هو المغفور له العلامة الجليل الشهير خليل بن مصطفى القاسمى الحسنى احد أساطين العلم بالجزائر وشمال إفريقيا المعترف له بالعلم و الدراية و الفضل حفظ القران الكريم و عمره لا يتجاوز 13 سنة ثم تكلف بتعليمه الشيخ بن عزوز القاسمى فقيه الزاوية ومرشدها فأخذ عنه العلوم الإسلامية من فقه وتوحيد وتفسير ثم تداول على تعليمه علماء أجلاء ومن بين هؤلاء:
1- الشيخ الطاهر العبيدي علامة الصحراء الجزائرية فاخذ عنه علم. المنطق من السلم للأخضري وألفية ابن مالك في النحو وعلم العروض.
2- الشيخ عبد الحي الكتّاني الذي كان يمدّه بشتّى الفنون و خاصّة في الحديث أثناء تواجده بزاوية الهامل التي كان يزورها سنويا و هو عميد علماء المغرب في الحديث الشريف .
وقد فتح الله عليه فتح العارفين بالله لتقواه و طيب سريرته فكان عبقريا بذكائه الحادّ وإدراكه لأمزجة النّاس ومعرفته لنفسية المجتمع و قد ساعده في ذلك انكبابه على مطالعة أمهات الكتب من مكتبة الزاوية الغنية والزّاخرة بالتآليف القديمة والحديثة وكذالك فإن اتصالاته المتكررة بالعلماء الوافدين تباعا على الزاوية مكّنته من توسيع آفاق معارفه فمنهم علماء العالم العربي و الإسلامي ومنهم المستشرقون وقد حضرت معه عدة لقاءات علمية مع شخصيات مرموقة فكان إعجابهم به فائقا وباهرا ومن بين هذه اللقاءات لقاء مع أسقف الجزائر القديس دوفال الذي أعجب بخطابه أثناء حفل استقبال بالزاوية سنة 1966م حلل فيه هدف الديانات السّماوية الصحيحة و الاعتقاد
بوحدانية الله و السمو العقلي للإنسان و تكريم الله له و قد قمت شخصيا بترجمة هذا الخطاب من العربية إلى الفرنسية.
كما أن المستشرق الكبير الأستاد جاك بيرك الذي زار الجزائر سنة1964م أعجب بزاوية الهامل و بمداخل العلامة خليل القاسمي و بما طرحه من أفكار اتّجاه تطور العالم العربي الإسلامي وتعامله وتفاعله مع الحضارة الغربية
والأستاد مالك بن نبي كان صديقا له شاهدا له بالعلم وللزاوية بالفضل وذكر الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بالحرف الواحد أنه لولا فكرة التّبادل الثّقافي بين الشعوب لا يحق للجزائر أن تستنجد بأمثالنا في هذا الميدان مادام أمثال العلامة خليل ينيروها وهو نفس الإنطباع للشيخ الفاضل بن عاشور عميد جامعة الزيتونة سابقا .
حقا إن الرّجل جدير بالتقدير و الشهرة مادام هؤلاء الأعلام اعترفوا له بالمقدرة العلنية وسعة الدراية
ترأس معهد الزاوية من1962م غداة الاستقلال إلى تاريخ وفاته سنة 1994م فكان المعهد عبارة عن جامعة شعبية واسعة يتراوح طلابها بين 350 طالبا إلى ما يزيد عن الألف (1000) طالب تارة من الإعدادية إلى الدخول للمستوى الجامعي . المتخرجون يجتازون امتحانات ومسابقات وزارة التربية ووزارة الشؤون الدينية الناجحون منهم يوظفون في سلك القطاعين و المتفوقون يلتحقون بجامعة الجزائر .
بعد مسابقة الدّخول كثير اليوم من إطارات الدولة في سلك الإدارة والتعليم والصحافة والدبلوماسية من متخرجي هذا المعهد العامر بفضل إدارة العلامة خليل القاسمي وتخطيطه وتوجيهه
خلف العلامة خليل القاسمي عمه في مشيخة الزاوية من1986م إلى تاريخ وفاته سنة 1994م فحاضر في مسجد باريس الرئيسي و بمسجد الدعوة وبفاس بالمغرب الأقصى كما زار السعودية ومصر والأردن عدة مرات واتصل بعلمائها فاجلوه وأحاطوه بكل تقدير واحترام .
أما داخل القطر فانه محل تقدير العلماء و الوزراء ورجال الفكر والسّياسة لما للرّجل من الإخلاص وبعد النظر و صدق الطوية لذلك عين رئيسا لرابطة الزوايا العلمية للطريقة الرحمانية في 03 /08/ 1989 م بموافقة جميع زوايا القطر الرحمانية أما تاريخه النضالي فحدث ولا حرج فقد كان من الأوائل الذين احتضنوا الثورة الجزائرية عن حب وإخلاص فاتصل بالرائد زيان عاشور والعقيد حواس و العقيد شعباني وكان للجميع نعم المرشد والمناضل و المموّن أثناء الثّورة أودع سجن سركاجي وأطلق سراحه وبقي محل مطاردة من المستعمر من نفي و مراقبة وإقامة جبرية حتى منّ الله على الجزائر باستقلالها
هذه نبذه مختصرة عن حياة الرّجل الذي كان لي الشرف أن أكون أحد تلامذته المقربين و أن آخذ عنه ما تيسر من فنون البلاغة والمنطق و الأدب العربي فلا أزال أذكره مع الكثير والكثير من الإطارات وأطلب من الذين ارتووا من منابع أفكاره أنّه من واجب الباحثين كتابة حياة هذا الرجل كتابة تليق بمقامه ودعم التّراث الجزائري بما قدمه من تآليف و خطب و محاضرات تبقى شاهدة له للأجيال المتعاقبة.
توفي رحمة الله ليلة الجمعة 8 من شهر رمضان المعظم عام 1414 هجرية الموافق ل18 فيفري 1994م فكانت جنازته عبارة عن مشهد عظيم حضره ألاف المشيعين الذين توافدوا على زاوية الهامل من كل أنحاء القطر من بينهم الوزراء و الولاة و ضباط الجيش الوطني الشعبي و مشاهير العلماء الذين أبّنوه وترحّموا عليه وختم التأبين بتلاوة القران و برقية تابينية للرئيس اليمين زروال.
رحمه الله برحمته الواسعة و اسكنه فسيح جنانه. امين.
Messages les plus consultés
-
لزوبعة الذهنية أسلوب العصف الذهني Brain storming ، أو ما يعرف بالقصف الذهني أو الزوبعة الذهنية: إن مصطلح العصف الذهني يعد أكثر استخ...
-
ساهم علماء الجزائر في حركة التعليم والتأليف مساهمة فعالة، وليس أدل على ذلك من وجود العشرات من العلماء الجهابذة الذين بلغوا درجة الاجتهاد وال...
-
إن منح الزمان أن تجد أناسا لله قائمين بالنصح والإرشاد والدعوة والتعليم ومن بين هذه النفحات الغالية وجود الزاوية العظيمة زاوية سيدي محمد بن أ...
-
تبهاعبد المنعم ، في 24 يناير 2011 الساعة: 22:25 م رحلتي إلى توات قرأت كثيرا عن منطقة توات، بحكم الاهتمام بموضوع...
-
ظهرت الزوايا في المغرب الإسلامي منذ القرن السادس الهجري، الثالث عشر ميلادي، حيث حلت تدريجيا محل الرباط، ثم تطورت مهامها وتوسعت على يد المراب...
-
سم الله الرحمان الرحيم هذه هي المجموعة الثانية للمخطوطات وقد وضعت العنوان ومؤلف المخطوط وان شاء الله سوف اضع البطاقة الفنية للمخطوطة بالتع...
-
قائمة منشورات دار الغرب الإسلامي / بيروت كتبه مشاري القحطاني بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله أوقات ال...
-
ظهرت ولاية الجلفة بمقتضى التقسيم الإداري عام 1974 للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وهي تضم 36 بلدية، و12 دائرة يزيد تعداد السكان ل...
-
كتبها محمد علي قاسمي الحسني ، في 9 يوليو 2010 الساعة: 23:10 م عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة...
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire