كتبهاعبد المنعم ، في 23 أكتوبر 2010 الساعة: 10:23 ص
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبيينا
محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين
نداء إلى أبناء الأسرة القاسمية
الزاوية القاسمية بالهامل أية أدوار وأية رهانات؟
السادة الفضلاء أبناء الأسرة القاسمية الموقرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أفتتح مقالتي هذه بقوله تعالى: ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) [الرعد:11]. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة".
وقول مولانا جلال الدين الرومي: "الأمم تموت عندما لا يصبح بمقدورها أن تميز بين الحق والباطل". ويقول أحد المثقفين المعاصرين: "إن الأمم التي تقهر على الصعيد الثقافي فإنها تنسلخ من تراثها وتصبح كالأرض الجرداء لا تنبت شجرا ولا تخصب ثمرا، وحينئذ تذوب رويدا رويدا ثم تموت".
ومن البداية أقول لست متشائما وهذا طبعي، والتفاؤل عصاي التي "اتكئ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى"، إلا أن ما يحدث للزاوية القاسمية من سقطات وما ينتابها من نكبات تجعل الحليم حيرانا، ولولا الأمل لغاصت الأرجل في الوحل وانتهت قصة زاوية ملأت الدنيا وشغلت الناس.
تدخل هذه المحاولة ضمن إطار النقد الذاتي التي نعتبرها ظاهرة صحية في المؤسسات والمجتمعات المتحضرة، بل هي جزء أساسي من عملية التطوير والتقويم المستمر، وقد مارس الفكر العربي هذه العملية في مختلف اللحظات العصيبة والمنعطفات التاريخية الكبرى.
من أعرق الصفحات التي قدمتها هذه الأسرة الشريفة للمجتمع الجزائري وللأمة الإسلامية عامة، صفحة الزاوية القاسمية… تلك المؤسسة العلمية الدينية الرائدة التي تعد واحدة من الزوايا الشهيرة في القطر، وأنموذجا صالحا لكثير من الزوايا الجزائرية التي عملت جاهدة في سبيل الحفاظ على مقومات الشعب الجزائري. تتداخل فيها كل الأبعاد الروحي الديني العلمي الثقافي الاجتماعي. أثرت في مسار ثقافة شعب عانى من ويلات التخريب والتدمير والضياع. وشكلت همزة وصل بين الحاضر والماضي. كما تعتبر من أصدق الشواهد المادية على المقاومة الثقافية.
فهي من المعالم الحضارية والصروح العلمية التي تزخر بها بلادنا، والتي يحق لها أن تفتخر بها وتتباهى، وهي من المؤسسات التربوية التي أنشئت في منتصف القرن التاسع عشر، وكانت تعد مركزا شهيرا للتعليم العربي، وظلت تعمل على تحفيظ كتاب الله العزيز وتنشئة طلبة العلم على التعلم والتحصيل، وفق المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، كما حافظت على المرجعية الأساسية في العملية التربوية ببلاد المغرب الإسلامي:
في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك
أسسها الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي، وهو من رجالات التصوف والعلم بالجزائر في منتصف القرن التاسع عشر، وتم تأسيسها في ظروف صعبة، بعد التشديد على المدارس القرآنية والزوايا والضغط عليها، وذلك بعد مشاركة الزوايا والطرق الصوفية في معظم الثورات التي قامت ضد المحتل الأجنبي.
أسسها صاحبها لمجموعة من الأهداف والغايات وهي: التعليم والطريقة والرعاية، فهو في إحدى مراسلاته يقول متحدثا عن نفسه بصيغة الغائب: "…. فبنى بها ـ الهامل ـ زاوية للطلبة والإخوان والأرامل والأيتام والزمنى والعميان، فتعلم عنده بالزاوية المذكورة خلق كثير قراءة القرآن والفقه والنحو وغير ذلك من العلوم العقلية والنقلية وإعطاء أوراد الطريقة الرحمانية".
والهدف الأسمى للزاوية القاسمية هو التأسيس لمجتمع إسلامي معاصر متمسك بدينه وعقيدته، آمن في وطنه، ورأت أن الانطلاقة تكون من التعليم وتعليم الناشئة تحديدا، فأولت عنايتها الكاملة وركزت جهودها على تحسين وتطوير العملية التعليمية، وحاولت أن تستقرئ الواقع المعيش قراءة متأنية فاحصة لتنطلق منه إلى وضع قواعد وأسس متينة لإصلاح المنظومة التعليمية ومنه المنظومة الفكرية ككل.
ساهمت الزاوية القاسمية في ترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة في النفوس، وابتعدت عن البدع والخرافات والتدجيل والشعوذة، وحافظت على عقيدة أهل الناس صافية نقية، وذلك بالتزامها بالتصوف السني على أساس الكتاب والسنة، والذي التزم به مؤسسها منهجا في حياته العلمية، ويعد الشيخ من أكبر أقطابه في العالم الإسلامي.
كما ساهمت في بعث حركة علمية فكرية واسعة شملت مناطق عدة من الوطن وبلغ تأثيرها إلى خارجه، عن طريق البعثات والمراسلات والعلاقات مع علماء العصر، وجعلت من تلك القرية الهادئة الوادعة ـ قرية الهامل ـ مركزا هاما من مراكز التعليم في القطر الجزائري، ينافس بمستواه كبريات الحواضر العلمية المعروفة في العالم الإسلامي، كالأزهر الشريف بالقاهرة والزيتونة بتونس والقرويين بفاس.
ودخلت معترك الصراع الحضاري والثقافي مع المحتل الأجنبي، بترسيخ القيم الحضارية والأبعاد الروحية والدينية للشعب الجزائري، وسعت إلى تكوين أجيال متشبعة بالأخلاق الإسلامية ومتمسكة بالآداب والفضائل السامية، وفتحت أبوابها على مصراعيها أمام طلبة العلم والمعرفة، لينهلوا ما شاء لهم من علوم ومعارف إسلامية، وركزت أساسا على اللغة العربية لما تحمله من مضامين وقيم.
فقد كان السير التاريخي لهذه الزاوية معجزة عجيبة؛ فوسط بحار متلاطمة الأمواج، ووطن محتل يرزح تحت سلطة أقوى استعمار في العالم، وظروف يمر بها العالم الإسلامي يتعذر فيها استمرار التماسك. وسط هذا كله شقت الزاوية طريقها.. ولا شك في أنها كانت بين الحين والحين تتعرض لحركة مضايقة من هنا، وحركة منافسة من هناك، وبروز لحركة مصادرة في ناحية ثالثة…
على أنها في الفترات الأخيرة، وتحديدا في العشرية السابقة عرفت ـ للأسف الشديد ـ تراجعا خطيرا وتقهقرا رهيبا، وابتعادا عن الأهداف التي رسمها لها الشيخ المؤسس، والغايات النبيلة التي عمل شيوخ الزاوية الذين تعاقبوا على مشيختها على بلوغها.
مظاهر هذا التراجع:
1 ـ الغياب عن المشهد الحضاري:
ونحن عندما نتحدث عن الزاوية، نتحدث عن كيان بشري أي اجتماع بشري محقق لشروط النهضة، عامل على الحضور الفعلي والواقعي، يتفاعل مع أحداث عصره، ويقدم البدائل ويشارك في عملية التغيير. نتحدث عن واقع تاريخي وثقافي وحضاري تم تجسيده بنموذجية عالية في عهد المؤسس وابنته السيدة زينب وبدرجات أقل في عهود من تلاهم من الشيوخ.
من العوامل التي منحت الزاوية القاسمية هذا الحضور القوي على مستوى المشهد الحضاري، ورفعت مكانتها عاليا في أوساط المجتمع الجزائري، تمسكها بقيم الدين الإسلامي ومنها: إخلاص العمل لله، والمساواة والعدالة، والاستقلالية وحرية الاختيار، والشورى في اختيار الشيخ وإدارة شؤون الحكم، وهي من صميم منطلقات الزاوية ومبادئها العليا.
واصطبغت في منهجها كله، بلون الفكرة التي نشأت منها وتطورت، ـ وقد نشأت في ظروف الاحتلال الفرنسي، نتيجة عامل التحدي والاستجابة، فجاءت لحماية العقيدة والمجتمع من الذوبان في الآخر ـ حتى تكونت من ذلك فكرتها الخاصة ومنهجها الخاص ومنطقها الداخلي الذي أقيمت عليه بينتها، وتحكمت به سيرورتها. تماشيا مع الفكرة التي نشأت منها. وهذه القيم والمبادئ هي التي مكنتها من الصمود والبقاء والاستمرار والقدرة على الإنتاج في فترات متعددة وظروف متغيرة، بحيث لا تستطيع الزاوية الآن أن تدعي لنفسها هذه القيم إلا بمقدار ما تلتزم بها وتقوم بنشرها.
إلا أنها عرفت في العشرية الأخيرة ابتعادا كبيرا عن هذه القيم، وغيابا على مستوى المشهد الحضاري، الذي ساهمت في فترة من الفترات في إغنائه وإثرائه، واشتهرت بأنها من أكبر قلاع المقاومة الثقافية العنيدة، فلم تعد تطرح تلك الأسئلة الكثيفة التي تدفع عجلة التقدم إلى الأمام، وتنقذ المجتمع والإنسان من براثن الجهل والظلام، ولم تستطع القيام بأي انجاز حضاري يعتد به، ولم تعد كما كانت في سابق عهدها منتجة للأفكار ـ والمشكلة الآن مشكلة أفكار ـ داعية إلى الإبداع، وملتقى للنخبة من العلماء والمفكرين والساسة والمجتهدين، حيث كان يأوي إليها الديسي والحفناوي والمكي والحجوي وابن نبي وغيرهم من فطاحل العلماء والمبدعين.
وبمجرد أن تتمكن الزاوية القاسمية من إعادة التعامل مع عالم أفكارها، وتقويم واقعها، بالقيم الإنسانية التي انطلقت منها وصدرت عنها، وتحديد مواطن الخلل وأسبابه، لا تلبث أن تعاود النهوض. وكل محاولة للنهوض بالزاوية وإعادتها إلى ما كانت عليه أول ما يتطلب الرجوع إلى المبادئ القيم التي انطلقت منها، وعلى الأساس المتين الذي قامت عليه الزاوية، ليسهل علينا مهمة البحث عن نماذج أخرى وبدائل أخرى، وليكون ذلك ميزانا لتعديل المسار الروحي لها، يفضي إلى استئناف الحركة والنشاط بها من جديد.
2 ـ الابتعاد عن الأدوار الأساسية:
وعرفت أيضا في الفترة الأخيرة ابتعادا عن أداء أدوارها الأساسية التي قامت لأجلها، وهي التربية والتعليم والرعاية كما مر معنا في رسالة الشيخ المؤسس، من تعليم العلم الشرعي والقيام بشئون الفقراء والمساكين، وهي من الأدوار الأساسية التي قامت بها الزاوية. وعموما يمكن رصد أبرز هذه الأدوار حاليا عبر أربعة مستويات:
المستوى الأول هو التأطير الديني:
حافظت الزاوية في السابق على مشيخة الطريقة الرحمانية فعليا لمدة جاوزت القرن من الزمن، وعملت على نشر الطريق وتشييد الزوايا وبث الأوراد، لكنها الآن لم تعد كما كانت في سابق عهدها مقرا للطريقة، ولم تفلح حتى في جمع أتباعها تحت سقف واحد. وتناقص عددهم إلى مستويات دنيا رهيبة. وغاب الإطار التنظيمي والترتيب الهيكلي الذي كان يجمع المريدين حول الشيخ المربي، ويشكل منهم قوة قادرة على التغيير.
ولم تعد الزاوية مصدرا للإشعاع الديني والروحي في المنطقة، أو معقلا من معاقل العروبة والإسلام كما وصفها الأستاذ أحمد توفيق المدني، وتدهورت بها الحياة العلمية والثقافية، فلم تعد مركزا علميا شهيرا، يضم بين جدرانه خيرة العلماء وفطاحل الفقهاء، كما كان سابق العهد وسالف العصر، ويكفينا دليلا على ذلك هذا الانخفاض الرهيب لعدد الطلبة من حوالي 300 طالب سنة 1990 إلى حوالي 30 طالب سنة 2010.
المستوى الثاني الأدوار الاجتماعية:
وتبرز الأدوار الاجتماعية من بين أبرز الوظائف التي قامت بها الزاوية، إن لم تكن أبرزها على الإطلاق، فالبعد الاجتماعي يشكل القوة الأساسية للزاوية القاسمية، فقد كانت ملجأ للفقراء والمساكين، ومأوى لليتامى والأرامل والزمنى، ومقرا للصلح بين المتخاصمين من الأفراد والأعراش، وتقديم يد المساعدة وقت الحاجة….
أما اليوم فلا وجود لهذه المبادرات، وغياب كلي لهذه المساعدات، ولا التفات إلى الرأي القائل أن هذه الأدوار قد تكفلت بها الدولة ومؤسساتها، فالظاهر أن الأسباب الداخلية هي التي حرمت هذه الطبقات الاجتماعية من منافع الزاوية التي أسست من أجلهم ولخدمة مصالحهم، وأوقف الشيخ المؤسس أمواله وممتلكاته لخدمة هؤلاء الفقراء والمساكين.
المستوى الثالث المرجعية الدينية:
فتعكس الزاوية خصوصية الجزائر أو المغرب الإسلامي بشكل عام، والحفاظ على مقومات الهوية الدينية والشخصية الوطنية، وتكريس ثقافة مرتكزة على أساس إعادة إنتاج بنيات النسق السوسيوثقافي الجزائري، فشكلت بذلك عنصر استمرارية للأسس المرجعية التي قام المجتمع الجزائري بتبينها، وعملت على ترسيخ تلك الأسس المرجعية. في عقد الأشعري وفقه مالك وعلى طريقة الجنيد السالك
وساهمت بذلك في إيجاد انسجام مذهبي وعقدي، جنب البلاد الكثير من الفتن والمشاكل، التي عرفتها دول المشرق، وقد نعمت الأمة في ظل هذا بالأمن والاستقرار والمحبة والأخوة.
على أنها في الفترات الأخيرة بدأت تتخلى عن هذه المرجعيات، وتبتعد عن هذه القناعات، ولم تعد تلق لها بالا، فلا يركز في مناهج التدريس على عقيدة الأشعري. بل وجدنا فيها بعض ما يناقض مرجعية المغرب الإسلامي.
المستوى الرابع توحيد الأمة والحفاظ على مصالحها:
فقد جمعت الزاوية القاسمية الأمة تحت لواء واحد وسعت إلى توحيد صفوفها، ولم تخرج عن النسق العام الذي تبناه المجتمع الجزائري، فعكست الزاوية خصوصية المجتمع، ورفعت لواء المقاومة الثقافية عاليا، وشاركت مشاركة فعالة في الثورة التحريرية انطلاقا من مبادئها القاضية بالدفاع على مصالح الأمة، كما ظلت بعد الاستقلال نقطة التقاء جميع الأطراف، والتزمت بمبدأ الحياد ملتزمة بقوله صلى الله عليه وسلم: ((يد الله مع الجماعة))، للحفاظ على دورها في الوحدة والتوحيد.
3 ـ غياب كافة مؤشرات التقدم:
ويكاد يجمع الملاحظون والمتتبعون لشئون الطرق والزوايا في الجزائر على أن كافة مؤشرات التقدم داخل الزاوية في تراجع مستمر، ويغلب عليها طابع الجمود. وتعتبر المؤشرات أحد أهم الأدوات الأساسية التي تساعد في رصد وتقييم الواقع، فهي تسمح لنا بالتوصيف السليم للواقع. وتشكل أدوات قيمة لصياغة أفكار جديدة عن الإصلاح، ومن ثم مراقبة تطور تنفيذها. بالإضافة إلى ذلك تساهم المؤشرات في زيادة الوعي حول قضايا هامة لمجتمع الزاوية، وتساهم في تجاوز كثير من العقبات.
ومن أهم هذه المؤشرات التي نستطيع من خلالها تقييم الواقع: مدى تمتع روادها بتلبية حاجياتهم، ومستوى الخدمات التي تقدمها لأفراد المجتمع في جوانب متعددة، روحية وثقافية واجتماعية، والجهات المستفيدة من هذه الأعمال مثل: الفقراء والعجزة والأرامل واليتامى… وطبيعة النموذج الأخلاقي السائد في مجتمعها المحلي، وتأثيرها في تشكيل الرأي العام، وفي صياغة واعتماد مجموعة المفاهيم والأعراف الاجتماعية، وفي تشكيل طبيعة السلوكيات والنماذج الأخلاقية السائدة في مجتمعها المحلي، كما كان الحال في السابق.
وكلها كما ذكرنا آنفا في تراجع مستمر، فلم تعد الزاوية تملك القدرة على تلبية حاجيات المريدين والأتباع من الراحة النفسية والسلام الداخلي، وتراجع مستوى الخدمات المقدمة من الإيواء والإطعام داخلها إلى أدنى الدرجات، وأصبحت مظاهر عدم التزام طلبة الزاوية بالآداب الإسلامية من الأمور المثيرة للاستغراب والدهشة، وهي سلوكات لم تعرفها الزاوية القاسمية من قبل.
فلم تعد بذلك قادرة على مواكبة العصر، وتقديم خطة تحديث شاملة في منظومة القيم الثقافية والدينية التي تحكم العلاقات الأفقية والعمودية في مجال التعامل والإطار العام الذي تشتغل فيه الزاوية. ولم تعد قادرة على التفاعل مع متطلبات النهضة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والتفاعل الإيجابي مع المحيط الخارجي، لذلك لم تتمكن من تجاوز الأزمات التي تتخبط فيها، ومن فرض نفسها كمؤسسة تحظى بالتقدير والاحترام كما كانت في سابق عهدها. وهي النتيجة التي خلصت إليها إحدى الدراسات الأكاديمية الحديثة.
إن هذا التراجع سيؤدي في النهاية إلى انهيار الزاوية، ولعل البيان الأخير الصادر عن المشيخة، وظهور أصوات تطالب بتنحية الشيخ الحالي للزاوية، وتأسيس مجلس عقلاء يسير شئون الزاوية إلى غاية تعيين شيخ جديد وهو الأمر الذي لم يطرح من قبل ولم يعرف في تاريخ الزاوية له مثيل.
4 ـ الانفصال في شبكة العلاقات الاجتماعية:
ومن أخطر المظاهر التي عرفتها الزاوية في الفترة الأخيرة، الانفصال الرهيب في شبكة العلاقات الاجتماعية، وهو مؤشر آخر من مؤشرات التراجع والانهيار التدريجي ـ إذا لم يتدارك الوضع لا قدر الله ـ فالمجتمع يقوم على شبكة من العلاقات، ويشترط أن تكون قوية صلبة، بفعل عوامل عدة: الدين، القرابة والمصاهرة، العلاقات الاقتصادية، وعندما "يرتخي التوتر في خيوط الشبكة، تصبح عاجزة عن القيام بالنشاط المشترك بصورة فعالة، فذلك أمارة على أن المجتمع مريض، وأنه ماض إلى نهايته. وأما إذا تفككت الشبكة نهائيا فذلك إيذان بهلاك المجتمع". على حد تعبير المفكر مالك بن نبي.
ومن مظاهر هذا التفكك والانفصال في شبكة العلاقات الاجتماعية وتجلياته، تشتت وحدة الصف، وغياب العمل الجماعي، وانعدام الروح الجماعية المشتركة، وعدم الشعور بالانتماء لدى كثير من أبناء هذه المؤسسة العتيدة، فلم تعد الزاوية تمتلك تلك القوة لجمع الناس على صعيد واحد، وعلى كلمة واحدة، وقد كانت من أبرز خصائص الزاوية القاسمية على مدى الفترات المتلاحقة ـ، ولم تعد تمتلك التأثير على أبناء الأسرة القاسمية بله أبناء القرية، ناهيك عن الأتباع والمريدين، فكانت إذا دعت الناس إلى اجتماع التف حولها وفي ظرف وجيز الآلاف من الأتباع، والآن بالكاد تجمع العشرات إلى لقاء بالزاوية أو تجمع انتخابي.
ويعتبر الشعور بالانتماء من الخطوات الهامة في بناء المجتمعات والمؤسسات، والتي تحرص الدول القوية والمحترمة على تنميتها وغرسها في أبناء المجتمعات التي تنتمي إليها. فالجماعة أقدر من الفرد على مواجهة الصعوبات التي زادت في أيامنا الآن وتعقدت، بحيث أصبح من الصعب التغلب عليها، ويقتضي العمل على حلها والتغلب عليها.
فثمة أزمة حقيقية في مسيرة الزاوية قد تلقي بها خارج التاريخ، فريسة طغيان الشيء أو طغيان الشخص أو طغيان الفكرة. ولم تستطع بالرغم مما تملكه من إمكانيات ووسائل، وثروات وهياكل، أن ترعى العلاقة بين العلم والضمير، بين العناصر المادية والوجود الروحي فغرقت في هاوية المادية والتركيز على المظاهر الشكلية، على غرار بقية المؤسسات الاستهلاكية التي يعرفها المجتمع المعاصر، وفقدت بذلك خصوصيتها وتميزها.
فالناظر في شئون الزاوية القاسمية اليوم والمتأمل في واقعها، يصاب بالدهشة وتنتابه الحيرة للواقع المر الذي آلت إليه والمصير الأليم الذي انتهت إليه. فبعد أن كانت رائدة الزوايا وقائدتها وقدوتها، أصبحت في آخر الترتيب والسلم، وأضحت مضرب الأمثال في التراجع والتخلف، وكثير من شيوخ الزوايا الذين كانوا يطلبون ودها، ويعملون جاهدين ليحظوا بمقابلة من شيخها، أصبحوا الآن هم من يتعطف ويتكرم بمقابلة شيخها، بل لا يقيمون وزنا لحضورها، ولا يلتفتون إلى وجودها.
عوامل التراجع:
هذا وقضية تراجع الزاوية وابتعادها عن أدوارها الأساسية، تشغل بال كثير من أبناء الأسرة، الذين اجتهدوا في تقديم الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا الوضع، وتقديم تصورات وآراء للخروج من هذه الأزمة الحرجة، لكنها لم تجد آذانا صاغية للأسف الشديد لغياب مبدأ التشاور والتوافق، وسيطرة النزعة الأنانية والنظرة الاستعلائية.
ويستحيل تحريك الحوار عن تخلف الزاوية الحالي وتراجعها عن أدوارها التاريخية، بعيدا عن تحريك النقاش حول شروط وآليات النهضة والإصلاح. فلا يمكن لنا أن نباشر تقديم مشروع الإقلاع الحضاري قبل قيامنا بتحديد موقفنا التفصيلي من أسباب التراجع وسبل علاجه. ويأتي هذا الانشغال استجابة لمتطلبات الظروف التخلفية الراهنة، مما دفعنا إلى تركيز القراءة في معطيات الزاوية، والتأمل في ماضيها العريق، وحاضرها الذي يبدو أنه يعاني من أزمات كثيرة ومتعددة. تحتاج منا إلى إيجاد سبل كفيلة بإخراجها من هذه المأزق الحضاري والمنعرج الخطير الذي تمر به.
تسمح لنا هذه النظرة بالوقوف على عوامل التقهقر والانحطاط، أي على قوى الجمود، داخل الزاوية إلى جانب عوامل النمو والتقدم، فهي تتيح لنا أن نجمع كلا لا تتجزأ مراحله. ففهم أسباب تراجع الزاوية يقدم الإجابة للتساؤل القائم كيف تعود إلى مكانتها السابقة وحيويتها المعروفة؟ كيف يمكن لها أن تتجنب مصير الانهيار والانحلال والفناء؟ فمعرفة أسباب العلة هو ضرورة أساسية لمعرفة العلاج. إننا نريد أن نحلل ونفسر الأسباب وعوامل الانهيار التدريجي، بغرض معالجة هذه الأسباب وتجنب دواعي الانهيار، وهو كفيل بأن ينقذ الزاوية من السقوط إلى الهاوية.
وأي نقاش لقضية أسباب التراجع لا بد أن ينطلق من مبادئ الاحترام والتقدير وحفظ المقامات، وأن يكون الهدف منه هو خدمة المقام، ونشر ثقافة التعاون والانسجام، وبعث القيم الحضارية والإنسانية التي عمل على ترسيخها الذين تولوا زمام الأمور بهذه الزاوية في سالف العهد والأوان.
وقد نستفيد في هذا المجال من دراسات العلامة ابن خلدون والمؤرخ الانكليزي توينبي الذي تتلخص نظريته في أن "الحضارات لا تموت قتلا، وإنما تموت انتحارا". والمؤرخ الأمريكي ديورانت الذي يرى هو أيضا أن "الحضارات العظيمة لا تنهزم إلا عندما تدمر نفسها من داخلها"، في تحليلاتهم لأسباب سقوط الحضارات وانهيارها، واسقاطها على الزاوية القاسمية محل الدرس. وذلك لتفادي الأسوأ.
ونستعين بأفكار مالك بن نبي ونظرياته في سبل الاصلاح وبعث النهضة من جديد، وآراء الفيلسوف محمد إقبال، وكتابات المفكرين المعاصرين علاء الدين الأعرجي، طه عبد الرحمن، محمد عابد الجابري….
قبل أن نتناول أسباب التدهور والانحطاط، ينبغي أن نشير إلى بعض الحقائق التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، لأنها تشكّل مدخلا علميا لمعالجة الموضوع.
أن التدهور الذي أصاب الزاوية لم يحدث حدوثا مفاجئا، دون مقدمات أو مؤشرات، وإنما كان عملية بطيئة تجمّعت عناصرها خلال عشرية كاملة من الزمن، ولم تنبثق على الساحة مرة واحدة.
أن ضعف الزاوية لا يعود إلى عامل أو سبب واحد مهما كان هذا العامل أو ذلك السبب فعالا ومؤثرا، وإنما يرجع إلى جملة من العوامل التي تفاعلت مع بعضها، وأدت إلى تحوّل نوعي في مسيرتها، ولهذا فالمنهج العلمي يقتضي أن نأخذ كل العوامل بعين الاعتبار.
تدهور الزاوية القاسمية، لا يعني بالضرورة الموت المطلق أو التراجع المادي، فالحديث هنا عن الوجود الحقيقي، فلا يكفي الوجود المادي إذا كان بلا وزن ولا تأثير ولا دور فاعل في عالم التقدم والمكانة بكل معانيها وسط الزوايا الأخرى ومقارنة بها.
ويرجع بعض المتتبعين لشئون الزاوية القاسمية هذا التراجع الخطير لدور الزاوية الثقافي والروحي إلى جملة من العوامل والأسباب ـ وسنركز حديثنا على الأسباب الداخلية لارتباطها بموضوعنا بغية الوصول إلى أقرب صورة ممكنة للحقيقة التاريخية ـ ومنها:
1 ـ وجود أقلية مسيطرة :
وهي من أبرز عوامل التقهقر والتراجع في المجتمع. ولك أن تسمها ما شئت النخبة الحاكمة، أو النخبة السياسية، أو نخبة القوة، أو الصفوة…المهم أنها تمسك زمام الأمور بيدها، وتسير دفة الحكم، وفق ما تراه هي سليما لا ما يراه المجتمع سليما. نتيجة سيطرة أوهام الكمال عليها ومزاعم الانفراد بامتلاك الحقيقة والاستسلام لهذه الأوهام. ونتيجة الخوف من التغيير ومحاولة المحافظة على الوضع الراهن لأن فيه حفاظ على مصالح معينة. فباتت عاجزة عن الإبداع والمشاركة، "وعندما تفقد النُخَب قوتها الخلاقة وتعزف الأقلية المسيطرة عن تقديم شكل مثالي يحتذي به مجموع الشعب، عندئذ يبدأ مسار التلاشي والزوال". كما يقول أحد كبار المفكرين.
صحيح أن طبيعة المجتمعات عامة والعربية خاصة، تبين أن السلطة لا يمكن أن تمارس بواسطة الجميع، وأنه لابد أن يكون هناك هيئة تقوم بدور إدارة شئون المجتمع، لكن يشترط في هذه الهيئة أن تلتزم بالعقود الاجتماعية التي تم إبرامها والتواضع عليها، وأن تعمل في مصلحة المجتمع الذي أوصلها إلى هذه المنزلة، فلم تكن قبل ذلك في مركز القرار أو السلطة، لا أن تترك الجميع وتنشغل بالقيام بشئونها ورعاية مصالحها الخاصة. أو أن تقدم المصلحة الخاصة عن المصلحة العامة.
لقد تشكلت في الزاوية القاسمية طبقة أعطت لنفسها امتيازا استثنائيا وحرية مطلقة في تسيير أمور الزاوية وإدارة شئونها، وعملت هذه الطبقة على إلغاء العمل بمبدأ التعددية الذي يعد من أهم ملامح المجتمعات الحديثة، وطريقا ممهدا لتقدم المجتمعات والرفع من مستواها، فمن خلالها تتفاعل المجموعات التي تعمل على التفاعل الإيجابي والتعايش المثمر.
وأدت سياسة الإقصاء التي مارسها القائمون على شئون الزاوية، إلى انصراف أبناء الأسرة إلى أمورهم، تاركين أمور الزاوية في يد الفئة الحاكمة، مما أدى إلى فقدان التماسك الاجتماعي وسخط كثير من أبناء الأسرة المدركين لعواقب مثل هذه السياسات والتصرفات.
2 ـ الشلل الفكري وانعدام الإبداع:
من العوامل التي تؤدي إلى سقوط الحضارات وانهيارها، عامل الشلل الفكري وانعدام الإبداع، الذي ينتج في الغالب عن الاستبداد بالرأي، فيتجمد الفكر ويتحجر، وينغلق على نفسه ويتشبث بتصوراته القديمة وآرائه البالية، ولا يقبل عنها بديلا، وذلك بحجة الدفاع عن سلطة أو جاه ونفوذ لا حد لهما في إدارة وتوجيه الحياة العامة.
ونستطيع سحب هذا الكلام على الزاوية القاسمية، إذ يعد الشلل الفكري أحد أبرز العوامل التي أدت إلى تراجع الزاوية عن موقع الريادة، وظهر نتيجة الاستبداد بالرأي وتعطيل العمل بمبدأ الاجتهاد، ووضع القيود المجحفة لعمل العقل الإنساني.. ونخشى أن يتطور إلى مرض مزمن وأن تنتقل عدواه إلى بقية المؤسسات الأخرى. فلن نجد له علاجا ولن نعرف إلى الفكاك منه سبيلا.
فبينما تشهد بقية الزوايا الأخرى حراكا فكريا ونشاطا معرفيا ونهضة شاملة، وتبني لنفسها صرحا ثقافيا ماثلا للعيان، وتصنع لنفسها مجدا من العدم، لا تزال الزاوية القاسمية تعيش على أمجاد الشيخ المؤسس وذكريات الماضي البعيد، فلم تستطع إلى اليوم تقديم مشروع جديد أو التأسيس لمشروع جديد، أو حتى إعادة الروح لما كانت عليه في سابق عهدها.
والثابت أننا نعيش الآن في ظل شلل فكري شامل ورهيب، حتى فقدنا الثقة بأنفسنا وبماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، بل وفقدنا حتى مجرد غريزة الدفاع الشرعي عن النفس. وقد انعكس أثر ذلك على دورها في المجتمع، فلم تعد تملك تلك القوة على التأثير، من الإبداع، والمشاركة في تفعيل الحياة الثقافية، وطبع الكتب والمساهمة في تحقيق المخطوطات….
فهل من الممكن أن تنهض الزاوية من جديد بالإجابة عن أسئلة المجتمع الجزائري عامة، عن الانشغالات المطروحة على الساحة المحلية على الأقل، من خلال رصيدها الفكري والتاريخي والديني؟ هل بإمكانها حاليا أن تفرض حضورها الواسع والفاعل في النطاقات المحلية والوطنية، وتفتح مجالات النقاش واسعا حول قضايا وموضوعات الساعة، وتشارك في الحوارات الفكرية المعاصرة.
وللوصول إلى هذا المستوى والقضاء على هذه الآفة التي تنخر فكرها وروحها عليها بمحاربة الشلل الفكري والاستبداد بالرأي، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة لعرض الآراء المضادة، وإيجاد جو من الديمقراطية وإتاحة أكبر قدر من الحرية الفكرية والفقهية، وفتح المجال واسعا أمام النقاش الحر والعميق والمثمر حول القضايا الأساسية التي تهم مسار الزاوية العام، والمجال الحيوي الذي تتحرك فيه.
3 ـ عدم وضوح الرؤيا والتخطيط الاستراتيجي:
إن أخطر ما تصاب به المجتمعات: عدم وضوح الرؤيا وعدم تحديد إطار فكرها العام، لأن تحديد هذا الإطار معناه تحديد لمجموعة من القيم المرتبطة بمجالات الحياة المختلفة، وبنيانها، وعناصرها. وتحديد القيم معناه تحديد للإطار المرجعي، وكل سلوك يحدث في مجالات الحياة، يجب أن يكون صادرا عن هذه المرجعية.
وتعاني الزاوية القاسمية للأسف الشديد من هذا الخلل، فهي تعاني من ضبابية وعدم الوضوح، وذلك بسبب إما انعدام المقدرة على تحديد الخطوات الصحيحة. وإما ضعف أو عدم وجود الثقافة المبنية على الرؤيا والرسالة والأهداف المستقبلية. وينتج عن ذلك عدم تحديد الأهداف، والتناقض والتضاد الذي يؤدي إلى الفشل في تحديد الطموح المطلوب والاتجاه المرغوب.
ومن مظاهر عدم وضوح الرؤيا أنه لا يوجد مشروع أو برنامج متكامل يهدف إلى النهوض بهذه المؤسسة، والتردد في إقامة بعض الملتقيات والندوات، والتضارب الحاصل في تنظيمها، والتناقض بين المرجعية والسلوك في إصدار بعض البيانات. لذلك فالتشتت والغموض والتفتيت هي الملامح الغالبة على التفكير والرؤيا في الزاوية القاسمية. مما أثر سلبا على الأعمال والمواقف التي قامت بها في الفترات الأخيرة.
والغريب في الأمر أن العالم المعاصر يعرف نهضة صوفية كبرى، وحركة إحياء نشطة للتيار الصوفي، بدأت تظهر على أكثر من صعيد محليا ودوليا. فقد نجحت الطرق الصوفية خلال الفترة الأخيرة في إثبات حضورها بقوة على الساحات الدينية والسياسية والإعلامية والاجتماعية، نظرا لانتشارها وتزايد أتباعها.
كما تعمل الطرق الصوفية الآن على تنظيم العديد من الملتقيات والمحاضرات والندوات عبر العالم، الغرض منها خلق حوار بناء بين مختلف الأديان والثقافات، وإبراز أهمية الدور الروحي والتربوي في الحياة الإنسان المعاصر، والملتقيات وسيلة لتجديد الدور التاريخي للتصوف والمتمثل في القيام بالمصالح العامة في المجتمعات والقضاء على روح النزعات الضيقة من عنصرية وفئوية انطوائية وقد حققت في هذا المجال تقدما ملحوظا.
فلا تملك الزاوية إلى الآن موقعا على النت يقدم تعريفا بها وبمنجزاتها ويمكنها من الحضور الدائم والاستمرارية، أو مجلة ثقافية تعنى بالشأن الصوفي وترصد أهم النشاطات والفعاليات وتنشر آخر الأبحاث والدراسات، أو مركز علميا يمكنها من متابعة الحركة الصوفية في العالم والتواصل معها على غرار بقية الطرق والزوايا في العالم المعاصر.
واستمرار عدم وضوح الرؤيا هذا قد يدفع بها إلى التحلل والتفكك، ويلقي بها إلى هامش التاريخ.
4 ـ اللافعالية:
الفعالية، ومعناها أن يكون العمل الذي ينجز عملا فاعلا، أي محقّقا للغرض الذي من أجله استحدثت الفكرة التي تطلبه، وذلك بما يتمّ عليه من إخلاص ودقة وإتقان. وهي صفة ملازمة للإنسان المتحضر. واللافعالية هي أن يكون الإنسان عاجزا عن استخراج النتائج التي يمكن أن يحصِّلها من الوسائل المتاحة له. وهذا العجز على مستوى العمل والحركة يعوض بآليات دفاعية سلبية تعتمد أساسا على أحلام النوم وأحلام اليقظة.
فقد تحولت الزاوية في الفترة الأخيرة إلى حالة من العجز والوهن بحيث لم تعد تستفيد من الوسائل ـ وهي كثيرة ومتعددة، وربما هو ما يزيد الإنسان حسرة وتأسفا ـ التي بين يديها في تحصيل أحسن النتائج منها، وقد يكون ذلك ناتجا عن النظرة الخاطئة التي جعلتها تستكين إلى الدنيا وتطمئن إليها دون تمييز بين حياة الذل وحياة الكرامة.
فالزاوية تفتقد إلى الضابط الذي يربط الأشياء ووسائلها وأهدافها، لم تستطع إقامة الجسور بين الفكرة والتطبيق، فلم تعرف أفكارها طريقها إلى التحقيق. فالذي ينقصها في المرحلة الراهنة ليس منطق الفكرة ولكن منطق العمل والحركة، فهي بحاجة إلى تفعيل الحياة الدينية والاجتماعية، والقضاء على مرحلة الجمود والخمول التي عرفتها، والانطلاق إلى صياغة حاضرها ومستقبلها انطلاقا من مبدأ العمل والحركة.
وجو اللافعالية الذي يطبع حياة الزاوية الآن يجعلها عرضة لكل أنواع الجمود والخمول، ويبعدها عن التفكير الجاد والعميق في إيجاد الحلول والانتقال من النظري إلى التطبيقي، من الفكرة إلى العمل، وهو ما يتناقض مع الأسس التي قامت عليها، ويختلف اختلافا جذريا مع ما شهدته في انطلاقتها الأولى على يد مؤسسها الشيخ محمد بن أبي القاسم. فـ"التاريخ يبدأ بالإنسان المتكامل الذي يطابق دائما بين جهده وبين مثله الأعلى وحاجاته الأساسية والذي يؤدي رسالته المزدوجة بوصفه ممثلا وشاهدا. وينتهي التاريخ بالإنسان المتحلل، بالجزيء المحروم من قوة الجاذبية، بالفرد الذي يعيش في مجتمع منحل، لم يعد لوجوده أساس روحي أو أساس مادي".
والأدهى في الموضوع أن القائمين على شئون الزاوية لم يدركوا بعد خطورة الموقف، ولم يشعروا بأهمية اللحظة التاريخية التي يعيشونها، فيبدو أن مجتمع الزاوية لا يعتريه أي قلق، وبالتالي فإنه لا يبذل أي محاولة لتغيير الوضع من حوله، إذ تسير الأشياء والحوادث دونما تدخل من إرادته، وهنا يصبح التاريخ سيلاً يجرفه إلى حيث لا يدري مستسلماً له الاستسلام المطلق.
والذي نخلص إليه من هذا العرض السريع لعوامل التراجع إن هذه العوامل تنخر من الداخل ببطء لتولد على حين غرة حالة الانهيار الشامل، ولن يكون باستطاعة مشيخة الزاوية السيطرة عليه، لأنها ـ الزاوية ـ ستدخل حينها مرحلة اللاعودة، ولن تتمكن المشيخة من إصلاح الوضع المتدهور الذي تعرفه، وتجنب عوامل الانحدار والسقوط، وذلك بعد عقد من سياسة الإقصاء والتهميش والحكم الفرد الواحد.
وأنه نتيجة لكل هذه الأسباب، فقدت الزاوية قوتها الأخلاقية والقيمية والروحية، وهي من عوامل سقوط الحضارات والمجتمعات والمؤسسات، عند كبار مؤرخي الحضارات ودارسيها. وفقدت بذلك بريقها الأخاذ الذي عرفت واشتهرت به طيلة أكثر من قرن ونصف من الوجود. وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب.
شروط النهضة:
لا شك أن انشغال كثير من الباحثين بالإجابة عن كيفية النهوض بهذه المؤسسة العريقة والعودة بها إلى سابق عهدها، دفعهم إلى البحث والمساءلة والمتابعة، لكل صغيرة وكبيرة تتعلق بهذه الزاوية، ومحاولة معرفة ما جرى لها في العشرية الأخيرة، التي عرفت هذا التراجع الخطير عن القيام بالأدوار التي كانت تضطلع بها.
فهل من الممكن أن تنهض الزاوية من جديد بالإجابة عن أسئلة المجتمع الجزائري عامة، عن الانشغالات المطروحة على الساحة المحلية على الأقل، من خلال رصيدها الفكري والتاريخي والديني؟ هل بإمكانها حاليا أن تفرض حضورها الواسع والفاعل في النطاقات المحلية والوطنية، وتفتح مجالات النقاش واسعا حول قضايا وموضوعات الساعة، وتشارك في الحوارات الفكرية المعاصرة.
وهو ما يستدعي التفكير جديا في خطة اصلاح شاملة لوضعية الزاوية الراهنة، وعملية تغيير أساسية في البناء الفكري والاجتماعي لها، ووضع آليات معاصرة تسمح لها بالعودة إلى مجالات عملها وتأثيرها، وفتح فضاءات أخرى للمشاركة والتفاعل مع الحياة الدينية والاجتماعية، ومنه التأثير والمساهمة بجزء في عمليات النهضة الشاملة التي تعرفها المجتمعات الإسلامية المعاصرة.
إننا هنا لا نريد أن نقدم وعودا كبيرة وننشر آمالا عريضة، إنما أن نسعى إلى أن نبذر بذرة صالحة في أرض الهامل المعطاء، وأن نعمل جاهدين في سبيل إحياء قيم التعاون والمحبة والتواصل والرحمة والإنسانية، وهي القيم نفسها التي قامت عليها الزاوية، وظلت ترعاها وتحافظ عليها طوال أكثر من قرن ونصف من الزمن.
على أن الأمر الذي يجب أن نؤكد عليه من البداية إننا ننطلق هنا من منطلقات إيمانية صرفة، تدعو إلى التمسك بالقيم الإسلامية، والاعتماد على السنن الكونية، نتحرك انطلاقا من هاجس إنقاذ الزاوية القاسمية ومحيطها من التردي والسقوط في بحر العبثية واللامعنى على حد تعبير غارودي. أو على الأقل التقليل من حجم الخسائر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وإن إدراكنا للأوضاع التي تمر بها البلاد بشكل عام والتي تمر بها الزاوية في الفترة الأخيرة، هو الذي جعلنا نتخوف جدا من استحالة الإنقاذ، إذا لم نسارع إلى المبادرة، والعمل المشترك.
إننا نسعى إلى إنقاذ الزاوية من السقوط الحر، وأن الوضع الحالي يشبه طوفان سيدنا نوح عليه السلام، ومن أراد النجاة من الغرق فعليه أن يلوذ من الآن بسفينة التحرر من سياسات الانغلاق والاستعداء والتعالي والاقصاء. مؤكدين أيضا على حقيقة أن الوضع العالمي الحالي وحركة التاريخ هي في صالح النخب المثقفة والمخلصة التي تعمل على الرفع من مستوى الوعي والإدراك السليم لحقائق الأشياء.
استراتيجية الإصلاح:
وفي تصورنا أن هناك استراتيجية ثلاثية الأبعاد تتعلق بعملية إصلاح الزاوية:
البعد الأول ويرتبط بمفهوم الزاوية المعاصر الذي نريد أن نؤسس له، ونتفق على منطلقاته ومبادئه وقيمه، قد يرتبط بمفهوم المجتمع المدني الحديث. إذ تفرض علينا التطورات الاجتماعية والسياقات العامة للحركة الصوفية العودة إلى تحديد المفاهيم الأساسية: كمفهوم "الزاوية" و"الطريقة" و"الشيخ" و"المريد"…، ومن خلالها رسم صورة لإسهام الزاوية القاسمية في ضبط هذه المفاهيم وتحديد معالمها، وعلى رأسها مفهوم "الزاوية" وماذا نعني به.
فلم تعد الزاوية هي ذلك المكان الذي يلتقي فيه الناس يتلقون بعض العلوم الشرعية، وتقوم بالصلح بين الأعراش والقبائل فقط ـ وهي من المهام الرئيسة التي اضطلعت بها الزوايا على مدى قرون طويلة ونحن هنا لا ننقص من قيمتها وشأنها بل على العكس نريد لها حضورا أقوى وبروزا أشد ـ، بل يجب أن تنطلق إلى آفاق أرحب وفضاءات أوسع، وأن تأخذ أبعادا أخرى تتناسب وروح العصر، وتتماشى مع التحولات الكبرى التي يعرفها العالم المعاصر، هذا طبعا دون التخلي عن خصائصها ومواصفاتها الأساسية التي تميزها عن بقية المؤسسات الأخرى الفاعلة في الحقل الديني. وفي هذا المجال تحديدا، قد يطول الكلام وهو ما نتركه ليوم الاجتماع.
البعد الثاني ويهم وظيفة الزاوية القاسمية ضمن الحقل الديني، وكانت لها أدوار ووظائف أساسية في فترات مختلفة، واختلفت أدوارها بحسب الظروف التي تعرفها البلاد، ـ وهو من خصائص الطرق الصوفية والزوايا ـ وهو الأمر الذي سمح لها بالصمود والمواجهة والمقاومة. ماذا يمكن أن تقدمه الزاوية في سياق العمل المتكاتف لبقية الطرق والزوايا والحركات الإسلامية بشكل عام، ما الذي يمكنها القيام به في مواجهة التحديات الروحية والأخلاقية التي يعرفها المجتمع الإسلامي ـ وقد ظلت الزاوية لفترات طويلة خارج ساحة التدافع القيمي والأخلاقي ـ. ما هي الإضافات النوعية التي يمكن أن تضيفها هذه المؤسسة للمجتمع العربي المسلم، إذ أنها انطلقت منه وصدرت عن قضاياه الجوهرية: الروحية والدينية والعلمية والاجتماعية، ماذا يمكن لها أن تقدم وسط هذا العالم المتعدد الأصوات المليء بالتناقضات الساعي إلى تدمير الذات من الداخل والبقاء بعيدا متلهيا بفكرة أو نظرية مشوشة التفكير صعبة الفهم عزيزة المنال.
إننا نطمح إلى تصوف إسلامي تندمج فيه الحياة العقلية بالحياة الروحية في توازن محكم ودقيق يبقى معه الإنسان داخليا قابل لتلقي المؤثرات الإلهية والنفحات الربانية ويعيش حياة داخلية تأملية مكثفة. مع التفاعل الإيجابي والتواصل التام مع الحياة الاجتماعية الخلاقة. على ما يذهب إليه كثير من رجال التصوف وليكن هذا هو الهدف العام للزاوية القاسمية في كل ما تقوم به من أعمال وتضطلع به من مهام.
أما البعد الثالث فيتعلق بالفائدة المرجوة من هذا الاصلاح داخليا وخارجيا، على المستوى المحلي وعلى المستوى الخارجي، ما هي القضايا الجوهرية التي ينصب عليها التفكير، وتدور عليها عملية الإصلاح؟ هل هو العودة إلى حياض الدين والبقاء ضمن إطار معين محدود والانغلاق على الذات، أم إثراء التجربة الدينية والتأكيد على مبدأ الاجتهاد، والانفتاح على العلوم المعاصرة والفلسفات؟ ثم ما الغاية من هذا الإصلاح هل هو خدمة للدين الإسلامي، أم دفاعا عن الحق في البقاء والوجود، أم نفيا لتهمة الركود والجمود؟ هل هو لخدمة مصلحة فرد بذاته أو مجتمع محدد أو أمة بكاملها؟ هل جاء نتيجة إملاءات خارجية أم ضغوط داخلية، أم نية خالصة لوجه الله في سبيل الإصلاح والتقدم إلى الأمام. وقد اتهم التيار الصوفي بـأنه يخدم سياسة الدول العربية الرامية إلى مواجهة التيار السلفي.
من هنا وجب علينا النظر إلى مفهوم إصلاح الزاوية، والاستعانة بأحدث الآراء والتصورات التي تعمل على إبراز الوجه المشرق، وإعطاء صورة صادقة حية لهذه الزوايا والمؤسسات، والاستفادة من الخبرات والتجارب السابقة، في هذا الميدان تحديدا، كتجربة فتح الله كولن، أو حمزة البودشيشي، أو الشيخ ناظم الحقاني النقشبندي… والعالم يعرف اليوم هذا الانفجار المعرفي، وهذا التطور الرهيب في شتى المجالات، لا نملك إلا أن نعود يوميا إلى مثل هذه التجارب والحركات الفاعلة والفعالة، والتي أثبتت حضورها وقوتها وخدمتها للعالم الإسلامي ولأبناء الإنسانية جمعاء. دون التخلي طبعا عن الموروث التاريخي والأدبي لهذه المؤسسة العريقة.
هذا ولن نستطيع أن نفهم أو نتوقع طرق معالجة الوضع في الزاوية، دون فقه عميق لجذورها وأبعادها، ولن نمتلك القدرة على طرح آليات لحل المشكلة إلا بوجود قاعدة معلوماتية تشرح لنا أبعاد الموقف كله، وهذا لا يكفي فيه جهد فرد أو أفراد، إنما يحتاج إلى جهود جماعة مخلصة، وإلى عدد كبير من المتخصصين والمهتمين بالشأن الصوفي، كما يحتاج إلى تكاتف الجهود والنفس الطويل، والإرادة المخلصة والعزيمة القوية.
ونسرد هنا جملة من التصورات السريعة التي تهدف إلى إيحاد أرضية عمل مشتركة، أو ورقة مبدئية، وليست برنامجا عاما للإصلاح، فذلك متروك لأبناء الأسرة الكرام. فمن أهم الاجراءات العملية ـ في اعتقادنا ـ التي يجب اتخاذها والقيام بها في القريب العاجل:
· تقييم واقعي للمنجزات، ووضع تصورات، وتقديم اقتراحات، ورفع توصيات، في سبيل إعادة الحياة للزاوية القاسمية.
· تحليل المعطيات ورصد الإمكانات، من أجل رسم سياسة الزاوية في العشرية القادمة.
· وضع عقد شرف يخص شئون إدارة الزاوية. وتبني نظام "الحكم الراشد" أو "الحكامة" وهو أسلوب جديد في التدبير عبارة عن أداة لضبط وتوجيه وتسيير التوجهات الاستراتيجية الكبرى للمؤسسة، ويدعم تذويب الحدود وتشجيع التشارك في التسيير بين أبناء الأسرة.
· الاحتكام إلى مقاربة التوافق والتشاور حول تسيير العملية التعليمية بالزاوية.
· دراسة العروض المقدمة لتطوير هذه المؤسسة وتحديثها، من قبل لجان مختصة.
· زيارات ميدانية للزاوية، والوقوف على النقائص والسلبيات، وتدارك الثغرات والهفوات.
· دراسة الزوايا التي تعرف حضورا على المشهد الروحي والديني، والاستفادة من تجاربها وتصوراتها ومنجزاتها على أرض الواقع.
وقد خلصت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن التقدم في المجتمعات التي بلغت شأنا بعيدا في مسيرة النمو والتقدم كان نتيجة لمجموعة من القيم تم تأصيلها في المجتمع منها:
قيم العقل والنقد والفضاء الواسع للعقل النقدي (Critical Mind) وهي أول القيم. وثاني هذه القيم هي تأصيل قيمة التعددية (Plurality) كعلم من أهم معالم الحياة بوجه عام، والمعرفة والعلم والثقافة بوجه خاص. وثالث هذه القيم هو الغيرية (Otherness) التي فحواها قبول الآخر، والغيرية نتيجة طبيعية لتأصيل قيمة التعددية. ثم قيمة العمل وهى تتضمن ما يحيط بالعمل من مفاهيم حديثة مثل العمل الجماعي والاتقان وتقنيات الإدارة الحديثة وثقافة المؤسسة عوضاً عن ثقافة الأشخاص. وأخيرا وليس آخرا قيمة الاهتمام بالمستقبل أكثر من الاهتمام المفرط بالماضي الذى هو من معالم الثقافة العربية.
وهي القيم التي تجمع المجتمعات المعاصرة على العمل بها والتقيد بها، وترسيخها في ثقافة أفرادها، وهو ما نستطيع التأكيد عليه بدورنا وتوظيفه في إعداد منهج لإصلاح الزاوية. ووضعه في سلم أولوياتها.
ويبقى المجال مفتوحا أمام الأفكار الجادة العملية والتصورات البناءة، لعرضها ومناقشتها والخلوص منها إلى توصيات ومقترحات ترفع إلى مشيخة الزاوية القاسمية للنظر فيها، إذ يمكننا التعدد في الآراء والطروحات والتباين في وجهات النظر بين أفراد الأسرة القاسمية، من إثراء النقاش وإغناء الحوار المعرفي، في سبيل رسم استراتيجية بعيدة المدى، ووضع آليات العمل في قابل الأيام، وخلق فضاءات للتواصل الفكري والحضاري لمواصلة مسيرة هذه الزاوية والتقدم بها إلى مستويات أعلى ودرجات أسمى.
ونرجو في هذا السياق ألا تنطبق علينا مقولة المفكر الجزائري مالك بن نبي: "إن الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكرة ولكن منطق العمل والحركة، فهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاما مجردا بل أكثر من ذلك فهو يبغض أولئك الذين يفكرون تفكيرا مؤثرا، ويقولون كلاما منطقيا من شأنه أن يتحول في الحال إلى عمل ونشاط".
ونحن هنا نميل إلى تحليل توينبي الذي يرى أن موت الحضارات ليس حتميا طالما أن هناك مجتمعا محتفظا بالاستجابة الإبداعية creative response، وهو ما يؤكده قوله: "عجلة التاريخ ليست آلة شيطانية تبتلي الناس بعذاب سرمدي، ولكن هناك إيقاع أساسي يتمثل في التحدي والاستجابة، والانسحاب والعودة، والنكسة والنهضة".
Messages les plus consultés
-
لزوبعة الذهنية أسلوب العصف الذهني Brain storming ، أو ما يعرف بالقصف الذهني أو الزوبعة الذهنية: إن مصطلح العصف الذهني يعد أكثر استخ...
-
ساهم علماء الجزائر في حركة التعليم والتأليف مساهمة فعالة، وليس أدل على ذلك من وجود العشرات من العلماء الجهابذة الذين بلغوا درجة الاجتهاد وال...
-
إن منح الزمان أن تجد أناسا لله قائمين بالنصح والإرشاد والدعوة والتعليم ومن بين هذه النفحات الغالية وجود الزاوية العظيمة زاوية سيدي محمد بن أ...
-
تبهاعبد المنعم ، في 24 يناير 2011 الساعة: 22:25 م رحلتي إلى توات قرأت كثيرا عن منطقة توات، بحكم الاهتمام بموضوع...
-
ظهرت الزوايا في المغرب الإسلامي منذ القرن السادس الهجري، الثالث عشر ميلادي، حيث حلت تدريجيا محل الرباط، ثم تطورت مهامها وتوسعت على يد المراب...
-
سم الله الرحمان الرحيم هذه هي المجموعة الثانية للمخطوطات وقد وضعت العنوان ومؤلف المخطوط وان شاء الله سوف اضع البطاقة الفنية للمخطوطة بالتع...
-
قائمة منشورات دار الغرب الإسلامي / بيروت كتبه مشاري القحطاني بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله أوقات ال...
-
ظهرت ولاية الجلفة بمقتضى التقسيم الإداري عام 1974 للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وهي تضم 36 بلدية، و12 دائرة يزيد تعداد السكان ل...
-
كتبها محمد علي قاسمي الحسني ، في 9 يوليو 2010 الساعة: 23:10 م عرفت الجزائر بدورها عددا هاما من الزوايا أدت أدوارا أساسية في تاريخ المنطقة...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire