Messages les plus consultés

lundi 14 mars 2011

مكتبة الشيخ بنعزوز القاسمي الحسني

ا يمكننا الحديث عن الشيخ بن عزوز دون الحديث عن مكتبته العامرة الزاخرة بمئات المخطوطات وآلاف المطبوعات، والتي عرفت شهرة لدى الباحثين وطلاب المعرفة، حيث ضمت حوالي 700 مخطوط، في مختلف أنواع المعرفة، أغلبها في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، نظرا لتخصص الشيخ فيها. وأكثر من ثلاثة آلاف كتاب مطبوع، إلا أن أهميتها ترجع إلى ما احتوته من مخطوطات طبعا.

كوَّنها t مما ورثه عن والده الشيخ المختار بن الحاج محمد، وأضاف إليها الشيء الكثير، بواسطة الشراء من مختلف المكتبات الجزائرية والأجنبية.

هذا وإن الحديث عن علاقة الشيخ بالكتاب أمر يدعو إلى الدهشة والغرابة، فلم نسمع عن أحد أحب الكتاب مثل محبة الشيخ له، فقد أفنى حياته في سبيل جمع هذه المكتبة، وقد أوقف عمره كله عليها، وبذل أموالا طائلة في إثرائها والإضافة إليها، حتى أنه كان في بعض الأحيان، يخصص لها من الأموال التي تنفق على الأولاد والعيال، حتى سكنه، حوله مرارا من أجل مكتبته كلما اتسعت كلما اختار لها سكنا أوسع.

وكان من أحب الأوقات لديه هو انصرافه إلى مكتبته، مطالعا ومفتشا وباحثا، ومن علمائنا الذين كان يقرأ لهم كثيرا: الشرباصي، عبد الرحمن الجزيري، صبحي الصالح، الشيخ شلتوت، سليمان دنيا…وغيرهم من مشائخ أهل السنة والجماعة. كما كان معجبا بكتابات الشيخ البشير الإبراهيمي معتبرا إياه من أساطين اللغة والأدب، وكان قد التقاه مرارا في مقر جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وبالمقابل لم تكن تستهويه كتابات الشيخ عبد الحميد بن باديس، ومن الكتاب الذين كان لا يرتاح إليهم، أو يبغضهم لله بغضا شديدا الدكتور طه حسين، بالرغم من إعجابه بأسلوبه، إلا أنه كان دائما يحذرنا من مطالعة كتبه. وكذا الأستاذ أحمد أمين، وكان يقول عنه: " يكتب عن الإسلام وليس بمسلم". وبالمقابل كان معجبا بالأديب المصري عباس محمود العقاد، ولما سألته في إحدى المرات عن السبب في ذلك أجابني بقوله: " لأنه دافع عن الإسلام دفاعا قويا، بأسلوب قوي وبثقافة عالية واطلاع واسع".

امتلأت جل الكتب بها بتعليقاته، وملاحظاته واستدراكاته، مما لو جمع لكان في ثلاثة مجلدات أو أربع على الأقل، وقد كان أحد الأساتذة أشار علي بأن أجمعها وأدرسها وأقدمها مشروع رسالة دكتوراه، لما تضمنته من آراء وأفكار، وتحليلات عميقة دقيقة، حول موضوعات كثيرة ومتنوعة، في الفقه والتاريخ، والفلسفة وعلم الاجتماع، قد نكّون من خلالها صورة عن توجهات القارئ العربي والعالم المثقف في تلك الفترة، إلا أنني رأيت أن ذلك من خصوصيات الرجل، ولا يحق لنا بأي حال من الأحوال أن نتدخل في عالمه الخاص، وجوه المتميز الذي صنعه لنفسه.

هذا الاعتناء الشديد بجمع المخطوطات والكتب النادرة، سبب له الكثير من المتاعب والمصاعب، مادية واجتماعية ونفسية، فكثيرا ما يدخل في صراعات مع الذين لا يقيمون وزنا لهذه الكنوز ولا يعرفون قيمة لها، بالرغم من أنهم أبناء الزاوية أو من أتباعها، فكثير منهم كان يضطر إلى بيع هذه النفائس فيتدخل الشيخ لصده عما يرتكب من حماقات، فيجد نفسه مضطرا إلى خوض معركة وقد كان من أكثر الناس مسالمة وهدوءا ورزانة، إلا في قول الحق فلم يكن يخش في الله لومة لائم.

كان ـ كما حدثني ـ يرسل إلى مختلف دور النشر والمطابع، في المشرق أو المغرب، يطلب نسخا من كتب ظهرت أخيرا، وبما أن الفترة كان فترة حكم ديكتاتوري ـ ما بعد الاستقلال ـ، يراقب كل شاردة وواردة، ويسعى إلى فرض ثقافة معينة فلم يكن من السهل مرور هذه المؤلفات ببساطة بل كانت تخضع للمراقبة والتشديد والحصار وأحيانا المصادرة بالرغم من دفع الأموال الطائلة في سبيل الحصول عليها. وقد كانت الكتب ـ إذا سمح لها بالعبور سالمة ـ تأتيه من فاس وبيروت والقاهرة، من مطبعة مصطفى البابي الحلبي…وغيرها.

كان إذا سافر إلى بلدة ما في القطر أو خارجه يسعى إلى اقتناء آخر المؤلفات وأحدثها، بل أنه حتى عندما ذهب إلى البقاع المقدسة، ذهب إلى منزل أستاذه الشيخ أحمد الأمين وطلب من أسرته منحه آثاره ومؤلفاته، وبذل في ذلك مساعي عديدة، فتدخلت أرمله الشيخ أحمد الأمين وأعطته ديوان الشيخ أحمد الأمين، والذي كان المترجم له قد جمعه من خلال القصائد التي كان تقع بين يديه إبان فترة الدراسة بتونس، ولما قارن بينها وبين التي تحصل عليها من طرف أرملة الشيخ، فلم يجد فرقا يذكر.

من طريف ما كان يرويه في هذا الصدد عن نفسه، أنه لما ذهب مع وفد الطرق الصوفية المؤيدة للشيخ عبد الحي الكتاني سنة 1952 بفاس، بينما القوم منشغلون في مؤتمرهم، خرج هو باحثا في أزقة فاس القديمة عن مبتغاه، مخطوط هام أو كتاب لم يطلع عليه، وفعلا أحضر معه من فاس خزانة من الكتب، لم تجد الجهات المسئولة بدا من دفع أجرة نقلها.

وأنه لما يدخل مكتبة فيسرع الكتبي إلى إحضار علبة من الورق المقوى كبيرة الحجم لإدراكه التام أن الشيخ ما إن دخل المكتبة إلا وسيشتري قدر هذه العلبة، وكان قد عود أصحاب هذه المكتبات على ذلك.

ولعل الذي يطلع على وثائق الشيخ يصاب حتما بالدهشة التي تتملك جوانحه لهذا الصبر والأناة وطول النفس في كتابة كل الأحداث صغيرها وكبيرها، بسيطها وعظيمها، رغبة منه في تسجيل التاريخ، والحفاظ على التراث، ومما احتوته مكتبته من نوادر ونفائس نذكر ما يلي:

1 ـ شهادة إثبات الشرف من طرف الشيخ عبد الرحمن الثعالبي والشيخ ابن عرفه والشيخ سيدي عيسى الدندني، دفين مدينة سيدي عيسى.

2 ـ وثائق الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي، ورسائل له مخطوطة بيده، لم نكن نعرف عنها في السابق شيئا، خصوصا تلك التي تتعلق بموقف الشيخ المؤسس من السلطة الاستعمارية.

3 ـ وثائق وعقود ممتلكات خاصة بالشيخ المؤسس وأخيه الحاج محمد بن أبي القاسم الهاملي.

4 ـ وثائق ورسائل متعلقة بالشيخ محمد المكي بن مصطفى بنعزوز البرجي، منه وأخرى إليه.

5 ـ تراث أستاذه الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي، جمعه من أفراد أسرته، ومن ابنه الصديق.

6 ـ تراث الشيخ أبو القاسم الحفناوي، وقد حصل عليه من ورثة الشيخ الحفناوي.

7 ـ رسائل ومخطوطات بخط الشيخ الشاعر عاشور الخنقي.

8 ـ شهادات اعتراف من الأكاديمية الفرنسية للعلوم بالمستوى العلمي الذي بلغه كل من الشيخ المختار القاسمي، والشيخ بنعزوز.

9 ـ ولعل أهم وثيقة نجدها عند الشيخ هي تلك الوثيقة التي منحها الحكام الأتراك لأشراف الهامل، والتي يعود تاريخها إلى سنة 1172 هـ، بإمضاء مصطفى باشا، والتي أكد فيها على شرف أهل المنطقة، وأنهم بموجب هذه للوثيقة يتمتعون بحماية السلطة التركية من الاعتداء، وأسقطوا عنهم الضرائب، التي كانت تثقل كواهل الفلاحين والفقراء والمساكين.

وقد جمع هذه الكنوز من مصادر متعددة: فالثابت تاريخيا أن حصوله على وثائق الشيخ الحفناوي، أمر ظاهر ومعروف، حيث انتقل بنفسه إلى قرية الديس وحصل من ورثته على تراث خاله الشيخ الحفناوي، ولعلم الأحفاد بمكانة الشيخ وقيمته العلمية تنازلوا له عما تركه والدهم من مخطوطات ورسائل.

وبالنسبة لوثائق الشيخ الثعالبي والحكام الأتراك، فالمعروف أن والده الشيخ المختار بن الحاج محمد كان شيخا للزاوية، وكانت بحوزته مجموعه من الوثائق الهامة، وهو بدوره كان جماعا للكتب، مهتما باقتنائها وقد ورث عنه ابنه هذه الخاصية والمحبة العارمة للكتاب أين ما كان،

وقد وجدنا أن الشيخ المختار في نفسه قد كان يراسل العلماء والمشائخ من مختلف الأصقاع باحثا عن كتاب أو سائلا عن حديث أو معلومة لم يجدها فيما بين يديه من مصادر ومراجع. وقد مراسلاته الكثيرة إلى الشيخ المكي باسطنبول والشيخ الحفناوي بالجزائر ومشايخ الحرم النبوي الشريف على ذلك.

أهم المخطوطات الموجودة بمكتبته:

ـ أسس المنقطعين وذخيرة المتوسلين لزاده، 181 ورقة، سنة 1139 هـ، بخط محمّد بن محمّد الشريف،

ـ أسرار الشيخ الإمام السنوسي، نسخ سنة 1256 هـ، بخط الشيخ الإمام القزادري، إمام الجامع الأعظم بالجزائر، في حوالي 200 ورقة.

ـ الإسفار عن معاني الأسفار، نسخ سنة 855 هـ، البلوي محمد بن عمر، نقله عن نسخة المؤلف.

ـ الإعراب عن قواعد الإعراب، نسخ محمّد بن عبد الكريم الفكون ناسخه ومالكه، خط جميل، 60 ورقة.

ـ بهجة البسط والأنس في شرح الكلمات الخمس، للشيخ علي الخفاف وبخطه، تاريخ 1206 هـ.

ـ تذكرة أولي الألباب لداود الأنطاكي، نسخ سنة 1088هـ، في 400 ورقة.

ـ تفسير ابن جزي، نسخ سنة 899 هـ بخط محمّد الشامي، في 200 ورقة.

ـ التنوير في إسقاط التدبير لابن عطاء الله السكندري، نسخ سنة 1037 هـ، في 112 ورقة.

ـ الجامع الصحيح للبخاري: من كتب الشيخ الفكون الجد، كتب في ق 06 الهجري.

ـ الجامع الصحيح للبخاري، عليه تملّك مصطفى باشا.

ـ الجامع الصغير للترمذي، نسخ 1073هـ في 150 ورقة، منمّق.

ـ جزيل الإنعام بفضائل شهر الصيام لعبد المعطي الشبلي، نسخ سنة 1008 هـ، في 170 ورقة.

ـ حاشية السعد على الكشاف ، نسخ سنة 881 ، خط فارسي، في 360 ورقة، منمّق.

ـ ذخيرة الأواخر والأول لأبي حامد المشرفي، في 333 ورقة، بخط يد المؤلف.

ـ الذخيرة في السيرة النبوية لمحمّد بن الصالح الشرقي، في 224 ورقة، خط المؤلف على صفحة 148.

ـ رسالة أحمد أبي عصيدة البجائي ، نسخ سنة 1299 هـ، بخط محمودي القرطبي، في 80 ورقة.

ـ من فتاوى، محمّد بن محمود قاضي الجزائر 1232، في 08 ورقات، بخطّ الشيخ محمّد ابن العنّابي.

ـ رسائل الشيخ محمّد بن عبد الرحمن الأزهري، نسخ سنة 1199 هـ. نسختان: إحداهما بخط أحمد بن باش آغه المقراني ، في 40 ورقة.

ـ سلّم السعادة ومركب الربح لمن أراده لعبد الصادق بن عيسى، بخط محمّد العربي بن أبي داود (ت 1312 هـ )، في 80 ورقة.

ـ شرح لمع الأدلة لشرف الدين التلمساني، نسخ سنة 876 هـ، في 150 ورقة.

ـ شرح المقاصد في علم الكلام أحمد بن علي المنجور ، في 220 ورقة، لم يذكره الزركلي.

ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى القاضي عياض، عدة نسخ، إحداها نسخت سنة 999 هـ في 200 ورقة، ونسخة أخرى منمقة متقنة.

ـ عبارات شيخنا الأزهري الناهية وقوانين التربية لأبي العباس أحمد بن مزيان، نسخ سنة 1300 هـ = 1883م، في 96 ورقة.

ـ عجائب الأسفار ولطائف الأخبار لمحمّد بن أحمد أبي راس، نسخ سنة 1274 هـ بأمر من الشيخ محمد بن أبي القاسم، مما يعطي للنسخة أهمية خاصة.

ـ عقد الجمان النفيس في ذكر أعيان من أشراف غريس، عبد الرحمن بن عبد الله التجاني، خط رقعة، نسخ 1302هـ. مذيّل في صفحتين بالنسب.

ـ عيون الزهر في محاسن النثر: لمؤلف مجهول، يبدو أنه أندلسي، نسخ سنة 736 هـ، بخط يوسف بن عمر بن عبد الله، في 400 ورقة، لم نجد من أشار إليه من الباحثين، في مصادرهم المعروفة.

ـ غاية الوصول إلى شرح لب الأصول ليحيى بن زكريا الخزرجي: ن سنة 906 هـ وعليها خط المؤلّف.

ـ غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر: لعلي بن يوسف بن جرير الشطنوفي، بخط الشيخ علي بن موسى الجزائري، أحد أشهر علماء الجزائر في العصر الحديث، نسخه 1270 هـ، في 300 ورقة.

ـ قبس الاقتدار: نسخ سنة 795 هـ، وهو من المخطوطات القديمة بالمكتبة.

ـ كنز الأسرار ولواقح الأفكار: لمحمّد بن سعيد الصنهاجي، في 150 ورقة، ن سنة 1000 هـ.

ـ المفاتح المرزوقية: لابن مرزوق، نسخ سنة 819 هـ، في 200 ورقة.

ـ منتخب المنتخب للقرطبي: نسخ 664 هـ، في حياة المؤلف المفسر القرطبي المتوفى سنة 671 هـ، ولم يذكر هذا من ترجم له، نسخه أيّوب بن محمّد المقدسيّ الحنفيّ، في 364 ورقة، من أقدم المخطوطات بالمكتبة.

من هنا نستطيع القول: تعتبر هذه المكتبة من أغنى المكتبات الخاصة، بوثائقها ومخطوطاتها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire