Messages les plus consultés

samedi 26 février 2011

من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية

من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية- اسماعيل القاسمي الحسني
[من يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية- اسماعيل القاسمي الحسني ]
أضف هذا الموضوع إلى مواقع أخرى Share |
أضيف في 2010-10-01 الكاتب said
المصدر القدس العربي

كدت استلقي على قفاي ضحكا من رد قريبي (فلاح كذلك) على السؤال عنوان المقال: هل جننت لا أحد أيها الرجل يسائل المؤسسة العسكرية الجزائرية إلا الله والله أعلم. بات الرجل يشك حتى في الأمر يوم القيامة، هذا السؤال لا يطرح في الجزائر على أي مستوى كان، حتى من يوهمون أنفسهم والناس أنهم صناع الرأي، ورجال الفكر والعلم، لا يجرؤ أحدهم على طرح هذا السؤال المشروع، بل الملاحظ إذا ما سيقت علامات الاستفهام حول دور ما يسمى مجازا البرلمان حيال هذه المؤسسة العسكرية، تكاد تلمس بيديك قشعريرة تسري تحت جلود القوم، لتمتقع ألوان الوجوه، تبتلع الألسن، القلوب لدى الحناجر والأفئدة هواء.
حين أقول المؤسسة العسكرية، فالمعنى طبعا ليس كل المنتسبين إليها، وإنما رموز قيادتها، بأي حق توضع متاريس من مواد قانونية، وتحفر دونهم خنادق من مراسم رئاسية، لا تمنع مساءلتهم عبر المؤسسات بل تجرم أمثالي إذا تجرأوا على طرح تساؤلاتهم حول دورهم وصلاحياتهم؟ وبما أن هذا السلوك يعبر عن جبن ومثل هذه القوانين إنما تترجم تخلفا مشينا، والحال أنني أستشعر في نفسي علوا عن مستوى كهذا، أجدني مضطرا لإعلان إنكاري لهذا المنطق المشوه، وعجزي عن مسايرة من يمنعني ممارسة حقوقي الفطرية والشرعية والدستورية في آن. أفهم جيدا سخرية بعض من يحسبون على الانتليجنسيا لطرح موضوع حساس كهذا، وإنما تلكم تغطية لخور وتعمية على وهن نخرا ما تبقى فيهم من هيكل فكر، لذلك بدل دفع الحجة بالحجة يذهبون إلى اتهام الكاتب رجما بالغيب، وهذه عدة العاجز وعادة المخنث.
نعم، الشعب الجزائري أهل لأن تكون له مؤسسات مدنية مستقلة، مسؤولة عن متابعة الهيئة العسكرية ومحاسبتها ومراجعتها، وغير ذلك، تعالوا نتفق ولو على المستوى النظري والقانوني: أليست هذه المؤسسة تستمد علة وجودها وشرعيته من خدمة الشعب؟ هذا أمر مجمع على صحته على مستوى العالم، وهل في المقابل يكون الشعب في خدمة هذه المؤسسة؟ المعادلة الأخيرة توصف اختصارا بالدكتاتورية وهي مرفوضة بشكل قاطع، إذن واضح أنه من حقي محاسبة قيادة هذه المؤسسة وتقييم سياستها وتقدير دورها وتصويب وظيفتها، حق لا ينازعني إياه إلا جاحد جاهل يريد فرض هيمنته خارج الأطر المتعارف عليها قانونا وشرعا، ولا شك أنها ليست في خدمة الشعب.
علينا أن نقر أولا، أن جسم هذه المؤسسة مكون في معظمه من أبناء الشعب، وما رضي بانتسابهم لها خدمة لسياسة أشخاص، وما سلمها رقابهم لتعبث بها اجتهادات أفراد غير مؤهلين دستوريا للمغامرة بهم في سياسات ليست من مسؤوليتهم ، وإنما لتأدية واجب نحو الأمة واضحة حدوده في الدستور، بينة معالمه في الشريعة التي يعتقدها ويعتنقها هذا الشعب، بهذا المنطق يمكن أن تشكل هذه المؤسسة، العمود الفقري القوي الذي تعتمد في النهوض عليه نظيراتها من بقية المؤسسات، وعلى هذا الأساس الواقعي نصل إلى نتيجة ملخصها أن ارتهانها لخيارات وقرارات ارتجالية لبعض الجنرالات إنما يصب في تدمير الوطن لا غير، ولن يرضى بها إلا من أراد به سوءا عن سابق إصرار وتعمد، ومن يعرض عن طرح هذا الموضوع من المؤهلين إنما هو جبان خائن لشعبه ووطنه.
بناء على ما تقدم أرفع السؤال التالي: مازال إلى اليوم بعض من قيادات المؤسسة العسكرية الجزائرية، حتى بعد تقاعدهم يتفاخرون عبر وسائل الإعلام، بالانقلاب عام 1992 على الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، من خول هؤلاء اتخاذ قرار خطير كهذا؟ من أجاز لهم إدخال البلد في أتون حرب أهلية راح ضحيتها آلاف المواطنين فضلا عن أضعاف العدد من الأرامل واليتامى؟ من كلفهم بحل البرلمان القائم إذاك وقد سمعت من رئيسه عبد العزيز بلخادم، أن القرار بلغه عن طريق نشرة الأخبار الرئيسية ككل المواطنين، علما بأنه كان الرجل الثاني دستوريا؟ من خول هؤلاء دعوة الرئيس محمد بوضياف (الذي اغتيل فيما بعد) رئيسا للدولة من دون العودة لخيار الشعب؟ ومن فوضهم إلغاء نتائج الانتخابات التي أعلنت نتائجها رسميا؟ ومن كلفهم باختيار علي كافي (رئيس مجلس الدولة هيئة غير شرعية)؟ ومن أذن لهم باستخلافه 1994 بالجنرال اليامين زروال (الرئيس على أنه منتخب فيما بعد)؟ ثم من أجاز لهم خلعه عند الاختلاف معه بافتعال انتخابات رئاسية مسبقة 1999؟ وأخيرا وليس آخرا من سمح لهم بالاتفاق مع الرئيس الحالي على تسلم السلطة؟ وقد وصفه أحد الجنرالات، خالد نزار، وهو أحد المسؤولين عن هذا الخيار، بأنه ليس أكثر من دمية ترتدي برنس الرئيس الهواري بومدين، لماذا يفعل بالشعب الجزائري كل هذا؟ ومن سمح لهؤلاء الجنرالات بإقحام البلد في كل هذه المتاهات؟ ومن يحاسب هؤلاء بمقتضى القانون والدستور وما أقره الشرع؟
لابد من فتح هذا الملف، وعلى رجال العلم والفكر مسؤولية ثقيلة بين يدي التاريخ اليوم، والأخطر بين يدي الله غدا، تتمثل في الجرأة على طرح هذا الموضوع بجدية، ونية خالصة صادقة لكشف ملابسات رهن قرار مستقبل بلد بمجمله بأيدي مجموعة، مهامها واضحة في الدستور قد تجاوزت صلاحياتها لتنتهي بقرارات عشوائية ارتجالية إلى ما نحن عليه اليوم، قد يسأل: وما الطائل من العودة إلى هذا الموضوع؟ الجواب بكل بساطة أن ما بني على باطل فهو قطعا باطل، ثم ليتأكد الجميع أن سنن الله لن تتغير بأهواء الناس، ومن أشدها وضوحا ورسوخا أن الملك لن يستقر ولن يقوم إلا بالعدل ولا شيء غير العدل، وأنه لن يغير ما بقوم ما لم يغيروا ما بأنفسهم.
ثم أليس من حقنا اليوم أن نعرف ماهية إستراتيجية المؤسسة العسكرية؟ لن أطرق باب ميزانيتها 5.5 مليار دولار وهي تفوق ضعف ميزانية الجيش المغربي، وفيما تصرف، هل في بناء المصانع وتطوير الآلة العسكرية بعقول وأيد جزائرية، أم في شراء كم من الحديد كما تفعل بعض الدول في المشرق العربي! وإنما أسأل عن العقيدة القتالية، من هو العدو؟ إسرائيل أم فرنسا أم كلتاهما، أم ولا واحدة منهما، أم المغرب أم الإرهاب أم الشعب الجزائري ذاته؟ كمواطن جزائري أعتقد أن الطرفين الأولين هما العدو الأساس، ليس بناء على التراكم التاريخي ومساره فحسب، وإنما تترجمه وقائع حديثة، وأما المغرب فيستحيل كذلك من الناحية العلمية أن يكون عدوا، بل لا يستقيم عقلا ومنطقا أن أتجاوز العداء مع فرنسا واقعا، وأعلق في خلاف سياسي أدحرجه إلى درجة العداء سفها مع المغرب، مع وجود الفارق الذي لا يسمح أصلا بالقياس، وأما الادعاء بأن العدو هو الإرهاب (أو القاعدة)، فهذا وهم كبير، لأنه لم تولد هذه الظاهرة مع الشعب الجزائري فطرة، ولا هي مستوردة من أطراف الدنيا، بل هي نتيجة سياسات خاطئة محورها الرئيسي ومصنعها القوي عنوانه 'الظلم'، وهذا السلوك المدان ينمو ويفرخ ما بقي الظلم، لن تستأصل شأفته الآلة العسكرية، بل لن تقتلعها إلا سياسة العدل وليس هيهات من سبيل غيره؛ أما إن كان العدو هو الشعب الجزائري ذاته، فأترك الجواب للقراء أنفسهم.. وعلى العلماء والمفكرين والكتاب أن ينظروا جيدا لمواقع أقدامهم ومستقبل أيام وطنهم وأبنائهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire