Messages les plus consultés

lundi 14 mars 2011

الشيخ محمد المكي القاسمي الحسني

لشيخ محمد المكي القاسمي الحسني: ( 1320/ 1387هـ= 1902/ 1967م).

هو محمد المكي بن المختار بن محمد بن أبي القاسم الحسني الشريف الهاملي.

ولد سنة 1320هـ= 1902 بقرية الهامـل، من أبوين كريمين وفـرا له جوا روحيا وتربويا سليما، ونشأ في أحضان هذه القرية الآمنة المطمئنة التي عرف أبناؤها بالورع والصلاح والمحافظة على الأصالة والمبادئ الإسلامية.

وفي حداثة سنه وكعادة الأشراف من سكان هذه القرية أدخل الكتاب لحفظ القرآن، فحفظه على يد الشيخ حسين العلاني، ولما تم له ذلك انصرف إلى طلب العلم، وكانت الهامل تزخر بالعلماء الفضلاء والأساتذة الأجلاء، فنهل من مناهلهم ما شاء الله له أن ينهل، فتتلمذ على يد الشيخ سيدي أبي القاسم عمه وأستاذه في الفقه حيث قرأ عليه مختصر خليل مرارا، وعلى يد الشيخ أحمد القاسمي وكذا عن الشيخ الحفناوي صاحب كتاب ((تعريف الخلف برجال السلف))، وقرأ عليه نبذا من الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، وهو الذي حثه على كلام القوم.

وعمدته في العلوم شيخ الجماعة بالهامل الشيخ الديسي حيث قرأ عليه الكتب التالية: الأجرومية، الأزهرية، القطر، الشذور، الألفية، متن القلصادي، السنوسية، الإتقان في علوم القرآن، لفية العراقي، متن الورقات، القانون لليوسي….

وكان لشخصية عمه الشيخ سيدي محمد شيخ الزاوية الأثر الكبير في صقل مواهبه وقد تأثر به إلى حد بعيد نظرا لطول ملازمته له.

أجازه العديد من العلماء منهم: الشيخ أبو القاسم القاسمي، الشيخ عبد الحي الكتاني، والشيخ أحمد الأمين بن عزوز، والشيخ يوسف النبهاني….

ولما أتم تعليمه، انتصب للتدريس بالزاوية وتخـرج على يديه عدد كبير من الطلبة والمشائخ منهم: الشيخ سيدي بنعزوز القاسمي، الشيخ عبد الحفيظ القاسمي، الحاج قويدر عرباوي، أبو القاسم إبراهيمي، وولداه الشيخ الأزهري القاسمي رحمه الله، الأستاذ محمد القاسمي حفظه الله.

كان شغوفا بالمطالعة مكبا على المذاكرة، معجبا أشد الإعجاب بالصوفي الشهير محي الدين بن عربي، مهتما بتراثه، جامعا له. كما اهتم بالتراث اليوناني الفلسفي، محبا لأفلاطون وأرسطو، مطلعا على الثقافات الأخرى متفتحا عليها فلم يركز اهتماماته العلمية على مجال اختصاصه فقط، بل تعداه إلى مجالات أخرى كثيرة، ولا أدل على من مكتبته العامرة التي ضمت بين خزائنها العديد من المخطوطات والمؤلفات في مختلف الميادين والمجالات، وهي المكتبة التي عرفت شهرة كبيرة عل مستوى القطر، وحتى على المستوى الدولي، فكان العلماء والمستشرقون يأتون إليها من مختلف الأماكن والأقطار، ويراسلون الشيخ بحثا عن رسالة نفيسة أو مخطوط نادر، وكانوا غالبا ما يتلقون ردا ايجابيا على طلباتهم من الشيخ المكي.

أدى الشيخ المكي دورا هاما إبان الثورة التحريرية، فقد كان بيته بمدينة حاسي بحبح مخزنا للأسلحة ومخبأ للوثائق السرية، وقد دع بأبنائه الثلاثة إلى ساحة الوغى، الأزهري، محمد،ونور الدين الذي سقط شهيدا في ميدان الشرف بطاقين قرب مدينة الشلالة سنة 1961. وكان يجذب إليه الشباب ويمدهم بأفكاره الداعية إلى التحرر والانعتاق، ممـا تسبب له في كثير من المداهمات مـن طرف جيش الاحتلال. وفي تقرير كتبه أحد ضباط المخابرات الفرنسية بالجلفة بتاريخ 23 / 2 / 1961: " أن الشيخ المكي يحظى باحترام سكان المنطقة، وأنه ذوثقافة وشخصية عاليتين ، وأن أبناؤه الأزهري ومحمد ونور الدين في صفوف جيش التحرير، وأنه ينسق مع الشيخ معمر حاشي بالجلفة، وأنهما يتلهفان ليوم النصر….".

وقد اعتقلت سلطات الاحتلال ولديـه الأزهري ومحمد وقادتهما إلى المعتقل للضغط على الشيخ، لكنه لم يرضخ، وواصل نشاطه إلى غاية الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، حيث أقام بهذه المناسبة العظيمة حفلا كبيرا بمنزله بحاسي بحبح حضره كبار الضباط والقيادات والأعيان بالمنطقة.

ساهم مساهمة فعالة في الحياة الاجتماعية والعلمية، منها تأسيس عدة مدارس تعنى بتربية النشء وتعليمهم مثل: مدرسة الفلاح التي أسسها رفقة أخيه الشيخ بنعزوز القاسمي في مدينة بوسعادة سنة 1951 ومدرسة العرفان بتغانيم سنة 1953.

كما كان يرأس لجنة الامتحانات بكلية الآداب بجامعة الجزائر أيام الاحتلال الفرنسي.

كان يدعو إلى تحرير المساجد والأوقاف من سلطة الاحتلال، ونادى ببرمجة اللغة العربية في التعليم لمدة ساعتين في اليوم، كما كان من مؤسسي جمعية علماء السنة التي نبذت الخلاف الذي وقع بين جمعية علماء المسلمين وبعض مشائخ الطرقية وعلمائها، ومن أهداف هذه الجمعية: المحافظة عل السنة النبوية ونبذ التعصب المذهبي، والتفطن لمكائد الاستعمار في التفرقة بين أفراد الشعب الواحد والأمة الواحدة.

أقام الشيخ علاقات جيدة مع علماء أعلام شهدوا له بسعة العلم ورسوخ قدمه في المعرفة، منهم: الشيخ الحسين القفصي، الشيخ العاصمي، الشيخ بابا عمر مفتي العاصمة، الأستاذ أحمد توفيق المدني، المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي، الشيخ الطاهر العبيدي، وغيرهم من أعلام الجزائر الذين أدوا كبيرا في الحركة العلمية والثقافية أثناء فترة الاحتلال وبعدها.

توفي بمستشفى الجامعي بالجزائر العاصمة يوم الأحد 26/ 06/ 1387هـ = 01/ 10/ 1967 م، بعد معاناة شديدة مع المرض، ودفن بضريح الشيخ محمد بن أبي القاسم بزاويـة الهـامل، وقد كان يوم دفنه حدثا مشهودا، إذ شيعه رجال العلم والفقهاء، ورأوا في فقده رزية عظمى وفاجعة كبرى.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire