Messages les plus consultés

jeudi 3 mars 2011

لهذا أشكر معمر القذافي اسماعيل القاسمي الحسني

ا يسع المرء في البداية إلا أن ينحني إجلالا لشهداء الحرية والكرامة في تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها من بلاد العرب، التي ضاقت ذرعا بقادة أشبه بالمهرجين منهم إلى بشر اسوياء العقل والسلوك، كما لا يفوته رفع تحية إكبار للشعوب العربية الثائرة ضد الظلم والقهر والاستبداد، وقد ضربت أبدع وأجمل بل وأكمل صور التمدن والحضارة، ورسمت للعالم أجمع على المباشر لوحات من الإنسانية وسعة الصدر والشجاعة والتضحية النادرة؛ فلم تر البشرية دبابة مزينة بأنواع الزهور ذات الألوان الأخاذة، أثناء ثورة ملأت شوارع المدن بالدماء إلا في تونس الشموخ، دبابة حين رأيت كيف زينها المواطنون الذين يصفهم قادتهم بالجرذان، خلتها سيارة عروس عدت لموكبها.
لم ير المجتمع المعاصر لوحة فنية فريدة، كاد أن يتجاوز واقعها السريالية، تلكم التي عرضها الشعب المصري العظيم في ميدان التحرير، دولة داخل دولة، تآلف وتكاتف وتراحم، شعارات مكتوبة تعبر عن ذكاء خلاق، وروح عجيبة تحول بلمسة مأساة أمة لنصر وفخر وعز، شمم ركع له الشمم ذاته، وعلو همة هوت دونه صور أولائكم القادة السفهاء، الذين عبروا بالمقابل أمام العالم على مستوى إجرامهم، وحقارة شخصياتهم، لن ينسى العالم صور الأباعر والبغال التي هاجمت أشبال ميدان التحرير، سنوات ضوئية تلكم التي تفصل بين السلوك المتحضر للشعب المصري وقادته الذين بدوا كأنهم قدموا من عصر ما قبل التاريخ.
واليوم يرى العالم مرة أخرى مثلا عظيما يسطره الشعب الليبي الأبي، بدماء زكية وأرواح طاهرة. صور تخطف العقل، وتفرض عليه كذلك الانحناء عرفانا له بالمقام الذي بلغه، عارية صدور رجاله، شكاة السلاح، يحملون أرواحهم على أكفهم فداء لحرية طالما غابت عن عالمنا العربي، شجاعة مبهرة وتآزر تجاوز محاولات الإرهاب والقمع؛ إن من أهم نتائج ثورة الشعوب العربية، الكشف للعالم عن وجهها الحضاري المتمدن، الذي كثيرا ما اتهمت بافتقارها إليه، وحسها المرهف الدقيق للغاية حول كل ما يجري في محيطها، وذكاء لا ينكر خطره إلا مكابر أعمى، كما كشفت أمرا آخر لا يقل أهمية وهو الوجه الحقيقي لحكام العرب، ذلك الوجه القبيح الهمجي الناضح بالإجرام والقتل والتنكيل، فضلا عن نهب المال العام وحياة البذخ التي تعافها حتى البهائم.
أعود إلى شكر العقيد أو النقيب معمر القذافي، الحقيقة التي أومن بها وعن علم، أن هذا الرجل لا يختلف في قناعاته التي أعلنها على الملأ عن سائر الحكام العرب أو معظمهم على الأقل، لهذا أقدم له الشكر، فقد عبر بكل وضوح أمام العالم عن رؤيته الحقيقية بأن شعبه مجرد جرذان، ومرضى يتعاطون المخدرات والحبوب المهلوسة، وسموها شجاعة أو حماقة وسفاهة عقل، أعلن بشكل رسمي الحرب على هذا الشعب التافه الحقير، أشكره لأنه كشف لمن لم يكن يعلم أن سائر حكامنا ينظرون إلينا ذات النظرة، وحكمهم علينا ذاته، ووصفهم لنا لا يختلف أبدا عما قاله الرجل؛ هذه الحقيقة التي قد يجهلها بعضنا، تدور في صالوناتهم ومجالسهم الخاصة، نحن مجرد جرذان تستحق القتل والسحل وانتهاك الحرمات، قد يقول القارئ هذا كلام فيه تجاوز ومبالغة، وحالة القذافي شاذة تحفظ ولا يقاس عليها، ومهما يكن يبقى الأمر مجرد رأي يحتمل الخطأ والتجني أكثر مما يحتمل من الصواب والواقعية. اشير هنا لما سمعته شخصيا من شخصيات سياسية قيادية في الجزائر فلا يختلف لفظا ومعنى في وصفهم للشعب الجزائري عما صدر عن معمر القذافي، ولن أستدل هنا على صحة الأمر بما سمعته فقد ينكر الأمر علي، كما لا أستدل بما يعاينه الشعب الجزائري يوميا ويعايشه واقعا ووثقته صحف وطنية، مثل جريمتي القتل التي تسبب فيهما الموكب الرئاسي، من دون أن يعوض أهل الضحايا ولا حتى يوليهم أدنى اهتمام، ولا تلكم الجريمة النكراء التي راحت ضحيتها امرأة كانت في المخاض، حين حوصر زوجها وهي برفقته في الطريق السيار، لأن فخامته كان ذاهبا للمطار فأغلقت جميع الطرقات، استشهدت المرأة وجنينها على قارعة الطريق، ولم يلتفت المسؤولون لهذه الحثالة في تصورهم كغيرها ممن سبق، هل يعقل حين يريد الرئيس التنقل إلى مكان ما ان تغلق الطرقات؟ أليس هذا من جنون العظمة؟ بل أليس هذا السفه بعينه! وهنا لست أتهم الرئيس بل تشريفات الرئاسة وكل مصالح الأمن التي تقوم بمثل هذه الجريمة البشعة التي تعبر عن تخلف لا نظير له؛ تذكرت هنا كيف فرض ألان جوبيه قانونا في فرنسا يجبر كل المسؤولين على احترام قانون المرور، وألغى ذلكم الامتياز الذي كانت تتمتع به مواكبهم الرسمية؛ مثل هذه الأحداث التي تترجم احتقار السلطة للشعب لا يمكن حصرها، وقد يذهب بعض القراء كذلك للتشكيك في الرواية وتفاصيلها، إذن تعالوا إلى واقع ليس لأحد أن ينكره.
المسؤولون الجزائريون كما غيرهم من العرب، لن ترى خيالهم في الشارع فضلا عن أشخاصهم ولا يمكنك أبدا أن تلتقي بهم في الأماكن العامة، لماذا؟ خاصة ان كثيرا من المواطنين العرب يشهدون على صحة ما أقول، انه يمكنك أن تلتقيهم في أي مكان عام في أوروبا، يمشون من دون ذلك الهرج والمرج الذي يحيطون به أنفسهم في أوطانهم، تلقاهم في شوارع باريس ولندن في المقاهي والمطاعم، حتى انك لتشك هل هذا هو الوزير أو رئيس الحكومة حقا أم شخص آخر، لماذا لا يفعلون ذات الشيء في أوطانهم؟ الجواب الذي لا أجد غيره، لأنهم يرون شعوبهم مجرد جرذان 'مقملين' حشرات لا يمكن السير بينهم، مجرمين يتعاطون المخدرات لا يؤتمن جانبهم، وما فات هؤلاء السفهاء أنهم وهم يصفون شعوبهم بهذه الصفات إنما يقفون أمام مرآة.

' فلاح جزائري

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire