لحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا وحبيبنا ومرشدنا ومولانا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد؛ فلقد وقفت على نصّ مختصر تضمّن ورد الطريقة الرحمانيّة بقلم وخطّ العالم الجليل الفقيه الشيخ سيّدي محمّد بنعزّوز القاسميّ الحسنيّ، ورأيت أن أضع عليه تعليقا، أحاول به ما استطعت تأصيل ما فيه من أوراد، ملتزما في ذلك بما جاء في الكتاب والسنّة، وبعض المأثور عن العلماء الربّانيّين، سائلا الله المدد والسند والتوفيق والتحقيق والإعانة والإبانة، وهذا وضعته بداية كتذكرة لنفسي، ثمّ لمن شاء الله من بعد، لتطمئنّ نفس من أراد وجه الله ورضوانه، إلى أنّ ورده الذي أخذه عن شيوخه ومرشديه، مبنيّ على أساس متين، فما كان لله دام واتّصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل، نسأل الله السلامة في الدارين.
وسنشرع بإذن الله بنقل نصّه كما وجدناه بخطّ يده، ثمّ نتبعه بالتعليق؛
قال الشيخ رحمه الله:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه،
ورد الطريقة الرحمانيّة.
تذكر بعد صلاة الفجر: يا حيّ يا قيّوم لا إله إلاّ أنت برحمتك أستغيث. أربعين مرّة. ثمّ: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم أستغفر الله. مائة مرّة. ثمّ الصلاة الكاملة، وهي: اللهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد وآله صلاة أهل السموات والأرضين عليه وأجر يا ربّ لطفك الخفيّ في أموري. ثلاث مرّات. ثمّ: اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم أجرني من النار. ثلاث مرّات. وبعد صلاة الصبح، بعد المعقّبات، تذكر: لا إله إلاّ الله. ثلاثمائة مرّة، المائة الأولى بالمدّ والثانية بالتوسّط والثالثة بالقصر. وبعد صلاة العصر كذلك: لا إلّه إلاّ الله. ثلاثمائة مرّة. وبعد صلاة عصر الخميس: تترك الهيللة، وتنتقل إلى الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بقولك: اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم. ثلاثمائة مرّة. وبعد صلاة الجمعة: تصلّى بهذه الصيغة: اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد النبيّ الأميّ وعلى آله وصحبه وسلّم. ثمانين مرّة. ثمّ المعقّبات. ثمّ لا إله إلاّ الله، كما هي العادة. وبعد كلّ صلاة بعد المعقّبات: تصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عشر مرّات، بالصيغة الآتية: اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد وسلّم.
التعليق
تعريف
الحمد لله ربّ العلمين، وبعد؛ فنبدأ كما جرت عادة السلف بنبذة في التعريف بصاحب المتن، فنقول هو الشيخ محمّد بنعزوز بن المختار بن محمّد القاسميّ الحسنيّ، ولد عام 1321هـ / 1906م، في قرية الهامل، وتعلّم في زاويتها المشهورة، وبعد أن استكمل دراسته فيها هاجر إلى تونس مستزيدا من العلم، حيث التحق بالزيتونة وهو ابن عشرين سنة، ولمّا كان تحصيله من زاويته الأمّ قد أبلغه درجة العالميّة، لم تطل إقامته هناك وعاد بعد عام مجازا من شيخ المالكيّة بتونس إلى الهامل مدرّسا ومرشدا إلى قبيل اندلاع ثورة التحرير، ثمّ ارتحل إلى قرية حاسي بحبح، ثمّ بعد الاستقلال إلى عين وسّارة أين بقي فيها إلى أن لقي الله. وترك رحمه الله عدّة تآليف أهمّها «الفتاوى»، وكتاب «شرح الصدر بإعراب آي القطر»، وكتاب «العقد الثمين في أسانيد الشيخ الأمين»، وغير ذلك. كما ترك مكتبة ضخمة تشدّ إليها الرحال. وتوفي رحمه الله في 21 رمضان 1414هـ/1984م.
الورد
قوله ورد؛ والورد: مفرد أوراد، وهي الأدعية الواردة في المساء والصباح من كلّ يوم لينال الداعي بركتها وهداها، قال الله تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً، وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}[المزمّل: 78]. وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب الله له كأنّما قرأه في الليل). رواه مسلم وأبو داود والترمذيّ والنسائيّ وابن ماجة، عن عمر بن الخطّاب t. قال أبو الحسن الحارثيّ: ورود الماء بالشرب، وورود الذكر بمعرفة الربّ جلّ جلاله. وقال أبو طالب المكيّ: إنّ الورد اسم لوقت من ليل أو نهار، يرد على العبد مكرّرا، فيقطعه في قربة إلى الله... وأيسر الأوراد صلاة أربع ركعات، أو قراءة سورة من المثاني، أو سعي في معاونة على برّ أو تقوى.
الطريقة
قوله الطريقة؛ والطريقة عند الصوفيّة هي عبارة عن مراسم الحق تعالى المشروعة التي لا رخصة فيها. قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]. قال العزّ ابن عبد السلام في «الفوائد»: الصراط الطريق، والطريق هو الموصل إلى المقاصد والخيرات. وقال تعالى: {وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجنّ: 16]. قال الطبريّ في «تفسيره»: الطريقة هي طريقة الإسلام. وقال تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً} [الإسراء: 84]. قال أبو طالب المكيّ: الشاكلة الطريقة. قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (إنّ هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، فإنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى). رواه ابن حنبل. وفي الحديث من معاني تعدّد الطرق إلى الله، ووجوب اتّباعها وعدم الحيد عنها ما فيه. وانظر كلامنا عن الطريقة في المقدّمة الوثيقة.
الرحمانية
قوله: الرحمانيّة؛ والرحمانيّة نسبة إلى الشيخ محمّد بن عبد الرحمن الأزهريّ، من قبيلة آيت إسماعيل بجرجرة، تعلّم في الأزهر بمصر، وأخذ الطريقة الخلوتيّة عن الشيخ محمّد بن سالم الحفني، ونشرها في المغرب العربيّ، فنسبت إليه، توفي سنة 1208هـ/ 1794م. وتسمّى في صحراء الجزائر والجريد التونسيّ العزّوزيّة، نسبة إلى الشيخ محمّد بن أحمد بن يوسف بن عزّوز البرجيّ، المتوفّى سنة 1233هـ/ 1818م. وتسمّى في مصر البكريّة، نسبة إلى الشيخ أبي المواهب قطب الدين مصطفى بن كمال الدين البكريّ الصدّيقيّ، المتوفّى سنة 1162هـ/1749م. وهو شيخ شمس الدين محمّد بن سالم بن أحمد الحفني (أو الحفناويّ) المتوفّى سنة 1181هـ/1767م، الذي أخذ عنه الشيخ الأزهريّ، وتنسب إليه في بعض المناطق، ويدعونها الحفنيّة. كما تسمّى في بلاد الشام السهرورديّة، نسبة إلى شهاب الدين أبي حفص عمر بن محمّد السهرورديّ، صاحب «عوارف المعارف»، المتوفّى سنة 632هـ/1234م. وهي على العموم الطريقة الخلوتيّة، طريقة أهل السنّة والجماعة. والخلوتيّة: نسبة إلى الخلوة، من خلا يخلو خلوّا وخلاء، والكلمة عند اللّغويّين تحتمل عدّة معان، منها: الانفراد والانعزال والاستثناء والاعتماد والإرسال والإطلاق والتجرّد والتفرّغ والترك والكلام والبراءة والتسليم والموادعة والمضيّ والموت. وعند الصوفيّة: "هي محادثة السرّ مع الحق، حيث لا أحد ولا ملك سواه." وبهذا يتحقّق الإخلاص في الأعمال، قال السوسيّ: "الخالص من الأعمال ما لم يعلم به ملك فيكتبه، ولا عدوّ فيفسده، ولا النفس فتعجب به". ويرون أنّ الخلوتيّة مستمدّة من معانيها، فقالوا: "هي طريقة مؤسّسة على الكتاب والسنّة"، مستندين إلى الحديث الذي رواه البخاريّ عن السيّدة عائشة رضي الله عنها، قالت: (أوّل ما بديء به صلّى الله عليه وسلّم الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه، وهو التعبّد اللّيالي ذاوت العدد). الحديث. وقال القسنطينيّ: "قال القسطلاني إنّما حبّب إليه الخلوة لأنّ معها فراغ القلب والانقطاع عن الخلق. وفيه تنبيه على فضلها وسنّيّتها، لأنّها تريح القلب من أشغال الدنيا وتفرغه لله تعالى". ويستندون أيضا إلى قوله r: (سبعة يظلّهم الله في ظلّه، يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه) من جملتهم (رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) رواه مالك والبخاريّ ومسلم والنسائيّ. وإلى الحديث القدسيّ: (يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا) الحديث، رواه البزّار بإسناد صحيح، قاله المنذريّ. ونسب بعضهم الخلوتيّة إلى أخي محمّد الخلوتيّ، وهو السادس بعد أبي النجيب السهرورديّ في سلسلة رجال السند. والقول الأوّل هو الأرجح لأنّ محمّدا نفسه نُسب إليها، والله أعلم.
الذكر
قوله: تذكر؛ وعن الذكر قال الله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. وقالU: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}[آل عمران: 41]. وقالU: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]. وقالU: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}[الكهف: 24]. وقالU: {وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} [المزمّل: 8]. وقالU: {وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الإنسان: 25]. وقالU: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِي} [البقرة: 152]. وقالU: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 239]. وقالU: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النّساء: 103]. وقالU: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45 والجمعة: 10]. وقالU: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب: 4142]. وقالU: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]. قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: "له وجهان، أحدهما أنّ ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكركم إيّاه، والآخر، أنّ ذكر الله أعظم من كلّ عبادة سواه". وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]. قال الفخر الرازيّ: "فائدة الذكر إزالة الظلمة البشريّة". وقال رسول الله r: (يقول الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحرّكت بي شفتاه). رواه البخاريّ وابن ماجة. وقال r: (ما عمل ابن آدم عملا أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله). رواه الترمذيّ وابن ماجة والطبرانيّ. وقال r: (ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله فيه إلاّ حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده). رواه مسلم. وقال r: (ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأرفعها في درجاتكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا بلى، قال ذكر الله تعالى). رواه مالك والترمذيّ وابن ماجة. وقال r: (إذا رأيتم رياض الجنّة فارتعوا فيها، فقيل له وما رياض الجنّة، فقال مجالس الذكر). رواه الترمذيّ. وفي الحديث القدسيّ: (من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ممّا أعطي السائلين). رواه الترمذيّ والدارميّ. وقال r: (إنّ لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عزّ وجلّ تنادوا: هلمّوا إلى حاجتكم، فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا) وفيه: (فيقول: فأشهدكم أنّي قد غفرت لهم، قال يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنّما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء، لا يشقى بهم جليسهم). رواه البخاريّ واللّفظ له ومسلم والترمذيّ والبزّار. وقال r: (سبق المفرّدون. قالوا وما المفرّدون يا رسول الله. قال: الذاكرون الله كثيرا). رواه مسلم، والترمذيّ ولفظه: (قال: المستهترون بذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون الله يوم القيامة خفافا). قال المنذريّ: "المستهترون المولعون بالذكر المداومون عليه، لا يبالون ما قيل فيهم ولا ما فعل بهم". وقال r: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله). رواه الترمذيّ وابن ماجة وابن حبّان والحاكم. وقال r: (أكثروا من ذكر الله حتّى يقولوا مجنون). رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبّان والحاكم. وقال r: (اذكروا الله ذكرا يقول المنافقون إنّكم مراؤون). رواه الطبرانيّ والبيهقيّ. وقال r: (لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله). وفي رواية: (لا تقوم الساعة حتّى لا يقال الله الله). رواه مسلم. وقال الإمام عليّ كرّم الله وجهه: "أفيضوا في ذكر الله فإنّه أحسن الذكر". وقال: "إنّ الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة." من «نهج البلاغة». قال أبو هريرة t: "إنّ أهل السماء ليتراءون بيوت أهل الأرض التي يذكر فيها اسم الله تعالى كما نتراءى النجوم"، رواه الغزالي في «المكاشفة». قال ذو النون المصريّ: "من ذكر الله تعالى ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كلّ شيء، وحفظ الله تعالى عليه كلّ شيء، وكان له عوضا عن كلّ شيء". قال أبو عليّ الدقّاق: "الذكر منشور الولاية، فمن وفّق للذكر فقد أعطي المنشور، ومن سلب الذكر فقد عزل". قال أبو عبد الرحمن السلميّ: "الذكر أتمّ من الفكر، لأنّ الحق سبحانه يوصف بالذكر ولا يوصف بالفكر". قال أبو بكر الكلاباذيّ: "الذكر أن تنسى ما سوى المذكور في الذكر، والذكر طرد الغفلة، فإذا ارتفعت الغفلة فأنت ذاكر وإن سكتّ". قال الحارث بن أسد المحاسبيّ: "أدم ذكر الله تنل قربه". قال ابن عطاء الله السكندريّ: "لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، لأنّ غفلتك عن وجود ذكره أشدّ من غفلتك في وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة، إلى ذكر مع وجود يقظة، ومن ذكر مع وجود يقظة، إلى ذكر مع وجود حضور، ومن ذكر مع وجود حضور، إلى ذكر مع غيبة عمّا سوى المذكور، وما ذلك على الله بعزيز". قال أحمد بن تيميّة: "أفضل ما يشغل العبد به نفسه ملازمة الذكر". قال أحمد الخالديّ: "الذكر ثلاثة أنواع، ذكر باللّسان وذكر بالقلب وذكر بالروح، فبالأوّل يتوصّل إلى الثاني وبالثاني يتوصّل إلى الثالث الذي هو الغاية القصوى". وقال: "ذكر الله بالقلب سيف الخواصّ، وذكره باللّسان سيف العوام". قال تقيّ الدين ابن أبي المنى الحلبيّ: "الذكر المطلوب ذكر القلب، وذكر اللسان طريق إليه". قال سلمان الفارسيّ t: "ذكر الله بالقلب أفضل من العبادات مع الغفلة وأكثر أجرا". قال أبو حامد الغزاليّ: "إنّ النافع من جملة الأذكار ما حضر فيه القلب، وما عداه فهو قليل الجدوى، فإنّ المقصود هو الأنس بالله، وذلك بالمداومة على الذكر مع حضور القلب". قال الجنيد البغداديّ: "إنّ الله يخلص إلى القلوب من برّه على حسب ما تخلص إليه القلوب من ذكره، فانظر ماذا خالط قلبك". واعلم أنّ الذكر من أسماء القرآن الكريم، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. قال النوويّ: "اعلم أنّ تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار، والمطلوب القراءة بالتدبّر". وقال الغزاليّ في «الإحياء» وابن الجوزيّ في «المنهاج»: "اعلم أنّه ليس بعد تلاوة القرآن عبادة تؤدّى باللّسان أفضل من ذكر الله". وقال رسول الله r: (أفضل الذكر لا إله إلاّ الله) رواه ابن ماجة والنسائيّ وابن حبّان والحاكم، وكلمة التوحيد هي من القرآن.
الفجر
قوله: الفجر؛ قال تعالى: {أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. وأقسم به تعالى وقال : {وَالْفَجْرِ} [الفجر: 1]. وقال U: {وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]. قال أبو طالب المكيّ: "إدبار النجوم هو الفجر".
يا حي يا قيوم
قوله: يا حيّ يا قيّوم لا إله إلاّ أنت... أربعين مرّة؛ قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 8788]. وعن أنس t عن النبيّ r أنّه كان إذا أكربه أمر قال: (يا حيّ يا قيّوم برحمتك أستغيث). رواه الترمذيّ. وروى النسائي والحاكم عن أنس t أنّه r قال لابنته فاطمة رضي الله عنها: (ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به، أن تقولي: يا حيّ يا قيّوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كلّه ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين). وذكر الشعرانيّ في «الأنوار القدسيّة في معرفة قواعد الصوفيّة» أنّ العدد الذي تذكر به مأثور عن أبي محمّد الكتّاني البغداديّ. وروى ابن القيّم في «المدارج»، باب حياة الإرادة، قال: "سمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة يقول: من واظب على (يا حيّ يا قيّوم لا إله إلاّ أنت) كلّ يوم بين سنّة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرّة أحيى الله بها قلبه".
سبحان الله
قوله: ثمّ سبحان الله... أي التسبيح؛ قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130]. وقال U: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55]. وقال U: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 3940]. وقال U: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74، 96]. وقال U: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1]. وقال U: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]. وقال U: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب: 41 42]. وعن أبي هريرة r قال قال رسول الله r: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم). رواه البخاريّ ومسلم.
الاستغفار
قوله: الاستغفار؛ قال الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران: 159]. وقال U: {وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 106]. وقال U: {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 62]. وقال U: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: 55]. وقال U: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمّد: 19]. وقال U: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199]. وقال U: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 3،52،90]. وقال U: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]. وقال U: {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]. وقال U: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمّل: 20]. وقال رسول الله r: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ ضيق مخرجا ومن كلّ همّ فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) رواه أبو داود. وقال r: (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا) رواه ابن ماجة. وقال r: (والله إنّي لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّة) رواه البخاريّ. وقال r: (إنّه ليغان على قلبي، وإنّي لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة) رواه مسلم.
الصلاة الكاملة
قوله عن الصلاة الكاملة؛ ذكر هذه الصيغة الشيخ يوسف النبهانيّ في «سعادة الدارين»، عن الشيخ العارف عبد الله بن محمّد المغربيّ القصريّ، عن الشيخ العارف عبد الله الشريف العلميّ. وفي الصلاة على النبيّ r بصيغ لم تؤثر عنه خلاف، فقد رأى البعض أنّ الزيادة على ما صحّ عنه r، استقصار لقوله واستدراك عليه. واحتجّ غيرهم بجواز اختراع صيغ بقوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح: 9]، وما في هذه الآية من وجوب الثناء على النبيّ وتعظيمه وإجلاله r. وحديث الرسول r لزيد بن خارجة الأنصاري: (صلّوا واجتهدوا في الدعاء). وبما روي عن ابن مسعود t قال: "إذا صلّيتم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأحسنوا الصلاة عليه، فإنّكم لا تدرون لعلّ ذلك يعرض عليه". رواه القاضي عياض. وبما روي عن عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود رضوان الله عنهم من صيغ في الصلاة، من إنشائهم. وإنّما اشترطوا أن يكون أساس الصيغة المبتكرة ما صحّ عن النبيّr، وأن لا يؤتى إلاّ بما ورد به النص من صفاته وكمالاته عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
الصلاة على النبيّ
قوله: الصلاة على النبيّ؛ روى النوويّ عن ابن السنيّ عن أبي المليح عامر ابن أسامة عن أبيه t، أنّه صلّى ركعتي الفجر، وأنّ رسول الله r، صلّى قريبا منه ركعتين خفيفتين، ثمّ سمعه يقول وهو جالس: (اللهمّ ربّ جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمّد النبيّ، أعوذ بك من النّار)، ثلاث مرّات. وروى الإمام أحمد في مسند الأنصار عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال سألت عائشة أم المؤمنين بأي شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل قالت: كان إذا قام كبر ويقول: (اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلفت فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
الصبح
قوله: الصبح؛ أقسم الله تعالى به فقال: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18]، قاله ابن الجوزي. وقال تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]. وقال رسول الله صلوات الله عليه وسلامه: (من صلّى الفجر في جماعة ثمّ قعد يذكر الله تعالى حتّى تطلع الشمس، ثمّ صلّى ركعتين، كانت كأجر حجّة وعمرة تامّة تامّة تامّة). رواه الترمذيّ. وعن جابر بن سمرة قال: (كان النبيّ عليه الصلاة والسلام إذا صلّى الصبح جلس يذكر الله حتّى تطلع الشمس) رواه مسلم والترمذيّ والنسائيّ وأبو داود وابن خزيمة، والطبرانيّ واللفظ له.
المعقبات
قوله: المعقّبات؛ والمعقّبات المشهورة عند القوم بعد الصلوات المكتوبة هي:
(اللهمّ أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام). رواه مسلم.
ثمّ (اللهمّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). ثلاث مرّات. رواه أبو داود والنّسائيّ وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.
ثمّ (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه). رواه الترمذي، والحاكم وقال صحيح على شرط البخاريّ ومسلم، والطبرانيّ ولفظه: (أستغفر الله وأتوب إليه).
ثمّ آية الكرسيّ 255 من سورة البقرة، وهي الآية التي ورد في فضلها الكثير، منه ما رواه ابن عطيّة: "أنّها تضمّنت التوحيد والصفات العلا، وهي خمسون كلمة، وفي كلّ كلمة خمسون بركة، وهي تعدل ثلث القرآن". وروى الأئمّة عن أبيّ بن كعب قال قال رسول الله r: (يا أبا المنذر أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم. قلت: الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم. فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم يا أبا المنذر). وزاد الترمذيّ: (فوالذي نفسي بيده إنّ لهذه الآية للسانا وشفتين تقدّس الملك عند ساق العرش). وعن الإمام عليّ كرّم الله وجهه قال: (سمعت نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم يقول وهو على أعواد المنبر: من قرأ آية الكرسيّ دبر كلّ صلاة لم يمنعه من دخول الجنّة إلاّ الموت، ولا يواظب عليها إلاّ صدّيق أو عابد، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله). وعن أنس t أنّ رسول الله r قال: (أوحى الله إلى موسى عليه السلام، من داوم على قراءة آية الكرسيّ دبر كلّ صلاة أعطيته فوق ما أعطي الشاكرين وأجر النبيين وأعمال الصدّيقين، وبسطت عليه يميني بالرحمة، ولم يمنعه أن أدخله الجنّة إلاّ أن يأتيه ملك الموت). وعن أبيّ بن كعب t قال قال الله تعالى: (يا موسى من قرأ آية الكرسيّ دبر كلّ صلاة أعطيته ثواب الأنبياء). أي أعطيته ثواب عمل الأنبياء. وقال أبو ذرّ t في حديث طويل: (سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيّ آية أنزل الله عليك من القرآن أعظم. فقال: الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم). وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: "أشرف آية في القرآن آية الكرسيّ". عن القرطبيّ باختصار.
ثمّ الآية من آل عمران: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: 1819]. ثمّ يقول: "اللهمّ اكتب شهادتي بعد شهادة ملائكتك وأولي العلم". قال الأعمش، وهو من رجال البخاريّ، حدّثني أبو وائل عن عبد الله بن مسعود t قال قال رسول الله r عن هذه الآية: (يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى: عبد عهد إليّ وأنا أحقّ من وفّى، أدخلوا عبدي الجنّة). وأخرج ابن السنيّ عن عليّ كرّم الله وجهه قال قال رسول الله r: (إنّ فاتحة الكتاب وآية الكرسيّ والآيتين من آل عمران شهد الله أنّه لا إله إلاّ هو إلى قوله الإسلام، وقل اللهمّ مالك الملك إلى قوله بغير حساب، هنّ معلّقات بالعرش، ما بينهنّ وبين الله حجاب).
ثمّ التسبيح؛ وقد وردت فيه أحاديث، فضلا عن الآيات سالفة الذكر، منها: (ألا أعلّمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلاّ من صنع مثل ما صنعتم. قالوا بلى يا رسول الله. قال: تسبّحون وتحمدون وتكبّرون خلف كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين). وقال أبو هريرة t عن كيفيّة ذكره: (سبحان الله والحمد لله والله أكبر). رواه البخاريّ ومسلم. وقال r: (معقّبات لا يخيب قائلهنّ أو فاعلهنّ دبر كلّ صلاة مكتوبة، ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وأربعا وثلاثين تكبيرة). رواه مسلم. وقال r: (من سبّح الله في دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين، وكبّر الله ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر). رواه مسلم.
ثمّ الصلاة على الرسول عشرا بالصيغة الواردة في المتن، فراجع ما ذكرنا في التعليق.
ثمّ حمد الله؛ لأنّه أفضل الدعاء، كما قال النبيّ r، ولأنّه أول دعاء المسلمين، قال تعالى في أوّل القرآن: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1]، وعن آخر دعائهم: قال U: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]. وخير صيغه الفاتحة، قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (لأعلّمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن، الحمد لله ربّ العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). رواه البخاريّ. وقال r: (والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل، ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). رواه أحمد. وقال الفخر الرازيّ: "الفاتحة مرتّبة على ثلاثة أقسام، 1) الثناء المحض، وهو إلى ملك يوم الدين، 2) والثناء الممزوج بالسؤال، وهو إلى إيّاك نستعين. 3) والسؤال المحض، وهو إلى تمام السورة".
ثمّ الصلاة على رسول الله r، وأفضل الصيغ الصلاة الإبراهيميّة. وراجع ما ذكرنا في التعليق.
ثمّ الدعاء للوالدين؛ لما جاء في القرآن من التوجيه إلى ذلك بقوله تعالى على لسان أنبيائه: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41]، وقوله سبحانه: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28]. ولقوله r: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاث علم ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له). رواه مسلم وأبو داود والنسائيّ. وقال r: (إنّ الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده). رواه الإمام مالك.
ثمّ الدعاء لعامّة السلمين ولا يختصّ نفسه بدعوة دونهم كما قال r ممّا رواه أبو داود وابن ماجة وابن حنبل. فالدعاء اذا عمّ نفع. ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10]، ولقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمّد: 19].
ثمّ سؤال العافية لقوله r: (سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة). رواه الترمذيّ والنسائيّ وأبو داود، ومنه قال r: (اللهمّ إنّي أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهمّ إنّي أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهمّ استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهمّ احفظ من بين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي). رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
وأجازوا رفع الصوت بالذكر والدعاء، ودليلهم قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: 110]. وأيضا بما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، أنّ رفع الصوت بالذكر حين ينصرف النّاس من الصلاة المكتوبة كان على عهد رسول الله r، قال: (كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته). رواه البخاريّ ومسلم .
وأجازوا الدعاء والذكر جماعة، ودليلهم قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28]. قال النبيّ r: (أما انّكم الملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معكم، ثمّ تلا الآية ثم قال: أما إنّه ما جلس عدّتكم إلاّ جلس عدّتهم من الملائكة، إن سبّحوا الله تعالى سبّحوه، وإن حمدوا الله حمدوه، وإن كبّروا الله كبّروه) الحديث، رواه الطبرانيّ. وقال r: (ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عزّ وجلّ، لا يريدون بذلك إلاّ وجهه، إلاّ ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، قد بدّلت سيّئاتكم حسنات) رواه أحمد والبيهقيّ والطبرانيّ والبزّار وأبو يعلى. وقال: (لا يقعد قوم يذكرون الله إلاّ حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم والترمذيّ وابن ماجة. وقال r: (إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا، قالوا وما رياض الجنّة، قال: حلق الذكر) رواه الترمذيّ. ثمّ إنّ اجتماع المسلمين في الطاعات من أبرز معالم دينهم، واقرأ رسالة حكم الذكر لأبي المحاسن الفهريّ الفاسيّ. وهذه كانت بعض المعقّبات والله الموفّق.
لا إله إلاّ الله
قوله: لا إله إلاّ الله؛ قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمّد: 19]. قال القرطبيّ: "قال الماورديّ: وفيه ـ وإن كان الرسول عالما بالله ـ ثلاثة أوجه: 1) يعني اعلم أنّ الله أعلمك أن لا إله إلاّ الله. 2) ما علمته استدلالا، فاعلمه خبرا يقينا. 3) يعني فاذكر أنّ لا إله إلاّ الله، فعبّر عن الذكر بالعلم". وقال الزمخشريّ في الكشّاف: "إذا علمت أنّ الأمر كما ذكر، فاثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانيّة الله، وعلى التواضع وهضم النّفس باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك". وقال ابن كثير في تفسيره: "هذا إخبار بأنّه لا إله إلاّ الله، ولا يتأتّى كونه آمرا بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه قوله عزّ وجلّ واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات". وقال الثعالبيّ في الجواهر: "المعنى دم على علمك، وهذا هو القانون في كلّ من أمر بشيء هو متلبّس به، وكلّ واحد من الأمّة داخل في هذا الخطاب، وعن أبي هريرة t قال قال رسول الله r: (ما قال عبد لا إله إلاّ الله مخلصا، إلاّ فتحت له أبواب الجنّة حتّى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر). رواه الترمذيّ والنسائيّ". وقال الشوكانيّ في «فتح القدير»: "أخرج الطبرانيّ وابن مردويه والديلميّ عن عبد الله بن عمرو عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: (أفضل الذكر لا إله إلاّ الله، وأفضل الدعاء الاستغفار، ثمّ قرأ الآية)". وفي «تفسير الجلالين»: "أي دم يا محمّد على علمك بذلك النافع في القيامة، واستغفر لذنبك لأجله قيل له ذلك مع عصمته لتستنّ به أمّته". قال صدّيق حسن خان في «فتح البيان»: "دم على ما أنت عليه من العلم بالوحدانيّة، وقيل المعنى: اذكر أنّه لا إله إلاّ الله. قال رسول الله r: (من مات وهو يعلم أنّ لا إله إلاّ الله، دخل الجنّة). رواه مسلم". وقال إسماعيل حقّي في «روح البيان»: "قال فاعلم، لأنّ العلم أرفع من المعرفة، فالإنسان قد يعرف الشيء ولا يحيط به علما، فإذا علمه وأحاط به علما فقد عرفه، والعلم بالألوهيّة من قبيل العلم بالصفات، لأنّ الألوهيّة صفة من الصفات، فلا يلزم أن يحيط بكنهه تعالى أحد، فإنّه محال، إذ لا يعرف الله إلاّ الله". وفي الحديث، قال رسول الله r لأبي هريرة t حين سأله عن أسعد النّاس بشفاعته، قال: (من قال لا إله إلاّ الله خالصا من قلبه أو نفسه). رواه البخاريّ. وقال r: (من قال لا إله إلاّ الله مخلصا دخل الجنّة، قيل وما إخلاصها، قال: أن تحجزه عن محارم الله). رواه الطبرانيّ. وقال r: (أفضل الذكر لا إله إلاّ الله، وأفضل الدعاء الحمد لله). رواه ابن ماجة والنسائي وابن حبّان والحاكم. وقال r: (جدّدوا إيمانكم، قيل يا رسول الله وكيف نجدّد إيماننا، قال: أكثروا من قول لا إله إلاّ الله). رواه أحمد والطبرانيّ. وقال r: (مفاتيح الجنّة شهادة أن لا إله إلاّ الله) رواه أحمد والبزّار. وقال r: (ما من عبد قال لا إله إلاّ الله في ساعة من ليل أو نهار إلاّ طمست ما في الصحيفة من السيّئات حتّى تسكن إلى مثلها من الحسنات) رواه أبو يعلى. وقال r: (ليس على أهل لا إله إلاّ الله وحشة في قبورهم ولا منشرهم، وكأنّي أنظر إلى أهل لا إله إلاّ الله وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن) رواه الطبرانيّ والبيهقيّ. وقال r: (التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملؤه ولا إله إلاّ الله ليس لها دون الله حجاب حتّى تخلص إليه) رواه الترمذيّ. وقال r: (عليكم بلا إله إلاّ الله والاستغفار، فأكثروا منهما، فإنّ إبليس قال إنّما أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلاّ الله والاستغفار، فلمّا رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنّهم مهتدون) أخرجه أبو يعلى. وقال r: (آمركم بلا إله إلاّ الله فإنّ السماوات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفّة ووضعت لا إله إلاّ الله في الكفّة الأخرى كانت أرجح منهما) رواه النسائيّ وابن حبّان والحاكم. وعن عبد الله t : "من جاء بالحسنة، قال من جاء بلا إله إلاّ الله، ومن جاء بالسيّئة، قال من جاء بالشرك" رواه الحاكم.
العدد في الذكر
وقوله عن العدد في الذكر؛ قال رسول الله صلوات الله عليه: (أيعجز أحدكم أن يكسب كلّ يوم ألف حسنة. قيل كيف. قال: يسبّح مائة تسبيحة، فتكتب له ألف حسنة، أو تحطّ عنه ألف خطيئة). رواه مسلم. وقال r: (إنّه ليغان على قلبي، وإنّي لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة). رواه مسلم. وورد عنه صلوات الله وسلامه عليه الكثير من ضبط العدد بالعشرة والثلاثين والمائة، وفي القرآن الكريم: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80]. كما ورد الإطلاق في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45]. وفي قوله r: (ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل، فقال: سبحان الله عدد ما خلق الله). الحديث، رواه الترمذيّ وأبو داود. وروى الخالدي قال: "عن الصحابة أنّه: (من قال لا إله إلاّ الله خالصا من قلبه ومدّها بالتعظيم غفر له أربعة آلاف ذنب من الكبائر)". ولعلّ القوم اختاروا عدد الثلاثمائة للجمع بين أقوال المدّ والتوسّط والقصر، كما سيأتي بيانه، ويفضّل بعضهم التقيّد بالعدد وبعضهم الإطلاق، قال القسنطينيّ في «المنح» عن عدد الثلاثمائة بالمدّ والتوسّط والقصر: "هذه الكيفيّة مرويّة عن أهل الطريق". وقال عن الذكر والذاكر والكيفيّة: "بالسرّ أو بالجهر، وحده أو مع ملإ من إخوانه، بالطهارة أو بدونها، بالسبحة أو بدونها وبالسبحة أحسن، بالعدد أو بدونه وبالعدد أتقن، لأنّ السبحة مذكّرة، والعدد منشّط". واستدلّوا على سنيّة السبحة بالسنّة التقريريّة لمن وجدها صلوات الله عليه تسبّح بالنوى. رواه أبو داود والترمذيّ، وللسيوطيّ في سنيّة السبحة وأدلّتها رسالة، فلتراجع. واستند البوطيّ في سيرة والده، على جواز استعمال السبحة على القاعدة الشرعيّة التي تقول (ما لا يتمّ المطلوب إلاّ به فهو مطلوب). كما ولعلّهم اختاروا عدد الثلاثمائة ليجتاز الذاكر مراحل الاستحضار، فيقول في المائة الأولى، وهو في حالة غلبة البشريّة عليه، بلسانه (لا إله إلاّ الله) وبقلبه (لا معبود بالحقّ إلاّ الله) وفي الثانية، في حالة الصفاء، بقلبه (لا مطلوب إلاّ الله). وفي الثالثة، في حالة الفناء (لا موجود إلاّ الله). كما ذهب البعض إلى استخراج الأعداد بحساب الجمّل، كما قال الشرنوبيّ في «شرح تائية السلوك». وأورد أبو طالب المكيّ في «قوت القلوب» مأثورات في الأعداد بالعشرات والمئات والآلاف فلتراجع، وكذا السهرورديّ في «العوارف» والخالديّ في «جامع الأصول». على أنّ العدد لا يعني بالضرورة القبول، فقد يساوي ذكرها مرّة واحدة من مخلص ألف مرّة من غيره، إذ العبرة بالمعاني لا المباني، قال النبيّ صلوات الله وسلامه عليه: (ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب). رواه البخاري ومسلم. والله أعلم وهو الموفّق.
المدّ والتوسّط والقصر
وقوله عن المدّ والتوسّط والقصر؛ قال فخر الدين الرازيّ في «اللّوامع»: "من النّاس من قال تطويل المدّ مندوب إليه مستحسن، لأنّ المكلّف في زمن هذا التمديد يستحضر جميع الأنداد والأضداد وينفيها، ثمّ بعد ذلك يعقب هذه الكلمة بقوله (إلاّ الله)، فيكون ذلك أقرب إلى الإخلاص، ومنهم من قال ترك التمديد أولى لأنّه ربّما مات في زمن التلفّظ بلا إله قبل الانتقال إلى كلمة (إلاّ الله)". واختار الفخر التمديد لأنّ الموت قد يقع في الحالتين، والأعمال بالنيّات. ولعلّ القوم اختاروا العمل بالقولين، وأضافوا إليهما التوسّط. وشدّدوا على وجوب مراعاة سلامة النطق بكلمة التوحيد. قال البكريّ هي آية من القرآن يجب تلاوتها بالأحكام، وإلاّ فلا ثواب لقائلها. وبسط السنوسيّ فيها الكلام في «شرح أمّ البراهين» فليراجع.
العصر
قوله: بعد العصر؛ قال الله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55]. وقال U: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]. وقال U: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الأعراف: 205]. وقال U: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 3637]. والآصال ما بين العصر والمغرب. قال رسول الله r: (لأن أجلس مع قوم يذكرون الله عزّ وجلّ من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحبّ إليّ من أن أعتق ثمانية من ولد إسماعيل). رواه النوويّ عن ابن السني. قال الحافظ النوويّ: "يستحبّ الإكثار من الأذكار في العصر استحبابا متأكدا، فإنّها الصلاة الوسطى على قول جماعات من السلف والخلف، وكذلك تستحبّ زيادة الاعتناء بالأذكار في الصبح، فهاتان الصلاتان أصحّ ما قيل في الصلاة الوسطى، ويستحبّ الإكثار من الأذكار بعد العصر وآخر النهار.
الصلاة على النبيّ
قوله عن الصلاة على النبيّ؛ قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. وقال U: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح: 89]. قال ابن عبّاسt وغيره: تعزّروه، أي تعظّموه، وتوقّروه من التوقير، أي الاحترام والإجلال والإعظام. قال رسول الله r: (من صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه عشرا). رواه مسلم وأبو داود والنسائيّ والترمذيّ وابن حبّان. وقال r: (أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة). رواه الترمذي وابن حبّان. وقال r: (إنّ لله ملائكة سيّاحين يبلّغوني عن أمّتي السلام). رواه النسائيّ وابن حبّان. وقال r: (حيثما كنتم فصلّوا عليّ فإنّ صلاتكم تبلغني). رواه الطبرانيّ. وقال r: (من صلّى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما صلّى عليّ، فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر). رواه أحمد وبن أبي شيبة وابن ماجة. وقال r لرجل قال أجعل صلاتي كلّها عليك، قال: (إذاً يكفيك الله ما همّك من أمر دنياك وآخرتك). رواه الطبرانيّ. وعن عبد الله بن عمرو بن العاصt: (من صلّى على النبيّ واحدة صلّى الله عليه وملائكته سبعين صلاة). رواه أحمد. وقالr: (من صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه عشر صلوات، ومن صلّى عليّ عشرا صلّى الله عليه مائة، ومن صلّى عليّ مائة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق وبراءة من النّار، وأسكنه الله يوم القيامة مع الشهداء). رواه الطبرانيّ. وعن عمر ابن الخطّاب وعليّ y: (إن الدعاء محجوب حتّى يصلّى على محمّد) r ، رواه الترمذيّ والطبرانيّ.
الجمعة
قوله عن الجمعة؛ قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 910]. قال رسول الله r: (إنّ من أفضل أيّامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإنّ صلاتكم معروضة عليّ). رواه أبو داود والنسائيّ وابن ماجة. وقال r: (أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر، فإنّ صلاتكم تعرض عليّ، ليلة الجمعة ويوم الجمعة)، رواه البيهقيّ واللفظ له، والطبرانيّ. وعند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم، وصحّحه: (من أفضل أيّامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصّلاة فيه، فإنّ صلاتكم معروضة عليّ، قالوا يا رسول الله: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، قال: إنّ الله عزّ وجلّ حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء). ورواه البيهقي بإسناد جيّد عن أبي أمامة: (أكثروا عليّ من الصلاة في كلّ يوم جمعة، فإن صلاة أمّتي تعرض عليّ في كلّ يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليّ صلاة كان أقربهم منّي منزلة). وله عن أنس: (أكثروا من الصّلاة عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن فعل ذلك كنت له شافعا يوم القيامة). ورواه الطبراني بلفظ: (أكثروا الصّلاة عليّ يوم الجمعة فإنّه أتاني جبريل آنفا عن ربّه فقال: ما على الأرض من مسلم يصلّي عليك واحدة إلاّ صلّيت أنا وملائكتي عليه عشرا). ورواه ابن ماجه بإسناد جيّد عن أبي الدرداء: (أكثروا من الصّلاة عليّ يوم الجمعة، فإنّه مشهود، تشهده الملائكة، وإنّ أحدا لم يصلّ عليّ إلاّ عرضت عليّ صلاته حتى يخلو منها، قلت وبعد الموت، قال: إنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء).
الصلاة الأميّة
قوله عن الصلاة الأمّيّة؛ قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} [الأعراف: 156157]. وقال U: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158]. وأخرج الترمذيّ عن أبي هريرة t، بلفظ: (اللهمّ صلّ على محمّد النبيّ الأميّ، وأزواجه أمّهات المؤمنين وذريّته وأهل بيته). وروى الخطيب البغداديّ عن أنس بن مالك t، قال: (كنت واقفا بين يدي رسول الله r فقال: من صلّى عليّ يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما، فقيل له كيف الصلاة عليك يا رسول الله، قال، تقول: اللّهم صلّ على محمّد عبدك ونبيّك ورسولك النبيّ الأميّ، وتعقد واحدا)، ورواه الدارقطنيّ، قال أظنه عن أبي هريرة t وذكره، وقال العجلونيّ في «كشف الخفاء»: "وهو حسن كما قاله العراقيّ". وراجع ما ذكر في هامش الصلاة والجمعة.
لا إله إلاّ الله
وقوله أيضا عن لا إله إلاّ الله؛ قال الفخر الرازيّ: "كلّ طاعة يصعد الملك بها، أمّا قول لا إله إلاّ الله فإنّه يصعد بنفسه، دليله قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]". وقال: "والكلم الطيّب هو قول لا إله إلاّ الله. وكلمة التوحيد لها عدّة أسماء وردت في القرآن الكريم، فهي كلمة الإخلاص، وكلمة الإحسان، ودعوة الحق، وكلمة العدل، والطيّب من القول، والكلمة الطيّبة، والكلمة الثابتة، وكلمة التقوى، والكلمة الباقية، وكلمة الله العليا، والمثل الأعلى، وكلمة السواء، وكلمة النجاة، والعهد، وكلمة الاستقامة، ومقاليد السماوات والأرض، والقول السديد، والبرّ، والدين الخالص، والصراط المستقيم، وكلمة الحقّ، والعروة الوثقى، وكلمة الصدق".
سيّدنا محمّد
وعن إضافة لفظ سيّدنا في الصلاة؛ قال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63]. وقال الرسول r: (أنا سيّد النّاس يوم القيامة). رواه البخاري ومسلم والترمذيّ والدارميّ وابن حنبل. وقال r: (أنا سيّد ولد آدم ولا فخر). رواه أبو داود وابن ماجة وابن حنبل. وقال عبد الله بن مسعود t : "اللهمّ صلّ على سيّد المرسلين". رواه ابن ماجة. وقال العز بن عبد السلام وابن حجر والجلال المحليّ والسيوطيّ والسخاويّ وغيرهم: "في زيادة لفظ السيادة في الصلاة، امتثال لأمر الإتيان بما ورد عنه، وزيادة أدب معه، عليه الصلاة والسلام". وروى ابن حنبل أيضا في مسند عبد الله بن عبّاس، من مسند بني هاشم، في حديث ذي العقيصتين، الطويل، أنّه قال في حضرة الرسول r وصحابته رضوان الله عليهم: (... وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا رسول الله...). ولم ينكر عليه رسول الله ولا أحد من الصحابة. وراجع «السعادة» للنبهاني. وعن الكيفيّة فقد روى أئمّة الحديث عن النبيّ r أربعين صيغة، جمعها الحافظ السخّاويّ في «القول البديع»، ونقلها النبهانيّ في «سعادة الدارين» فلتراجع فيه، وانظر هامش لفظ السيادة في المقدّمة الوثيقة.
تنبيه
والذي عليه عامّة القوم اليوم بعد ذكر كلمة التوحيد يذكرون لفظ الجلالة بالاسم المفرد مائة مرّة، وفيه خلاف، وقال من قال بجوازه: قال تعالى: {قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91]. وقال U: {قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24]. وقال U: {قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. وقال رسول الله r: (إنّ الله عزّ وجلّ يقول أنا مع عبدي إذ هو ذكرني وتحرّكت بي شفتاه). رواه ابن ماجة وابن حبّان. وقال r: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله). رواه الترمذيّ وابن ماجة وابن حبّان والحاكم. وقال r: (أكثروا من ذكر الله حتّى يقولوا مجنون). رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبّان والحاكم. وقال r: (اذكروا الله ذكرا يقول المنافقون إنّكم مراؤون). رواه الطبرانيّ والبيهقيّ. وقال r: (لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله). وفي رواية: (لا تقوم الساعة حتّى لا يقال الله الله). رواه مسلم، قال النوويّ في «شرحه»: هكذا اسم الجلالة مكرّر، وقال: أطلق في هذا الحديث بقاءهم إلى قيام الساعة. وقال البوطيّ في «سيرة والده»: "(إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ندبنا أن نسبّح الله في اليوم مائة مرّة) رواه مسلم". ثمّ قال: "والجدل الذي يختلق موجباته بعض الناس حول مشروعيّة أو عدم مشروعيّة ذكر الله بالاسم المفرد، حسبك لتنجو بقلبك من هذا الجدل المهلك أن تذكر قول الله عزّ وجلّ {وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} [المزمّل: 8]، فإنّ أوّل اسم من أسمائه تعالى هو لفظ الجلالة (الله) وهو اسم مفرد". وقال السيّد الشريف الجرجانيّ: الله؛ علم دالّ على الإله الحق دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلّها. قال ابن جزيّ في «تفسيره»: "إنّ ثمرة الذكر بجميع الأسماء والصفات مجموعة في الذكر المفرد، وهو قولنا: الله الله، فذلك هو الغاية وإليه المنتهى". وقد بسط في الموضوع كلّ من أحمد بن شمس الدين، ومحمّد ماء العينين، وسعيد حوّى والنبهانيّ، وغيرهم فليراجع. ثم بعد اسم الجلالة يتلون آية الكرسيّ والآيتين بعدها، وخواتم البقرة، لقوله r عنها: (أنزلت من كنز تحت العرش). رواه الديلميّ. وقال r: (البقرة سنام القرآن وذروته، ونزل مع كلّ آية منها ثمانون ملكا، واستخرجت الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم من تحت العرش). رواه أحمد. وقال r: (لكلّ شيء سنام وإنّ سنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيّدة آي القرآن). رواه الترمذيّ والحاكم. وعن ابن عبّاس t قال قال جبريل للنبيّ r: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة). رواه مسلم والنسائيّ والحاكم. ومن آل عمران: {قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} إلى {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران 26-27] لما روي عن عليّ كرّم الله وجهه من حديث طويل، فيه قال رسول الله r عنها والفاتحة وآية الكرسي: (ليس بينهنّ وبين الله حجاب، وما قرأهنّ عبد عقب كلّ صلاة مكتوبة إلاّ أسكنه الله حظيرة القدس). وعن معاذ بن جبل t أنّ الرسول r أمره بقراءتها. وآخر التوبة، لقوله r: (من قرأها حين يصبح وحين يمسي سبع مرّات كفاه الله ما أهمّه من أمر الدنيا وأمر الآخرة، صادقا كان بها أو كاذبا). رواه ابن السني. وسورة العلق، لأنّها أوّل ما أنزل من القرآن الكريم باتفاق. والإخلاص لأنّها (تعدل ثلث القرآن)، رواه مالك والبخاريّ ومسلم والترمذيّ وأبو داود والنسائيّ، وما ورد في فضلها كثير. والمعوّذتين، لقوله r: (لا تبت ليلة حتى تقرأهن)، أي مع الإخلاص. رواه أحمد والترمذيّ. ثمّ الفاتحة، وفضلها ظاهر وهي (أمّ الكتاب والسبع المثاني وليس بينها وبين الله حجاب)، رواه البخاريّ وأحمد، وأوّل البقرة إلى {وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]. لأنّ الرسول r (كان يرقي بها). رواه أحمد في زوائد المسند. وعن العود من ختم القرآن إلى أوّله حديث (خير الأعمال الحالّ المرتحل، قيل وما هما، قال افتتاح القرآن وختمه) رواه الترمذيّ، وهو حجّة السلف فيه، قاله النوويّ. والصلاة الأميّة تقرأ بعد صلاة عصر الجمعة، ثمّ تليها الصلاة المنجية، وهي: "اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهّرنا بها من جميع السيّئات وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات وتبلّغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات". ثلاث مرّات. نقلها النبهانيّ في كتابه عن السمهوديّ وابن أبي حجلة عن ابن الخطيب والفاكهانيّ، وراجع الهامش عن الصلاة الكاملة. ومنهم من يختم بنظم في الأسماء الحسنى، لقوله r: (إنّ لله تسعة وتسعين إسما، مائة إلاّ واحدا، من أحصاها دخل الجنّة، إنّه وتر يحبّ الوتر). رواه البخاري ومسلم والترمذيّ. و«أسمائيّة» الشيخ الشريف سيّدي محمّد بن أبي القاسم الحسنيّ الهامليّ هي المتداولة من عهده إلى اليوم لدى أتباعه لما ألقى الله لها من قبول. وعن القسنطينيّ في «المنح»، أنّ القوم كانوا يتلون آية الكرسيّ وخواتم البقرة والآيتين من آل عمران قل اللهمّ مالك الملك، والإخلاص والمعوّذتين والفاتحة.
وهذا ما يسّر الله جمعه من تعليق على ورد الطريقة الرحمانيّة الخلوتيّة، بغرض التأصيل، نرجو أن يفيد الطالب والمبتدئ، وقد ذكرنا المراجع في محالّها دون تفصيل روما للاختصار، ونسأل الله أن يمنّ علينا بفضله ويهدينا الصراط المستقيم، ويرينا الحقّ حقّا ويرزقنا اتّباعه، ويجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم، إنّه رؤوف رحيم، وصلّى الله وسلّم وبارك على سيّدنا وحبيبنا ومولانا ومرشدنا محمّد عبد الله ورسوله ومصطفاه وعلى آله وأصحابه أجمعين.وكتبه محمّد فؤاد بن الخليل القاسميّ الحسنيّ، في أيّام المولد النبويّ الشريف عام 1422هـ. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire