Messages les plus consultés

samedi 26 février 2011

رئيس مركز الدراسات والأبحاث الصوفية عبد المنعم القاسمي الحسني لـ”الفجر” جهات معروفة في النظام حاولت من قبل طمس الفكر الصوفي

هناك 349 زاوية بالجزائر، 50 بالمئة منها تابعة للطريقة الرحمانية

يكشف الباحث عبد المنعم القاسمي الحسني، في هذا الحوار الذي خصّ به جريدة ”الفجر”، عن مشروع مركز القاسمي للأبحاث والدراسات الصوفية والدور المنتظر منه، كما يتحدث عن عودة الاهتمام بالتصوف وتفسير هذه الظاهرة• كما يكشف عن مشروع ملتقى لالة زينب في ذكراها المئوية والذي سيتناول سيرة هذه الولية الصالحة التي تولت مشيخة زاوية الهامل لفترة من الزمن وتحدّت الاستعمار بمواقفها• وانطلاقا من تخصصه في الطريقة الرحمانية، فإنه يتحدث أيضا عن موقع هذه الطريقة وتاريخها وخصوصيتها

تنوون إطلاق مركز الدراسات والأبحاث الصوفية، إلى أين وصل المشروع وما هو منتظر منه؟

المركز مؤسسة بحثية علمية غير ربحية، مقرها بلدة الهامل، تسعى إلى التعريف بالتصوف الإسلامي، وإلى تنشيط الجهود البحثية حوله في الجزائر• وغايته البحث العلمي الجاد والرصين حول مختلف مجالات التصوف، وتقديم صورة واضحة عن هذه الدعامة الأساسية من دعائم المرجعية الدينية والفكرية والثقافية للمجتمع الجزائري، والحفاظ عليها حية فاعلة، كما يسعى إلى نشر الثقافة الصوفية في المجتمع•

ومن أهدافه الرئيسة التواصل مع أهم المؤسسات العلمية والمراكز البحثية المختصة والعاملة في حقل الظاهرة الصوفية، وتنشيط ومتابعة الحوار الرصين الجاد على كافة المستويات داخل القطر، حول التصوف الإسلامي• ولتحقيق هذه الأهداف سيعمل المركز على: إعداد الدراسات والأبحاث الجادة عن التصوف الإسلامي على أساس علمي ونشرها؛ جمع وتحقيق التراث الصوفي الجزائري ونشره؛ إقامة الندوات والمؤتمرات الفكرية والعلمية والسعي لتغطيتها إعلاميا للفائدة والتعاون مع الباحثين والمفكرين في التصوف الإسلامي، من الأقطار العربية الأخرى•

هذه باختصار مجموعة التصورات والأفكار الأولية حول هذه المؤسسة العلمية الأكاديمية التي نعمل على الإعداد لتهيئة الأرضية الصلبة المتينة لها، وتوفير الشروط الضرورية لإقامتها، وذلك سعيا لصيانة هذا التراث الإنساني من التلاعب والتنكر والاستغلال والمزايدة•
بماذا تفسرون هذه العودة إلى الاهتمام بالتصوف في الساحة الثقافية والإعلامية وطنيا ودوليا؟

فعلا يعرف التيار الصوفي نهضة جديدة والتفاتة طيبة من طرف الأساتذة والباحثين، للاهتمام مجددا بالفكر الصوفي وبتراثه في العالم الإسلامي عموما وفي الجزائر بشكل خاص• وذلك بعد أن ملأت المشهد الثقافي والعلمي هذه التظاهرات المتلاحقة من الندوات الفكرية والملتقيات العلمية حول التصوف والصوفية، وصدور المئات من المقالات التي تتناول الظاهرة من جوانبها المتعددة• في اعتقادي أن التصوف قد احتل الصدارة في الحياة الفكرية المعاصرة لعدة عوامل من أهمها: احتوائه على قيم وأفكار إنسانية راقية، مكّنته من الحضور القوي في المشهد الثقافي العالمي، وأيضا بما يحمله من عمق وأصالة وانفتاح على الآخر، والتي تعكسها مؤلفات ابن عربي، الشيرازي، الرومي•• ولذا وجد كل هذا الاهتمام من طرف العلماء والباحثين والمهتمين بالحركات الفكرية عبر العالم• كما ساهمت كتابات رينيه جينو، لوي ماسينون، وأنّا ماري شميل، في إعطاء الموضوع دفعة قوية لمعرفة واهتمام الغربيين به• والعامل الثالث هو فشل الحضارة المادية وبحث العالم الغربي عن الراحة المعنوية والاتجاه الروحي، بعد سيطرة النزعة المادية على جميع مناحي الحياة• وهذه النهضة التي يشهدها التصوف الآن، إنما هي عودة الروح إلى التصوف، خصوصا بعد زوال تأثير بعض التيارات وفشلها في قيادة المجتمعات العربية إلى ما وعدت به سابقا، وأيضا بعد رفع الحصار عن التصوف وأهله من طرف السلط القائمة، كحالة الجزائر مثلا، فقد عرفت الطرق الصوفية حصارا شديدا عقب الاستقلال من طرف الحكم، مما أدى إلى إبعادها عن الساحة السياسية والثقافية والعلمية فترات طويلة من الزمن•
أليس هناك لهذا الاهتمام علاقة بمسعى السلطة السياسية للحد من تأثير الإسلام السياسي؟

أولا نحن لا نميل إلى استخدام هذا المصطلح ”الإسلام السياسي”، فهو مصطلح ظهر في الغرب ولضرب الإسلام من الداخل، وإذا سلّمنا جدلا بوجود هذا التقسيم، فنحن لا نرى أن النظام قد دعّم التصوف لضرب اتجاه معين، فالتصوف جذوره بالجزائر ضاربة في القدم، منذ عهد ابن النحوي في القرن الخامس الهجري، وأينما ولّيت وجهك في هذه البلاد إلا ووجدت ضريحا لولي صالح أو زاوية يجتمع عندها المريدون والأتباع يردّدون أذكارهم بكل خشوع وتواضع• فلم يغب التصوف يوما عن هذه البلاد، إنما كانت هناك فترات مصادرة ومضايقة من طرف جهات معروفة في النظام، أدّت إلى إبعاده مؤقتا عن الساحة، ولما عرفت الجزائر هذه الموجة الديمقراطية عاد التصوف إلى الظهور مجددا، دون أن ننسى العوامل الثقافية والفكرية التي أشرنا إليها أعلاه والتي عرفها العالم بأسره فلم تكن الجزائر لتبتعد عن المساهمة في هذه النهضة الصوفية المباركة المعاصرة•

باعتباركم متخصصا في الطريقة الرحمانية، ما هي خصوصيات هذه الطريقة وموقعها بين سائر الطرق في الجزائر؟

الطريقة الرحمانية هي طريقة دينية صوفية، نشأت في الجزائر في أواخر القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي)، على يد مؤسّسها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري• ففي سنة 1762 أسّس الشيخ زاويته بقرية آيت إسماعيل ومنها انطلقت الطريقة الرحمانية التي كانت تسمى في البداية الطريقة الخلوتية• وهي تمثل أحد المعالم الرئيسية البارزة وظاهرة دينية روحية اجتماعية وسياسية هامة في تاريخ الجزائر المعاصرة، فمن أي زاوية تناولناها وجدنا الكثير من الفوائد والفرائد التي تساعدنا على فهم الكثير من الحقائق في الناحية الدينية، الناحية السياسية، الناحية الاجتماعية• وهي طريقة تدعو إلى الصفاء والعودة إلى المنابع الأولى للإسلام، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق تطهير النفس ويجب عليها قطع سبع مراحل أو أنفس بواسطة سبعة أسماء، شرح هذه الطريقة وفصلها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري في رسائله الكثيرة والمتعددة التي كان يرسلها إلى أتباعه ومريديه•

والشكل العام في التنظيم في الطريقة الرحمانية متشابه مع بقية الطرق الأخرى، فهناك الشيخ أو المعلّم الذي يكنّ له المريدون كل الطاعة، وهناك المقدم وهو الذي ينوب عن الشيخ في بعض المهام والوظائف، وهناك المريد وهو محور العملية التربوية في الطريقة• وتهدف الطريقة الرحمانية ـ على ما يذكره أتباعها ـ إلى الجمع بين المنهجين المعروفين في الفكر الإسلامي، منهج العلماء الذين يرون ضرورة التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية• ومنهج الصوفية الذين يرون ضرورة التمسك بالتجربة الدينية•

وتعتبر أوسع الطرق انتشارا في الجزائر في ق19م، ففي إحصاء كوبولاني وديبون اللذان قاما به في سنة 1897 نجد أن عدد الزوايا بالجزائر بلغ 349 زاوية، منها 177 زاوية خاصة تابعة للطريقة الرحمانية وحدها أي ما يفوق نسبة 50 بالمئة•

باعتباركم محافظا لملتقى ”لالة زينب” المزمع تنظيمه شهر نوفمبر المقبل بمدينة بوسعادة، ما الجديد الذي سيأتي به، وهل من توضيحات بخصوصه؟

يهدف الملتقى إلى التعريف بهذه السيدة التي تعدّ من أبرز أعلام الحركة الصوفية في المغرب الإسلامي• كما يهدف إلى إبراز الأدوار المشرفة للمرأة الجزائرية على مدى العصور المتلاحقة، كما يعد وقفة إكبار وإجلال لهذه السيدة الفاضلة التي تحدّت السلطات الاستعمارية، ورفضت الانصياع لأوامرها• وقد واصلت السيدة زينب مسيرة والدها الرائدة، وسارت على نهجه وحافظت على طريقته، من تعليم العلم، وإرشاد الخلق وفكّ النزاعات، وإطعام الطعام والإحسان للفقراء والمساكين•

كما حافظت على تماسك الطريقة الرحمانية، وأدارت بقية الزوايا التابعة لها بحكمة واقتدار
كبيرين، وظل الناس يلتفون حولها، لما لمسوا فيها من تواضع وكرم وقوة شخصية• ولقد كانت مضرب الأمثال في الكرم والسخاء، حتى أنها اتهمت بتبديد ثروة والدها في القيام بشؤون اليتامى والمحتاجين• سيحضر الملتقى عدد كبير من الباحثين المتخصصين في الموضوع نذكر منهم أ د عمار جيدل، أ د حميدي خميسي، أ د نور الدين زمام، د ياسين بن عبيد، د بومدين بوزيد، د رؤوف قاسمي، د عيسى الأخذري••• وغيرهم من الباحثين• ربما من أهم ما يميز الملتقى أنه من تنظيم جمعية الأمير الهاشمي ببوسعادة، الجمعية التي عرفت بتنظيمها لعدة ملتقيات فكرية ثقافية تاريخية متميزة، ولارتباط اسم الأمير الهاشمي بالثورة ضد المحتل، وقد ساند الهاشمي لالة زينب في مواجهتها مع المحتل• نحاول في هذا الملتقى جمع التراث الشفوي الذي قيل في حق لالة زينب، وإعداد ترجمة وافية للسيدة زينب انطلاقا من المصادر والوثائق التي عثرنا عليها مؤخرا• يعتبر الباحث عبد المنعم القاسمي الحسني، أحد أهم الباحثين الجزائريين المهتمين بشؤون التصوف والزوايا، وقد سبق له أن أصدر العديد من الكتب منها: أعلام التصوف في الجزائر، المؤلفات الصوفية في الجزائر•• وسيناقش قريبا رسالة دكتوراه موضوعها الطريقة الرحمانية: الأصول والآثار• كما شارك في الكثير من الملتقيات العلمية الوطنية والدولية حول التصوف•

حاوره: أحمد عبد الكريم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire