محمد الهامل 1959 صفيصيفة
28-عاشور البشير الهامل 1959 فوغالة
9-2مزاري عمار جبل الاوراس 1959جبل الاوراس
30-عبد اللطيف الهاشمي الهامل 1959 طاقين
31-لطرش عيسى الهامل 1959 القرارة الهامل
32-العرفي الحملاوي امحارقة 1959 جبل امساعد
33-بولنوار محمد امحارقة 1960 بجبل قرون الكبش
34-زهاق عمر امحارقة 1960 عين وسارة
35-زهاق الطيب امحارقة 1960 عين وسارة
36-محجوبي الشريف الهامل 1960 ام دوكال
37-النمس علي الدوسن 1960 جبل ميمونة
38-بن علية يادة الدوسن 1960 نابلاط
39-ابراهيمي المختار سيدي موسى 1960 الهامل
40-دحية بوزيد القارح الهامل 1960 شبكة الحوامد
1- ــ شخمة اخمد الهامل 1955 بدرمل
2- ــ رقدي البيرش الهامل 1955بدرمل
3- ــ ضيفا الله رابح الهامل 1955 بدرمل
4- ــ قاسمي الحسني نور الدين الهامل 1956 بطاقين
5- ــ العربي الشيخ بن البشير الهامل 1956 سيدي عيسى
6- ــ بلقاسم منير الزرقاء 1957 بالزرقاء
7- ــ بن علية عيسى الزرقاء 1957 بالزرقاء
8- ــ لقويني الحسين الهامل 1957 بجبل ثامر
9- ــ مزاري محمد الهامل 1957بجبل امساعد
10ـ لخذاري عمر القرارة الظهراوية 1958 بالهامل
11- ــ رحيمي عيسى سيدي موسى 1958 سيدي موسى
12- ــ حساني بولنوار الهامل 1958 القرارة الظهراوية
13-عبد اللهوم عبد القادر امحارقة 1958جبل امحارقة
14-عبد الكريم السعيد الهامل 1958 الهامل
15-دحماني بالقاسم الهامل 1958 امحارقة
16-دحماني الصغير امحارقة 1958 باهامل
17-دحماني عمر امحارقة 1958 حدود تونس
18-خضراوي المختار الهامل 1958بجبل ام ساعد
19-منير علي الهامل 1958 قرون الكبش
20-لمجد عبد القادر امحارقة 1958 جبل ام ساعد
21-لعراف قادة امحارقة 1958 حبل ام ساعد
22-داسة بالقاسم الهامل 1959لولاد جلال
23-النمس الدراجي الهامل 1959 جبل ام ساعد
24-ضيف الله علي العياني الشلالة 1959 الشلالة
25-نواري عطية قرنسا 1959 ليون
6-2السبع الميلود الهامل 1959جبل السبافة
7-2دحية محمد الهامل 1959 صفيصيفة
28-عاشور البشير الهامل 1959 فوغالة
9-2مزاري عمار جبل الاوراس 1959جبل الاوراس
30-عبد اللطيف الهاشمي الهامل 1959 طاقين
31-لطرش عيسى الهامل 1959 القرارة الهامل
32-العرفي الحملاوي امحارقة 1959 جبل امساعد
33-بولنوار محمد امحارقة 1960 بجبل قرون الكبش
34-زهاق عمر امحارقة 1960 عين وسارة
35-زهاق الطيب امحارقة 1960 عين وسارة
36-محجوبي الشريف الهامل 1960 ام دوكال
37-النمس علي الدوسن 1960 جبل ميمونة
38-بن علية يادة الدوسن 1960 نابلاط
39-ابراهيمي المختار سيدي موسى 1960 الهامل
40-دحية بوزيد القارح الهامل 1960 شبكة الحوامد
لمترجم مصطفى قاسمي الحسني لـ "الشروق اليومي": "الجزائر بحاجة ماسة لمراكز متخصصة في الترجمة"
تحدث المترجم الجزائري مصطفى قاسمي الحسني لـ "الشروق اليومي" عن أعماله التي أنجزها في ميدان الترجمة مدة إقامتة بجمهورية مصر العربية التي عمل بها مدة طويلة في المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة. وكشف أن أهمها كانت مشاركته في إنجاز مجموعة كتب أنتجتها دار نشر مصرية تناولت العلوم العربية من القرن الثامن إلى القرن الخامس عشر الميلاديين، ويدور محتواها حول التعريف بمختلف إبداعات العقل العربي في مختلف المجالات العلمية والمعرفية.
كما قام أيضا بترجمة قرص مدمج في الموضوع نفسه، صادر عن مركز العلوم بفرنسا "ARL" تم تقديمه في معرض كبير زار الجزائر خلال تظاهرة عاصمة الثقافة العربية العام الماضي، بالإضافة إلى ترجمة كتاب "معبد آمون- رع" في مصر وكتاب هام في علم الفلك بتمويل من هيئات عالمية مختلفة منها اليونسكو والأزهر الشريف. كما أنه يعكف حاليا على مراجعة وتنقيح كتاب "الأمير عبد القادر" لمؤلفه "زكي بوزيد" الذي سيصدر عن دار "CPS".
وعن واقع الترجمة في الجزائر، قال المتحدث إن الجزائر لا تختلف عن بقية الدول العربية باستثناء مصر، التي انتهجت نهجا قويا في الترجمة، ودولة الإمارات العربية المتحدة صاحبة مشروع "كلمة". وأشار إلى أن تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" كان لها دور كبير في إعادة الاعتبار لهذا الميدان.
وعن المعهد العربي العالي للترجمة بالجزائر، قال إنه لم يطلع على التجربة عن قرب، لكنه يرى فيه مشروعا جيدا، إلا أنه غير كاف بحكم المكانة الاستراتيجية للجزائر القريبة من الدول الأوروبية والمنفتحة على الثقافات الأجنبية الأخرى.
ودعا مصطفى قاسمي دور النشر الجزائرية إلى المزيد من الاهتمام بميدان الترجمة، رغم التحديات التي تعترض الناشر مثل ضعف المقروئية، لأن ترجمة الأعمال المهمة من شأنها إعادة القارئ إلى الكتاب. وتمنى في آخر حديثه أن تنشئ وزارة الثقافة مراكز للترجمة يلتقي فيها المترجمون لتبادل الأفكار والخبرات والتجارب، كما كشف عن مشروع جميل يحمله للجزائر، يتمثل في مجموعة كتب موجهة للأطفال، شرع في إنجازها مع دار "الخليل" في الجزائر.
كما قام أيضا بترجمة قرص مدمج في الموضوع نفسه، صادر عن مركز العلوم بفرنسا "ARL" تم تقديمه في معرض كبير زار الجزائر خلال تظاهرة عاصمة الثقافة العربية العام الماضي، بالإضافة إلى ترجمة كتاب "معبد آمون- رع" في مصر وكتاب هام في علم الفلك بتمويل من هيئات عالمية مختلفة منها اليونسكو والأزهر الشريف. كما أنه يعكف حاليا على مراجعة وتنقيح كتاب "الأمير عبد القادر" لمؤلفه "زكي بوزيد" الذي سيصدر عن دار "CPS".
وعن واقع الترجمة في الجزائر، قال المتحدث إن الجزائر لا تختلف عن بقية الدول العربية باستثناء مصر، التي انتهجت نهجا قويا في الترجمة، ودولة الإمارات العربية المتحدة صاحبة مشروع "كلمة". وأشار إلى أن تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" كان لها دور كبير في إعادة الاعتبار لهذا الميدان.
وعن المعهد العربي العالي للترجمة بالجزائر، قال إنه لم يطلع على التجربة عن قرب، لكنه يرى فيه مشروعا جيدا، إلا أنه غير كاف بحكم المكانة الاستراتيجية للجزائر القريبة من الدول الأوروبية والمنفتحة على الثقافات الأجنبية الأخرى.
ودعا مصطفى قاسمي دور النشر الجزائرية إلى المزيد من الاهتمام بميدان الترجمة، رغم التحديات التي تعترض الناشر مثل ضعف المقروئية، لأن ترجمة الأعمال المهمة من شأنها إعادة القارئ إلى الكتاب. وتمنى في آخر حديثه أن تنشئ وزارة الثقافة مراكز للترجمة يلتقي فيها المترجمون لتبادل الأفكار والخبرات والتجارب، كما كشف عن مشروع جميل يحمله للجزائر، يتمثل في مجموعة كتب موجهة للأطفال، شرع في إنجازها مع دار "الخليل" في الجزائر.
الشيخ العلاّمة محمد بنعزوز القاسمي الحسني
بقلم: عبد المنعم قاسمي الحسني
عرف تاريخ الجزائر المعاصر الكثير من الرّجال الصادقين العاملين، الذِّين نذروا أنفسهم لخدمة البلاد ونفع العباد، وقاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم، لكن للأسف لا يزال تاريخهم مجهولا، لا نعرف عنه الشيء الكثير.
كانوا يعملون ليل نهار، في صمت وفي هدوء، بعيدا عن الأضواء والشهرة، معتمدين في ذلك على الله، متوجهين بقلوبهم ونفوسهم إلى بارئ السموات والأرض، يستمدون منه العون، مطبقين لأوامره، متمسّكين بدينه، مخلصين أعمالهم له وحده، لا ينتظرون من النَّاس جزاء ولا شكورا، بالرغم من إمكانية الحصول على مناصب أعلى ومراكز أقوى ومغريات أشهى، أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والديّن، تنوير الشعب توجيهه وإرشاده، الدعوة إلى الله والتمسّك بدينه الحنيف، تكوين الآلاف من الطلبة والأئمة والأساتذة في مختلف العلوم الشرعيّة، وذلك في أحلك الظروف وأصعبها.
ومن هؤلاء الأفذاذ الذِّين عملوا بتفان وإخلاص وجد ومثابرة في سبيل الدفاع عن الديّن ورفعة ألويته عاليا، والحفاظ على مقدّسات هذا الشعب الأبيِّ: الشيخ محمّد بنعزّوز القاسميِّ الحسنيِّ الشريف الهامليِّ. الإمام الفقيه المالكيّ، العالم العامل، ينتمي إلى أسرة علمية دينية أدت دورا هاما في تاريخ الجزائر الثقافي والديني وهي أسرة قاسمي الحسني بزاوية الهامل. والده هو الشيخ الحاج المختار بن الحاج محمّد الهامليِّ، العالم الفقيه الزاهد، شيخ زاوية الهامل المعروفة أثناء الحرب العالمية الأولى. .
ولد رحمه الله سنة 1324هـ= 1906م ببلدة الهامل، أي في بداية القرن العشرين، وهو ما يمثل بالنسبة لتاريخ البلاد توقف الحركات الثورية وانتهاء المقاومة الشعبية المنظَّمة وغير المنظَّمة، وهي فترة عرفت ركودا وجمودا شديدين على جميع المستويات، بل بات المواطن الجزائري البسيط لا يفكر في شيء إلاَّ في الحصول على قوت يومه.
توفي والده الشيخ المختار سنة 1915م، وتركه صغيرا في رعاية أعمامه وأخيه الشيخ محمّد المكيّ. وظهر نبوغ الولد بنعزّوز مبكرا، إذ لم يتم العقد الأول من عمره حتَّى حفظ القرآن وأتقن تجويده ورسمه، نشأ على حب طلب العلم والحرص عليه.
وكان أول شيوخه في العلم شيخ الجماعة بالزاوية القاسميِّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيِّ، شيخ والده، وهو صاحب التأثير الكبير عليه، وفي سنة 1917 انتقل إلى الجزائر العاصمة، أين درس بالجامع المالكيّ على يد الشيخ أبي القاسم الحفناويّ، مفتي المالكية بالجزائر، ثمَّ عاد بعدها إلى الزاوية القاسميِّة.
وقد كان الشيخ بنعزّوز من ألمع طلبة الزاوية في فترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى، وتمكن من العلوم الفقهية والعلوم اللغوية، والحديث والتَّفسير ـ وقد كتب فيه فيما بعد ـ، وذلك في ظرف وجيز جدا، وتدَّرج في سلَّم التعليم إلى أن صار أستاذا رفقة شيوخه الذِّين تولوا تعليمه من قبل، وكان عمره إذاك 18 سنة.
ولم تطل مدَّة تدريسه إذ نجده في سنة 1345هـ= 1926م ينتقل إلى جامع الزيتونة لمواصلة رحلته العلمية، وبالزيتونة تلَّقى علومه عن أساتذة أجلاء منهم: الشيخ محمَّد الزغواني المالكيّ، الشيخ محمّد الهادي العلاني،ّ الشيخ عثمان الخوجة الحنفيّ، الشيخ معاوية التميميّ...وغيرهم من مشايخ الزيتونة الفضلاء. وفي صائفة 1346هـ= 1927م، وبعد حصوله على الإجازة من شيوخه بتونس عاد إلى زاوية الهامل، واستقرَّ مدرسا بالزاوية وتولَّى التدريس رفقة جمع من الأساتذة الآخرين: الشيخ بن السنوسي الديسيِّ، الشيخ أحمد بن الأخضر الشريف، عبد العزيز بن أحمد الفاطميِّ ....
كان الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون.
كان رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون. إلاَّ أن الذي اشتهر به الشيخ هو تخصَّصه في الفقه المالكي، وعكوفه على تدريس كتبه، مختصر خليل وشروحه، وكان درسه الفقهيَّ نموذجيا، لكونه لا يعتمد على الحفظ وحده، بل كان يرجع إلى المصادر والمراجع محاولا استخراج الأحكام الفقهيَّة من الكتاب والسنَّة، مستنبطا محاورا مناظرا. ممَّا جعل حلقته تتَّسع أكثر فأكثر، عاما بعد عام.
وكان يختم مختصر خليل كل سنَّة، ويحضر مجلسه جمع من العلماء، ويحتفل بيوم الختم. ولعلَّ من أهمِّ الأحداث التِّي عرفتها الساحة الثقافية هو تأسيس "جمعية العلماء المسلمين"، وقد شارك الشيخ بنعزّوز في تأسيسها بنادي الترّقي بالجزائر، وكان من أعضاء الجمعية العامَّة، بعدها انسحب الشيخ من الحياة السياسيَّة ومن المعارك التِّي كانت تشهدها أحيانا الساحة الجزائرية، ويرجع ذلك ـ ربَّما ـ لعاملين اثنين:
أ ـ حبه الشديد للعلم والتعلم والتعليم، وتفرغه التام لأداء هذه المهمَّة النبيلة على أكمل وجه. فهو يرى أن أفضل الجهاد هو خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه.
ب ـ طبيعته المسالمة التِّي لا تحب الظهور، ولا تحب الدخول في المعارك والصراعات، فالرجل رجل فقه وعلم، يبتعد قدر الإمكان على التحزب والتشرذم، حتَّى أنَّـه لم يشارك في أي دعوى حزبية أو سياسية، اللَّهم إلاَّ ثورة التحرير المباركة التِّي أيَّدها بقوة ودعمَّها بكل ما استطاع.
ومـرَّ عقد الثلاثينيات والرجل مكبّ على تدريس العلم الشريف بزاوية الهامل، وجاءت الحرب العالميَّة الثانيَّة، وعرف المجتمع الجزائريّ، كثيرا من التغيَّرات، وعرضت على الشيخ مناصب عدة في مناطق مختلفة من الوطن منها مفتي الديار الجزائرية، فرفضها كلها وفضَّل البقاء بمسقط رأسه الهامل، مواصلا مسيرة الآباء والأجداد، مخلصا عمله لله وحده.
حوَّل مسكنه بـ"تغانيم" بالقرب من زاوية الهامل، إلى ناد علميّ فكريّ ثقافيّ تجتمع فيه نخبة من العلماء والأساتذة وطلبة العلم. كمَا اهتَّم في هذه الفترة بجمع الكتب والمخطوطات، وقد وصفه أحد التقارير الأمنية الفرنسيَّة في هذه الفترة (1952م) بأنَّـه: "من مشائخ زاوية الهامل وأعيانـها، يتولَّى التدريس بها الآن، على ثقافة تقليديَّة عالية، لا يتقن اللغة الفرنسية".
وقبل اندلاع الثورة انتقل الشيخ إلى مدينة حاسي بحبح بولاية الجلفة، أين أسس لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتخذها منبرا لتنوير الشعب ودعوته إلى الكفاح المسلح، وبالرغم من مضايقات الاحتلال الفرنسي إلاَّ أنَّ الشيخ صمَّم على بلوغ أهدافه وإبراز حقائق الاستعمار والدعوة إلى التمّسك بالدين الحنيف والمبادئ الإسلاميَّة والعادات والتقاليد الأصيلة، ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة والاندماج، وفي هذا ما فيه من الجهاد والكفاح.
كان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
بعد الاستقلال، طلب منه سكان مدينة عين وسَّارة وأعيانَـها الانتقال إليهم، وتوليِّ التوجيه والإرشاد بها، فلم يجد الشيخ بدًّا عن تلبية طلبهم، واستقرَّ بمدينة عين وسَّارة، وقضى سنواته الأولى بها مدّرسا لبعض العلوم من فقه وتفسّير وحديث، لمختلف طبقات الشعب، وفي السنوات الأخيرة لما شعر بنوع من الإعياء، قصر التدريس على بعض الأئمة والأساتذة في مكتبته بمنزله، وكان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
كمَا تولَّى مهمّة الإفتاء والتِّي كان يمتنع عنها في السابق، لكن أصبحت في حقِّه بهذه المدينة فرض عين، ممَّا جعله يفتح أبواب منزله للمستفتين، ورجال القضاء والقانون، وظلَّ هذا دأبه وديدنه إلى أن لقي ربّه ليلة 21 رمضان 1404هـ= 21 جوان 1984م بمدينة البليدة بعد مرض ألزمه الفراش مدَّة طويلة، ودفن بمسقط رأسه الهامل في يوم مشهود، وشيَّعه جمع غفير في موكب مهيب غشيه حزن وأسى على فقد علم بارز، وأبَّـنه غير واحد.
مكتبتـه:
لا يمكنّنا الحديث عن الشيخ بنعزّوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتِّي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاَّب المعرفة، حيث ضمّت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصّص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلاَّ أنَّ أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا. كوَّنها رحمه الله ممَّا ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمَّد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية، ومن أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته: أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، أسرار الشيخ الإمام السنوسيّ، الإسفار عن معاني الأسفار، الإعراب عن قواعد الإعراب، بهجة البسط والأنس في الكلمات الخمس، تفسير ابن جزيّ، التَّنوير في إسقاط التَّدبير لابن عطاء الله، الجامع الصحيح للبخاريّ: من كتب الفكّون الجَّد، نسخ ق 06هـ، الجامع الصحيح للبخاريّ، عليه تملّك مصطفى باشا....
تلامـذتـه:
تولَّى الشيخ بنعزّوز التدريس لأكثر من نصف قرن، في كل من زاوية الهامل ومدينة حاسي بحبح، ومدينة عين وسَّارة التِّي قضى بها العشرين سنة الأخيرة من حياته، ومنذ شبابه لم يعرف مهنة أخرى غير العلم والتعليم، وتتلمذ على يديه، في هاته الفترة أعداد لا تحصى من طلبة العلم، تخرجوا أئمة وقضاة ومفتين، التزموا بدورهم بنشر العلم في مدنهم وقراهم النائية، إذ أن أغلبية من درس عنه ينتمي إلى المناطق الداخلية من الوطن أو ما يعرف بالجزائر العميقة.
وتخرَّج على يديه ما يقرب من ثلاثة آلاف طالب، فهو يقول في أحد ردوده بعيد الاستقلال متحدثا عن نفسه: "علّمه ـ أي مختصر خليل بشروحه ـ لأكثر من ألفي متعلّم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميّتهم وبارك في حياة المنتظر".
ولعلَّ من أبرز تلامذته: الشيخ عبد الحفيظ القاسميِّ، مؤسّس النجّاح بالبيرين، الشيخ معمر بن عثمان حاشي، إمام الجلفة وعالمها، الشيخ سعد بن عيسى حرزلي المعروف بالطالب سي سعد، الإمام العالم الفقيه المجاهد المعروف بزاوية الهامل...وغيرهم من الطلبة.
مـؤلفـاته:
بالرغم من عناية الشيخ بن عزّوز الشديدة بالكتابة والكتاب، إلاَّ أنَّـه لم يكن كثير التأليف، ربَّما بسبب مهنة التعليم والتدريس، وربَّما لظروف الحياة الثقافية التِّي لم تكن لتشجع العالم أو الباحث على التأليف والكتابة، ومع هذا فقد ترك مجموعة من الكتابات التِّي لا تزال مخطوطة لم تـر النور بعد منها:
الصدر بإعراب آيّ القطر، فهرست موضوعات ومصادر ومراجع اليواقيت الثمينة في الأشباه والنظائر الفقهيّة على مذهب مالك، لعليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ، تحقيق كتاب ((الكواكب العرفانيَّة والإشراقات الأنسيَّة في القدسيَّة)) للورتيلانيّ، كما كتب عددا من الرسائل مثل: مناسك الحج، رسالة التقوى، استعمال جلود الميتة، الزكاة. وله تقييدات في الفقه والتفسير والحديث على معظم كتبه....[/align]
عرف تاريخ الجزائر المعاصر الكثير من الرّجال الصادقين العاملين، الذِّين نذروا أنفسهم لخدمة البلاد ونفع العباد، وقاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم، لكن للأسف لا يزال تاريخهم مجهولا، لا نعرف عنه الشيء الكثير.
كانوا يعملون ليل نهار، في صمت وفي هدوء، بعيدا عن الأضواء والشهرة، معتمدين في ذلك على الله، متوجهين بقلوبهم ونفوسهم إلى بارئ السموات والأرض، يستمدون منه العون، مطبقين لأوامره، متمسّكين بدينه، مخلصين أعمالهم له وحده، لا ينتظرون من النَّاس جزاء ولا شكورا، بالرغم من إمكانية الحصول على مناصب أعلى ومراكز أقوى ومغريات أشهى، أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والديّن، تنوير الشعب توجيهه وإرشاده، الدعوة إلى الله والتمسّك بدينه الحنيف، تكوين الآلاف من الطلبة والأئمة والأساتذة في مختلف العلوم الشرعيّة، وذلك في أحلك الظروف وأصعبها.
ومن هؤلاء الأفذاذ الذِّين عملوا بتفان وإخلاص وجد ومثابرة في سبيل الدفاع عن الديّن ورفعة ألويته عاليا، والحفاظ على مقدّسات هذا الشعب الأبيِّ: الشيخ محمّد بنعزّوز القاسميِّ الحسنيِّ الشريف الهامليِّ. الإمام الفقيه المالكيّ، العالم العامل، ينتمي إلى أسرة علمية دينية أدت دورا هاما في تاريخ الجزائر الثقافي والديني وهي أسرة قاسمي الحسني بزاوية الهامل. والده هو الشيخ الحاج المختار بن الحاج محمّد الهامليِّ، العالم الفقيه الزاهد، شيخ زاوية الهامل المعروفة أثناء الحرب العالمية الأولى. .
ولد رحمه الله سنة 1324هـ= 1906م ببلدة الهامل، أي في بداية القرن العشرين، وهو ما يمثل بالنسبة لتاريخ البلاد توقف الحركات الثورية وانتهاء المقاومة الشعبية المنظَّمة وغير المنظَّمة، وهي فترة عرفت ركودا وجمودا شديدين على جميع المستويات، بل بات المواطن الجزائري البسيط لا يفكر في شيء إلاَّ في الحصول على قوت يومه.
توفي والده الشيخ المختار سنة 1915م، وتركه صغيرا في رعاية أعمامه وأخيه الشيخ محمّد المكيّ. وظهر نبوغ الولد بنعزّوز مبكرا، إذ لم يتم العقد الأول من عمره حتَّى حفظ القرآن وأتقن تجويده ورسمه، نشأ على حب طلب العلم والحرص عليه.
وكان أول شيوخه في العلم شيخ الجماعة بالزاوية القاسميِّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيِّ، شيخ والده، وهو صاحب التأثير الكبير عليه، وفي سنة 1917 انتقل إلى الجزائر العاصمة، أين درس بالجامع المالكيّ على يد الشيخ أبي القاسم الحفناويّ، مفتي المالكية بالجزائر، ثمَّ عاد بعدها إلى الزاوية القاسميِّة.
وقد كان الشيخ بنعزّوز من ألمع طلبة الزاوية في فترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى، وتمكن من العلوم الفقهية والعلوم اللغوية، والحديث والتَّفسير ـ وقد كتب فيه فيما بعد ـ، وذلك في ظرف وجيز جدا، وتدَّرج في سلَّم التعليم إلى أن صار أستاذا رفقة شيوخه الذِّين تولوا تعليمه من قبل، وكان عمره إذاك 18 سنة.
ولم تطل مدَّة تدريسه إذ نجده في سنة 1345هـ= 1926م ينتقل إلى جامع الزيتونة لمواصلة رحلته العلمية، وبالزيتونة تلَّقى علومه عن أساتذة أجلاء منهم: الشيخ محمَّد الزغواني المالكيّ، الشيخ محمّد الهادي العلاني،ّ الشيخ عثمان الخوجة الحنفيّ، الشيخ معاوية التميميّ...وغيرهم من مشايخ الزيتونة الفضلاء. وفي صائفة 1346هـ= 1927م، وبعد حصوله على الإجازة من شيوخه بتونس عاد إلى زاوية الهامل، واستقرَّ مدرسا بالزاوية وتولَّى التدريس رفقة جمع من الأساتذة الآخرين: الشيخ بن السنوسي الديسيِّ، الشيخ أحمد بن الأخضر الشريف، عبد العزيز بن أحمد الفاطميِّ ....
كان الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون.
كان رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون. إلاَّ أن الذي اشتهر به الشيخ هو تخصَّصه في الفقه المالكي، وعكوفه على تدريس كتبه، مختصر خليل وشروحه، وكان درسه الفقهيَّ نموذجيا، لكونه لا يعتمد على الحفظ وحده، بل كان يرجع إلى المصادر والمراجع محاولا استخراج الأحكام الفقهيَّة من الكتاب والسنَّة، مستنبطا محاورا مناظرا. ممَّا جعل حلقته تتَّسع أكثر فأكثر، عاما بعد عام.
وكان يختم مختصر خليل كل سنَّة، ويحضر مجلسه جمع من العلماء، ويحتفل بيوم الختم. ولعلَّ من أهمِّ الأحداث التِّي عرفتها الساحة الثقافية هو تأسيس "جمعية العلماء المسلمين"، وقد شارك الشيخ بنعزّوز في تأسيسها بنادي الترّقي بالجزائر، وكان من أعضاء الجمعية العامَّة، بعدها انسحب الشيخ من الحياة السياسيَّة ومن المعارك التِّي كانت تشهدها أحيانا الساحة الجزائرية، ويرجع ذلك ـ ربَّما ـ لعاملين اثنين:
أ ـ حبه الشديد للعلم والتعلم والتعليم، وتفرغه التام لأداء هذه المهمَّة النبيلة على أكمل وجه. فهو يرى أن أفضل الجهاد هو خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه.
ب ـ طبيعته المسالمة التِّي لا تحب الظهور، ولا تحب الدخول في المعارك والصراعات، فالرجل رجل فقه وعلم، يبتعد قدر الإمكان على التحزب والتشرذم، حتَّى أنَّـه لم يشارك في أي دعوى حزبية أو سياسية، اللَّهم إلاَّ ثورة التحرير المباركة التِّي أيَّدها بقوة ودعمَّها بكل ما استطاع.
ومـرَّ عقد الثلاثينيات والرجل مكبّ على تدريس العلم الشريف بزاوية الهامل، وجاءت الحرب العالميَّة الثانيَّة، وعرف المجتمع الجزائريّ، كثيرا من التغيَّرات، وعرضت على الشيخ مناصب عدة في مناطق مختلفة من الوطن منها مفتي الديار الجزائرية، فرفضها كلها وفضَّل البقاء بمسقط رأسه الهامل، مواصلا مسيرة الآباء والأجداد، مخلصا عمله لله وحده.
حوَّل مسكنه بـ"تغانيم" بالقرب من زاوية الهامل، إلى ناد علميّ فكريّ ثقافيّ تجتمع فيه نخبة من العلماء والأساتذة وطلبة العلم. كمَا اهتَّم في هذه الفترة بجمع الكتب والمخطوطات، وقد وصفه أحد التقارير الأمنية الفرنسيَّة في هذه الفترة (1952م) بأنَّـه: "من مشائخ زاوية الهامل وأعيانـها، يتولَّى التدريس بها الآن، على ثقافة تقليديَّة عالية، لا يتقن اللغة الفرنسية".
وقبل اندلاع الثورة انتقل الشيخ إلى مدينة حاسي بحبح بولاية الجلفة، أين أسس لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتخذها منبرا لتنوير الشعب ودعوته إلى الكفاح المسلح، وبالرغم من مضايقات الاحتلال الفرنسي إلاَّ أنَّ الشيخ صمَّم على بلوغ أهدافه وإبراز حقائق الاستعمار والدعوة إلى التمّسك بالدين الحنيف والمبادئ الإسلاميَّة والعادات والتقاليد الأصيلة، ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة والاندماج، وفي هذا ما فيه من الجهاد والكفاح.
كان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
بعد الاستقلال، طلب منه سكان مدينة عين وسَّارة وأعيانَـها الانتقال إليهم، وتوليِّ التوجيه والإرشاد بها، فلم يجد الشيخ بدًّا عن تلبية طلبهم، واستقرَّ بمدينة عين وسَّارة، وقضى سنواته الأولى بها مدّرسا لبعض العلوم من فقه وتفسّير وحديث، لمختلف طبقات الشعب، وفي السنوات الأخيرة لما شعر بنوع من الإعياء، قصر التدريس على بعض الأئمة والأساتذة في مكتبته بمنزله، وكان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
كمَا تولَّى مهمّة الإفتاء والتِّي كان يمتنع عنها في السابق، لكن أصبحت في حقِّه بهذه المدينة فرض عين، ممَّا جعله يفتح أبواب منزله للمستفتين، ورجال القضاء والقانون، وظلَّ هذا دأبه وديدنه إلى أن لقي ربّه ليلة 21 رمضان 1404هـ= 21 جوان 1984م بمدينة البليدة بعد مرض ألزمه الفراش مدَّة طويلة، ودفن بمسقط رأسه الهامل في يوم مشهود، وشيَّعه جمع غفير في موكب مهيب غشيه حزن وأسى على فقد علم بارز، وأبَّـنه غير واحد.
مكتبتـه:
لا يمكنّنا الحديث عن الشيخ بنعزّوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتِّي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاَّب المعرفة، حيث ضمّت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصّص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلاَّ أنَّ أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا. كوَّنها رحمه الله ممَّا ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمَّد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية، ومن أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته: أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، أسرار الشيخ الإمام السنوسيّ، الإسفار عن معاني الأسفار، الإعراب عن قواعد الإعراب، بهجة البسط والأنس في الكلمات الخمس، تفسير ابن جزيّ، التَّنوير في إسقاط التَّدبير لابن عطاء الله، الجامع الصحيح للبخاريّ: من كتب الفكّون الجَّد، نسخ ق 06هـ، الجامع الصحيح للبخاريّ، عليه تملّك مصطفى باشا....
تلامـذتـه:
تولَّى الشيخ بنعزّوز التدريس لأكثر من نصف قرن، في كل من زاوية الهامل ومدينة حاسي بحبح، ومدينة عين وسَّارة التِّي قضى بها العشرين سنة الأخيرة من حياته، ومنذ شبابه لم يعرف مهنة أخرى غير العلم والتعليم، وتتلمذ على يديه، في هاته الفترة أعداد لا تحصى من طلبة العلم، تخرجوا أئمة وقضاة ومفتين، التزموا بدورهم بنشر العلم في مدنهم وقراهم النائية، إذ أن أغلبية من درس عنه ينتمي إلى المناطق الداخلية من الوطن أو ما يعرف بالجزائر العميقة.
وتخرَّج على يديه ما يقرب من ثلاثة آلاف طالب، فهو يقول في أحد ردوده بعيد الاستقلال متحدثا عن نفسه: "علّمه ـ أي مختصر خليل بشروحه ـ لأكثر من ألفي متعلّم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميّتهم وبارك في حياة المنتظر".
ولعلَّ من أبرز تلامذته: الشيخ عبد الحفيظ القاسميِّ، مؤسّس النجّاح بالبيرين، الشيخ معمر بن عثمان حاشي، إمام الجلفة وعالمها، الشيخ سعد بن عيسى حرزلي المعروف بالطالب سي سعد، الإمام العالم الفقيه المجاهد المعروف بزاوية الهامل...وغيرهم من الطلبة.
مـؤلفـاته:
بالرغم من عناية الشيخ بن عزّوز الشديدة بالكتابة والكتاب، إلاَّ أنَّـه لم يكن كثير التأليف، ربَّما بسبب مهنة التعليم والتدريس، وربَّما لظروف الحياة الثقافية التِّي لم تكن لتشجع العالم أو الباحث على التأليف والكتابة، ومع هذا فقد ترك مجموعة من الكتابات التِّي لا تزال مخطوطة لم تـر النور بعد منها:
الصدر بإعراب آيّ القطر، فهرست موضوعات ومصادر ومراجع اليواقيت الثمينة في الأشباه والنظائر الفقهيّة على مذهب مالك، لعليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ، تحقيق كتاب ((الكواكب العرفانيَّة والإشراقات الأنسيَّة في القدسيَّة)) للورتيلانيّ، كما كتب عددا من الرسائل مثل: مناسك الحج، رسالة التقوى، استعمال جلود الميتة، الزكاة. وله تقييدات في الفقه والتفسير والحديث على معظم كتبه....[/align]
من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية
من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية- اسماعيل القاسمي الحسني
[من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية- اسماعيل القاسمي الحسني ]
أضف هذا الموضوع إلى مواقع أخرى Share |
أضيف في 2010-10-01 الكاتب said
المصدر القدس العربي
كدت استلقي على قفاي ضحكا من رد قريبي (فلاح كذلك) على السؤال عنوان المقال: هل جننت لا أحد أيها الرجل يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية إلا الله والله أعلم. بات الرجل يشك حتى في الأمر يوم القيامة، هذا السؤال لا يطرح في الجزائر على أي مستوى كان، حتى من يوهمون أنفسهم والناس أنهم صناع الرأي، ورجال الفكر والعلم، لا يجرؤ أحدهم على طرح هذا السؤال المشروع، بل الملاحظ إذا ما سيقت علامات الاستفهام حول دور ما يسمى مجازا البرلمان حيال هذه المؤسسة العسكرية، تكاد تلمس بيديك قشعريرة تسري تحت جلود القوم، لتمتقع ألوان الوجوه، تبتلع الألسن، القلوب لدى الحناجر والأفئدة هواء.
حين أقول المؤسسة العسكرية، فالمعنى طبعا ليس كل المنتسبين إليها، وإنما رموز قيادتها، بأي حق توضع متاريس من مواد قانونية، وتحفر دونهم خنادق من مراسم رئاسية، لا تمنع مساءلتهم عبر المؤسسات بل تجرم أمثالي إذا تجرأوا على طرح تساؤلاتهم حول دورهم وصلاحياتهم؟ وبما أن هذا السلوك يعبر عن جبن ومثل هذه القوانين إنما تترجم تخلفا مشينا، والحال أنني أستشعر في نفسي علوا عن مستوى كهذا، أجدني مضطرا لإعلان إنكاري لهذا المنطق المشوه، وعجزي عن مسايرة من يمنعني ممارسة حقوقي الفطرية والشرعية والدستورية في آن. أفهم جيدا سخرية بعض من يحسبون على الانتليجنسيا لطرح موضوع حساس كهذا، وإنما تلكم تغطية لخور وتعمية على وهن نخرا ما تبقى فيهم من هيكل فكر، لذلك بدل دفع الحجة بالحجة يذهبون إلى اتهام الكاتب رجما بالغيب، وهذه عدة العاجز وعادة المخنث.
نعم، الشعب الجزائري أهل لأن تكون له مؤسسات مدنية مستقلة، مسؤولة عن متابعة الهيئة العسكرية ومحاسبتها ومراجعتها، وغير ذلك، تعالوا نتفق ولو على المستوى النظري والقانوني: أليست هذه المؤسسة تستمد علة وجودها وشرعيته من خدمة الشعب؟ هذا أمر مجمع على صحته على مستوى العالم، وهل في المقابل يكون الشعب في خدمة هذه المؤسسة؟ المعادلة الأخيرة توصف اختصارا بالدكتاتورية وهي مرفوضة بشكل قاطع، إذن واضح أنه من حقي محاسبة قيادة هذه المؤسسة وتقييم سياستها وتقدير دورها وتصويب وظيفتها، حق لا ينازعني إياه إلا جاحد جاهل يريد فرض هيمنته خارج الأطر المتعارف عليها قانونا وشرعا، ولا شك أنها ليست في خدمة الشعب.
علينا أن نقر أولا، أن جسم هذه المؤسسة مكون في معظمه من أبناء الشعب، وما رضي بانتسابهم لها خدمة لسياسة أشخاص، وما سلمها رقابهم لتعبث بها اجتهادات أفراد غير مؤهلين دستوريا للمغامرة بهم في سياسات ليست من مسؤوليتهم ، وإنما لتأدية واجب نحو الأمة واضحة حدوده في الدستور، بينة معالمه في الشريعة التي يعتقدها ويعتنقها هذا الشعب، بهذا المنطق يمكن أن تشكل هذه المؤسسة، العمود الفقري القوي الذي تعتمد في النهوض عليه نظيراتها من بقية المؤسسات، وعلى هذا الأساس الواقعي نصل إلى نتيجة ملخصها أن ارتهانها لخيارات وقرارات ارتجالية لبعض الجنرالات إنما يصب في تدمير الوطن لا غير، ولن يرضى بها إلا من أراد به سوءا عن سابق إصرار وتعمد، ومن يعرض عن طرح هذا الموضوع من المؤهلين إنما هو جبان خائن لشعبه ووطنه.
بناء على ما تقدم أرفع السؤال التالي: مازال إلى اليوم بعض من قيادات المؤسسة العسكرية الجزائرية، حتى بعد تقاعدهم يتفاخرون عبر وسائل الإعلام، بالانقلاب عام 1992 على الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، من خول هؤلاء اتخاذ قرار خطير كهذا؟ من أجاز لهم إدخال البلد في أتون حرب أهلية راح ضحيتها آلاف المواطنين فضلا عن أضعاف العدد من الأرامل واليتامى؟ من كلفهم بحل البرلمان القائم إذاك وقد سمعت من رئيسه عبد العزيز بلخادم، أن القرار بلغه عن طريق نشرة الأخبار الرئيسية ككل المواطنين، علما بأنه كان الرجل الثاني دستوريا؟ من خول هؤلاء دعوة الرئيس محمد بوضياف (الذي اغتيل فيما بعد) رئيسا للدولة من دون العودة لخيار الشعب؟ ومن فوضهم إلغاء نتائج الانتخابات التي أعلنت نتائجها رسميا؟ ومن كلفهم باختيار علي كافي (رئيس مجلس الدولة هيئة غير شرعية)؟ ومن أذن لهم باستخلافه 1994 بالجنرال اليامين زروال (الرئيس على أنه منتخب فيما بعد)؟ ثم من أجاز لهم خلعه عند الاختلاف معه بافتعال انتخابات رئاسية مسبقة 1999؟ وأخيرا وليس آخرا من سمح لهم بالاتفاق مع الرئيس الحالي على تسلم السلطة؟ وقد وصفه أحد الجنرالات، خالد نزار، وهو أحد المسؤولين عن هذا الخيار، بأنه ليس أكثر من دمية ترتدي برنس الرئيس الهواري بومدين، لماذا يفعل بالشعب الجزائري كل هذا؟ ومن سمح لهؤلاء الجنرالات بإقحام البلد في كل هذه المتاهات؟ ومن يحاسب هؤلاء بمقتضى القانون والدستور وما أقره الشرع؟
لابد من فتح هذا الملف، وعلى رجال العلم والفكر مسؤولية ثقيلة بين يدي التاريخ اليوم، والأخطر بين يدي الله غدا، تتمثل في الجرأة على طرح هذا الموضوع بجدية، ونية خالصة صادقة لكشف ملابسات رهن قرار مستقبل بلد بمجمله بأيدي مجموعة، مهامها واضحة في الدستور قد تجاوزت صلاحياتها لتنتهي بقرارات عشوائية ارتجالية إلى ما نحن عليه اليوم، قد يسأل: وما الطائل من العودة إلى هذا الموضوع؟ الجواب بكل بساطة أن ما بني على باطل فهو قطعا باطل، ثم ليتأكد الجميع أن سنن الله لن تتغير بأهواء الناس، ومن أشدها وضوحا ورسوخا أن الملك لن يستقر ولن يقوم إلا بالعدل ولا شيء غير العدل، وأنه لن يغير ما بقوم ما لم يغيروا ما بأنفسهم.
ثم أليس من حقنا اليوم أن نعرف ماهية إستراتيجية المؤسسة العسكرية؟ لن أطرق باب ميزانيتها 5.5 مليار دولار وهي تفوق ضعف ميزانية الجيش المغربي، وفيما تصرف، هل في بناء المصانع وتطوير الآلة العسكرية بعقول وأيد جزائرية، أم في شراء كم من الحديد كما تفعل بعض الدول في المشرق العربي! وإنما أسأل عن العقيدة القتالية، من هو العدو؟ إسرائيل أم فرنسا أم كلتاهما، أم ولا واحدة منهما، أم المغرب أم الإرهاب أم الشعب الجزائري ذاته؟ كمواطن جزائري أعتقد أن الطرفين الأولين هما العدو الأساس، ليس بناء على التراكم التاريخي ومساره فحسب، وإنما تترجمه وقائع حديثة، وأما المغرب فيستحيل كذلك من الناحية العلمية أن يكون عدوا، بل لا يستقيم عقلا ومنطقا أن أتجاوز العداء مع فرنسا واقعا، وأعلق في خلاف سياسي أدحرجه إلى درجة العداء سفها مع المغرب، مع وجود الفارق الذي لا يسمح أصلا بالقياس، وأما الادعاء بأن العدو هو الإرهاب (أو القاعدة)، فهذا وهم كبير، لأنه لم تولد هذه الظاهرة مع الشعب الجزائري فطرة، ولا هي مستوردة من أطراف الدنيا، بل هي نتيجة سياسات خاطئة محورها الرئيسي ومصنعها القوي عنوانه 'الظلم'، وهذا السلوك المدان ينمو ويفرخ ما بقي الظلم، لن تستأصل شأفته الآلة العسكرية، بل لن تقتلعها إلا سياسة العدل وليس هيهات من سبيل غيره؛ أما إن كان العدو هو الشعب الجزائري ذاته، فأترك الجواب للقراء أنفسهم.. وعلى العلماء والمفكرين والكتاب أن ينظروا جيدا لمواقع أقدامهم ومستقبل أيام وطنهم وأبنائهم.
[من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية- اسماعيل القاسمي الحسني ]
أضف هذا الموضوع إلى مواقع أخرى Share |
أضيف في 2010-10-01 الكاتب said
المصدر القدس العربي
كدت استلقي على قفاي ضحكا من رد قريبي (فلاح كذلك) على السؤال عنوان المقال: هل جننت لا أحد أيها الرجل يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية إلا الله والله أعلم. بات الرجل يشك حتى في الأمر يوم القيامة، هذا السؤال لا يطرح في الجزائر على أي مستوى كان، حتى من يوهمون أنفسهم والناس أنهم صناع الرأي، ورجال الفكر والعلم، لا يجرؤ أحدهم على طرح هذا السؤال المشروع، بل الملاحظ إذا ما سيقت علامات الاستفهام حول دور ما يسمى مجازا البرلمان حيال هذه المؤسسة العسكرية، تكاد تلمس بيديك قشعريرة تسري تحت جلود القوم، لتمتقع ألوان الوجوه، تبتلع الألسن، القلوب لدى الحناجر والأفئدة هواء.
حين أقول المؤسسة العسكرية، فالمعنى طبعا ليس كل المنتسبين إليها، وإنما رموز قيادتها، بأي حق توضع متاريس من مواد قانونية، وتحفر دونهم خنادق من مراسم رئاسية، لا تمنع مساءلتهم عبر المؤسسات بل تجرم أمثالي إذا تجرأوا على طرح تساؤلاتهم حول دورهم وصلاحياتهم؟ وبما أن هذا السلوك يعبر عن جبن ومثل هذه القوانين إنما تترجم تخلفا مشينا، والحال أنني أستشعر في نفسي علوا عن مستوى كهذا، أجدني مضطرا لإعلان إنكاري لهذا المنطق المشوه، وعجزي عن مسايرة من يمنعني ممارسة حقوقي الفطرية والشرعية والدستورية في آن. أفهم جيدا سخرية بعض من يحسبون على الانتليجنسيا لطرح موضوع حساس كهذا، وإنما تلكم تغطية لخور وتعمية على وهن نخرا ما تبقى فيهم من هيكل فكر، لذلك بدل دفع الحجة بالحجة يذهبون إلى اتهام الكاتب رجما بالغيب، وهذه عدة العاجز وعادة المخنث.
نعم، الشعب الجزائري أهل لأن تكون له مؤسسات مدنية مستقلة، مسؤولة عن متابعة الهيئة العسكرية ومحاسبتها ومراجعتها، وغير ذلك، تعالوا نتفق ولو على المستوى النظري والقانوني: أليست هذه المؤسسة تستمد علة وجودها وشرعيته من خدمة الشعب؟ هذا أمر مجمع على صحته على مستوى العالم، وهل في المقابل يكون الشعب في خدمة هذه المؤسسة؟ المعادلة الأخيرة توصف اختصارا بالدكتاتورية وهي مرفوضة بشكل قاطع، إذن واضح أنه من حقي محاسبة قيادة هذه المؤسسة وتقييم سياستها وتقدير دورها وتصويب وظيفتها، حق لا ينازعني إياه إلا جاحد جاهل يريد فرض هيمنته خارج الأطر المتعارف عليها قانونا وشرعا، ولا شك أنها ليست في خدمة الشعب.
علينا أن نقر أولا، أن جسم هذه المؤسسة مكون في معظمه من أبناء الشعب، وما رضي بانتسابهم لها خدمة لسياسة أشخاص، وما سلمها رقابهم لتعبث بها اجتهادات أفراد غير مؤهلين دستوريا للمغامرة بهم في سياسات ليست من مسؤوليتهم ، وإنما لتأدية واجب نحو الأمة واضحة حدوده في الدستور، بينة معالمه في الشريعة التي يعتقدها ويعتنقها هذا الشعب، بهذا المنطق يمكن أن تشكل هذه المؤسسة، العمود الفقري القوي الذي تعتمد في النهوض عليه نظيراتها من بقية المؤسسات، وعلى هذا الأساس الواقعي نصل إلى نتيجة ملخصها أن ارتهانها لخيارات وقرارات ارتجالية لبعض الجنرالات إنما يصب في تدمير الوطن لا غير، ولن يرضى بها إلا من أراد به سوءا عن سابق إصرار وتعمد، ومن يعرض عن طرح هذا الموضوع من المؤهلين إنما هو جبان خائن لشعبه ووطنه.
بناء على ما تقدم أرفع السؤال التالي: مازال إلى اليوم بعض من قيادات المؤسسة العسكرية الجزائرية، حتى بعد تقاعدهم يتفاخرون عبر وسائل الإعلام، بالانقلاب عام 1992 على الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، من خول هؤلاء اتخاذ قرار خطير كهذا؟ من أجاز لهم إدخال البلد في أتون حرب أهلية راح ضحيتها آلاف المواطنين فضلا عن أضعاف العدد من الأرامل واليتامى؟ من كلفهم بحل البرلمان القائم إذاك وقد سمعت من رئيسه عبد العزيز بلخادم، أن القرار بلغه عن طريق نشرة الأخبار الرئيسية ككل المواطنين، علما بأنه كان الرجل الثاني دستوريا؟ من خول هؤلاء دعوة الرئيس محمد بوضياف (الذي اغتيل فيما بعد) رئيسا للدولة من دون العودة لخيار الشعب؟ ومن فوضهم إلغاء نتائج الانتخابات التي أعلنت نتائجها رسميا؟ ومن كلفهم باختيار علي كافي (رئيس مجلس الدولة هيئة غير شرعية)؟ ومن أذن لهم باستخلافه 1994 بالجنرال اليامين زروال (الرئيس على أنه منتخب فيما بعد)؟ ثم من أجاز لهم خلعه عند الاختلاف معه بافتعال انتخابات رئاسية مسبقة 1999؟ وأخيرا وليس آخرا من سمح لهم بالاتفاق مع الرئيس الحالي على تسلم السلطة؟ وقد وصفه أحد الجنرالات، خالد نزار، وهو أحد المسؤولين عن هذا الخيار، بأنه ليس أكثر من دمية ترتدي برنس الرئيس الهواري بومدين، لماذا يفعل بالشعب الجزائري كل هذا؟ ومن سمح لهؤلاء الجنرالات بإقحام البلد في كل هذه المتاهات؟ ومن يحاسب هؤلاء بمقتضى القانون والدستور وما أقره الشرع؟
لابد من فتح هذا الملف، وعلى رجال العلم والفكر مسؤولية ثقيلة بين يدي التاريخ اليوم، والأخطر بين يدي الله غدا، تتمثل في الجرأة على طرح هذا الموضوع بجدية، ونية خالصة صادقة لكشف ملابسات رهن قرار مستقبل بلد بمجمله بأيدي مجموعة، مهامها واضحة في الدستور قد تجاوزت صلاحياتها لتنتهي بقرارات عشوائية ارتجالية إلى ما نحن عليه اليوم، قد يسأل: وما الطائل من العودة إلى هذا الموضوع؟ الجواب بكل بساطة أن ما بني على باطل فهو قطعا باطل، ثم ليتأكد الجميع أن سنن الله لن تتغير بأهواء الناس، ومن أشدها وضوحا ورسوخا أن الملك لن يستقر ولن يقوم إلا بالعدل ولا شيء غير العدل، وأنه لن يغير ما بقوم ما لم يغيروا ما بأنفسهم.
ثم أليس من حقنا اليوم أن نعرف ماهية إستراتيجية المؤسسة العسكرية؟ لن أطرق باب ميزانيتها 5.5 مليار دولار وهي تفوق ضعف ميزانية الجيش المغربي، وفيما تصرف، هل في بناء المصانع وتطوير الآلة العسكرية بعقول وأيد جزائرية، أم في شراء كم من الحديد كما تفعل بعض الدول في المشرق العربي! وإنما أسأل عن العقيدة القتالية، من هو العدو؟ إسرائيل أم فرنسا أم كلتاهما، أم ولا واحدة منهما، أم المغرب أم الإرهاب أم الشعب الجزائري ذاته؟ كمواطن جزائري أعتقد أن الطرفين الأولين هما العدو الأساس، ليس بناء على التراكم التاريخي ومساره فحسب، وإنما تترجمه وقائع حديثة، وأما المغرب فيستحيل كذلك من الناحية العلمية أن يكون عدوا، بل لا يستقيم عقلا ومنطقا أن أتجاوز العداء مع فرنسا واقعا، وأعلق في خلاف سياسي أدحرجه إلى درجة العداء سفها مع المغرب، مع وجود الفارق الذي لا يسمح أصلا بالقياس، وأما الادعاء بأن العدو هو الإرهاب (أو القاعدة)، فهذا وهم كبير، لأنه لم تولد هذه الظاهرة مع الشعب الجزائري فطرة، ولا هي مستوردة من أطراف الدنيا، بل هي نتيجة سياسات خاطئة محورها الرئيسي ومصنعها القوي عنوانه 'الظلم'، وهذا السلوك المدان ينمو ويفرخ ما بقي الظلم، لن تستأصل شأفته الآلة العسكرية، بل لن تقتلعها إلا سياسة العدل وليس هيهات من سبيل غيره؛ أما إن كان العدو هو الشعب الجزائري ذاته، فأترك الجواب للقراء أنفسهم.. وعلى العلماء والمفكرين والكتاب أن ينظروا جيدا لمواقع أقدامهم ومستقبل أيام وطنهم وأبنائهم.
الشيخ المكي القاسمي الحسني
الشيخ محمد المكي القاسمي الحسني: ( 1320/ 1387هـ= 1902/ 1967م).
هو محمد المكي بن المختار بن محمد بن أبي القاسم الحسني الشريف الهاملي.
ولد سنة 1320هـ= 1902 بقرية الهامـل، من أبوين كريمين وفـرا له جوا روحيا وتربويا سليما، ونشأ في أحضان هذه القرية الآمنة المطمئنة التي عرف أبناؤها بالورع والصلاح والمحافظة على الأصالة والمبادئ الإسلامية.
وفي حداثة سنه وكعادة الأشراف من سكان هذه القرية أدخل الكتاب لحفظ القرآن، فحفظه على يد الشيخ حسين العلاني، ولما تم له ذلك انصرف إلى طلب العلم، وكانت الهامل تزخر بالعلماء الفضلاء والأساتذة الأجلاء، فنهل من مناهلهم ما شاء الله له أن ينهل، فتتلمذ على يد الشيخ سيدي أبي القاسم عمه وأستاذه في الفقه حيث قرأ عليه مختصر خليل مرارا، وعلى يد الشيخ أحمد القاسمي وكذا عن الشيخ الحفناوي صاحب كتاب ((تعريف الخلف برجال السلف))، وقرأ عليه نبذا من الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، وهو الذي حثه على كلام القوم.
وعمدته في العلوم شيخ الجماعة بالهامل الشيخ الديسي حيث قرأ عليه الكتب التالية: الأجرومية، الأزهرية، القطر، الشذور، الألفية، متن القلصادي، السنوسية، الإتقان في علوم القرآن، لفية العراقي، متن الورقات، القانون لليوسي….
وكان لشخصية عمه الشيخ سيدي محمد شيخ الزاوية الأثر الكبير في صقل مواهبه وقد تأثر به إلى حد بعيد نظرا لطول ملازمته له.
أجازه العديد من العلماء منهم: الشيخ أبو القاسم القاسمي، الشيخ عبد الحي الكتاني، والشيخ أحمد الأمين بن عزوز، والشيخ يوسف النبهاني….
ولما أتم تعليمه، انتصب للتدريس بالزاوية وتخـرج على يديه عدد كبير من الطلبة والمشائخ منهم: الشيخ سيدي بنعزوز القاسمي، الشيخ عبد الحفيظ القاسمي، الحاج قويدر عرباوي، أبو القاسم إبراهيمي، وولداه الشيخ الأزهري القاسمي رحمه الله، الأستاذ محمد القاسمي حفظه الله.
كان شغوفا بالمطالعة مكبا على المذاكرة، معجبا أشد الإعجاب بالصوفي الشهير محي الدين بن عربي، مهتما بتراثه، جامعا له. كما اهتم بالتراث اليوناني الفلسفي، محبا لأفلاطون وأرسطو، مطلعا على الثقافات الأخرى متفتحا عليها فلم يركز اهتماماته العلمية على مجال اختصاصه فقط، بل تعداه إلى مجالات أخرى كثيرة، ولا أدل على من مكتبته العامرة التي ضمت بين خزائنها العديد من المخطوطات والمؤلفات في مختلف الميادين والمجالات، وهي المكتبة التي عرفت شهرة كبيرة عل مستوى القطر، وحتى على المستوى الدولي، فكان العلماء والمستشرقون يأتون إليها من مختلف الأماكن والأقطار، ويراسلون الشيخ بحثا عن رسالة نفيسة أو مخطوط نادر، وكانوا غالبا ما يتلقون ردا ايجابيا على طلباتهم من الشيخ المكي.
أدى الشيخ المكي دورا هاما إبان الثورة التحريرية، فقد كان بيته بمدينة حاسي بحبح مخزنا للأسلحة ومخبأ للوثائق السرية، وقد دع بأبنائه الثلاثة إلى ساحة الوغى، الأزهري، محمد،ونور الدين الذي سقط شهيدا في ميدان الشرف بطاقين قرب مدينة الشلالة سنة 1961. وكان يجذب إليه الشباب ويمدهم بأفكاره الداعية إلى التحرر والانعتاق، ممـا تسبب له في كثير من المداهمات مـن طرف جيش الاحتلال. وفي تقرير كتبه أحد ضباط المخابرات الفرنسية بالجلفة بتاريخ 23 / 2 / 1961: " أن الشيخ المكي يحظى باحترام سكان المنطقة، وأنه ذوثقافة وشخصية عاليتين ، وأن أبناؤه الأزهري ومحمد ونور الدين في صفوف جيش التحرير، وأنه ينسق مع الشيخ معمر حاشي بالجلفة، وأنهما يتلهفان ليوم النصر….".
وقد اعتقلت سلطات الاحتلال ولديـه الأزهري ومحمد وقادتهما إلى المعتقل للضغط على الشيخ، لكنه لم يرضخ، وواصل نشاطه إلى غاية الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، حيث أقام بهذه المناسبة العظيمة حفلا كبيرا بمنزله بحاسي بحبح حضره كبار الضباط والقيادات والأعيان بالمنطقة.
ساهم مساهمة فعالة في الحياة الاجتماعية والعلمية، منها تأسيس عدة مدارس تعنى بتربية النشء وتعليمهم مثل: مدرسة الفلاح التي أسسها رفقة أخيه الشيخ بنعزوز القاسمي في مدينة بوسعادة سنة 1951 ومدرسة العرفان بتغانيم سنة 1953.
كما كان يرأس لجنة الامتحانات بكلية الآداب بجامعة الجزائر أيام الاحتلال الفرنسي.
كان يدعو إلى تحرير المساجد والأوقاف من سلطة الاحتلال، ونادى ببرمجة اللغة العربية في التعليم لمدة ساعتين في اليوم، كما كان من مؤسسي جمعية علماء السنة التي نبذت الخلاف الذي وقع بين جمعية علماء المسلمين وبعض مشائخ الطرقية وعلمائها، ومن أهداف هذه الجمعية: المحافظة عل السنة النبوية ونبذ التعصب المذهبي، والتفطن لمكائد الاستعمار في التفرقة بين أفراد الشعب الواحد والأمة الواحدة.
أقام الشيخ علاقات جيدة مع علماء أعلام شهدوا له بسعة العلم ورسوخ قدمه في المعرفة، منهم: الشيخ الحسين القفصي، الشيخ العاصمي، الشيخ بابا عمر مفتي العاصمة، الأستاذ أحمد توفيق المدني، المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي، الشيخ الطاهر العبيدي، وغيرهم من أعلام الجزائر الذين أدوا كبيرا في الحركة العلمية والثقافية أثناء فترة الاحتلال وبعدها.
توفي بمستشفى الجامعي بالجزائر العاصمة يوم الأحد 26/ 06/ 1387هـ = 01/ 10/ 1967 م، بعد معاناة شديدة مع المرض، ودفن بضريح الشيخ محمد بن أبي القاسم بزاويـة الهـامل، وقد كان يوم دفنه حدثا مشهودا، إذ شيعه رجال العلم والفقهاء، ورأوا في فقده رزية عظمى وفاجعة كبرى.
أضف الى مفضلتك
هو محمد المكي بن المختار بن محمد بن أبي القاسم الحسني الشريف الهاملي.
ولد سنة 1320هـ= 1902 بقرية الهامـل، من أبوين كريمين وفـرا له جوا روحيا وتربويا سليما، ونشأ في أحضان هذه القرية الآمنة المطمئنة التي عرف أبناؤها بالورع والصلاح والمحافظة على الأصالة والمبادئ الإسلامية.
وفي حداثة سنه وكعادة الأشراف من سكان هذه القرية أدخل الكتاب لحفظ القرآن، فحفظه على يد الشيخ حسين العلاني، ولما تم له ذلك انصرف إلى طلب العلم، وكانت الهامل تزخر بالعلماء الفضلاء والأساتذة الأجلاء، فنهل من مناهلهم ما شاء الله له أن ينهل، فتتلمذ على يد الشيخ سيدي أبي القاسم عمه وأستاذه في الفقه حيث قرأ عليه مختصر خليل مرارا، وعلى يد الشيخ أحمد القاسمي وكذا عن الشيخ الحفناوي صاحب كتاب ((تعريف الخلف برجال السلف))، وقرأ عليه نبذا من الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، وهو الذي حثه على كلام القوم.
وعمدته في العلوم شيخ الجماعة بالهامل الشيخ الديسي حيث قرأ عليه الكتب التالية: الأجرومية، الأزهرية، القطر، الشذور، الألفية، متن القلصادي، السنوسية، الإتقان في علوم القرآن، لفية العراقي، متن الورقات، القانون لليوسي….
وكان لشخصية عمه الشيخ سيدي محمد شيخ الزاوية الأثر الكبير في صقل مواهبه وقد تأثر به إلى حد بعيد نظرا لطول ملازمته له.
أجازه العديد من العلماء منهم: الشيخ أبو القاسم القاسمي، الشيخ عبد الحي الكتاني، والشيخ أحمد الأمين بن عزوز، والشيخ يوسف النبهاني….
ولما أتم تعليمه، انتصب للتدريس بالزاوية وتخـرج على يديه عدد كبير من الطلبة والمشائخ منهم: الشيخ سيدي بنعزوز القاسمي، الشيخ عبد الحفيظ القاسمي، الحاج قويدر عرباوي، أبو القاسم إبراهيمي، وولداه الشيخ الأزهري القاسمي رحمه الله، الأستاذ محمد القاسمي حفظه الله.
كان شغوفا بالمطالعة مكبا على المذاكرة، معجبا أشد الإعجاب بالصوفي الشهير محي الدين بن عربي، مهتما بتراثه، جامعا له. كما اهتم بالتراث اليوناني الفلسفي، محبا لأفلاطون وأرسطو، مطلعا على الثقافات الأخرى متفتحا عليها فلم يركز اهتماماته العلمية على مجال اختصاصه فقط، بل تعداه إلى مجالات أخرى كثيرة، ولا أدل على من مكتبته العامرة التي ضمت بين خزائنها العديد من المخطوطات والمؤلفات في مختلف الميادين والمجالات، وهي المكتبة التي عرفت شهرة كبيرة عل مستوى القطر، وحتى على المستوى الدولي، فكان العلماء والمستشرقون يأتون إليها من مختلف الأماكن والأقطار، ويراسلون الشيخ بحثا عن رسالة نفيسة أو مخطوط نادر، وكانوا غالبا ما يتلقون ردا ايجابيا على طلباتهم من الشيخ المكي.
أدى الشيخ المكي دورا هاما إبان الثورة التحريرية، فقد كان بيته بمدينة حاسي بحبح مخزنا للأسلحة ومخبأ للوثائق السرية، وقد دع بأبنائه الثلاثة إلى ساحة الوغى، الأزهري، محمد،ونور الدين الذي سقط شهيدا في ميدان الشرف بطاقين قرب مدينة الشلالة سنة 1961. وكان يجذب إليه الشباب ويمدهم بأفكاره الداعية إلى التحرر والانعتاق، ممـا تسبب له في كثير من المداهمات مـن طرف جيش الاحتلال. وفي تقرير كتبه أحد ضباط المخابرات الفرنسية بالجلفة بتاريخ 23 / 2 / 1961: " أن الشيخ المكي يحظى باحترام سكان المنطقة، وأنه ذوثقافة وشخصية عاليتين ، وأن أبناؤه الأزهري ومحمد ونور الدين في صفوف جيش التحرير، وأنه ينسق مع الشيخ معمر حاشي بالجلفة، وأنهما يتلهفان ليوم النصر….".
وقد اعتقلت سلطات الاحتلال ولديـه الأزهري ومحمد وقادتهما إلى المعتقل للضغط على الشيخ، لكنه لم يرضخ، وواصل نشاطه إلى غاية الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، حيث أقام بهذه المناسبة العظيمة حفلا كبيرا بمنزله بحاسي بحبح حضره كبار الضباط والقيادات والأعيان بالمنطقة.
ساهم مساهمة فعالة في الحياة الاجتماعية والعلمية، منها تأسيس عدة مدارس تعنى بتربية النشء وتعليمهم مثل: مدرسة الفلاح التي أسسها رفقة أخيه الشيخ بنعزوز القاسمي في مدينة بوسعادة سنة 1951 ومدرسة العرفان بتغانيم سنة 1953.
كما كان يرأس لجنة الامتحانات بكلية الآداب بجامعة الجزائر أيام الاحتلال الفرنسي.
كان يدعو إلى تحرير المساجد والأوقاف من سلطة الاحتلال، ونادى ببرمجة اللغة العربية في التعليم لمدة ساعتين في اليوم، كما كان من مؤسسي جمعية علماء السنة التي نبذت الخلاف الذي وقع بين جمعية علماء المسلمين وبعض مشائخ الطرقية وعلمائها، ومن أهداف هذه الجمعية: المحافظة عل السنة النبوية ونبذ التعصب المذهبي، والتفطن لمكائد الاستعمار في التفرقة بين أفراد الشعب الواحد والأمة الواحدة.
أقام الشيخ علاقات جيدة مع علماء أعلام شهدوا له بسعة العلم ورسوخ قدمه في المعرفة، منهم: الشيخ الحسين القفصي، الشيخ العاصمي، الشيخ بابا عمر مفتي العاصمة، الأستاذ أحمد توفيق المدني، المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي، الشيخ الطاهر العبيدي، وغيرهم من أعلام الجزائر الذين أدوا كبيرا في الحركة العلمية والثقافية أثناء فترة الاحتلال وبعدها.
توفي بمستشفى الجامعي بالجزائر العاصمة يوم الأحد 26/ 06/ 1387هـ = 01/ 10/ 1967 م، بعد معاناة شديدة مع المرض، ودفن بضريح الشيخ محمد بن أبي القاسم بزاويـة الهـامل، وقد كان يوم دفنه حدثا مشهودا، إذ شيعه رجال العلم والفقهاء، ورأوا في فقده رزية عظمى وفاجعة كبرى.
أضف الى مفضلتك
دور الطرقية في مقاومة الاستعمار الفرنسي
دور الطرقية في مقاومة الاستعمار الفرنسي ـ
للاستاذ عبد المنعم قاسمي الحسني.
ـ يذكر حمدان خوجة في كتابه المرآة أن شيوخ الطرق الصوفية هم الذين أمروا جميع المواطنين الجزائريين بالتعبئة العامة والدفاع عن مدينة الجزائر العاصمة بعد تخلي الأتراك عن هذه المهمة.
ـ كشف الضابط دي نوفو في كتابه الإخوان الصادر سنة 1845 عن الدور الرئيس الذي أدته الطرق الصوفية في مقاومة الاحتلال، وتحدث النقيب ريتشارد عن ثورة الظهرة التي قامت سنة 1845 مبرزا الدور المهم الذي قامت به الطرق الصوفية في هذه الثورة.
ـ ومن تقرير للمفتشية العامة حرر بالجزائر سنة 1864 يعترف بالدور الخطير الذي تقوم به الطريقة الدرقاوية: " الدرقاوية كانوا معادين لنا كل العداء لأن غايتهم كانت سياسية بوجه خاص، أرادوا ان يشيدوا من جديد صرح امبراطورية إسلامية ويطردوننا، إن هذه الطريقة منتشرة جدا في الجنوب ومن الصعب جدا مراقبتهم، لقد كانت ندوات الإخوان سرية وكانت أغلبية رؤسائهم معروفة".
ـ " إن مشائخ الزوايا يختارون في تدريسهم للقراءة نصوصا من القرآن معادية لنا، مما يحطم فيهم وبسرعة الشعور الذي سعينا لتطويره فيهم من طرف مؤسساتنا وتعتبر التأثيرات الدينية من ألد أعدائنا والتي يجب أن نخشاها ونخطط لها سياستنا، ولقد كانت القبائل الأشد عداء لنا هي التي تلك التي ينتشر فيها التعليم الإسلامي". من تقرير الملازم " بوسري" بعد ثورة 1846.
ـ وجاء في تقرير القائد الأعلى " دي توربيل" بتاريخ 4 أوت 1859، بعد الاضطرابات التي رافقت المعارك التي خاضوها ضد الجزائريين ما يلي: " إن مبعوثين وفدوا من مختلف أنحاء الشرق وينتمون إلى مجموعة سيدي عبد الرحمن بوقبرين الدينية الرحمانية، التي يسكن مقدمها الأكبر سي المختار بواحة أولاد جلال (بسكرة) ليسوا غرباء عما يجري، وقد كانت أشغال لجان التجمعات التي شرع فيها من نواح عدة في نفس الوقت موضوعا لخطبهم ومواعظهم".
ـ لقد كانت السرية التامة التي تحيط بالزوايا، وما يجري داخلها، من نشاط شيوخها والتي لم يستطع الاستعمار بما لديه من إمكانيات ووسائل الإطلاع عليها، يقول ماك ماهون سنة 1851: " يجب على الإنسان أن يقضي حياته كلها في الزاوية حتى يعرف ما يجري فيها وما يقال فيها".
ـ ويقول المؤرخ الفرنسي مارسيل إيميري: " إن معظم الثورات التي وقعت خلال القرن التاسع عشر في الجزائر كانت قد أعدت ونظمت ونفذت بوحي من الطرق الصوفية، فالأمير عبد القادر كان رئيسا لواحدة منها وهي الجمعية القادرية، ومن بين الجمعيات المشهورة التي أدت دورا أساسيا في هذه الثورات: الرحمانية السنوسية الدرقاوية الطيبية".
ـ ويؤكد السيد أوكتاف ديبون المفتش العام للبلديات الممتزجة بالجزائر ـ ومن مؤلفي كتاب الطرق الدينية في الجزائر 1897 ـ في تقرير بعث به إلى لجنة مجلس الشيوخ المكلفة بالجيش والتي كان يرأسها "كليمانصو": " إننا سلفا نجد يدا مرابطية وراء كل هذه الثورات التي يقوم بها الأهالي ضدنا".
ـ الشيخ محي الدين حمل راية الجهاد ويحملها بعده ابنه الأمير عبد القادر، وكان من أبرز المجاهدين في جيش الأمير عبد القادر سيدي محمد بن علال بن الولي الصالح سيدي مبارك دفين القليعة وشيخ زاويتها، الذي تولى قيادة الجيوش وخاض كبريات المعارك في نواحي وهران إلى أن سقط شهيدا في معركة وقطعت رأسه ووضعت في حراب من جلد وأرسلت إلى مريديه وأتباعه،
ـ في شهر يناير من عام 1845 شهدت منطقة الظهرة معركة هامة أطلق عليها الفرنسيون " انتفاضة الطرق الصوفية"، وذلك لمشاركة العديد من الطرق فيها كـ: الرحمانية، القادرية، الطيببية، وانتقم المحتل من عرش أولاد رياح الساكن جنوب مدينة تنس والذي كان له شرف المشاركة في هذه الثورة.
ـ ثورة الشريف محمد بن عبد الله المعروف بـ " بو معزة" في منطقتي الشلف والونشريس (1846 ـ 1847): من أتباع الطريقة الطيبيبة، استنفر القبائل والأعراش بمنطقة الظهرة والشلف والونشريس، واتسعت لتشمل التيطري والحضنة وجبال ديرة وسور الغزلان، ثم امتدت إلى نواحي أولاد جلال، حيث وجدت الزاوية المختارية وشيخها الجليل الشيخ المختار بن عبد الرحمن مقدم الطريقة الرحمانية كامل الدعم والمساعدة.
ـ ثورة البطل الشيخ بوعمامة، انتشرت ثورته عبر مناطق عين الصفراء وتيارت وفرندة وسعيدة وعين صالح وتوات، وكرزاز, توفي سنة 1908 بعد ثلاثة عقود من الكفاح. وكانت ثورته امتداد لثورة سبقتها بقيادة أولاد سيدي الشيخ جنوب وهران، استمرت من سنة 1864 إلى 1880، وامتدت إلى جبل عمور التيطري متليلي, ورقلة, أدرار، سعيدة، غليزان، سور الغزلان....
ـ ثورة بن ناصر بن شهرة من الطريقة القادرية، بدأ يعد للثورة سنة 1846 اعتقل سنة 1851 ووضع تحت الإقامة الجبرية رفقة عدد كبير من أتباعه من رجال الأرباع في محتشد قريبا من " بوغار". قال عنه الضابط الفرنسي " لويس رين": " كان ابن ناصر بن شهرة الملاح الحقيقي للصحراء". كما وجد المساعدة في الزاوية الرحمانية بنفطة لشيخها مصطفى بن عزوز التي كانت قبلة الثوار والمجاهدين، واستمر بن شهرة في كفاحه ضد الاستعمار إلى سنة 1875 حين أرغمه باي تونس على مغادرة بلاده، فيختار التوجه بحرا إلى بيروت ثم دمشق التي توفي بها سنة 1882.
الطريقة الرحمانية:
موضوع الطرق الصوفية من الموضوعات التي تشغل بال الكثير من الناس، والعديد من الباحثين والأساتذة والدارسين داخل الجزائر وخارجها، والحق أن للطرق الصوفية أهمية بالغة في الإسلام، وذلك أنها تمثل الجانب العملي من التصوف، وهو جانب ارتبط بحياة المجتمعات الإسلامية وجماهير الناس، ويسجل التاريخ لكثير من الطرق الصوفية مواقف لا تنقصها الشجاعة إزاء مواجهة العدو أو الظالم، ورد الظلم والدفاع عن مصالح الطبقات الفقيرة المستضعفة، وذلك في عزة مدهشة قل أن توجد في هذا العصر، ولا يخفى علينا دور الطريقة القادرية في مقاومة الاستعمار الفرنسي بالجزائر، ودور السنوسية في ليبيا غير خاف على أحد، ونجد الدور نفسه قامت به الطريقة الشاذلية في مصر تجاه المحتل، وحفاظا على مصالح العباد، في عصر الشاذلي نفسه, والطريقة الرحمانية من ضمن هذه الطرق الصوفية التي أدت دورا هاما في المجتمع الجزائري والمجتمع التونسي.
وهي تمثل أحد المعالم الرئيسية البارزة وظاهرة دينية روحية اجتماعية وسياسية هامة في تاريخ الجزائر المعاصرة، فمن أي زاوية تناولها وجدنا الكثير من الفوائد والفرائد التي تساعدنا على فهم الكثير من الحقائق في الناحية الدينية، الناحية السياسية، الناحية الاجتماعية.
والطريقة الرحمانية هي طريقة دينية صوفية، نشأت في الجزائر في أواخر القرن الثاني عشر الهجري = الثامن عشر الميلادي، على يد مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري ( ومنه أخذت اسمها )، ففي سنة 1183 هـ أسس الشيخ زاويته بقرية آيت إسماعيل ومنها انطلقت الطريقة الرحمانية التي كانت تسمى في البداية الطريقة الخلوتية.
وهي طريقة تدعو إلى الصفاء والعودة إلى المنابع الأولى للإسلام ـ كما نجد ذلك في مصادرها ومراجعها الأساسية ـ، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق تطهير النفس وتخليصها من الشوائب والرعونات التي تمنعها من الوصول إلى جناب الحق، ويجب عليها قطع سبع مراحل أو أنفس بواسطة سبعة أسماء، شرح هذه الطريقة وفصلها في رسائله الكثيرة والمتعددة التي كان يرسلها إلى أتباعه ومريديه، والذين كان يطلب منهم ألا يبقوها بأيديهم بل يبعثوا بها إلى غيرهم لكي يستفيدوا منها، ثم تعود إليه في آخر المطاف، وهي طريقة عرفت نجاحا كبيرا، وطبقها أتباعه بالحرف، مما أدى إلى سرعة انتشار الطريقة الرحمانية في القطر الجزائري، وقد عرفت هذا الانتشار الواسع في حياة مؤسسها نفسه.
والشكل العام في التنظيم في الطريقة الرحمانية متشابه مع بقية الطرق الأخرى، فهناك الشيخ أو المعلم الذي يكن له المريدون كل الطاعة، وهناك المقدم وهو الذي ينوب عن الشيخ في بعض المهام والوظائف، وهناك المريد وهو محور العلملية التربوية في الطريقة.
وتهدف الطريقة الرحمانية ـ على ما يذكره أتباعها ـ إلى الجمع بين المنهجين المعروفين في الفكر الإسلامي:
1 ـ منهج العلماء الذين يرون ضرورة التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية.
2 ـ منهج الصوفية الذين يرون ضرورة التمسك بالتجربة الدينية.
ثـورات الطريقـة الرحمانيـة:
كان للانتفاضات والثورات الشعبية التي قامت بها الطريقة الرحمانية خلال القرن التاسع عشر أسس دينية، وهي الجهاد ضد النصارى المعادين للإسلام، وبناء على ذلك أدت الزوايا الرحمانية دورا كبيرا ورائعا في معظم تلك الانتفاضات وأثّرت بشكل جلي على مسارها واستمرارها، فثورة المقراني مثلا كان لزعيمها الروحي الشيخ الحداد الدور الرائد في قيام هذه الثورة التي خرج طلاب الزوايا من سيدي موسى اويدير وآث وغليس وغيرها من الزوايا التابعة للطريقة الرحمانية استجابة لدعوة الجهاد، وبفضل هؤلاء المجاهدين استمرت الثورة....
1 ـ ثورة الحاج عمر:
وتعتبر زاوية امحمد بن عبد الرحمان في ذراع الميزان هي الأخرى كغيرها من الزوايا، أدت دورا كبيرا في المقاومة, إذ تزعم قيّمها الحاج عمر عام 1851 حركة ثورية ضد القوات الفرنسية، وكان قد عُيَّن في عام 1854 مقدما للرحمانيين، وهو زوج الشيخة فاطمة إحدى بنات الشيخ علي بن عيسى الخليفة الأول لمؤسس الزاوية، وكان شديد الحيوية والنشاط، ومال إلى تأييد الثوار أثناء ثورة الشريف بوبغلة واعتصم بالمناطق الجبلية الحصينة قرب الزاوية حتى أرغمته القوات الفرنسية على الاستسلام يوم 14 نوفمبر 1851 في بني كوفي بآيت إسماعيل.
وقد احتفظ برئاسة الزاوية والإخوان حتى عام 1856، حيث تزعم من جديد الثورة بنفسه، ربط صلاته بالشيخ واعراب في اث ايراثن ولالا فاطمة والشيخ محمد بن عبد الرحمان شيخ بني منقور وقادوا جميعا في جبال جرجرة جماهير الرحمانيين ضد الجيش الفرنسي الذي كان يقوم بعمليات استكشافية في جبال جرجرة تمهيدا لغزوها، وزحف الحاج عمر بنفسه يوم الثاني من سبتمبر 1856 على رأس إخوانه إلى ذراع الميزان، وتواصلت المعارك حول هذه المدينة إلى غاية، يوم 22 من نفس الشهر وقام الجنرال يوسف بالزحف على زاوية آيت إسماعيل وعسكر حولها، وقد اختارته فرنسا لمثل هذه المهمة لشدة حقده على الإخوان خاصة وعلى الجزائريين بصفة عامة.
2 ـ ثورة لالا فاطمة نسومر:
ولدت لالا فاطمة بقرية ورجة سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية. ولما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب بوبغلة في المقاومة والدفاع عن منطقة جرجرة وفي صد هجومات الاستعمار على أربعاء ناث إيراثن فقطعت عليه طريق المواصلات و لهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش وشيوخ الزوايا و القرى، و لعل أشهر معركة قادتها فاطمة نسومر هي تلك التي خاضتها إلى جانب الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين روندون و ماك ماهون فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيدة حيث أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا اضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الانسحاب نحو بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا ووكلاء مقامات أولياء الله فجندوا الطلبة والمريدين وأتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين روندون ويوسف التركي ومعهما الباشا آغة الخائن الجودي، فاحتدمت المعركة وتلقت قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن الجودي بيدها كما استطاعت أن تنقذ من موت محقق زميلها في السلاح الشريف بوبغلة حينما سقط جريحا في المعركة..
بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون يتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القوات الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت وعين تاوريغ وتوريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة وعتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد إتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير والإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز ولا رحمة.
ولم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزاما أو تقهقرا أمام العدو أو تحصنا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي وقطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.
الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قوات الجنرال ماكمهون القادمة من قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قواة فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000رجل و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حرير يا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.
على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.
إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر وتم أسرها مع عدد من النساء ....
وخوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال ونساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط وبقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض عضال تسبب في شللها.
3 ـ ثورة الشيخ بن جار الله:
من ثورات الأوراس ضد الاحتلال الفرنسي تلك التي دعا إليها وقادها المجاهد البطل محمد امزيان من قرية جار الله نواحي تكوت، وهو من إخوان زاوية الشيخ المصمودي، وكان إماما ومدرسا بجامع سيدي عيسى بوقبرين, وكان وثيق الصلة بالزاوية الرحمانية بتبرماسين.
اندلعت الثورة يوم 30 ماي 1879م في قرية الحمام جنوب إيشمول، وامتدت حتى شملت جنوب شاشار، والتف حولها أعراش أولاد داود، بني بوسليمان واحمر خدو، وجماعة من بني وجانة، ومن الزوايا زاوية بوزينة بقيادة الهاشمي بن دردور، لكن العدو باغت المجاهدين بقوات لا قبل بها، وقد سقط من الشهداء يومئذ 120 شهيدا.
أما القائد بن جار الله فقد تسلل إلى تونس، حيث أقام بزاوية الشيخ إبراهيم ولد الشريف وهي زاوية رحمانية بقابس، ولكن عيون فرنسا كانت تلاحقه فألقي عليه القبض رفقة أخيه ونخبة من المجاهدين، ونقلوا إلى قسنطينة حيث حوكموا، وصدرت الأحكام في 26 جوان 1879م، وكانت كالتالي:
14 حكما بالإعدام، 26 حكم بالأشغال الشاقة، 16 حكم بالبراءة، وبعد صدور عفو من رئيس جمهورية فرنسا في 09 نوفمبر 1880 خففت أحكام الإعدام إلى الأشغال الشاقة والنفي، وهكذا نفي المجاهدون إلى كورسيكا وكايان ومن هذا الأخير فر القائد بن جار الله إلى مكة أين توفي بها سنة 1889.
4 ـ ثورة الهاشمي بن علي دردور([1]): (1230/ 1317 هـ =1815/ 1899م).
من زعماء الجهاد في الجزائر، وكبار رجال الطريقة الرحمانية، وإليه تنسب الطريقة الدردورية إحدى فروع الطريقة الرحمانية. ولد سنة 1230 هـ = 1815م بمدرونة بمنطقة وادي عبدي في قلب الأوراس بالشرق الجزائري، حفظ القرآن بمسقط رأسه، ولم يتجاوز الثانية عشر من عمره, ثم التحق بزاوية الشيخ محمد بن عزوز البرجي, ومنها انتقل إلى زاوية الشيخ عبد الحفيظ الخنقي بخنقة سيدي ناجي, ثم زاوية بوحجر نواحي قالمة ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه.
سافر إلى مصر لمواصلة تعليمه, وبالضبط جامع الأزهر, وبعد تخرجه تولى التدريس بالإسكندرية إلى غاية سنة 1870, حيث عاد إلى أرض الوطن, وأسس زاوية ببلده سنة 1289 هـ= 1876م([2])، أصبحت تشكل خطرا على الاحتلال الفرنسي، شارك في انتفاضة الأوراس سنة 1879م بإخوانه ومريديه، مما أدى بالسلطات الاستعمارية إلى نفيه إلى جزيرة كورسيكا سنة 1293 هـ= 1880م، وفي سنة 1303 هـ= 1890م وبعد أن قضى في المنفى أكثر من عشر سنوات، أطلق سراح الشيخ الهاشمي وعاد إلى أرض الوطن, استأنف نشاطه بالزاوية, وتعود السلطات الفرنسية إلى اعتقاله ثانية سنة 1895 ونقلته إلى باتنة غير أن سكان الأوراس قاموا بمظاهرات لإطلاق سراحه وكان في طليعة المحتجين جماعة من الأعيان من بينهم الشيخ المبارك بن محمد بن بلقاسم من زاوية ثنية العابد وتحت ضغط الجماهير تم الإفراج عن الشيخ الهاشمي.
واصل الشيخ مهمته التعليمية والجهادية إلى أن وافاه الأجل سنة 1317 هـ= 1899م. عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.
وصفه كل من ديبون وكوبولاني بأنه من ألد أعداء فرنسا ويحمل لها حقدا شديدا
__________________________________________________ ________________
[1] ) أنظر: ديبون وكوبولاني 412، تاريخ الجزائر الثقافي 7 / 156، 158.
[2] ) يذكر الأستاذ صلاح مؤيد العقبي في كتابه الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر عند الحديث عن زاوية الشيخ علي دردور أن مؤسس زاوية مدرونة هو الشيخ علي دردور والد الشيخ الهاشمي وذلك في نهاية القرن الثامن عشر، وأن الشيخ الهاشمي قد حفظ القرآن بها وتولى التدريس بها وهي التي قامت بالمشاركة في ثورة ابن جار الله 1879م.
للاستاذ عبد المنعم قاسمي الحسني.
ـ يذكر حمدان خوجة في كتابه المرآة أن شيوخ الطرق الصوفية هم الذين أمروا جميع المواطنين الجزائريين بالتعبئة العامة والدفاع عن مدينة الجزائر العاصمة بعد تخلي الأتراك عن هذه المهمة.
ـ كشف الضابط دي نوفو في كتابه الإخوان الصادر سنة 1845 عن الدور الرئيس الذي أدته الطرق الصوفية في مقاومة الاحتلال، وتحدث النقيب ريتشارد عن ثورة الظهرة التي قامت سنة 1845 مبرزا الدور المهم الذي قامت به الطرق الصوفية في هذه الثورة.
ـ ومن تقرير للمفتشية العامة حرر بالجزائر سنة 1864 يعترف بالدور الخطير الذي تقوم به الطريقة الدرقاوية: " الدرقاوية كانوا معادين لنا كل العداء لأن غايتهم كانت سياسية بوجه خاص، أرادوا ان يشيدوا من جديد صرح امبراطورية إسلامية ويطردوننا، إن هذه الطريقة منتشرة جدا في الجنوب ومن الصعب جدا مراقبتهم، لقد كانت ندوات الإخوان سرية وكانت أغلبية رؤسائهم معروفة".
ـ " إن مشائخ الزوايا يختارون في تدريسهم للقراءة نصوصا من القرآن معادية لنا، مما يحطم فيهم وبسرعة الشعور الذي سعينا لتطويره فيهم من طرف مؤسساتنا وتعتبر التأثيرات الدينية من ألد أعدائنا والتي يجب أن نخشاها ونخطط لها سياستنا، ولقد كانت القبائل الأشد عداء لنا هي التي تلك التي ينتشر فيها التعليم الإسلامي". من تقرير الملازم " بوسري" بعد ثورة 1846.
ـ وجاء في تقرير القائد الأعلى " دي توربيل" بتاريخ 4 أوت 1859، بعد الاضطرابات التي رافقت المعارك التي خاضوها ضد الجزائريين ما يلي: " إن مبعوثين وفدوا من مختلف أنحاء الشرق وينتمون إلى مجموعة سيدي عبد الرحمن بوقبرين الدينية الرحمانية، التي يسكن مقدمها الأكبر سي المختار بواحة أولاد جلال (بسكرة) ليسوا غرباء عما يجري، وقد كانت أشغال لجان التجمعات التي شرع فيها من نواح عدة في نفس الوقت موضوعا لخطبهم ومواعظهم".
ـ لقد كانت السرية التامة التي تحيط بالزوايا، وما يجري داخلها، من نشاط شيوخها والتي لم يستطع الاستعمار بما لديه من إمكانيات ووسائل الإطلاع عليها، يقول ماك ماهون سنة 1851: " يجب على الإنسان أن يقضي حياته كلها في الزاوية حتى يعرف ما يجري فيها وما يقال فيها".
ـ ويقول المؤرخ الفرنسي مارسيل إيميري: " إن معظم الثورات التي وقعت خلال القرن التاسع عشر في الجزائر كانت قد أعدت ونظمت ونفذت بوحي من الطرق الصوفية، فالأمير عبد القادر كان رئيسا لواحدة منها وهي الجمعية القادرية، ومن بين الجمعيات المشهورة التي أدت دورا أساسيا في هذه الثورات: الرحمانية السنوسية الدرقاوية الطيبية".
ـ ويؤكد السيد أوكتاف ديبون المفتش العام للبلديات الممتزجة بالجزائر ـ ومن مؤلفي كتاب الطرق الدينية في الجزائر 1897 ـ في تقرير بعث به إلى لجنة مجلس الشيوخ المكلفة بالجيش والتي كان يرأسها "كليمانصو": " إننا سلفا نجد يدا مرابطية وراء كل هذه الثورات التي يقوم بها الأهالي ضدنا".
ـ الشيخ محي الدين حمل راية الجهاد ويحملها بعده ابنه الأمير عبد القادر، وكان من أبرز المجاهدين في جيش الأمير عبد القادر سيدي محمد بن علال بن الولي الصالح سيدي مبارك دفين القليعة وشيخ زاويتها، الذي تولى قيادة الجيوش وخاض كبريات المعارك في نواحي وهران إلى أن سقط شهيدا في معركة وقطعت رأسه ووضعت في حراب من جلد وأرسلت إلى مريديه وأتباعه،
ـ في شهر يناير من عام 1845 شهدت منطقة الظهرة معركة هامة أطلق عليها الفرنسيون " انتفاضة الطرق الصوفية"، وذلك لمشاركة العديد من الطرق فيها كـ: الرحمانية، القادرية، الطيببية، وانتقم المحتل من عرش أولاد رياح الساكن جنوب مدينة تنس والذي كان له شرف المشاركة في هذه الثورة.
ـ ثورة الشريف محمد بن عبد الله المعروف بـ " بو معزة" في منطقتي الشلف والونشريس (1846 ـ 1847): من أتباع الطريقة الطيبيبة، استنفر القبائل والأعراش بمنطقة الظهرة والشلف والونشريس، واتسعت لتشمل التيطري والحضنة وجبال ديرة وسور الغزلان، ثم امتدت إلى نواحي أولاد جلال، حيث وجدت الزاوية المختارية وشيخها الجليل الشيخ المختار بن عبد الرحمن مقدم الطريقة الرحمانية كامل الدعم والمساعدة.
ـ ثورة البطل الشيخ بوعمامة، انتشرت ثورته عبر مناطق عين الصفراء وتيارت وفرندة وسعيدة وعين صالح وتوات، وكرزاز, توفي سنة 1908 بعد ثلاثة عقود من الكفاح. وكانت ثورته امتداد لثورة سبقتها بقيادة أولاد سيدي الشيخ جنوب وهران، استمرت من سنة 1864 إلى 1880، وامتدت إلى جبل عمور التيطري متليلي, ورقلة, أدرار، سعيدة، غليزان، سور الغزلان....
ـ ثورة بن ناصر بن شهرة من الطريقة القادرية، بدأ يعد للثورة سنة 1846 اعتقل سنة 1851 ووضع تحت الإقامة الجبرية رفقة عدد كبير من أتباعه من رجال الأرباع في محتشد قريبا من " بوغار". قال عنه الضابط الفرنسي " لويس رين": " كان ابن ناصر بن شهرة الملاح الحقيقي للصحراء". كما وجد المساعدة في الزاوية الرحمانية بنفطة لشيخها مصطفى بن عزوز التي كانت قبلة الثوار والمجاهدين، واستمر بن شهرة في كفاحه ضد الاستعمار إلى سنة 1875 حين أرغمه باي تونس على مغادرة بلاده، فيختار التوجه بحرا إلى بيروت ثم دمشق التي توفي بها سنة 1882.
الطريقة الرحمانية:
موضوع الطرق الصوفية من الموضوعات التي تشغل بال الكثير من الناس، والعديد من الباحثين والأساتذة والدارسين داخل الجزائر وخارجها، والحق أن للطرق الصوفية أهمية بالغة في الإسلام، وذلك أنها تمثل الجانب العملي من التصوف، وهو جانب ارتبط بحياة المجتمعات الإسلامية وجماهير الناس، ويسجل التاريخ لكثير من الطرق الصوفية مواقف لا تنقصها الشجاعة إزاء مواجهة العدو أو الظالم، ورد الظلم والدفاع عن مصالح الطبقات الفقيرة المستضعفة، وذلك في عزة مدهشة قل أن توجد في هذا العصر، ولا يخفى علينا دور الطريقة القادرية في مقاومة الاستعمار الفرنسي بالجزائر، ودور السنوسية في ليبيا غير خاف على أحد، ونجد الدور نفسه قامت به الطريقة الشاذلية في مصر تجاه المحتل، وحفاظا على مصالح العباد، في عصر الشاذلي نفسه, والطريقة الرحمانية من ضمن هذه الطرق الصوفية التي أدت دورا هاما في المجتمع الجزائري والمجتمع التونسي.
وهي تمثل أحد المعالم الرئيسية البارزة وظاهرة دينية روحية اجتماعية وسياسية هامة في تاريخ الجزائر المعاصرة، فمن أي زاوية تناولها وجدنا الكثير من الفوائد والفرائد التي تساعدنا على فهم الكثير من الحقائق في الناحية الدينية، الناحية السياسية، الناحية الاجتماعية.
والطريقة الرحمانية هي طريقة دينية صوفية، نشأت في الجزائر في أواخر القرن الثاني عشر الهجري = الثامن عشر الميلادي، على يد مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري ( ومنه أخذت اسمها )، ففي سنة 1183 هـ أسس الشيخ زاويته بقرية آيت إسماعيل ومنها انطلقت الطريقة الرحمانية التي كانت تسمى في البداية الطريقة الخلوتية.
وهي طريقة تدعو إلى الصفاء والعودة إلى المنابع الأولى للإسلام ـ كما نجد ذلك في مصادرها ومراجعها الأساسية ـ، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق تطهير النفس وتخليصها من الشوائب والرعونات التي تمنعها من الوصول إلى جناب الحق، ويجب عليها قطع سبع مراحل أو أنفس بواسطة سبعة أسماء، شرح هذه الطريقة وفصلها في رسائله الكثيرة والمتعددة التي كان يرسلها إلى أتباعه ومريديه، والذين كان يطلب منهم ألا يبقوها بأيديهم بل يبعثوا بها إلى غيرهم لكي يستفيدوا منها، ثم تعود إليه في آخر المطاف، وهي طريقة عرفت نجاحا كبيرا، وطبقها أتباعه بالحرف، مما أدى إلى سرعة انتشار الطريقة الرحمانية في القطر الجزائري، وقد عرفت هذا الانتشار الواسع في حياة مؤسسها نفسه.
والشكل العام في التنظيم في الطريقة الرحمانية متشابه مع بقية الطرق الأخرى، فهناك الشيخ أو المعلم الذي يكن له المريدون كل الطاعة، وهناك المقدم وهو الذي ينوب عن الشيخ في بعض المهام والوظائف، وهناك المريد وهو محور العلملية التربوية في الطريقة.
وتهدف الطريقة الرحمانية ـ على ما يذكره أتباعها ـ إلى الجمع بين المنهجين المعروفين في الفكر الإسلامي:
1 ـ منهج العلماء الذين يرون ضرورة التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية.
2 ـ منهج الصوفية الذين يرون ضرورة التمسك بالتجربة الدينية.
ثـورات الطريقـة الرحمانيـة:
كان للانتفاضات والثورات الشعبية التي قامت بها الطريقة الرحمانية خلال القرن التاسع عشر أسس دينية، وهي الجهاد ضد النصارى المعادين للإسلام، وبناء على ذلك أدت الزوايا الرحمانية دورا كبيرا ورائعا في معظم تلك الانتفاضات وأثّرت بشكل جلي على مسارها واستمرارها، فثورة المقراني مثلا كان لزعيمها الروحي الشيخ الحداد الدور الرائد في قيام هذه الثورة التي خرج طلاب الزوايا من سيدي موسى اويدير وآث وغليس وغيرها من الزوايا التابعة للطريقة الرحمانية استجابة لدعوة الجهاد، وبفضل هؤلاء المجاهدين استمرت الثورة....
1 ـ ثورة الحاج عمر:
وتعتبر زاوية امحمد بن عبد الرحمان في ذراع الميزان هي الأخرى كغيرها من الزوايا، أدت دورا كبيرا في المقاومة, إذ تزعم قيّمها الحاج عمر عام 1851 حركة ثورية ضد القوات الفرنسية، وكان قد عُيَّن في عام 1854 مقدما للرحمانيين، وهو زوج الشيخة فاطمة إحدى بنات الشيخ علي بن عيسى الخليفة الأول لمؤسس الزاوية، وكان شديد الحيوية والنشاط، ومال إلى تأييد الثوار أثناء ثورة الشريف بوبغلة واعتصم بالمناطق الجبلية الحصينة قرب الزاوية حتى أرغمته القوات الفرنسية على الاستسلام يوم 14 نوفمبر 1851 في بني كوفي بآيت إسماعيل.
وقد احتفظ برئاسة الزاوية والإخوان حتى عام 1856، حيث تزعم من جديد الثورة بنفسه، ربط صلاته بالشيخ واعراب في اث ايراثن ولالا فاطمة والشيخ محمد بن عبد الرحمان شيخ بني منقور وقادوا جميعا في جبال جرجرة جماهير الرحمانيين ضد الجيش الفرنسي الذي كان يقوم بعمليات استكشافية في جبال جرجرة تمهيدا لغزوها، وزحف الحاج عمر بنفسه يوم الثاني من سبتمبر 1856 على رأس إخوانه إلى ذراع الميزان، وتواصلت المعارك حول هذه المدينة إلى غاية، يوم 22 من نفس الشهر وقام الجنرال يوسف بالزحف على زاوية آيت إسماعيل وعسكر حولها، وقد اختارته فرنسا لمثل هذه المهمة لشدة حقده على الإخوان خاصة وعلى الجزائريين بصفة عامة.
2 ـ ثورة لالا فاطمة نسومر:
ولدت لالا فاطمة بقرية ورجة سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية. ولما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب بوبغلة في المقاومة والدفاع عن منطقة جرجرة وفي صد هجومات الاستعمار على أربعاء ناث إيراثن فقطعت عليه طريق المواصلات و لهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش وشيوخ الزوايا و القرى، و لعل أشهر معركة قادتها فاطمة نسومر هي تلك التي خاضتها إلى جانب الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين روندون و ماك ماهون فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيدة حيث أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا اضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الانسحاب نحو بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا ووكلاء مقامات أولياء الله فجندوا الطلبة والمريدين وأتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين روندون ويوسف التركي ومعهما الباشا آغة الخائن الجودي، فاحتدمت المعركة وتلقت قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن الجودي بيدها كما استطاعت أن تنقذ من موت محقق زميلها في السلاح الشريف بوبغلة حينما سقط جريحا في المعركة..
بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون يتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القوات الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت وعين تاوريغ وتوريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة وعتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد إتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير والإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز ولا رحمة.
ولم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزاما أو تقهقرا أمام العدو أو تحصنا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي وقطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.
الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قوات الجنرال ماكمهون القادمة من قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قواة فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000رجل و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حرير يا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.
على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.
إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر وتم أسرها مع عدد من النساء ....
وخوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال ونساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط وبقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض عضال تسبب في شللها.
3 ـ ثورة الشيخ بن جار الله:
من ثورات الأوراس ضد الاحتلال الفرنسي تلك التي دعا إليها وقادها المجاهد البطل محمد امزيان من قرية جار الله نواحي تكوت، وهو من إخوان زاوية الشيخ المصمودي، وكان إماما ومدرسا بجامع سيدي عيسى بوقبرين, وكان وثيق الصلة بالزاوية الرحمانية بتبرماسين.
اندلعت الثورة يوم 30 ماي 1879م في قرية الحمام جنوب إيشمول، وامتدت حتى شملت جنوب شاشار، والتف حولها أعراش أولاد داود، بني بوسليمان واحمر خدو، وجماعة من بني وجانة، ومن الزوايا زاوية بوزينة بقيادة الهاشمي بن دردور، لكن العدو باغت المجاهدين بقوات لا قبل بها، وقد سقط من الشهداء يومئذ 120 شهيدا.
أما القائد بن جار الله فقد تسلل إلى تونس، حيث أقام بزاوية الشيخ إبراهيم ولد الشريف وهي زاوية رحمانية بقابس، ولكن عيون فرنسا كانت تلاحقه فألقي عليه القبض رفقة أخيه ونخبة من المجاهدين، ونقلوا إلى قسنطينة حيث حوكموا، وصدرت الأحكام في 26 جوان 1879م، وكانت كالتالي:
14 حكما بالإعدام، 26 حكم بالأشغال الشاقة، 16 حكم بالبراءة، وبعد صدور عفو من رئيس جمهورية فرنسا في 09 نوفمبر 1880 خففت أحكام الإعدام إلى الأشغال الشاقة والنفي، وهكذا نفي المجاهدون إلى كورسيكا وكايان ومن هذا الأخير فر القائد بن جار الله إلى مكة أين توفي بها سنة 1889.
4 ـ ثورة الهاشمي بن علي دردور([1]): (1230/ 1317 هـ =1815/ 1899م).
من زعماء الجهاد في الجزائر، وكبار رجال الطريقة الرحمانية، وإليه تنسب الطريقة الدردورية إحدى فروع الطريقة الرحمانية. ولد سنة 1230 هـ = 1815م بمدرونة بمنطقة وادي عبدي في قلب الأوراس بالشرق الجزائري، حفظ القرآن بمسقط رأسه، ولم يتجاوز الثانية عشر من عمره, ثم التحق بزاوية الشيخ محمد بن عزوز البرجي, ومنها انتقل إلى زاوية الشيخ عبد الحفيظ الخنقي بخنقة سيدي ناجي, ثم زاوية بوحجر نواحي قالمة ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه.
سافر إلى مصر لمواصلة تعليمه, وبالضبط جامع الأزهر, وبعد تخرجه تولى التدريس بالإسكندرية إلى غاية سنة 1870, حيث عاد إلى أرض الوطن, وأسس زاوية ببلده سنة 1289 هـ= 1876م([2])، أصبحت تشكل خطرا على الاحتلال الفرنسي، شارك في انتفاضة الأوراس سنة 1879م بإخوانه ومريديه، مما أدى بالسلطات الاستعمارية إلى نفيه إلى جزيرة كورسيكا سنة 1293 هـ= 1880م، وفي سنة 1303 هـ= 1890م وبعد أن قضى في المنفى أكثر من عشر سنوات، أطلق سراح الشيخ الهاشمي وعاد إلى أرض الوطن, استأنف نشاطه بالزاوية, وتعود السلطات الفرنسية إلى اعتقاله ثانية سنة 1895 ونقلته إلى باتنة غير أن سكان الأوراس قاموا بمظاهرات لإطلاق سراحه وكان في طليعة المحتجين جماعة من الأعيان من بينهم الشيخ المبارك بن محمد بن بلقاسم من زاوية ثنية العابد وتحت ضغط الجماهير تم الإفراج عن الشيخ الهاشمي.
واصل الشيخ مهمته التعليمية والجهادية إلى أن وافاه الأجل سنة 1317 هـ= 1899م. عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.
وصفه كل من ديبون وكوبولاني بأنه من ألد أعداء فرنسا ويحمل لها حقدا شديدا
__________________________________________________ ________________
[1] ) أنظر: ديبون وكوبولاني 412، تاريخ الجزائر الثقافي 7 / 156، 158.
[2] ) يذكر الأستاذ صلاح مؤيد العقبي في كتابه الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر عند الحديث عن زاوية الشيخ علي دردور أن مؤسس زاوية مدرونة هو الشيخ علي دردور والد الشيخ الهاشمي وذلك في نهاية القرن الثامن عشر، وأن الشيخ الهاشمي قد حفظ القرآن بها وتولى التدريس بها وهي التي قامت بالمشاركة في ثورة ابن جار الله 1879م.
لالا زينب
تزامنا مع الذكرى الخامسة بعد المائة لوفاة السيدة زينب القاسمية، تعتزم مجموعة من الباحثين عقد ملتقى وطني حول شخصية هذه العالمة الفقيهة المجاهدة الصوفية، وذلك أيام 10، 11، 12 نوفمبر 2009.
*
*
بقاعة المحاضرات الكبرى بمدينة بوسعادة، بمشاركة عدد كبير من الأساتذة منهم: د.بركاهم فرحاتي و د.عمار جيدل و د.بومدين بوزيد و د.رشيد بوسعادة و د.رؤوف قاسمي وناصر الأمجد ، وحول محتوى الملتقى وأهدافه التقت "الشروق" مع رئيسه الأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسني وكانت لها معه هذه الدردشة.
*
*
* لماذا اخترتم "لا لا زينب" تحديدا موضوعا لهذا الملتقى بالرغم من احتواء التراث الصوفي الجزائري على الكثير من الشخصيات المرموقة؟
*
كان ذلك مساهمة منا في إثراء النقاش الدائر حول دور التجربة الصوفية، وإبراز تجلياتها على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، مساهماتها المتواصلة في نشر مبادئ المحبة والخير والجمال، ورد الاعتبار إلى هذه السيدة التي تعد من أبرز أعلام الحركة الصوفية في المغرب الإسلامي. كما يهدف إلى إبراز الأدوار المشرفة للمرأة الجزائرية على مدى العصور المتلاحقة، وقد أدت كثير من النساء الجزائريات أدوارا علمية ودينية هامة كما هو شأن عائشة البسكرية ولالا ستي ولالا فاطمة نسومر ولالا زينب.
*
*
* نسمع عن لالا زينب لكننا نكاد لا نعرف عنها شيئا؟
*
هي من الشخصيات الدينية المهمة في تاريخ الجزائر المعاصر، ومن أهم الشخصيات الصوفية التي عملت جاهدة على الحفاظ على تماسك المجتمع في ظل الظروف العصيبة التي كان يمر بها. وأدت دورا جوهريا في الحفاظ على تماسك الطريقة الرحمانية، وقد تولت رئاستها بعد وفاة شيخها محمد بن أبي القاسم الهاملي ـ وهو والد السيدة زينب ـ، ملأت بقوة شخصيتها، وكرم أخلاقها، وحسن إدارتها، ذلك الفراغ الرهيب الذي تركه والدها في الحياة الدينية والثقافية في الجزائر نهاية القرن 19. واستمرت على رأس الطريقة الرحمانية والزاوية القاسمية أكثر من سبع سنوات، إلى غاية وفاتها سنة 1904. والتف حولها جمع من العلماء والمجاهدين على رأسهم: علي بن الحفاف، عاشور الخنقي، الأمير الهاشمي، أبناء المقراني.. ولعل من أبرز أعمالها التي خلدت ذكراها، هو مواصلة بناء مسجد والدها "المسجد القاسمي" الذي يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها، وآية من آيات الفن الإسلامي.
*
*
* وما الذي سيناقشه الملتقى، خاصة وأن الأعمال حول لالا زينب تكاد تكون معدومة؟
*
الباحثة الأمريكية كلنسي سميث خصتها بفصل مستقل في دراستها حول الطريقة الرحمانية، كما كتبت الدكتورة فرحاتي دراسة هامة حول تأثير السيدة زينب في مجتمعها المحلي، ويحضر أحد الباحثين الفرنسيين تأليفا حول شخصيتها المؤثرة.
*
*
بقاعة المحاضرات الكبرى بمدينة بوسعادة، بمشاركة عدد كبير من الأساتذة منهم: د.بركاهم فرحاتي و د.عمار جيدل و د.بومدين بوزيد و د.رشيد بوسعادة و د.رؤوف قاسمي وناصر الأمجد ، وحول محتوى الملتقى وأهدافه التقت "الشروق" مع رئيسه الأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسني وكانت لها معه هذه الدردشة.
*
*
* لماذا اخترتم "لا لا زينب" تحديدا موضوعا لهذا الملتقى بالرغم من احتواء التراث الصوفي الجزائري على الكثير من الشخصيات المرموقة؟
*
كان ذلك مساهمة منا في إثراء النقاش الدائر حول دور التجربة الصوفية، وإبراز تجلياتها على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، مساهماتها المتواصلة في نشر مبادئ المحبة والخير والجمال، ورد الاعتبار إلى هذه السيدة التي تعد من أبرز أعلام الحركة الصوفية في المغرب الإسلامي. كما يهدف إلى إبراز الأدوار المشرفة للمرأة الجزائرية على مدى العصور المتلاحقة، وقد أدت كثير من النساء الجزائريات أدوارا علمية ودينية هامة كما هو شأن عائشة البسكرية ولالا ستي ولالا فاطمة نسومر ولالا زينب.
*
*
* نسمع عن لالا زينب لكننا نكاد لا نعرف عنها شيئا؟
*
هي من الشخصيات الدينية المهمة في تاريخ الجزائر المعاصر، ومن أهم الشخصيات الصوفية التي عملت جاهدة على الحفاظ على تماسك المجتمع في ظل الظروف العصيبة التي كان يمر بها. وأدت دورا جوهريا في الحفاظ على تماسك الطريقة الرحمانية، وقد تولت رئاستها بعد وفاة شيخها محمد بن أبي القاسم الهاملي ـ وهو والد السيدة زينب ـ، ملأت بقوة شخصيتها، وكرم أخلاقها، وحسن إدارتها، ذلك الفراغ الرهيب الذي تركه والدها في الحياة الدينية والثقافية في الجزائر نهاية القرن 19. واستمرت على رأس الطريقة الرحمانية والزاوية القاسمية أكثر من سبع سنوات، إلى غاية وفاتها سنة 1904. والتف حولها جمع من العلماء والمجاهدين على رأسهم: علي بن الحفاف، عاشور الخنقي، الأمير الهاشمي، أبناء المقراني.. ولعل من أبرز أعمالها التي خلدت ذكراها، هو مواصلة بناء مسجد والدها "المسجد القاسمي" الذي يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها، وآية من آيات الفن الإسلامي.
*
*
* وما الذي سيناقشه الملتقى، خاصة وأن الأعمال حول لالا زينب تكاد تكون معدومة؟
*
الباحثة الأمريكية كلنسي سميث خصتها بفصل مستقل في دراستها حول الطريقة الرحمانية، كما كتبت الدكتورة فرحاتي دراسة هامة حول تأثير السيدة زينب في مجتمعها المحلي، ويحضر أحد الباحثين الفرنسيين تأليفا حول شخصيتها المؤثرة.
الزوايا في الجزائر
ظهرت الزوايا في المغرب الإسلامي منذ القرن السادس الهجري، الثالث عشر ميلادي، حيث حلت تدريجيا محل الرباط، ثم تطورت مهامها وتوسعت على يد المرابطين والطرق الصوفية، وجمعت بين العبادة والتعليم والتوجيه والإصلاح والجهاد في وقت واحد.
نمت هذه الزوايا وانتشرت بكثرة في القرن الثامن عشر الهجري= الخامس عشر ميلادي كرد فعل لحادثين كبيرين في حياة المسلمين في الجزائر وهما: ضياع الأندلس والغزو الصليبي المتمثل في احتلال اسبانيا لثغور الجزائر لاسيما المدن الساحلية.
واللافت للانتباه أن هذه الزوايا واسعة الانتشار، فهي في المدن والقرى والأرياف على قمم الجبال وفي أعماق الصحراء وعلى السواحل في الرباطات والمنارات حيث التجأ إليها وأقام فيها أناس نذروا أنفسهم لعبادة الله كانوا فيها فرسانا بالنهار رهبانا بالليل حريصين على أن يكونوا المعنيين بالحديث الشريف: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله".
وقد كان للزوايا في الجزائر دور فعال في المحافظة على التماسك الديني والخلقي والاجتماعي، وفي حفظ المجتمع من تهديد الأخطار الكبرى، بل قد كانت حركات الجهاد المسلّح ضد الطغيان الاستعماري الفرنسي تنطلق من هذه الزوايا التي شكّلت مراكز تعبئة ضد الغزاة المعتدين، لعلّ أبرزها حركة الأمير عبد القادر والشيخ الحداد والشيخ بوعمامة والمجاهدة لالا فاطمة انسومر…
نمت هذه الزوايا وانتشرت بكثرة في القرن الثامن عشر الهجري= الخامس عشر ميلادي كرد فعل لحادثين كبيرين في حياة المسلمين في الجزائر وهما: ضياع الأندلس والغزو الصليبي المتمثل في احتلال اسبانيا لثغور الجزائر لاسيما المدن الساحلية.
واللافت للانتباه أن هذه الزوايا واسعة الانتشار، فهي في المدن والقرى والأرياف على قمم الجبال وفي أعماق الصحراء وعلى السواحل في الرباطات والمنارات حيث التجأ إليها وأقام فيها أناس نذروا أنفسهم لعبادة الله كانوا فيها فرسانا بالنهار رهبانا بالليل حريصين على أن يكونوا المعنيين بالحديث الشريف: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله".
وقد كان للزوايا في الجزائر دور فعال في المحافظة على التماسك الديني والخلقي والاجتماعي، وفي حفظ المجتمع من تهديد الأخطار الكبرى، بل قد كانت حركات الجهاد المسلّح ضد الطغيان الاستعماري الفرنسي تنطلق من هذه الزوايا التي شكّلت مراكز تعبئة ضد الغزاة المعتدين، لعلّ أبرزها حركة الأمير عبد القادر والشيخ الحداد والشيخ بوعمامة والمجاهدة لالا فاطمة انسومر…
زاوية الهامل
زاوية الهامل درة الصحراء وملاذ الغرباء ومبعث النور والضياء، من أعلى قمم التصوف والصفاء، من أسمى هامات الطهر والبهـاء، بحر من الخير والصلاح، ومركز التقوى والفلاح، سمت بقامتها على مثيلاتها من جبال العلم واليقين، وراحت تنشر على الأحياء والأرجاء نسمات الصدق والوفاء، وتفتح أجوائها للغرباء والفضلاء والعلماء، من هنا مـرَّ المكي والكتاني والبوطي وابن نبي، وها هنا أقام الديسي والخنقي والسنوسي.
هذي القباب التي زادت المكان بهاء وروعة وجمالا، وهذي الجدران التي احتضنت عقد الأشعري وفقه مالك وطريقة الجنيد السالك، وهذي الدروب التي سلكها الفقهاء والعارفون، أشبه ما تكون بدروب بغداد المحاسبي والبسطامي وسمنون.
زاوية الصلاح وهي أشبه ما تكون بزوايا الشرق البعيد المليء بالأسرار والأخيار والأبرار.
خرجت أمشي في الساحة الخلفية للمسجد ورحابه الواسعة، فأخذتني روعة المكان عن نفسي وروحي، ورحت أنقل الفكر بين الماضي والحاضر، بين من كانوا هنا، ومن لازالوا ها هنا يقيمون، ورحت أنقل البصر بين تلك المشاهد والمناظر، فتمتلئ النفس بهذا الجمال والجلال، وتعود إلى القلب ذكريات الرجال، ولن يستطيع القلب أن ينسى هذه اللحظات التي يقتنصها الإنسان اقتناصا ويتحينها بين الفينة والفينة، لكنها تكفي لمعيشة سنة كاملة.
وأحرص دوما على إمتاع النظر والقلب بهذا البهاء والجمال، احرص على أن يكون الزاد الذي نتقوت به منها، أقف متأملا مصغيا لورق التوت الذي يعود بالذكرى إلى عهد سيدنا آدم عليه السلام، فكأن المكان وجد منذ ذاك الزمان، فيخبرني أن هناك من الناس من مرَّ دون أن ينظر أو يتفكر، وهناك من الناس من توقف وتدبر، وهناك من أفنى حياته وزهرة شبابه هنا في التعليم والتدريس والنظر.
تخبرني أن فرنسا أرادت يوما ما هدم المقام ودكه بالمدافع، واجتمع الناس في يوم مشهود، وكلهم حيرة وأسف وحزن لما سيحدث لهذا المقام الذي آواهم وأطعمهم، والتقوا في الساحة الأمامية للمسجد، وهنا حدثت المعجزة: فكلما وجه العدو مدافعه باتجاه المسجد توقفت عن القذف، وكلما وجهت إلى الجبل انطلقت منها القنابل مدوية مفجرة، حتى جن جنون القائد وحاول العملية ثلاثا، ولما تأكد لديه أن الأمر يتعلق بكرامة إلهية، أخذ جنوده ومدافعه وانصرف.
البصر حائر في هذه المشاهد الكثيرة المهيبة، التي تؤلف مع بعضها البعض آية من آيات العظمة التي تدعو العبد للسجود والاقتراب، وتكتب قصيدة من أروع قصائد الجمال والضياء، وتبعث في النفس الشعور بالفخر والاعتزاز، وتلقي على الروح نفثات سبوحية والهامات نورانية لا يدريها إلا من عاناها.
لست أدري ما الذي يجعلنا نعشق هذي الأرض عشقا بالرغم من أننا لم نعرفها ولم نولد بها وما أقمنا بها إلا أيام العطل والسكون، لست أدري ما الذي يجعلنا مشد
هذي القباب التي زادت المكان بهاء وروعة وجمالا، وهذي الجدران التي احتضنت عقد الأشعري وفقه مالك وطريقة الجنيد السالك، وهذي الدروب التي سلكها الفقهاء والعارفون، أشبه ما تكون بدروب بغداد المحاسبي والبسطامي وسمنون.
زاوية الصلاح وهي أشبه ما تكون بزوايا الشرق البعيد المليء بالأسرار والأخيار والأبرار.
خرجت أمشي في الساحة الخلفية للمسجد ورحابه الواسعة، فأخذتني روعة المكان عن نفسي وروحي، ورحت أنقل الفكر بين الماضي والحاضر، بين من كانوا هنا، ومن لازالوا ها هنا يقيمون، ورحت أنقل البصر بين تلك المشاهد والمناظر، فتمتلئ النفس بهذا الجمال والجلال، وتعود إلى القلب ذكريات الرجال، ولن يستطيع القلب أن ينسى هذه اللحظات التي يقتنصها الإنسان اقتناصا ويتحينها بين الفينة والفينة، لكنها تكفي لمعيشة سنة كاملة.
وأحرص دوما على إمتاع النظر والقلب بهذا البهاء والجمال، احرص على أن يكون الزاد الذي نتقوت به منها، أقف متأملا مصغيا لورق التوت الذي يعود بالذكرى إلى عهد سيدنا آدم عليه السلام، فكأن المكان وجد منذ ذاك الزمان، فيخبرني أن هناك من الناس من مرَّ دون أن ينظر أو يتفكر، وهناك من الناس من توقف وتدبر، وهناك من أفنى حياته وزهرة شبابه هنا في التعليم والتدريس والنظر.
تخبرني أن فرنسا أرادت يوما ما هدم المقام ودكه بالمدافع، واجتمع الناس في يوم مشهود، وكلهم حيرة وأسف وحزن لما سيحدث لهذا المقام الذي آواهم وأطعمهم، والتقوا في الساحة الأمامية للمسجد، وهنا حدثت المعجزة: فكلما وجه العدو مدافعه باتجاه المسجد توقفت عن القذف، وكلما وجهت إلى الجبل انطلقت منها القنابل مدوية مفجرة، حتى جن جنون القائد وحاول العملية ثلاثا، ولما تأكد لديه أن الأمر يتعلق بكرامة إلهية، أخذ جنوده ومدافعه وانصرف.
البصر حائر في هذه المشاهد الكثيرة المهيبة، التي تؤلف مع بعضها البعض آية من آيات العظمة التي تدعو العبد للسجود والاقتراب، وتكتب قصيدة من أروع قصائد الجمال والضياء، وتبعث في النفس الشعور بالفخر والاعتزاز، وتلقي على الروح نفثات سبوحية والهامات نورانية لا يدريها إلا من عاناها.
لست أدري ما الذي يجعلنا نعشق هذي الأرض عشقا بالرغم من أننا لم نعرفها ولم نولد بها وما أقمنا بها إلا أيام العطل والسكون، لست أدري ما الذي يجعلنا مشد
الزوايا بالجزائر
كتبها محمد علي قاسمي الحسني ، في 9 يوليو 2010 الساعة: 23:10 م
عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة، وانتشرت انتشارا واضحا، سواء في الأرياف أو في المدن، وعمت كل جهات الوطن تقريبا، خاصة الغرب والوسط، كما انتشرت في منطقة القبائل انتشارا كبيرا، خصوصا بعد الاحتلال الإسباني لمدينة بجاية.
والشكل الأول الذي أخذته الزاوية بالجزائر قبل أن تعرف مظهرها الأخير هو الرابطة: وهي التي نشأت في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، جمعت بين وظيفتين أساسيتين هما: تعليم العلم والانقطاع للعبادة، واستمرت في نشاطها إلى غاية نهاية النصف الأول من القرن السابع الهجري، وتركت وظائفها ونشاطاتها للزاوية، التي أضافت إلى رصيدها جملة من الوظائف والنشاطات.
أولا: الزوايا قبل العهد العثماني:
أشارت المصادر إلى أن أقدم رابطة بالجزائر هي: "رباط بونة" وبه ضريح "أبي مروان البوني" شارح موطأ مالك، ورباط "رجال الحمراء" قرب عنابة أيضا، اللذان يعودان إلى نهاية القرن الخامس الهجري أي تقريبا نفس الفترة التي ظهرت فيها الزوايا بالمشرق.
وتطورت الرابطة في النصف الثاني من القرن السادس الهجري = الثاني عشر الميلادي، وفي غضون النصف الأول من القرن 07هـ= 13م، أصبحت تقوم إلى جانب وظائفها السابقة بإعالة الطلبة المقيمين بها، كما أصبحت لها أوقاف ينفق منها على الطلبة والمريدين.
ومن أشهر الرابطات في هذه المرحلة رابطة أبي محمد عبد الكريم بن عبد الملك البجائي المعروف بـ "ابن أبي يبكى". وتقع داخل باب أمسيون من أعلى سند بجاية، وهو الموقف لأوقافها الكثيرة المعروفة. وكذا رابطة علي بن أبي نصر بن عبد الله البجائي (ت 652هـ= 1254م) ، الذي "بنى له رابطة بخارج باب ميسون. وانقطع فيها آخر عمره عن الناس"، كما جاء في عنوان الدراية.
نجحت هذه المؤسسات في نشر التصوف الإسلامي، وسائر العلوم النقلية والعقلية، إلا أن المصطلح بدأ يختفي منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وحل محله مصطلح الزاوية. التي انتشرت خلال هذه الفترة نتيجة انتشار التصوف، وقد قام الحفصيون والزيانيون بدور هام في انتشار الزوايا على مستوى المغرب الإسلامي. وبالتالي فإن الزاوية في المغرب الأوسط هي الرابطة في بداية نشأتها وتطورها.
بعد ذلك انتشرت الزوايا انتشارا واضحا في كل الجهات: وخاصة في الغرب والوسط، وأرجع الدكتور أبو القاسم سعد الله سبب كثرتها بالناحية الغربية إلى زوايا المرابطين في المغرب الأقصى، وإلى حجاج ورحالة المغرب الذين كانوا يعبرون الجزائر ويغذون فكرة المرابطية وينشرون مبادئ شيوخهم.
كما انتشرت الزوايا في منطقة القبائل الكبرى والصغرى انتشارا كبيرا، خصوصا بعد احتلال الأسبان لمدينة بجاية، وخروج الكثيرين من أبناء المدينة إلى الجبال المحيطة بها على أمل المرابطة والعودة، فقاموا بتأسيس الزوايا في بني وغليس وبني يعلى وغيرها من الأماكن، وقد بلغ عدد الزوايا بمنطقة القبائل وحدها حوالي ستين زاوية.
وزاوية الشيخ إبراهيم التازي في وهران كانت بها خزائن الكتب وآلات الجهاد. وكانت زاوية الشيخ التواتي ببجاية ملجأ للمجاهدين ضد غزاة البحر من الأسبان.
وظهرت زوايا في جنوب الجزائر، قام بتأسيسها رجال عرفوا بالصلاح والتقوى، كالزاوية الزيانية بالقنادسة وزاوية الأعمش بتندوف، وزاوية كنتة بأدرار.
وعرفت الزوايا مع مرور الزمن تطورا إيجابيا في وظائفها من التعليم إلى العبادة إلى حل قضايا الناس، ودور لعابري السبيل، ولإيواء الفقراء والمساكين.
انطلاقا من نهاية القرن السابع الهجري= 13 الميلادي، دخلت الزاوية مرحلة أخرى من التطور، حيث أصبحت مكانا يقصده الناس لزيارة الشيخ الصوفي والتبرك به، التماسا للدعاء، ويدفن بها عند موته، وتنتقل إدارة الزاوية إلى أحد أبناء الشيخ المؤسس، أو أحد أقاربه، تماما كما حدث لزاوية يعقوب بن عمران البويوسفي التي انتقلت مشيختها إلى ابنه الشيخ يوسف بن يعقوب، وكزاوية علي بن أحمد المجاجي التي انتقلت رئاستها إلى ابنه محمد بن علي آبهلول كتبها محمد علي قاسمي الحسني ، في 9 يوليو 2010 الساعة: 23:10 م
عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة، وانتشرت انتشارا واضحا، سواء في الأرياف أو في المدن، وعمت كل جهات الوطن تقريبا، خاصة الغرب والوسط، كما انتشرت في منطقة القبائل انتشارا كبيرا، خصوصا بعد الاحتلال الإسباني لمدينة بجاية.
والشكل الأول الذي أخذته الزاوية بالجزائر قبل أن تعرف مظهرها الأخير هو الرابطة: وهي التي نشأت في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، جمعت بين وظيفتين أساسيتين هما: تعليم العلم والانقطاع للعبادة، واستمرت في نشاطها إلى غاية نهاية النصف الأول من القرن السابع الهجري، وتركت وظائفها ونشاطاتها للزاوية، التي أضافت إلى رصيدها جملة من الوظائف والنشاطات.
أولا: الزوايا قبل العهد العثماني:
أشارت المصادر إلى أن أقدم رابطة بالجزائر هي: "رباط بونة" وبه ضريح "أبي مروان البوني" شارح موطأ مالك، ورباط "رجال الحمراء" قرب عنابة أيضا، اللذان يعودان إلى نهاية القرن الخامس الهجري أي تقريبا نفس الفترة التي ظهرت فيها الزوايا بالمشرق.
وتطورت الرابطة في النصف الثاني من القرن السادس الهجري = الثاني عشر الميلادي، وفي غضون النصف الأول من القرن 07هـ= 13م، أصبحت تقوم إلى جانب وظائفها السابقة بإعالة الطلبة المقيمين بها، كما أصبحت لها أوقاف ينفق منها على الطلبة والمريدين.
ومن أشهر الرابطات في هذه المرحلة رابطة أبي محمد عبد الكريم بن عبد الملك البجائي المعروف بـ "ابن أبي يبكى". وتقع داخل باب أمسيون من أعلى سند بجاية، وهو الموقف لأوقافها الكثيرة المعروفة. وكذا رابطة علي بن أبي نصر بن عبد الله البجائي (ت 652هـ= 1254م) ، الذي "بنى له رابطة بخارج باب ميسون. وانقطع فيها آخر عمره عن الناس"، كما جاء في عنوان الدراية.
نجحت هذه المؤسسات في نشر التصوف الإسلامي، وسائر العلوم النقلية والعقلية، إلا أن المصطلح بدأ يختفي منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وحل محله مصطلح الزاوية. التي انتشرت خلال هذه الفترة نتيجة انتشار التصوف، وقد قام الحفصيون والزيانيون بدور هام في انتشار الزوايا على مستوى المغرب الإسلامي. وبالتالي فإن الزاوية في المغرب الأوسط هي الرابطة في بداية نشأتها وتطورها.
بعد ذلك انتشرت الزوايا انتشارا واضحا في كل الجهات: وخاصة في الغرب والوسط، وأرجع الدكتور أبو القاسم سعد الله سبب كثرتها بالناحية الغربية إلى زوايا المرابطين في المغرب الأقصى، وإلى حجاج ورحالة المغرب الذين كانوا يعبرون الجزائر ويغذون فكرة المرابطية وينشرون مبادئ شيوخهم.
كما انتشرت الزوايا في منطقة القبائل الكبرى والصغرى انتشارا كبيرا، خصوصا بعد احتلال الأسبان لمدينة بجاية، وخروج الكثيرين من أبناء المدينة إلى الجبال المحيطة بها على أمل المرابطة والعودة، فقاموا بتأسيس الزوايا في بني وغليس وبني يعلى وغيرها من الأماكن، وقد بلغ عدد الزوايا بمنطقة القبائل وحدها حوالي ستين زاوية.
وزاوية الشيخ إبراهيم التازي في وهران كانت بها خزائن الكتب وآلات الجهاد. وكانت زاوية الشيخ التواتي ببجاية ملجأ للمجاهدين ضد غزاة البحر من الأسبان.
وظهرت زوايا في جنوب الجزائر، قام بتأسيسها رجال عرفوا بالصلاح والتقوى، كالزاوية الزيانية بالقنادسة وزاوية الأعمش بتندوف، وزاوية كنتة بأدرار.
وعرفت الزوايا مع مرور الزمن تطورا إيجابيا في وظائفها من التعليم إلى العبادة إلى حل قضايا الناس، ودور لعابري السبيل، ولإيواء الفقراء والمساكين.
انطلاقا من نهاية القرن السابع الهجري= 13 الميلادي، دخلت الزاوية مرحلة أخرى من التطور، حيث أصبحت مكانا يقصده الناس لزيارة الشيخ الصوفي والتبرك به، التماسا للدعاء، ويدفن بها عند موته، وتنتقل إدارة الزاوية إلى أحد أبناء الشيخ المؤسس، أو أحد أقاربه، تماما كما حدث لزاوية يعقوب بن عمران البويوسفي التي انتقلت مشيختها إلى ابنه الشيخ يوسف بن يعقوب، وكزاوية علي بن أحمد المجاجي التي انتقلت رئاستها إلى ابنه محمد بن علي آبهلول
عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة، وانتشرت انتشارا واضحا، سواء في الأرياف أو في المدن، وعمت كل جهات الوطن تقريبا، خاصة الغرب والوسط، كما انتشرت في منطقة القبائل انتشارا كبيرا، خصوصا بعد الاحتلال الإسباني لمدينة بجاية.
والشكل الأول الذي أخذته الزاوية بالجزائر قبل أن تعرف مظهرها الأخير هو الرابطة: وهي التي نشأت في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، جمعت بين وظيفتين أساسيتين هما: تعليم العلم والانقطاع للعبادة، واستمرت في نشاطها إلى غاية نهاية النصف الأول من القرن السابع الهجري، وتركت وظائفها ونشاطاتها للزاوية، التي أضافت إلى رصيدها جملة من الوظائف والنشاطات.
أولا: الزوايا قبل العهد العثماني:
أشارت المصادر إلى أن أقدم رابطة بالجزائر هي: "رباط بونة" وبه ضريح "أبي مروان البوني" شارح موطأ مالك، ورباط "رجال الحمراء" قرب عنابة أيضا، اللذان يعودان إلى نهاية القرن الخامس الهجري أي تقريبا نفس الفترة التي ظهرت فيها الزوايا بالمشرق.
وتطورت الرابطة في النصف الثاني من القرن السادس الهجري = الثاني عشر الميلادي، وفي غضون النصف الأول من القرن 07هـ= 13م، أصبحت تقوم إلى جانب وظائفها السابقة بإعالة الطلبة المقيمين بها، كما أصبحت لها أوقاف ينفق منها على الطلبة والمريدين.
ومن أشهر الرابطات في هذه المرحلة رابطة أبي محمد عبد الكريم بن عبد الملك البجائي المعروف بـ "ابن أبي يبكى". وتقع داخل باب أمسيون من أعلى سند بجاية، وهو الموقف لأوقافها الكثيرة المعروفة. وكذا رابطة علي بن أبي نصر بن عبد الله البجائي (ت 652هـ= 1254م) ، الذي "بنى له رابطة بخارج باب ميسون. وانقطع فيها آخر عمره عن الناس"، كما جاء في عنوان الدراية.
نجحت هذه المؤسسات في نشر التصوف الإسلامي، وسائر العلوم النقلية والعقلية، إلا أن المصطلح بدأ يختفي منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وحل محله مصطلح الزاوية. التي انتشرت خلال هذه الفترة نتيجة انتشار التصوف، وقد قام الحفصيون والزيانيون بدور هام في انتشار الزوايا على مستوى المغرب الإسلامي. وبالتالي فإن الزاوية في المغرب الأوسط هي الرابطة في بداية نشأتها وتطورها.
بعد ذلك انتشرت الزوايا انتشارا واضحا في كل الجهات: وخاصة في الغرب والوسط، وأرجع الدكتور أبو القاسم سعد الله سبب كثرتها بالناحية الغربية إلى زوايا المرابطين في المغرب الأقصى، وإلى حجاج ورحالة المغرب الذين كانوا يعبرون الجزائر ويغذون فكرة المرابطية وينشرون مبادئ شيوخهم.
كما انتشرت الزوايا في منطقة القبائل الكبرى والصغرى انتشارا كبيرا، خصوصا بعد احتلال الأسبان لمدينة بجاية، وخروج الكثيرين من أبناء المدينة إلى الجبال المحيطة بها على أمل المرابطة والعودة، فقاموا بتأسيس الزوايا في بني وغليس وبني يعلى وغيرها من الأماكن، وقد بلغ عدد الزوايا بمنطقة القبائل وحدها حوالي ستين زاوية.
وزاوية الشيخ إبراهيم التازي في وهران كانت بها خزائن الكتب وآلات الجهاد. وكانت زاوية الشيخ التواتي ببجاية ملجأ للمجاهدين ضد غزاة البحر من الأسبان.
وظهرت زوايا في جنوب الجزائر، قام بتأسيسها رجال عرفوا بالصلاح والتقوى، كالزاوية الزيانية بالقنادسة وزاوية الأعمش بتندوف، وزاوية كنتة بأدرار.
وعرفت الزوايا مع مرور الزمن تطورا إيجابيا في وظائفها من التعليم إلى العبادة إلى حل قضايا الناس، ودور لعابري السبيل، ولإيواء الفقراء والمساكين.
انطلاقا من نهاية القرن السابع الهجري= 13 الميلادي، دخلت الزاوية مرحلة أخرى من التطور، حيث أصبحت مكانا يقصده الناس لزيارة الشيخ الصوفي والتبرك به، التماسا للدعاء، ويدفن بها عند موته، وتنتقل إدارة الزاوية إلى أحد أبناء الشيخ المؤسس، أو أحد أقاربه، تماما كما حدث لزاوية يعقوب بن عمران البويوسفي التي انتقلت مشيختها إلى ابنه الشيخ يوسف بن يعقوب، وكزاوية علي بن أحمد المجاجي التي انتقلت رئاستها إلى ابنه محمد بن علي آبهلول كتبها محمد علي قاسمي الحسني ، في 9 يوليو 2010 الساعة: 23:10 م
عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة، وانتشرت انتشارا واضحا، سواء في الأرياف أو في المدن، وعمت كل جهات الوطن تقريبا، خاصة الغرب والوسط، كما انتشرت في منطقة القبائل انتشارا كبيرا، خصوصا بعد الاحتلال الإسباني لمدينة بجاية.
والشكل الأول الذي أخذته الزاوية بالجزائر قبل أن تعرف مظهرها الأخير هو الرابطة: وهي التي نشأت في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، جمعت بين وظيفتين أساسيتين هما: تعليم العلم والانقطاع للعبادة، واستمرت في نشاطها إلى غاية نهاية النصف الأول من القرن السابع الهجري، وتركت وظائفها ونشاطاتها للزاوية، التي أضافت إلى رصيدها جملة من الوظائف والنشاطات.
أولا: الزوايا قبل العهد العثماني:
أشارت المصادر إلى أن أقدم رابطة بالجزائر هي: "رباط بونة" وبه ضريح "أبي مروان البوني" شارح موطأ مالك، ورباط "رجال الحمراء" قرب عنابة أيضا، اللذان يعودان إلى نهاية القرن الخامس الهجري أي تقريبا نفس الفترة التي ظهرت فيها الزوايا بالمشرق.
وتطورت الرابطة في النصف الثاني من القرن السادس الهجري = الثاني عشر الميلادي، وفي غضون النصف الأول من القرن 07هـ= 13م، أصبحت تقوم إلى جانب وظائفها السابقة بإعالة الطلبة المقيمين بها، كما أصبحت لها أوقاف ينفق منها على الطلبة والمريدين.
ومن أشهر الرابطات في هذه المرحلة رابطة أبي محمد عبد الكريم بن عبد الملك البجائي المعروف بـ "ابن أبي يبكى". وتقع داخل باب أمسيون من أعلى سند بجاية، وهو الموقف لأوقافها الكثيرة المعروفة. وكذا رابطة علي بن أبي نصر بن عبد الله البجائي (ت 652هـ= 1254م) ، الذي "بنى له رابطة بخارج باب ميسون. وانقطع فيها آخر عمره عن الناس"، كما جاء في عنوان الدراية.
نجحت هذه المؤسسات في نشر التصوف الإسلامي، وسائر العلوم النقلية والعقلية، إلا أن المصطلح بدأ يختفي منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وحل محله مصطلح الزاوية. التي انتشرت خلال هذه الفترة نتيجة انتشار التصوف، وقد قام الحفصيون والزيانيون بدور هام في انتشار الزوايا على مستوى المغرب الإسلامي. وبالتالي فإن الزاوية في المغرب الأوسط هي الرابطة في بداية نشأتها وتطورها.
بعد ذلك انتشرت الزوايا انتشارا واضحا في كل الجهات: وخاصة في الغرب والوسط، وأرجع الدكتور أبو القاسم سعد الله سبب كثرتها بالناحية الغربية إلى زوايا المرابطين في المغرب الأقصى، وإلى حجاج ورحالة المغرب الذين كانوا يعبرون الجزائر ويغذون فكرة المرابطية وينشرون مبادئ شيوخهم.
كما انتشرت الزوايا في منطقة القبائل الكبرى والصغرى انتشارا كبيرا، خصوصا بعد احتلال الأسبان لمدينة بجاية، وخروج الكثيرين من أبناء المدينة إلى الجبال المحيطة بها على أمل المرابطة والعودة، فقاموا بتأسيس الزوايا في بني وغليس وبني يعلى وغيرها من الأماكن، وقد بلغ عدد الزوايا بمنطقة القبائل وحدها حوالي ستين زاوية.
وزاوية الشيخ إبراهيم التازي في وهران كانت بها خزائن الكتب وآلات الجهاد. وكانت زاوية الشيخ التواتي ببجاية ملجأ للمجاهدين ضد غزاة البحر من الأسبان.
وظهرت زوايا في جنوب الجزائر، قام بتأسيسها رجال عرفوا بالصلاح والتقوى، كالزاوية الزيانية بالقنادسة وزاوية الأعمش بتندوف، وزاوية كنتة بأدرار.
وعرفت الزوايا مع مرور الزمن تطورا إيجابيا في وظائفها من التعليم إلى العبادة إلى حل قضايا الناس، ودور لعابري السبيل، ولإيواء الفقراء والمساكين.
انطلاقا من نهاية القرن السابع الهجري= 13 الميلادي، دخلت الزاوية مرحلة أخرى من التطور، حيث أصبحت مكانا يقصده الناس لزيارة الشيخ الصوفي والتبرك به، التماسا للدعاء، ويدفن بها عند موته، وتنتقل إدارة الزاوية إلى أحد أبناء الشيخ المؤسس، أو أحد أقاربه، تماما كما حدث لزاوية يعقوب بن عمران البويوسفي التي انتقلت مشيختها إلى ابنه الشيخ يوسف بن يعقوب، وكزاوية علي بن أحمد المجاجي التي انتقلت رئاستها إلى ابنه محمد بن علي آبهلول
جميلة أسطورة الجزائر
مرة أخرى تتعرى الجزائر أمام العالم، في صورة من أبشع الصور وأحطها لؤما على مرأى الدنيا، مرة أخرى تكشف عن سوءتها جهارا دون حياء، ولم تبق ورق التوت ولا حتى ورقة الجزر (هي الأصغر) عسى أن تواري بها؛ هنا لن أخاطب السفهاء ممن يتبوءون مراكز متقدمة في النظام، ولا أولئك الذين يسوقون أنفسهم للناس عبر وسائل الإعلام بأنهم حماة عروبة الجزائر، وحجارة كريمة ترصع تاج الثورة والجهاد على الشعب أن يعتز بهم ويفخر، وهم اللعنة ذاتها التي سلطها الغباء السياسي عليه، ترجمتها أقلامهم في الأيام الأخيرة بمقالات تحت عنوان الانتصار لكرامة الجزائر من العبث الإعلامي المصري، والحال والواقع خلاف ذلك تماما.
لن أوجه إليهم الخطاب جميعا لسبب بسيط وهو أنهم أعجز من فهم ومعرفة متى ينزل كريم كما نزلت الأسطورة "جميلة بوحيرد" إلى مقام الشكوى من وضعها المادي،لان مستواهم الفكري والأخلاقي في آن، أدنى بكثير من معرفة هذا المقام، فهذا الأخير لا يعرفه إلا الرجال الرجال.
كما لن أذهب إلى قراءة رسالة جميلة، التي نشرتها في جريدة وطنية يوم 13/12، موجهة إلى فخامة الرئيس، وما فيها من ضرب موجع فوق الحزام وتحته، وتعرية فاضحة مدوية لما آلت إليه كرامة الجزائر، فهي أشد وهجا من الشمس في رابعة النهار، ومن البلاغة ما يجعل كل تعقيب عليها مجرد إطناب، إن لم يعد ركوبا حقيرا لاستعراض مقيت لمعاني الوطنية الزائفة، والتعاطف الاصطناعي المشين لاستجداء الشهرة.
ثم هي موجهة للرئيس، إن أردت عتابه فما تركت المجاهدة موقعا لعبارة، وأما الدفاع عنه فبحمد الله لم يترك زئير هذه المجاهدة الجريحة في عرينها من سبيل إلى ذلك لخدام السلطان، ناهيك عمن يترفعون من أمثالي على هذا الدور التافه والمذل.
إذن، أنا معني بالرسالة التي وجهتها للشعب والعبد لله واحد من أفراده، التي دعتنا فيها لمد يد العون لها، لأقول لها: لبيك وسعديك، أموالنا أرواحنا أولادنا ملك يديك، ولكن عليك أن تستجيبي لنا.
1- أن تقومي بإعلان رقم حسابك الشخصي، وليس الذي تفتحه لك بهذا النداء أي مؤسسة تابعة لهذه السلطة.
2- أن ترفضي علنا أي مساعدة من السلطة، وثقي أننا سنجمع لك أضعاف ما تحتاجين إليه، ولن تسمحي بأن تخلط أموال عرق جباهنا الطاهرة، بمال لم تعرق حتى جباههم في نهبه.
3- ارفعي زئيرك في وجه رفاقك من الرعيل الأول ،الذين دعوتهم شخصيا من على هذا المنبر مرارا لإنقاذ الجزائر، وذهبت صيحاتي في واد، ويعلم الله أني ما فعلت ذلك إلا خشية أمر كهذه القنبلة التي فجرتيها في وجه الجميع، لم ينته دوركم يا سيدتي الفاضلة ولا جهادكم المقدس، فمازالت الجزائر على حالها لم تتغير إلا الأسماء، طبقتان واحدة فوق القانون تتنعم بخيرات الشعب وأمواله كما أشرت، والسواد الأعظم تحت وطأة قوانين جائرة ظالمة وفقر مدقع.
أفهم جيدا معاناتك لسبب بسيط جدا، لأنني عشت ذاتها مع الوالد رحمه الله، وهو لا يقل قامة عنك إطلاقا، محكوم عليه بالإعدام كذلك عام 1957، الرجل الثاني بعد الشهيدين مصطفى بن بولعيد والعقيد الحواس( القادة الأوائل لثورة التحرير)، وهو ممن أشرت إليهم في رسالتك للرئيس، لم يطلبوا من هذا النظام جزاء على ما قدموا، ولم يستجد الاعتراف له بجهاده من أحد، ومع ذلك نهبت أمواله وصودرت عقاراته على محدوديتها، وبلغ مع أسرته ما أنت عليه اليوم دون مبالغة.
وقبل عامين من وفاته، تكرمت السلطة بالاعتراف له بحقه وخصصت له 70 دولارا شهريا، وجهها لباب الصدقات، وإلى اليوم تعيش زوجه على 70 دولارا شهريا، وأما أبناؤه فلا حق لهم، ومنهم اليوم من يعيش على 3 دولارات يوميا ومن عرق جبينه، ولازالت أملاكهم وأموالهم مصادرة إلى هذه الساعة، لهذا أفهم جيدا المرارة التي تتجرعين، والألم الذي تعانين.
و لكني أؤكد لك هنا، أن الجزائر كيانا وشعبا في حاجة كذلك ماسة مثلك لعمليات تنقذ مستقبله، وأعتقد جازما أن المسئول الأول عن هذه العمليات هم أنت وأمثالك من الرعيل الأول لثورة التحرير، ومن خلال شخصك الكريم أكرر لهم ندائي، أمثال فخامة الرئيس الشاذلي بن جديد، السيد عبد الحميد مهري، لخضر الإبراهيمي، حسين آيت أحمد، الحسين ساسي، محمد بن عاشور، محمد الطاهر آل خليفة، الطاهر لعاجل، ولا يتسع المقام لذكر البقية مع تقديري لهم.
أدعوهم جميعا لأن يتقوا الله في الجزائر، ولم يبق من أعمارهم أكثر مما مضى، وليتداركوا ما يمكن تداركه، فالسقف يوشك أن يقع على الجميع، ويذهب جهادهم وثورتهم هباء، ويسجل تغاضيهم اليوم وصمتهم لعنة عليهم ما بقيت الحياة.
فلاح جزائري
ismailelkacimi@gmail.com
جريدة القدس العربي
17/12/2009
لن أوجه إليهم الخطاب جميعا لسبب بسيط وهو أنهم أعجز من فهم ومعرفة متى ينزل كريم كما نزلت الأسطورة "جميلة بوحيرد" إلى مقام الشكوى من وضعها المادي،لان مستواهم الفكري والأخلاقي في آن، أدنى بكثير من معرفة هذا المقام، فهذا الأخير لا يعرفه إلا الرجال الرجال.
كما لن أذهب إلى قراءة رسالة جميلة، التي نشرتها في جريدة وطنية يوم 13/12، موجهة إلى فخامة الرئيس، وما فيها من ضرب موجع فوق الحزام وتحته، وتعرية فاضحة مدوية لما آلت إليه كرامة الجزائر، فهي أشد وهجا من الشمس في رابعة النهار، ومن البلاغة ما يجعل كل تعقيب عليها مجرد إطناب، إن لم يعد ركوبا حقيرا لاستعراض مقيت لمعاني الوطنية الزائفة، والتعاطف الاصطناعي المشين لاستجداء الشهرة.
ثم هي موجهة للرئيس، إن أردت عتابه فما تركت المجاهدة موقعا لعبارة، وأما الدفاع عنه فبحمد الله لم يترك زئير هذه المجاهدة الجريحة في عرينها من سبيل إلى ذلك لخدام السلطان، ناهيك عمن يترفعون من أمثالي على هذا الدور التافه والمذل.
إذن، أنا معني بالرسالة التي وجهتها للشعب والعبد لله واحد من أفراده، التي دعتنا فيها لمد يد العون لها، لأقول لها: لبيك وسعديك، أموالنا أرواحنا أولادنا ملك يديك، ولكن عليك أن تستجيبي لنا.
1- أن تقومي بإعلان رقم حسابك الشخصي، وليس الذي تفتحه لك بهذا النداء أي مؤسسة تابعة لهذه السلطة.
2- أن ترفضي علنا أي مساعدة من السلطة، وثقي أننا سنجمع لك أضعاف ما تحتاجين إليه، ولن تسمحي بأن تخلط أموال عرق جباهنا الطاهرة، بمال لم تعرق حتى جباههم في نهبه.
3- ارفعي زئيرك في وجه رفاقك من الرعيل الأول ،الذين دعوتهم شخصيا من على هذا المنبر مرارا لإنقاذ الجزائر، وذهبت صيحاتي في واد، ويعلم الله أني ما فعلت ذلك إلا خشية أمر كهذه القنبلة التي فجرتيها في وجه الجميع، لم ينته دوركم يا سيدتي الفاضلة ولا جهادكم المقدس، فمازالت الجزائر على حالها لم تتغير إلا الأسماء، طبقتان واحدة فوق القانون تتنعم بخيرات الشعب وأمواله كما أشرت، والسواد الأعظم تحت وطأة قوانين جائرة ظالمة وفقر مدقع.
أفهم جيدا معاناتك لسبب بسيط جدا، لأنني عشت ذاتها مع الوالد رحمه الله، وهو لا يقل قامة عنك إطلاقا، محكوم عليه بالإعدام كذلك عام 1957، الرجل الثاني بعد الشهيدين مصطفى بن بولعيد والعقيد الحواس( القادة الأوائل لثورة التحرير)، وهو ممن أشرت إليهم في رسالتك للرئيس، لم يطلبوا من هذا النظام جزاء على ما قدموا، ولم يستجد الاعتراف له بجهاده من أحد، ومع ذلك نهبت أمواله وصودرت عقاراته على محدوديتها، وبلغ مع أسرته ما أنت عليه اليوم دون مبالغة.
وقبل عامين من وفاته، تكرمت السلطة بالاعتراف له بحقه وخصصت له 70 دولارا شهريا، وجهها لباب الصدقات، وإلى اليوم تعيش زوجه على 70 دولارا شهريا، وأما أبناؤه فلا حق لهم، ومنهم اليوم من يعيش على 3 دولارات يوميا ومن عرق جبينه، ولازالت أملاكهم وأموالهم مصادرة إلى هذه الساعة، لهذا أفهم جيدا المرارة التي تتجرعين، والألم الذي تعانين.
و لكني أؤكد لك هنا، أن الجزائر كيانا وشعبا في حاجة كذلك ماسة مثلك لعمليات تنقذ مستقبله، وأعتقد جازما أن المسئول الأول عن هذه العمليات هم أنت وأمثالك من الرعيل الأول لثورة التحرير، ومن خلال شخصك الكريم أكرر لهم ندائي، أمثال فخامة الرئيس الشاذلي بن جديد، السيد عبد الحميد مهري، لخضر الإبراهيمي، حسين آيت أحمد، الحسين ساسي، محمد بن عاشور، محمد الطاهر آل خليفة، الطاهر لعاجل، ولا يتسع المقام لذكر البقية مع تقديري لهم.
أدعوهم جميعا لأن يتقوا الله في الجزائر، ولم يبق من أعمارهم أكثر مما مضى، وليتداركوا ما يمكن تداركه، فالسقف يوشك أن يقع على الجميع، ويذهب جهادهم وثورتهم هباء، ويسجل تغاضيهم اليوم وصمتهم لعنة عليهم ما بقيت الحياة.
فلاح جزائري
ismailelkacimi@gmail.com
جريدة القدس العربي
17/12/2009
كذا علمني النظام المصري جدول الحساب إسماعيل القاسمي الحسني
عليّ في البداية أن أوضح ثلاث نقاط باختصار شديد:
1 ـ حين أصر على تعريفي بالفلاح، فذلك لتنبيه القيادات السياسية العربية، بأن الثورة التكنولوجية في عالم الاتصالات، قد نزلت بثروة معلوماتية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، إلى أضعف طبقات المجتمع، لتوسع إمكاناته المعرفية، ويرقى بفضل أدواتها وعيه بما يدور حوله في العالم.
2 ـ لست هنا بمعرض الدفاع عن حركات المقاومة الفلسطينية، لأنها من ناحية هي في غنى عني ومن ناحية أخرى أرى في ذلك شرفا لا يتأتى لأمثالي بلوغه.
3 ـ لست كذلك في موقع التهجم على السيد حسام زكي، الناطق باسم الخارجية المصرية، ولولا أنه كذلك لما ذكر اسمه في مقال لي ترفعا مني وتعففا، فواقع الحال الذي تعيشه الأمة، وخاصة قلبها الدامي فلسطين أرضا وشعبا، يفرض على كل عاقل منا إذا تناول شأنه، أن يرقى بجد وصدق إلى مستواه. وهنا أقرر بكل أسف أن انهار سقف منظومة القيم الأخلاقية لدى النظام الرسمي العربي، لا يعني بالضرورة أنه وقع على سائر الأمة.
في ليلة 6/1 استضاف برنامج البيت بيتك في قناة 'المصرية'، الناطق باسم الخارجية المصرية رفقة السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية بمجلس الشورى، لن أرد على الأخير الذي أكد أن فتح معبر رفح بشكل دائم وطبيعي يعني إضفاء الشرعية على النظام القائم في قطاع غزة، يعني طبعا حماس، وهذا لن تقوم به مصر أبدا؛ وهذا الطرح لم يتفضل به في مقاله بـ'الأهرام' 30/12/2009، حيث اكتفى بتعليل بناء الجدار الفولاذي بأنه منعا لتسلل عناصر القاعدة من غزة ـ ولما لا إسرائيل!- حسب تعريفه، إلى مصر، وعليه يجب الحفاظ على الأمن القومي ؛ لن أرد لأنني سأشعر بسقوط شاقولي حر ومفزع، وإلا كيف يصدر كلام كهذا عن سفير كان معتمدا لدى نظام إرهابي مجرم لقيط (إسرائيل) محتل عنصري، لا يعرف حدودا ولا دولة له وآخر ما صدر فيه تقرير غولدستون الذي يجرم قياداته، ويزعم أنه لن يعترف بشرعية حماس المنتخبة، ألا يعد هذا تدخلا سافرا في شؤون شعب اختار بحرية من يمثله؟ ثم يدفعون بالقول أنهم أسقطوا الشرعية عن حماس بحجة ما يصفونه بالانقلاب، عليهم إذن أن يتبرأوا من الانقلاب الذي قام به جمال عبد الناصر، وليعتبروا نظامه وما ترتب عنه غير شرعي لذات السبب، وعليهم أن يغلقوا الحدود مع ليبيا لأن قائدها كذلك قام بانقلاب غير شرعي وكذلك السودان، إن وصف الانقلاب بغير الشرعي (مجاراة لهم) جريمته لن تسقط بالتقادم، وأولها النظام المصري بعينه. ثم بأي صفة يستضيفون ممثلي حركات المقاومة ويفاوضونهم،؟ بصفتهم مواطنين عاديين بسطاء! فليلقوا عليهم القبض وليزجوا بهم في السجون بحجة أنهم انقلابيون؟ أي سفه هذا وضحالة تفكير.
أعود للناطق باسم الخارجية، الذي كشف في هذا اللقاء أسرارا مذهلة وأرقاما تدعو أي عاقل للتأمل في مضامينها، بأسلوبه المتميز برائحة الكبر المصاحبة لمخارج الحروف، والأسارير المعبرة بدقة عن روح التعالي الأجوف، يعطي منشط اللقاء سرا غاية في الخطورة والأهمية، مستدلا على ذلك بأنه لأول مرة يعلن عليه في وسيلة إعلامية؛ يقول : لأول مرة أعلن عن هذا، خرج من قطاع غزة عام 2009 ما تعداده 75 ألف فلسطيني، وزد على ذلك دخلت القطاع 5000 طن من المساعدات الإنسانية في ذات العام مرت عبر 30 قافلة. هذا ملخص عرضه، جحظت أعين الحاضرين من هذه الأرقام الفلكية، وصيغ الكلام في قالب الترفع عن ذكر ما يقدمه النظام المصري لأشقائه في غزة حتى لا يعد منا وإنما هو الواجب القومي الذي نهض به النظام دون تغطيات إعلامية، ومع كل هذا يتحملون ما يكال لهم من الجهلة أمثالي، الذين يتصيدون أي شيء ولو كذبا وبهتانا سعيا للشهرة والأضواء على حساب مصر، كما فعل جورج غالاوي ورفاقه 'الصيع' على حد وصف السفير الأول. و بما أنني رجل فلاح سطحي التفكير، ولا يملك العلاقات إياها ليعرف من المصادر المعنية دلالات تلكم الأرقام الضخمة، وحتى أكون أكثر موضوعية وواقعية، لم أجد من سبيل إلا الذهاب إلى محطة الحافلات بقريتي الصغيرة، والتي تعداد سكانها 15 ألف (يعني 01' من عدد سكان غزة)، وأسأل مراقب المحطة عن حركة التنقل إلى المدينة المجاورة على بعد 14 كلم، فأعطاني معدل 500 يتنقلون يوميا، يزيد وينقص العدد قليلا، فعدت لأرقام سعادته، وقسمت 75 ألف على أيام السنة، فوقع أرضا عدد 205 أو شيئا من هذا القبيل، لا يحتاج الأمر هنا إلى تعليق.
بعد هذا يأتي الرقم الثاني 5000 طن من المساعدات، والتي ينضوي تحت عنوانها كل الاحتياجات من دواء ومواد غذائية، واعتبرته يشير إلى الدقيق فقط، يعني 5 ألاف طن دقيق، قسمت الرقم الهرم على عدد سكان القطاع، فانتهى الهرم إلى حصيلة تساوي 3 كلغ للفرد على امتداد العام، طبعا سيسارع العارفون إلى القول بأن الانروا تتكفل بـ 800 ألف لا تدخلها في هذا الحساب، طيب بقي 700 ألف، النتيجة7.1 كلغ، يعني ببساطة شديدة 20غ يوميا للفرد، ذهبت أحمل على كتفي هذا الرقم المصري الضخم إلى المدينة المجاورة - أتعبتموني يا أهل غزة- التي يقطنها 150 ألف نسمة، لأسأل أحد تجار الدقيق، وهو واحد من مجموع الخمسين الذي يمارسون تجارة الدقيق(الجملة)، فأحاطني علما بأنه يجلب بمفرده 2500 طن سنويا، يعني رقم سعادته لا يتجاوز رقم تاجرين اثنين في مدينتي التي تمثل عشر سكان غزة، عدت أدراجي إلى مزرعتي كسير الخاطر، وحان وقت الغداء الذي عادة أقدم فيه الأكل كذلك للدجاج، وما بلغت يميني المكيال حتى كاد يغمى عليّ، إن الكيل 200غ للدجاجة الواحدة يوميا، يعني عشرة أضعاف ما يسمح به نظام سعادته لأم في غزة أو أخت أو بنت أو أب أو أخ أو ابن أو جد أو جدة أو حفيد أو حفيدة أو.. أو.. وأوووه زفرة أرسلها حارقة إلى أن أقف بين يدي الله؛ لا وجود هنا للقياس طبعا، ولا داعي للي المعاني حتى تركب عوجا على الكلمات، وأترك للقارئ إن شاء أن يفترض الرقم يعني الدواء أو أي شيء آخر وله أن يقرأه كيفما يشاء أعترف لكم أنني تعبت حقا.
أخيرا، بالنسبة لي هذا جزء من الهم الذي يؤرقني، بل الجزء الأهم والأثقل، لكن في ثنايا هذه المسألة يتخفى استفهام مشروع وجاد: هل هؤلاء الدبلوماسيون المصريون يعون ما يقولون؟ يعني هل هم واعون حقا لما يقولونه على الفضائيات وكل العالم يراهم ويسمعهم؟ لا شك لدي أنهم من بني البشر هذا صحيح كما أنه لا شك لدي أنهم عقلاء، لكن ألا يستحون من الافتخار بتمرير 20 غ من الدقيق لكل فلسطيني يوميا؟ إن كانوا لا يفقهون ما يقولون فتلكم مصيبة مصر، وإن كانوا يعلمون، فلا شك لدي أن المصيبة أعظم.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
1 ـ حين أصر على تعريفي بالفلاح، فذلك لتنبيه القيادات السياسية العربية، بأن الثورة التكنولوجية في عالم الاتصالات، قد نزلت بثروة معلوماتية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، إلى أضعف طبقات المجتمع، لتوسع إمكاناته المعرفية، ويرقى بفضل أدواتها وعيه بما يدور حوله في العالم.
2 ـ لست هنا بمعرض الدفاع عن حركات المقاومة الفلسطينية، لأنها من ناحية هي في غنى عني ومن ناحية أخرى أرى في ذلك شرفا لا يتأتى لأمثالي بلوغه.
3 ـ لست كذلك في موقع التهجم على السيد حسام زكي، الناطق باسم الخارجية المصرية، ولولا أنه كذلك لما ذكر اسمه في مقال لي ترفعا مني وتعففا، فواقع الحال الذي تعيشه الأمة، وخاصة قلبها الدامي فلسطين أرضا وشعبا، يفرض على كل عاقل منا إذا تناول شأنه، أن يرقى بجد وصدق إلى مستواه. وهنا أقرر بكل أسف أن انهار سقف منظومة القيم الأخلاقية لدى النظام الرسمي العربي، لا يعني بالضرورة أنه وقع على سائر الأمة.
في ليلة 6/1 استضاف برنامج البيت بيتك في قناة 'المصرية'، الناطق باسم الخارجية المصرية رفقة السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية بمجلس الشورى، لن أرد على الأخير الذي أكد أن فتح معبر رفح بشكل دائم وطبيعي يعني إضفاء الشرعية على النظام القائم في قطاع غزة، يعني طبعا حماس، وهذا لن تقوم به مصر أبدا؛ وهذا الطرح لم يتفضل به في مقاله بـ'الأهرام' 30/12/2009، حيث اكتفى بتعليل بناء الجدار الفولاذي بأنه منعا لتسلل عناصر القاعدة من غزة ـ ولما لا إسرائيل!- حسب تعريفه، إلى مصر، وعليه يجب الحفاظ على الأمن القومي ؛ لن أرد لأنني سأشعر بسقوط شاقولي حر ومفزع، وإلا كيف يصدر كلام كهذا عن سفير كان معتمدا لدى نظام إرهابي مجرم لقيط (إسرائيل) محتل عنصري، لا يعرف حدودا ولا دولة له وآخر ما صدر فيه تقرير غولدستون الذي يجرم قياداته، ويزعم أنه لن يعترف بشرعية حماس المنتخبة، ألا يعد هذا تدخلا سافرا في شؤون شعب اختار بحرية من يمثله؟ ثم يدفعون بالقول أنهم أسقطوا الشرعية عن حماس بحجة ما يصفونه بالانقلاب، عليهم إذن أن يتبرأوا من الانقلاب الذي قام به جمال عبد الناصر، وليعتبروا نظامه وما ترتب عنه غير شرعي لذات السبب، وعليهم أن يغلقوا الحدود مع ليبيا لأن قائدها كذلك قام بانقلاب غير شرعي وكذلك السودان، إن وصف الانقلاب بغير الشرعي (مجاراة لهم) جريمته لن تسقط بالتقادم، وأولها النظام المصري بعينه. ثم بأي صفة يستضيفون ممثلي حركات المقاومة ويفاوضونهم،؟ بصفتهم مواطنين عاديين بسطاء! فليلقوا عليهم القبض وليزجوا بهم في السجون بحجة أنهم انقلابيون؟ أي سفه هذا وضحالة تفكير.
أعود للناطق باسم الخارجية، الذي كشف في هذا اللقاء أسرارا مذهلة وأرقاما تدعو أي عاقل للتأمل في مضامينها، بأسلوبه المتميز برائحة الكبر المصاحبة لمخارج الحروف، والأسارير المعبرة بدقة عن روح التعالي الأجوف، يعطي منشط اللقاء سرا غاية في الخطورة والأهمية، مستدلا على ذلك بأنه لأول مرة يعلن عليه في وسيلة إعلامية؛ يقول : لأول مرة أعلن عن هذا، خرج من قطاع غزة عام 2009 ما تعداده 75 ألف فلسطيني، وزد على ذلك دخلت القطاع 5000 طن من المساعدات الإنسانية في ذات العام مرت عبر 30 قافلة. هذا ملخص عرضه، جحظت أعين الحاضرين من هذه الأرقام الفلكية، وصيغ الكلام في قالب الترفع عن ذكر ما يقدمه النظام المصري لأشقائه في غزة حتى لا يعد منا وإنما هو الواجب القومي الذي نهض به النظام دون تغطيات إعلامية، ومع كل هذا يتحملون ما يكال لهم من الجهلة أمثالي، الذين يتصيدون أي شيء ولو كذبا وبهتانا سعيا للشهرة والأضواء على حساب مصر، كما فعل جورج غالاوي ورفاقه 'الصيع' على حد وصف السفير الأول. و بما أنني رجل فلاح سطحي التفكير، ولا يملك العلاقات إياها ليعرف من المصادر المعنية دلالات تلكم الأرقام الضخمة، وحتى أكون أكثر موضوعية وواقعية، لم أجد من سبيل إلا الذهاب إلى محطة الحافلات بقريتي الصغيرة، والتي تعداد سكانها 15 ألف (يعني 01' من عدد سكان غزة)، وأسأل مراقب المحطة عن حركة التنقل إلى المدينة المجاورة على بعد 14 كلم، فأعطاني معدل 500 يتنقلون يوميا، يزيد وينقص العدد قليلا، فعدت لأرقام سعادته، وقسمت 75 ألف على أيام السنة، فوقع أرضا عدد 205 أو شيئا من هذا القبيل، لا يحتاج الأمر هنا إلى تعليق.
بعد هذا يأتي الرقم الثاني 5000 طن من المساعدات، والتي ينضوي تحت عنوانها كل الاحتياجات من دواء ومواد غذائية، واعتبرته يشير إلى الدقيق فقط، يعني 5 ألاف طن دقيق، قسمت الرقم الهرم على عدد سكان القطاع، فانتهى الهرم إلى حصيلة تساوي 3 كلغ للفرد على امتداد العام، طبعا سيسارع العارفون إلى القول بأن الانروا تتكفل بـ 800 ألف لا تدخلها في هذا الحساب، طيب بقي 700 ألف، النتيجة7.1 كلغ، يعني ببساطة شديدة 20غ يوميا للفرد، ذهبت أحمل على كتفي هذا الرقم المصري الضخم إلى المدينة المجاورة - أتعبتموني يا أهل غزة- التي يقطنها 150 ألف نسمة، لأسأل أحد تجار الدقيق، وهو واحد من مجموع الخمسين الذي يمارسون تجارة الدقيق(الجملة)، فأحاطني علما بأنه يجلب بمفرده 2500 طن سنويا، يعني رقم سعادته لا يتجاوز رقم تاجرين اثنين في مدينتي التي تمثل عشر سكان غزة، عدت أدراجي إلى مزرعتي كسير الخاطر، وحان وقت الغداء الذي عادة أقدم فيه الأكل كذلك للدجاج، وما بلغت يميني المكيال حتى كاد يغمى عليّ، إن الكيل 200غ للدجاجة الواحدة يوميا، يعني عشرة أضعاف ما يسمح به نظام سعادته لأم في غزة أو أخت أو بنت أو أب أو أخ أو ابن أو جد أو جدة أو حفيد أو حفيدة أو.. أو.. وأوووه زفرة أرسلها حارقة إلى أن أقف بين يدي الله؛ لا وجود هنا للقياس طبعا، ولا داعي للي المعاني حتى تركب عوجا على الكلمات، وأترك للقارئ إن شاء أن يفترض الرقم يعني الدواء أو أي شيء آخر وله أن يقرأه كيفما يشاء أعترف لكم أنني تعبت حقا.
أخيرا، بالنسبة لي هذا جزء من الهم الذي يؤرقني، بل الجزء الأهم والأثقل، لكن في ثنايا هذه المسألة يتخفى استفهام مشروع وجاد: هل هؤلاء الدبلوماسيون المصريون يعون ما يقولون؟ يعني هل هم واعون حقا لما يقولونه على الفضائيات وكل العالم يراهم ويسمعهم؟ لا شك لدي أنهم من بني البشر هذا صحيح كما أنه لا شك لدي أنهم عقلاء، لكن ألا يستحون من الافتخار بتمرير 20 غ من الدقيق لكل فلسطيني يوميا؟ إن كانوا لا يفقهون ما يقولون فتلكم مصيبة مصر، وإن كانوا يعلمون، فلا شك لدي أن المصيبة أعظم.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
في ذكرى وفاة العلاّمة الشيخ محمد بنعزوز القاسمي الحسني
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخى
تكملة لى موضوعك
في ذكرى وفاة العلاّمة الشيخ محمد بنعزوز القاسمي الحسني من الشيوخ الذين أسهموا الكثير بمنطقة الجلفة...
الاثنين 3 تموز (يوليو) 2006.
عرف تاريخ الجزائر المعاصر الكثير من الرّجال الصادقين العاملين، الذِّين نذروا أنفسهم لخدمة البلاد ونفع العباد، وقاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم، لكن للأسف لا يزال تاريخهم مجهولا، لا نعرف عنه الشيء الكثير.
كانوا يعملون ليل نهار، في صمت وفي هدوء، بعيدا عن الأضواء والشهرة، معتمدين في ذلك على الله، متوجهين بقلوبهم ونفوسهم إلى بارئ السموات والأرض، يستمدون منه العون، مطبقين لأوامره، متمسّكين بدينه، مخلصين أعمالهم له وحده، لا ينتظرون من النَّاس جزاء ولا شكورا، بالرغم من إمكانية الحصول على مناصب أعلى ومراكز أقوى ومغريات أشهى، أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والديّن، تنوير الشعب توجيهه وإرشاده، الدعوة إلى الله والتمسّك بدينه الحنيف، تكوين الآلاف من الطلبة والأئمة والأساتذة في مختلف العلوم الشرعيّة، وذلك في أحلك الظروف وأصعبها.
ومن هؤلاء الأفذاذ الذِّين عملوا بتفان وإخلاص وجد ومثابرة في سبيل الدفاع عن الديّن ورفعة ألويته عاليا، والحفاظ على مقدّسات هذا الشعب الأبيِّ: الشيخ محمّد بنعزّوز القاسميِّ الحسنيِّ الشريف الهامليِّ.
الإمام الفقيه المالكيّ، العالم العامل، ينتمي إلى أسرة علمية دينية أدت دورا هاما في تاريخ الجزائر الثقافي والديني وهي أسرة قاسمي الحسني بزاوية الهامل.
والده هو الشيخ الحاج المختار بن الحاج محمّد الهامليِّ، العالم الفقيه الزاهد، شيخ زاوية الهامل المعروفة أثناء الحرب العالمية الأولى.
ولد رحمه الله سنة 1324هـ= 1906م ببلدة الهامل، أي في بداية القرن العشرين، وهو ما يمثل بالنسبة لتاريخ البلاد توقف الحركات الثورية وانتهاء المقاومة الشعبية المنظَّمة وغير المنظَّمة، وهي فترة عرفت ركودا وجمودا شديدين على جميع المستويات، بل بات المواطن الجزائري البسيط لا يفكر في شيء إلاَّ في الحصول على قوت يومه. توفي والده الشيخ المختار سنة 1915م، وتركه صغيرا في رعاية أعمامه وأخيه الشيخ محمّد المكيّ. وظهر نبوغ الولد بنعزّوز مبكرا، إذ لم يتم العقد الأول من عمره حتَّى حفظ القرآن وأتقن تجويده ورسمه، نشأ على حب طلب العلم والحرص عليه.
وكان أول شيوخه في العلم شيخ الجماعة بالزاوية القاسميِّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيِّ، شيخ والده، وهو صاحب التأثير الكبير عليه، وفي سنة 1917 انتقل إلى الجزائر العاصمة، أين درس بالجامع المالكيّ على يد الشيخ أبي القاسم الحفناويّ، مفتي المالكية بالجزائر، ثمَّ عاد بعدها إلى الزاوية القاسميِّة.
وقد كان الشيخ بنعزّوز من ألمع طلبة الزاوية في فترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى، وتمكن من العلوم الفقهية والعلوم اللغوية، والحديث والتَّفسير ـ وقد كتب فيه فيما بعد ـ، وذلك في ظرف وجيز جدا، وتدَّرج في سلَّم التعليم إلى أن صار أستاذا رفقة شيوخه الذِّين تولوا تعليمه من قبل، وكان عمره إذاك 18 سنة.
ولم تطل مدَّة تدريسه إذ نجده في سنة 1345هـ= 1926م ينتقل إلى جامع الزيتونة لمواصلة رحلته العلمية، وبالزيتونة تلَّقى علومه عن أساتذة أجلاء منهم: الشيخ محمَّد الزغواني المالكيّ، الشيخ محمّد الهادي العلاني،ّ الشيخ عثمان الخوجة الحنفيّ، الشيخ معاوية التميميّ...وغيرهم من مشايخ الزيتونة الفضلاء. وفي صائفة 1346هـ= 1927م، وبعد حصوله على الإجازة من شيوخه بتونس عاد إلى زاوية الهامل، واستقرَّ مدرسا بالزاوية وتولَّى التدريس رفقة جمع من الأساتذة الآخرين: الشيخ بن السنوسي الديسيِّ، الشيخ أحمد بن الأخضر الشريف، عبد العزيز بن أحمد الفاطميِّ ....
كان رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون. إلاَّ أن الذي اشتهر به الشيخ هو تخصَّصه في الفقه المالكي، وعكوفه على تدريس كتبه، مختصر خليل وشروحه، وكان درسه الفقهيَّ نموذجيا، لكونه لا يعتمد على الحفظ وحده، بل كان يرجع إلى المصادر والمراجع محاولا استخراج الأحكام الفقهيَّة من الكتاب والسنَّة، مستنبطا محاورا مناظرا. ممَّا جعل حلقته تتَّسع أكثر فأكثر، عاما بعد عام. وكان يختم مختصر خليل كل سنَّة، ويحضر مجلسه جمع من العلماء، ويحتفل بيوم الختم.
ولعلَّ من أهمِّ الأحداث التِّي عرفتها الساحة الثقافية هو تأسيس "جمعية العلماء المسلمين"، وقد شارك الشيخ بنعزّوز في تأسيسها بنادي الترّقي بالجزائر، وكان من أعضاء الجمعية العامَّة، بعدها انسحب الشيخ من الحياة السياسيَّة ومن المعارك التِّي كانت تشهدها أحيانا الساحة الجزائرية، ويرجع ذلك ـ ربَّما ـ لعاملين اثنين: أ ـ حبه الشديد للعلم والتعلم والتعليم، وتفرغه التام لأداء هذه المهمَّة النبيلة على أكمل وجه. فهو يرى أن أفضل الجهاد هو خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه. ب ـ طبيعته المسالمة التِّي لا تحب الظهور، ولا تحب الدخول في المعارك والصراعات، فالرجل رجل فقه وعلم، يبتعد قدر الإمكان على التحزب والتشرذم، حتَّى أنَّـه لم يشارك في أي دعوى حزبية أو سياسية، اللَّهم إلاَّ ثورة التحرير المباركة التِّي أيَّدها بقوة ودعمَّها بكل ما استطاع.
ومـرَّ عقد الثلاثينيات والرجل مكبّ على تدريس العلم الشريف بزاوية الهامل، وجاءت الحرب العالميَّة الثانيَّة، وعرف المجتمع الجزائريّ، كثيرا من التغيَّرات، وعرضت على الشيخ مناصب عدة في مناطق مختلفة من الوطن منها مفتي الديار الجزائرية، فرفضها كلها وفضَّل البقاء بمسقط رأسه الهامل، مواصلا مسيرة الآباء والأجداد، مخلصا عمله لله وحده.
حوَّل مسكنه بـ"تغانيم" بالقرب من زاوية الهامل، إلى ناد علميّ فكريّ ثقافيّ تجتمع فيه نخبة من العلماء والأساتذة وطلبة العلم. كمَا اهتَّم في هذه الفترة بجمع الكتب والمخطوطات، وقد وصفه أحد التقارير الأمنية الفرنسيَّة في هذه الفترة (1952م) بأنَّـه: "من مشائخ زاوية الهامل وأعيانـها، يتولَّى التدريس بها الآن، على ثقافة تقليديَّة عالية، لا يتقن اللغة الفرنسية".
وقبل اندلاع الثورة انتقل الشيخ إلى مدينة حاسي بحبح بولاية الجلفة، أين أسس مدرسة لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتخذها منبرا لتنوير الشعب ودعوته إلى الكفاح المسلح، وبالرغم من مضايقات الاحتلال الفرنسي إلاَّ أنَّ الشيخ صمَّم على بلوغ أهدافه وإبراز حقائق الاستعمار والدعوة إلى التمّسك بالدين الحنيف والمبادئ الإسلاميَّة والعادات والتقاليد الأصيلة، ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة والاندماج، وفي هذا ما فيه من الجهاد والكفاح.
بعد الاستقلال، طلب منه سكان مدينة عين وسَّارة وأعيانَـها الانتقال إليهم، وتوليِّ التوجيه والإرشاد بها، فلم يجد الشيخ بدًّا عن تلبية طلبهم، واستقرَّ بمدينة عين وسَّارة، وقضى سنواته الأولى بها مدّرسا لبعض العلوم من فقه وتفسّير وحديث، لمختلف طبقات الشعب، وفي السنوات الأخيرة لما شعر بنوع من الإعياء، قصر التدريس على بعض الأئمة والأساتذة في مكتبته بمنزله، وكان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة. كمَا تولَّى مهمّة الإفتاء والتِّي كان يمتنع عنها في السابق، لكن أصبحت في حقِّه بهذه المدينة فرض عين، ممَّا جعله يفتح أبواب منزله للمستفتين، ورجال القضاء والقانون، وظلَّ هذا دأبه وديدنه إلى أن لقي ربّه ليلة 21 رمضان 1404هـ= 21 جوان 1984م بمدينة البليدة بعد مرض ألزمه الفراش مدَّة طويلة، ودفن بمسقط رأسه الهامل في يوم مشهود، وشيَّعه جمع غفير في موكب مهيب غشيه حزن وأسى على فقد علم بارز، وأبَّـنه غير واحد.
مكتبتـه:
لا يمكنّنا الحديث عن الشيخ بنعزّوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتِّي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاَّب المعرفة، حيث ضمّت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصّص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلاَّ أنَّ أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا. كوَّنها رحمه الله ممَّا ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمَّد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية، ومن أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته: أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، أسرار الشيخ الإمام السنوسيّ، الإسفار عن معاني الأسفار، الإعراب عن قواعد الإعراب، بهجة البسط والأنس في شرح الكلمات الخمس، تذّكرة أولي الألباب لداود الأنطاكيّ، تفسير ابن جزيّ، التَّنوير في إسقاط التَّدبير لابن عطاء الله، الجامع الصحيح للبخاريّ: من كتب الفكّون الجَّد، نسخ ق 06هـ، الجامع الصحيح للبخاريّ، عليه تملّك مصطفى باشا....
تلامـذتـه:
تولَّى الشيخ بنعزّوز التدريس لأكثر من نصف قرن، في كل من زاوية الهامل ومدينة حاسي بحبح، ومدينة عين وسَّارة التِّي قضى بها العشرين سنة الأخيرة من حياته، ومنذ شبابه لم يعرف مهنة أخرى غير العلم والتعليم، وتتلمذ على يديه، في هاته الفترة أعداد لا تحصى من طلبة العلم، تخرجوا أئمة وقضاة ومفتين، التزموا بدورهم بنشر العلم في مدنهم وقراهم النائية، إذ أن أغلبية من درس عنه ينتمي إلى المناطق الداخلية من الوطن أو ما يعرف بالجزائر العميقة. وتخرَّج على يديه ما يقرب من ثلاثة آلاف طالب، فهو يقول في أحد ردوده بعيد الاستقلال متحدثا عن نفسه: "علّمه ـ أي مختصر خليل بشروحه ـ لأكثر من ألفي متعلّم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميّتهم وبارك في حياة المنتظر". ولعلَّ من أبرز تلامذته: الشيخ عبد الحفيظ القاسميِّ، مؤسّس مدرسة النجّاح بالبيرين، الشيخ معمر بن عثمان حاشي، إمام الجلفة وعالمها، الشيخ سعد بن عيسى حرزلي المعروف بالطالب سي سعد، الإمام العالم الفقيه المجاهد المعروف بزاوية الهامل...وغيرهم من الطلبة.
مـؤلفـاته:
بالرغم من عناية الشيخ بنعزّوز الشديدة بالكتابة والكتاب، إلاَّ أنَّـه لم يكن كثير التأليف، ربَّما بسبب مهنة التعليم والتدريس، وربَّما لظروف الحياة الثقافية التِّي لم تكن لتشجع العالم أو الباحث على التأليف والكتابة، ومع هذا فقد ترك مجموعة من الكتابات التِّي لا تزال مخطوطة لم تـر النور بعد منها: شرح الصدر بإعراب آيّ القطر، فهرست موضوعات ومصادر ومراجع اليواقيت الثمينة في الأشباه والنظائر الفقهيّة على مذهب مالك، لعليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ، تحقيق كتاب ((الكواكب العرفانيَّة والإشراقات الأنسيَّة في شرح القدسيَّة)) للورتيلانيّ، كما كتب عددا من الرسائل مثل: مناسك الحج، رسالة التقوى، استعمال جلود الميتة، الزكاة. وله تقييدات في الفقه والتفسير والحديث على معظم كتبه. هذا هو الشيخ بنعزوز باختصار الذي نحي ذكراه اليوم.
بارك الله فيك اخى
تكملة لى موضوعك
في ذكرى وفاة العلاّمة الشيخ محمد بنعزوز القاسمي الحسني من الشيوخ الذين أسهموا الكثير بمنطقة الجلفة...
الاثنين 3 تموز (يوليو) 2006.
عرف تاريخ الجزائر المعاصر الكثير من الرّجال الصادقين العاملين، الذِّين نذروا أنفسهم لخدمة البلاد ونفع العباد، وقاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم، لكن للأسف لا يزال تاريخهم مجهولا، لا نعرف عنه الشيء الكثير.
كانوا يعملون ليل نهار، في صمت وفي هدوء، بعيدا عن الأضواء والشهرة، معتمدين في ذلك على الله، متوجهين بقلوبهم ونفوسهم إلى بارئ السموات والأرض، يستمدون منه العون، مطبقين لأوامره، متمسّكين بدينه، مخلصين أعمالهم له وحده، لا ينتظرون من النَّاس جزاء ولا شكورا، بالرغم من إمكانية الحصول على مناصب أعلى ومراكز أقوى ومغريات أشهى، أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والديّن، تنوير الشعب توجيهه وإرشاده، الدعوة إلى الله والتمسّك بدينه الحنيف، تكوين الآلاف من الطلبة والأئمة والأساتذة في مختلف العلوم الشرعيّة، وذلك في أحلك الظروف وأصعبها.
ومن هؤلاء الأفذاذ الذِّين عملوا بتفان وإخلاص وجد ومثابرة في سبيل الدفاع عن الديّن ورفعة ألويته عاليا، والحفاظ على مقدّسات هذا الشعب الأبيِّ: الشيخ محمّد بنعزّوز القاسميِّ الحسنيِّ الشريف الهامليِّ.
الإمام الفقيه المالكيّ، العالم العامل، ينتمي إلى أسرة علمية دينية أدت دورا هاما في تاريخ الجزائر الثقافي والديني وهي أسرة قاسمي الحسني بزاوية الهامل.
والده هو الشيخ الحاج المختار بن الحاج محمّد الهامليِّ، العالم الفقيه الزاهد، شيخ زاوية الهامل المعروفة أثناء الحرب العالمية الأولى.
ولد رحمه الله سنة 1324هـ= 1906م ببلدة الهامل، أي في بداية القرن العشرين، وهو ما يمثل بالنسبة لتاريخ البلاد توقف الحركات الثورية وانتهاء المقاومة الشعبية المنظَّمة وغير المنظَّمة، وهي فترة عرفت ركودا وجمودا شديدين على جميع المستويات، بل بات المواطن الجزائري البسيط لا يفكر في شيء إلاَّ في الحصول على قوت يومه. توفي والده الشيخ المختار سنة 1915م، وتركه صغيرا في رعاية أعمامه وأخيه الشيخ محمّد المكيّ. وظهر نبوغ الولد بنعزّوز مبكرا، إذ لم يتم العقد الأول من عمره حتَّى حفظ القرآن وأتقن تجويده ورسمه، نشأ على حب طلب العلم والحرص عليه.
وكان أول شيوخه في العلم شيخ الجماعة بالزاوية القاسميِّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيِّ، شيخ والده، وهو صاحب التأثير الكبير عليه، وفي سنة 1917 انتقل إلى الجزائر العاصمة، أين درس بالجامع المالكيّ على يد الشيخ أبي القاسم الحفناويّ، مفتي المالكية بالجزائر، ثمَّ عاد بعدها إلى الزاوية القاسميِّة.
وقد كان الشيخ بنعزّوز من ألمع طلبة الزاوية في فترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى، وتمكن من العلوم الفقهية والعلوم اللغوية، والحديث والتَّفسير ـ وقد كتب فيه فيما بعد ـ، وذلك في ظرف وجيز جدا، وتدَّرج في سلَّم التعليم إلى أن صار أستاذا رفقة شيوخه الذِّين تولوا تعليمه من قبل، وكان عمره إذاك 18 سنة.
ولم تطل مدَّة تدريسه إذ نجده في سنة 1345هـ= 1926م ينتقل إلى جامع الزيتونة لمواصلة رحلته العلمية، وبالزيتونة تلَّقى علومه عن أساتذة أجلاء منهم: الشيخ محمَّد الزغواني المالكيّ، الشيخ محمّد الهادي العلاني،ّ الشيخ عثمان الخوجة الحنفيّ، الشيخ معاوية التميميّ...وغيرهم من مشايخ الزيتونة الفضلاء. وفي صائفة 1346هـ= 1927م، وبعد حصوله على الإجازة من شيوخه بتونس عاد إلى زاوية الهامل، واستقرَّ مدرسا بالزاوية وتولَّى التدريس رفقة جمع من الأساتذة الآخرين: الشيخ بن السنوسي الديسيِّ، الشيخ أحمد بن الأخضر الشريف، عبد العزيز بن أحمد الفاطميِّ ....
كان رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون. إلاَّ أن الذي اشتهر به الشيخ هو تخصَّصه في الفقه المالكي، وعكوفه على تدريس كتبه، مختصر خليل وشروحه، وكان درسه الفقهيَّ نموذجيا، لكونه لا يعتمد على الحفظ وحده، بل كان يرجع إلى المصادر والمراجع محاولا استخراج الأحكام الفقهيَّة من الكتاب والسنَّة، مستنبطا محاورا مناظرا. ممَّا جعل حلقته تتَّسع أكثر فأكثر، عاما بعد عام. وكان يختم مختصر خليل كل سنَّة، ويحضر مجلسه جمع من العلماء، ويحتفل بيوم الختم.
ولعلَّ من أهمِّ الأحداث التِّي عرفتها الساحة الثقافية هو تأسيس "جمعية العلماء المسلمين"، وقد شارك الشيخ بنعزّوز في تأسيسها بنادي الترّقي بالجزائر، وكان من أعضاء الجمعية العامَّة، بعدها انسحب الشيخ من الحياة السياسيَّة ومن المعارك التِّي كانت تشهدها أحيانا الساحة الجزائرية، ويرجع ذلك ـ ربَّما ـ لعاملين اثنين: أ ـ حبه الشديد للعلم والتعلم والتعليم، وتفرغه التام لأداء هذه المهمَّة النبيلة على أكمل وجه. فهو يرى أن أفضل الجهاد هو خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه. ب ـ طبيعته المسالمة التِّي لا تحب الظهور، ولا تحب الدخول في المعارك والصراعات، فالرجل رجل فقه وعلم، يبتعد قدر الإمكان على التحزب والتشرذم، حتَّى أنَّـه لم يشارك في أي دعوى حزبية أو سياسية، اللَّهم إلاَّ ثورة التحرير المباركة التِّي أيَّدها بقوة ودعمَّها بكل ما استطاع.
ومـرَّ عقد الثلاثينيات والرجل مكبّ على تدريس العلم الشريف بزاوية الهامل، وجاءت الحرب العالميَّة الثانيَّة، وعرف المجتمع الجزائريّ، كثيرا من التغيَّرات، وعرضت على الشيخ مناصب عدة في مناطق مختلفة من الوطن منها مفتي الديار الجزائرية، فرفضها كلها وفضَّل البقاء بمسقط رأسه الهامل، مواصلا مسيرة الآباء والأجداد، مخلصا عمله لله وحده.
حوَّل مسكنه بـ"تغانيم" بالقرب من زاوية الهامل، إلى ناد علميّ فكريّ ثقافيّ تجتمع فيه نخبة من العلماء والأساتذة وطلبة العلم. كمَا اهتَّم في هذه الفترة بجمع الكتب والمخطوطات، وقد وصفه أحد التقارير الأمنية الفرنسيَّة في هذه الفترة (1952م) بأنَّـه: "من مشائخ زاوية الهامل وأعيانـها، يتولَّى التدريس بها الآن، على ثقافة تقليديَّة عالية، لا يتقن اللغة الفرنسية".
وقبل اندلاع الثورة انتقل الشيخ إلى مدينة حاسي بحبح بولاية الجلفة، أين أسس مدرسة لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتخذها منبرا لتنوير الشعب ودعوته إلى الكفاح المسلح، وبالرغم من مضايقات الاحتلال الفرنسي إلاَّ أنَّ الشيخ صمَّم على بلوغ أهدافه وإبراز حقائق الاستعمار والدعوة إلى التمّسك بالدين الحنيف والمبادئ الإسلاميَّة والعادات والتقاليد الأصيلة، ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة والاندماج، وفي هذا ما فيه من الجهاد والكفاح.
بعد الاستقلال، طلب منه سكان مدينة عين وسَّارة وأعيانَـها الانتقال إليهم، وتوليِّ التوجيه والإرشاد بها، فلم يجد الشيخ بدًّا عن تلبية طلبهم، واستقرَّ بمدينة عين وسَّارة، وقضى سنواته الأولى بها مدّرسا لبعض العلوم من فقه وتفسّير وحديث، لمختلف طبقات الشعب، وفي السنوات الأخيرة لما شعر بنوع من الإعياء، قصر التدريس على بعض الأئمة والأساتذة في مكتبته بمنزله، وكان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة. كمَا تولَّى مهمّة الإفتاء والتِّي كان يمتنع عنها في السابق، لكن أصبحت في حقِّه بهذه المدينة فرض عين، ممَّا جعله يفتح أبواب منزله للمستفتين، ورجال القضاء والقانون، وظلَّ هذا دأبه وديدنه إلى أن لقي ربّه ليلة 21 رمضان 1404هـ= 21 جوان 1984م بمدينة البليدة بعد مرض ألزمه الفراش مدَّة طويلة، ودفن بمسقط رأسه الهامل في يوم مشهود، وشيَّعه جمع غفير في موكب مهيب غشيه حزن وأسى على فقد علم بارز، وأبَّـنه غير واحد.
مكتبتـه:
لا يمكنّنا الحديث عن الشيخ بنعزّوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتِّي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاَّب المعرفة، حيث ضمّت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصّص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلاَّ أنَّ أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا. كوَّنها رحمه الله ممَّا ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمَّد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية، ومن أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته: أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، أسرار الشيخ الإمام السنوسيّ، الإسفار عن معاني الأسفار، الإعراب عن قواعد الإعراب، بهجة البسط والأنس في شرح الكلمات الخمس، تذّكرة أولي الألباب لداود الأنطاكيّ، تفسير ابن جزيّ، التَّنوير في إسقاط التَّدبير لابن عطاء الله، الجامع الصحيح للبخاريّ: من كتب الفكّون الجَّد، نسخ ق 06هـ، الجامع الصحيح للبخاريّ، عليه تملّك مصطفى باشا....
تلامـذتـه:
تولَّى الشيخ بنعزّوز التدريس لأكثر من نصف قرن، في كل من زاوية الهامل ومدينة حاسي بحبح، ومدينة عين وسَّارة التِّي قضى بها العشرين سنة الأخيرة من حياته، ومنذ شبابه لم يعرف مهنة أخرى غير العلم والتعليم، وتتلمذ على يديه، في هاته الفترة أعداد لا تحصى من طلبة العلم، تخرجوا أئمة وقضاة ومفتين، التزموا بدورهم بنشر العلم في مدنهم وقراهم النائية، إذ أن أغلبية من درس عنه ينتمي إلى المناطق الداخلية من الوطن أو ما يعرف بالجزائر العميقة. وتخرَّج على يديه ما يقرب من ثلاثة آلاف طالب، فهو يقول في أحد ردوده بعيد الاستقلال متحدثا عن نفسه: "علّمه ـ أي مختصر خليل بشروحه ـ لأكثر من ألفي متعلّم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميّتهم وبارك في حياة المنتظر". ولعلَّ من أبرز تلامذته: الشيخ عبد الحفيظ القاسميِّ، مؤسّس مدرسة النجّاح بالبيرين، الشيخ معمر بن عثمان حاشي، إمام الجلفة وعالمها، الشيخ سعد بن عيسى حرزلي المعروف بالطالب سي سعد، الإمام العالم الفقيه المجاهد المعروف بزاوية الهامل...وغيرهم من الطلبة.
مـؤلفـاته:
بالرغم من عناية الشيخ بنعزّوز الشديدة بالكتابة والكتاب، إلاَّ أنَّـه لم يكن كثير التأليف، ربَّما بسبب مهنة التعليم والتدريس، وربَّما لظروف الحياة الثقافية التِّي لم تكن لتشجع العالم أو الباحث على التأليف والكتابة، ومع هذا فقد ترك مجموعة من الكتابات التِّي لا تزال مخطوطة لم تـر النور بعد منها: شرح الصدر بإعراب آيّ القطر، فهرست موضوعات ومصادر ومراجع اليواقيت الثمينة في الأشباه والنظائر الفقهيّة على مذهب مالك، لعليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ، تحقيق كتاب ((الكواكب العرفانيَّة والإشراقات الأنسيَّة في شرح القدسيَّة)) للورتيلانيّ، كما كتب عددا من الرسائل مثل: مناسك الحج، رسالة التقوى، استعمال جلود الميتة، الزكاة. وله تقييدات في الفقه والتفسير والحديث على معظم كتبه. هذا هو الشيخ بنعزوز باختصار الذي نحي ذكراه اليوم.
الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني بقلم: عبد المنعم قاسمي الحسني
الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني
بقلم: عبد المنعم قاسمي الحسني
عرف تاريخ الجزائر المعاصر الكثير من الرّجال الصادقين العاملين، الذِّين نذروا أنفسهم لخدمة البلاد ونفع العباد، وقاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم، لكن للأسف لا يزال تاريخهم مجهولا، لا نعرف عنه الشيء الكثير.
كانوا يعملون ليل نهار، في صمت وفي هدوء، بعيدا عن الأضواء والشهرة، معتمدين في ذلك على الله، متوجهين بقلوبهم ونفوسهم إلى بارئ السموات والأرض، يستمدون منه العون، مطبقين لأوامره، متمسّكين بدينه، مخلصين أعمالهم له وحده، لا ينتظرون من النَّاس جزاء ولا شكورا، بالرغم من إمكانية الحصول على مناصب أعلى ومراكز أقوى ومغريات أشهى، أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والديّن، تنوير الشعب توجيهه وإرشاده، الدعوة إلى الله والتمسّك بدينه الحنيف، تكوين الآلاف من الطلبة والأئمة والأساتذة في مختلف العلوم الشرعيّة، وذلك في أحلك الظروف وأصعبها.
ومن هؤلاء الأفذاذ الذِّين عملوا بتفان وإخلاص وجد ومثابرة في سبيل الدفاع عن الديّن ورفعة ألويته عاليا، والحفاظ على مقدّسات هذا الشعب الأبيِّ: الشيخ محمّد بنعزّوز القاسميِّ الحسنيِّ الشريف الهامليِّ. الإمام الفقيه المالكيّ، العالم العامل، ينتمي إلى أسرة علمية دينية أدت دورا هاما في تاريخ الجزائر الثقافي والديني وهي أسرة قاسمي الحسني بزاوية الهامل. والده هو الشيخ الحاج المختار بن الحاج محمّد الهامليِّ، العالم الفقيه الزاهد، شيخ زاوية الهامل المعروفة أثناء الحرب العالمية الأولى. .
ولد رحمه الله سنة 1324هـ= 1906م ببلدة الهامل، أي في بداية القرن العشرين، وهو ما يمثل بالنسبة لتاريخ البلاد توقف الحركات الثورية وانتهاء المقاومة الشعبية المنظَّمة وغير المنظَّمة، وهي فترة عرفت ركودا وجمودا شديدين على جميع المستويات، بل بات المواطن الجزائري البسيط لا يفكر في شيء إلاَّ في الحصول على قوت يومه.
توفي والده الشيخ المختار سنة 1915م، وتركه صغيرا في رعاية أعمامه وأخيه الشيخ محمّد المكيّ. وظهر نبوغ الولد بنعزّوز مبكرا، إذ لم يتم العقد الأول من عمره حتَّى حفظ القرآن وأتقن تجويده ورسمه، نشأ على حب طلب العلم والحرص عليه.
وكان أول شيوخه في العلم شيخ الجماعة بالزاوية القاسميِّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيِّ، شيخ والده، وهو صاحب التأثير الكبير عليه، وفي سنة 1917 انتقل إلى الجزائر العاصمة، أين درس بالجامع المالكيّ على يد الشيخ أبي القاسم الحفناويّ، مفتي المالكية بالجزائر، ثمَّ عاد بعدها إلى الزاوية القاسميِّة.
وقد كان الشيخ بنعزّوز من ألمع طلبة الزاوية في فترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى، وتمكن من العلوم الفقهية والعلوم اللغوية، والحديث والتَّفسير ـ وقد كتب فيه فيما بعد ـ، وذلك في ظرف وجيز جدا، وتدَّرج في سلَّم التعليم إلى أن صار أستاذا رفقة شيوخه الذِّين تولوا تعليمه من قبل، وكان عمره إذاك 18 سنة.
ولم تطل مدَّة تدريسه إذ نجده في سنة 1345هـ= 1926م ينتقل إلى جامع الزيتونة لمواصلة رحلته العلمية، وبالزيتونة تلَّقى علومه عن أساتذة أجلاء منهم: الشيخ محمَّد الزغواني المالكيّ، الشيخ محمّد الهادي العلاني،ّ الشيخ عثمان الخوجة الحنفيّ، الشيخ معاوية التميميّ...وغيرهم من مشايخ الزيتونة الفضلاء. وفي صائفة 1346هـ= 1927م، وبعد حصوله على الإجازة من شيوخه بتونس عاد إلى زاوية الهامل، واستقرَّ مدرسا بالزاوية وتولَّى التدريس رفقة جمع من الأساتذة الآخرين: الشيخ بن السنوسي الديسيِّ، الشيخ أحمد بن الأخضر الشريف، عبد العزيز بن أحمد الفاطميِّ ....
كان الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون.
كان رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون. إلاَّ أن الذي اشتهر به الشيخ هو تخصَّصه في الفقه المالكي، وعكوفه على تدريس كتبه، مختصر خليل وشروحه، وكان درسه الفقهيَّ نموذجيا، لكونه لا يعتمد على الحفظ وحده، بل كان يرجع إلى المصادر والمراجع محاولا استخراج الأحكام الفقهيَّة من الكتاب والسنَّة، مستنبطا محاورا مناظرا. ممَّا جعل حلقته تتَّسع أكثر فأكثر، عاما بعد عام. وكان يختم مختصر خليل كل سنَّة، ويحضر مجلسه جمع من العلماء، ويحتفل بيوم الختم. ولعلَّ من أهمِّ الأحداث التِّي عرفتها الساحة الثقافية هو تأسيس "جمعية العلماء المسلمين"، وقد شارك الشيخ بنعزّوز في تأسيسها بنادي الترّقي بالجزائر، وكان من أعضاء الجمعية العامَّة، بعدها انسحب الشيخ من الحياة السياسيَّة ومن المعارك التِّي كانت تشهدها أحيانا الساحة الجزائرية، ويرجع ذلك ـ ربَّما ـ لعاملين اثنين:
أ ـ حبه الشديد للعلم والتعلم والتعليم، وتفرغه التام لأداء هذه المهمَّة النبيلة على أكمل وجه. فهو يرى أن أفضل الجهاد هو خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه.
ب ـ طبيعته المسالمة التِّي لا تحب الظهور، ولا تحب الدخول في المعارك والصراعات، فالرجل رجل فقه وعلم، يبتعد قدر الإمكان على التحزب والتشرذم، حتَّى أنَّـه لم يشارك في أي دعوى حزبية أو سياسية، اللَّهم إلاَّ ثورة التحرير المباركة التِّي أيَّدها بقوة ودعمَّها بكل ما استطاع.
ومـرَّ عقد الثلاثينيات والرجل مكبّ على تدريس العلم الشريف بزاوية الهامل، وجاءت الحرب العالميَّة الثانيَّة، وعرف المجتمع الجزائريّ، كثيرا من التغيَّرات، وعرضت على الشيخ مناصب عدة في مناطق مختلفة من الوطن منها مفتي الديار الجزائرية، فرفضها كلها وفضَّل البقاء بمسقط رأسه الهامل، مواصلا مسيرة الآباء والأجداد، مخلصا عمله لله وحده.
حوَّل مسكنه بـ"تغانيم" بالقرب من زاوية الهامل، إلى ناد علميّ فكريّ ثقافيّ تجتمع فيه نخبة من العلماء والأساتذة وطلبة العلم. كمَا اهتَّم في هذه الفترة بجمع الكتب والمخطوطات، وقد وصفه أحد التقارير الأمنية الفرنسيَّة في هذه الفترة (1952م) بأنَّـه: "من مشائخ زاوية الهامل وأعيانـها، يتولَّى التدريس بها الآن، على ثقافة تقليديَّة عالية، لا يتقن اللغة الفرنسية".
وقبل اندلاع الثورة انتقل الشيخ إلى مدينة حاسي بحبح بولاية الجلفة، أين أسس مدرسة لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتخذها منبرا لتنوير الشعب ودعوته إلى الكفاح المسلح، وبالرغم من مضايقات الاحتلال الفرنسي إلاَّ أنَّ الشيخ صمَّم على بلوغ أهدافه وإبراز حقائق الاستعمار والدعوة إلى التمّسك بالدين الحنيف والمبادئ الإسلاميَّة والعادات والتقاليد الأصيلة، ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة والاندماج، وفي هذا ما فيه من الجهاد والكفاح.
كان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
بعد الاستقلال، طلب منه سكان مدينة عين وسَّارة وأعيانَـها الانتقال إليهم، وتوليِّ التوجيه والإرشاد بها، فلم يجد الشيخ بدًّا عن تلبية طلبهم، واستقرَّ بمدينة عين وسَّارة، وقضى سنواته الأولى بها مدّرسا لبعض العلوم من فقه وتفسّير وحديث، لمختلف طبقات الشعب، وفي السنوات الأخيرة لما شعر بنوع من الإعياء، قصر التدريس على بعض الأئمة والأساتذة في مكتبته بمنزله، وكان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
كمَا تولَّى مهمّة الإفتاء والتِّي كان يمتنع عنها في السابق، لكن أصبحت في حقِّه بهذه المدينة فرض عين، ممَّا جعله يفتح أبواب منزله للمستفتين، ورجال القضاء والقانون، وظلَّ هذا دأبه وديدنه إلى أن لقي ربّه ليلة 21 رمضان 1404هـ= 21 جوان 1984م بمدينة البليدة بعد مرض ألزمه الفراش مدَّة طويلة، ودفن بمسقط رأسه الهامل في يوم مشهود، وشيَّعه جمع غفير في موكب مهيب غشيه حزن وأسى على فقد علم بارز، وأبَّـنه غير واحد.
مكتبتـه: لا يمكنّنا الحديث عن الشيخ بنعزّوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتِّي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاَّب المعرفة، حيث ضمّت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصّص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلاَّ أنَّ أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا.
كوَّنها رحمه الله ممَّا ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمَّد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية، ومن أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته: أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، أسرار الشيخ الإمام السنوسيّ، الإسفار عن معاني الأسفار، الإعراب عن قواعد الإعراب، بهجة البسط والأنس في شرح الكلمات الخمس، تفسير ابن جزيّ، التَّنوير في إسقاط التَّدبير لابن عطاء الله، الجامع الصحيح للبخاريّ: من كتب الفكّون الجَّد، نسخ ق 06هـ، الجامع الصحيح للبخاريّ، عليه تملّك مصطفى باشا....
تلامـذتـه:
تولَّى الشيخ بنعزّوز التدريس لأكثر من نصف قرن، في كل من زاوية الهامل ومدينة حاسي بحبح، ومدينة عين وسَّارة التِّي قضى بها العشرين سنة الأخيرة من حياته، ومنذ شبابه لم يعرف مهنة أخرى غير العلم والتعليم، وتتلمذ على يديه، في هاته الفترة أعداد لا تحصى من طلبة العلم، تخرجوا أئمة وقضاة ومفتين، التزموا بدورهم بنشر العلم في مدنهم وقراهم النائية، إذ أن أغلبية من درس عنه ينتمي إلى المناطق الداخلية من الوطن أو ما يعرف بالجزائر العميقة.
وتخرَّج على يديه ما يقرب من ثلاثة آلاف طالب، فهو يقول في أحد ردوده بعيد الاستقلال متحدثا عن نفسه: "علّمه ـ أي مختصر خليل بشروحه ـ لأكثر من ألفي متعلّم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميّتهم وبارك في حياة المنتظر".
ولعلَّ من أبرز تلامذته: الشيخ عبد الحفيظ القاسميِّ، مؤسّس مدرسة النجّاح بالبيرين، الشيخ معمر بن عثمان حاشي، إمام الجلفة وعالمها، الشيخ سعد بن عيسى حرزلي المعروف بالطالب سي سعد، الإمام العالم الفقيه المجاهد المعروف بزاوية الهامل...وغيرهم من الطلبة.
مـؤلفـاته:
بالرغم من عناية الشيخ بن عزّوز الشديدة بالكتابة والكتاب، إلاَّ أنَّـه لم يكن كثير التأليف، ربَّما بسبب مهنة التعليم والتدريس، وربَّما لظروف الحياة الثقافية التِّي لم تكن لتشجع العالم أو الباحث على التأليف والكتابة، ومع هذا فقد ترك مجموعة من الكتابات التِّي لا تزال مخطوطة لم تـر النور بعد منها: شرح الصدر بإعراب آيّ القطر، فهرست موضوعات ومصادر ومراجع اليواقيت الثمينة في الأشباه والنظائر الفقهيّة على مذهب مالك، لعليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ، تحقيق كتاب ((الكواكب العرفانيَّة والإشراقات الأنسيَّة في شرح القدسيَّة)) للورتيلانيّ، كما كتب عددا من الرسائل مثل: مناسك الحج، رسالة التقوى، استعمال جلود الميتة، الزكاة. وله تقييدات في الفقه والتفسير والحديث على معظم كتبه. هذا هو الشيخ بنعزوز باختصار الذي نحي ذكراه اليوم.
بقلم: عبد المنعم قاسمي الحسني
عرف تاريخ الجزائر المعاصر الكثير من الرّجال الصادقين العاملين، الذِّين نذروا أنفسهم لخدمة البلاد ونفع العباد، وقاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم، لكن للأسف لا يزال تاريخهم مجهولا، لا نعرف عنه الشيء الكثير.
كانوا يعملون ليل نهار، في صمت وفي هدوء، بعيدا عن الأضواء والشهرة، معتمدين في ذلك على الله، متوجهين بقلوبهم ونفوسهم إلى بارئ السموات والأرض، يستمدون منه العون، مطبقين لأوامره، متمسّكين بدينه، مخلصين أعمالهم له وحده، لا ينتظرون من النَّاس جزاء ولا شكورا، بالرغم من إمكانية الحصول على مناصب أعلى ومراكز أقوى ومغريات أشهى، أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والديّن، تنوير الشعب توجيهه وإرشاده، الدعوة إلى الله والتمسّك بدينه الحنيف، تكوين الآلاف من الطلبة والأئمة والأساتذة في مختلف العلوم الشرعيّة، وذلك في أحلك الظروف وأصعبها.
ومن هؤلاء الأفذاذ الذِّين عملوا بتفان وإخلاص وجد ومثابرة في سبيل الدفاع عن الديّن ورفعة ألويته عاليا، والحفاظ على مقدّسات هذا الشعب الأبيِّ: الشيخ محمّد بنعزّوز القاسميِّ الحسنيِّ الشريف الهامليِّ. الإمام الفقيه المالكيّ، العالم العامل، ينتمي إلى أسرة علمية دينية أدت دورا هاما في تاريخ الجزائر الثقافي والديني وهي أسرة قاسمي الحسني بزاوية الهامل. والده هو الشيخ الحاج المختار بن الحاج محمّد الهامليِّ، العالم الفقيه الزاهد، شيخ زاوية الهامل المعروفة أثناء الحرب العالمية الأولى. .
ولد رحمه الله سنة 1324هـ= 1906م ببلدة الهامل، أي في بداية القرن العشرين، وهو ما يمثل بالنسبة لتاريخ البلاد توقف الحركات الثورية وانتهاء المقاومة الشعبية المنظَّمة وغير المنظَّمة، وهي فترة عرفت ركودا وجمودا شديدين على جميع المستويات، بل بات المواطن الجزائري البسيط لا يفكر في شيء إلاَّ في الحصول على قوت يومه.
توفي والده الشيخ المختار سنة 1915م، وتركه صغيرا في رعاية أعمامه وأخيه الشيخ محمّد المكيّ. وظهر نبوغ الولد بنعزّوز مبكرا، إذ لم يتم العقد الأول من عمره حتَّى حفظ القرآن وأتقن تجويده ورسمه، نشأ على حب طلب العلم والحرص عليه.
وكان أول شيوخه في العلم شيخ الجماعة بالزاوية القاسميِّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسيِّ، شيخ والده، وهو صاحب التأثير الكبير عليه، وفي سنة 1917 انتقل إلى الجزائر العاصمة، أين درس بالجامع المالكيّ على يد الشيخ أبي القاسم الحفناويّ، مفتي المالكية بالجزائر، ثمَّ عاد بعدها إلى الزاوية القاسميِّة.
وقد كان الشيخ بنعزّوز من ألمع طلبة الزاوية في فترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى، وتمكن من العلوم الفقهية والعلوم اللغوية، والحديث والتَّفسير ـ وقد كتب فيه فيما بعد ـ، وذلك في ظرف وجيز جدا، وتدَّرج في سلَّم التعليم إلى أن صار أستاذا رفقة شيوخه الذِّين تولوا تعليمه من قبل، وكان عمره إذاك 18 سنة.
ولم تطل مدَّة تدريسه إذ نجده في سنة 1345هـ= 1926م ينتقل إلى جامع الزيتونة لمواصلة رحلته العلمية، وبالزيتونة تلَّقى علومه عن أساتذة أجلاء منهم: الشيخ محمَّد الزغواني المالكيّ، الشيخ محمّد الهادي العلاني،ّ الشيخ عثمان الخوجة الحنفيّ، الشيخ معاوية التميميّ...وغيرهم من مشايخ الزيتونة الفضلاء. وفي صائفة 1346هـ= 1927م، وبعد حصوله على الإجازة من شيوخه بتونس عاد إلى زاوية الهامل، واستقرَّ مدرسا بالزاوية وتولَّى التدريس رفقة جمع من الأساتذة الآخرين: الشيخ بن السنوسي الديسيِّ، الشيخ أحمد بن الأخضر الشريف، عبد العزيز بن أحمد الفاطميِّ ....
كان الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون.
كان رحمه الله يبدأ يومه العلميّ بعد صلاة الصبح، فيشرع في تدريس علوم القرآن: من تفسير معانيه، وأسباب النزول، ومعه علم الحديث رواية ودراية، وإذا طلعت الشَّمس يبدأ بدرس التوحيد والعقيدة، واللّغة والنحو، وبعد العصر السنوسي الحساب والجوهر المكنون. إلاَّ أن الذي اشتهر به الشيخ هو تخصَّصه في الفقه المالكي، وعكوفه على تدريس كتبه، مختصر خليل وشروحه، وكان درسه الفقهيَّ نموذجيا، لكونه لا يعتمد على الحفظ وحده، بل كان يرجع إلى المصادر والمراجع محاولا استخراج الأحكام الفقهيَّة من الكتاب والسنَّة، مستنبطا محاورا مناظرا. ممَّا جعل حلقته تتَّسع أكثر فأكثر، عاما بعد عام. وكان يختم مختصر خليل كل سنَّة، ويحضر مجلسه جمع من العلماء، ويحتفل بيوم الختم. ولعلَّ من أهمِّ الأحداث التِّي عرفتها الساحة الثقافية هو تأسيس "جمعية العلماء المسلمين"، وقد شارك الشيخ بنعزّوز في تأسيسها بنادي الترّقي بالجزائر، وكان من أعضاء الجمعية العامَّة، بعدها انسحب الشيخ من الحياة السياسيَّة ومن المعارك التِّي كانت تشهدها أحيانا الساحة الجزائرية، ويرجع ذلك ـ ربَّما ـ لعاملين اثنين:
أ ـ حبه الشديد للعلم والتعلم والتعليم، وتفرغه التام لأداء هذه المهمَّة النبيلة على أكمل وجه. فهو يرى أن أفضل الجهاد هو خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه.
ب ـ طبيعته المسالمة التِّي لا تحب الظهور، ولا تحب الدخول في المعارك والصراعات، فالرجل رجل فقه وعلم، يبتعد قدر الإمكان على التحزب والتشرذم، حتَّى أنَّـه لم يشارك في أي دعوى حزبية أو سياسية، اللَّهم إلاَّ ثورة التحرير المباركة التِّي أيَّدها بقوة ودعمَّها بكل ما استطاع.
ومـرَّ عقد الثلاثينيات والرجل مكبّ على تدريس العلم الشريف بزاوية الهامل، وجاءت الحرب العالميَّة الثانيَّة، وعرف المجتمع الجزائريّ، كثيرا من التغيَّرات، وعرضت على الشيخ مناصب عدة في مناطق مختلفة من الوطن منها مفتي الديار الجزائرية، فرفضها كلها وفضَّل البقاء بمسقط رأسه الهامل، مواصلا مسيرة الآباء والأجداد، مخلصا عمله لله وحده.
حوَّل مسكنه بـ"تغانيم" بالقرب من زاوية الهامل، إلى ناد علميّ فكريّ ثقافيّ تجتمع فيه نخبة من العلماء والأساتذة وطلبة العلم. كمَا اهتَّم في هذه الفترة بجمع الكتب والمخطوطات، وقد وصفه أحد التقارير الأمنية الفرنسيَّة في هذه الفترة (1952م) بأنَّـه: "من مشائخ زاوية الهامل وأعيانـها، يتولَّى التدريس بها الآن، على ثقافة تقليديَّة عالية، لا يتقن اللغة الفرنسية".
وقبل اندلاع الثورة انتقل الشيخ إلى مدينة حاسي بحبح بولاية الجلفة، أين أسس مدرسة لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتخذها منبرا لتنوير الشعب ودعوته إلى الكفاح المسلح، وبالرغم من مضايقات الاحتلال الفرنسي إلاَّ أنَّ الشيخ صمَّم على بلوغ أهدافه وإبراز حقائق الاستعمار والدعوة إلى التمّسك بالدين الحنيف والمبادئ الإسلاميَّة والعادات والتقاليد الأصيلة، ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة والاندماج، وفي هذا ما فيه من الجهاد والكفاح.
كان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
بعد الاستقلال، طلب منه سكان مدينة عين وسَّارة وأعيانَـها الانتقال إليهم، وتوليِّ التوجيه والإرشاد بها، فلم يجد الشيخ بدًّا عن تلبية طلبهم، واستقرَّ بمدينة عين وسَّارة، وقضى سنواته الأولى بها مدّرسا لبعض العلوم من فقه وتفسّير وحديث، لمختلف طبقات الشعب، وفي السنوات الأخيرة لما شعر بنوع من الإعياء، قصر التدريس على بعض الأئمة والأساتذة في مكتبته بمنزله، وكان دأبه وديدنه في مجالسه تلك ودروسه، الدعوة إلى الله وإلى إحياء السنّة النبويّة، والقضاء على البدع والخرافات والتمييز بين الحق والباطل، والحرص على توجيه النَّاس إلى أخذ الدين من منابعه الأصليَّة: الكتاب والسنَّة.
كمَا تولَّى مهمّة الإفتاء والتِّي كان يمتنع عنها في السابق، لكن أصبحت في حقِّه بهذه المدينة فرض عين، ممَّا جعله يفتح أبواب منزله للمستفتين، ورجال القضاء والقانون، وظلَّ هذا دأبه وديدنه إلى أن لقي ربّه ليلة 21 رمضان 1404هـ= 21 جوان 1984م بمدينة البليدة بعد مرض ألزمه الفراش مدَّة طويلة، ودفن بمسقط رأسه الهامل في يوم مشهود، وشيَّعه جمع غفير في موكب مهيب غشيه حزن وأسى على فقد علم بارز، وأبَّـنه غير واحد.
مكتبتـه: لا يمكنّنا الحديث عن الشيخ بنعزّوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتِّي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاَّب المعرفة، حيث ضمّت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصّص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلاَّ أنَّ أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا.
كوَّنها رحمه الله ممَّا ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمَّد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية، ومن أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته: أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، أسرار الشيخ الإمام السنوسيّ، الإسفار عن معاني الأسفار، الإعراب عن قواعد الإعراب، بهجة البسط والأنس في شرح الكلمات الخمس، تفسير ابن جزيّ، التَّنوير في إسقاط التَّدبير لابن عطاء الله، الجامع الصحيح للبخاريّ: من كتب الفكّون الجَّد، نسخ ق 06هـ، الجامع الصحيح للبخاريّ، عليه تملّك مصطفى باشا....
تلامـذتـه:
تولَّى الشيخ بنعزّوز التدريس لأكثر من نصف قرن، في كل من زاوية الهامل ومدينة حاسي بحبح، ومدينة عين وسَّارة التِّي قضى بها العشرين سنة الأخيرة من حياته، ومنذ شبابه لم يعرف مهنة أخرى غير العلم والتعليم، وتتلمذ على يديه، في هاته الفترة أعداد لا تحصى من طلبة العلم، تخرجوا أئمة وقضاة ومفتين، التزموا بدورهم بنشر العلم في مدنهم وقراهم النائية، إذ أن أغلبية من درس عنه ينتمي إلى المناطق الداخلية من الوطن أو ما يعرف بالجزائر العميقة.
وتخرَّج على يديه ما يقرب من ثلاثة آلاف طالب، فهو يقول في أحد ردوده بعيد الاستقلال متحدثا عن نفسه: "علّمه ـ أي مختصر خليل بشروحه ـ لأكثر من ألفي متعلّم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميّتهم وبارك في حياة المنتظر".
ولعلَّ من أبرز تلامذته: الشيخ عبد الحفيظ القاسميِّ، مؤسّس مدرسة النجّاح بالبيرين، الشيخ معمر بن عثمان حاشي، إمام الجلفة وعالمها، الشيخ سعد بن عيسى حرزلي المعروف بالطالب سي سعد، الإمام العالم الفقيه المجاهد المعروف بزاوية الهامل...وغيرهم من الطلبة.
مـؤلفـاته:
بالرغم من عناية الشيخ بن عزّوز الشديدة بالكتابة والكتاب، إلاَّ أنَّـه لم يكن كثير التأليف، ربَّما بسبب مهنة التعليم والتدريس، وربَّما لظروف الحياة الثقافية التِّي لم تكن لتشجع العالم أو الباحث على التأليف والكتابة، ومع هذا فقد ترك مجموعة من الكتابات التِّي لا تزال مخطوطة لم تـر النور بعد منها: شرح الصدر بإعراب آيّ القطر، فهرست موضوعات ومصادر ومراجع اليواقيت الثمينة في الأشباه والنظائر الفقهيّة على مذهب مالك، لعليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ، تحقيق كتاب ((الكواكب العرفانيَّة والإشراقات الأنسيَّة في شرح القدسيَّة)) للورتيلانيّ، كما كتب عددا من الرسائل مثل: مناسك الحج، رسالة التقوى، استعمال جلود الميتة، الزكاة. وله تقييدات في الفقه والتفسير والحديث على معظم كتبه. هذا هو الشيخ بنعزوز باختصار الذي نحي ذكراه اليوم.
Inscription à :
Articles (Atom)