Messages les plus consultés

jeudi 24 février 2011

حتى لا يعصف الشعب الجزائري بالسلطة

اسماعيل القاسمي الحسني
تعتمد السلطة الجزائرية في توقع عدم انفجار الوضع في الجزائر، على أمرين، أحدهما ظاهر والآخر باطن، أما الأول فهو الزعم الأبله بأن عوامل الانفجار في تونس ومصر غير متوفرة في الجزائر، وهذا لعمري اعتراف صارخ بانقطاع رجال هذه السلطة عن واقع الشعب، فالبطالة هي الثالثة سوءا على مستوى دول العالم العربي، والفقر يطحن ما يزيد عن 30' من الشعب، والطبقة الوسطى تكاد تعدم، والفساد ومن دون الحاجة للاستدلال بوثائق ويكيليكس استشرى من رأس هيكل الدولة إلى أخمص قدميها، ونهب المال العام يوميا تطالعنا به الصحافة الوطنية، حتى بات لازمة في خطها الافتتاحي، والشعب لديه قناعة راسخة بأن كل الانتخابات السابقة على مختلف مستوياتها مزورة، فلا البرلمان يمثله ولا ما يسمى كذبا مجلس الأمة،
يضاف إلى ذلك الغياب الكلي لتواصل القيادة المتحكمة مع الشعب، فالرئيس الصوري ينطق باسمه ويعرف على حاله مغني كباريهات يقبع في السجن بفرنسا، نتيجة جريمة نكراء دالة على محيطه الذي نشأ فيه ومستواه الأخلاقي، تذكرنا هذه الحال بقول الشاعر: عن المرء لا تسل وسل عن قرينه، كما كان أحد أكبر اللصوص كذلك، الذي يقبع بدوره في السجن ببريطانيا. واستقلالية العدالة حلم سريالي يبعث على الضحك توهمه في الجزائر، فضلا عن الهيئة التشريعية والتنفيذية، وقطاع التعليم يتزين به ذيل القائمة على مستوى دول العالم الثالث؛ قطعا لا تتسع مساحة المقال لتعداد الحقائق والوقائع التي يبني عليها العقل الجمعي الجزائري تلكم الصورة التي تجمع كل درجات الامتهان والاحتقار للسلطة؛ أما عن الأمر الباطن فهو الصدمة التي تلقاها الشعب الجزائري أوائل تسعينيات القرن الماضي، ففي مخيلة رجال السلطة أنها كافية لما فيها من مآس وكوارث ترقى وقائعها إلى جرائم ضد الإنسانية، لأن تقف سدا منيعا في وجه أي ثورة تصحيحية قد يفكر فيها الشعب، وما غفلت عنه هذه الكائنات الفضائية، أن ما تعرض له الشعب الجزائري كان بتواطؤ مع الأنظمة الغربية، التي لم يعد اليوم إطلاقا بوسعها تكرار ذات الموقف، فما غطى أيامها عن مأساة الجزائر هو تحديدا عاصفة الصحراء من جهة، يضاف إليها عامل في غاية الأهمية، وهو الثورة التكنولوجية في العقد الأخير التي بدورها باتت تغطي سماء كل قطر، وعبرها تتدفق المعلومات لحظة وقوعها صوتا وصورة، لتنقلها الفضائيات إلى شعوب العالم وحكامه؛ فبات من المستحيل كما رأينا واقعا تغطية ما يمكن أن ترتكبه السلطة الجزائرية من جرائم في حق الشعب، إذا قام للمطالبة بحقوقه المشروعة، فقد تملكت الشعوب سلاح الإعلام التكنولوجي الخطير، وهو الأقوى حاليا في تسطير السياسات والمواقف، ولا أدل على ذلك من التطور النوعي الظاهر على مواقف الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا على وجه الخصوص، من حالة التلكؤ مع الثورة الشعبية التونسية المباركة، إلى حالة أكثر مواكبة مع الثورة المصرية المظفرة، فبالقدر الذي يرتفع فيه التدافع بين الشعوب والأنظمة الدكتاتورية على الأرض، ترتفع في سمائها حرب ضروس بين الفضائيات في تسابق محموم على الصورة الواقعية، تغذيها معارج الانترنت، تتدفق عبرها المعلومات كالموج المتلاطم.
ما كنت أبدا لأستعرض وجهة النظر عبر هذه الصحيفة، لولا يقيني الذي لا يرقى إليه شك، بأنها تقرأ على أعلى مستويات المسؤولية في الجزائر، ليس حبا فيها ولا سعيا وراء المعرفة مع الأسف، وإنما في إطار العمل الوظيفي الذي يوجب قراءة كل ما يتعلق بالجزائر، كأي عمل استخباراتي، مع الملاحظة المؤسفة كذلك، أن المسؤولين لا يعيرون أدنى اهتمام بما تتداوله صحف لغة الضاد، حتى إن كان الكاتب من كبار المفكرين في العالم العربي، بينما ترجف فرائصهم لأي كلمة تعني سياستهم، لو قالها روبرت فيسك مثلا، أو تناولتها بالخصوص الصحافة الفرنسية؛ وهذا دليل آخر على الاستخفاف بل الإفلاس على الصعيد السياسي، فإعراض المسؤول عن مفكر من بلده يعرف حق المعرفة أعماقه وخصائصه وغيرها، وإقباله على تنظير مفكر غربي (مع احترامي للبعض) لا تربطه أدنى علاقة بمجتمعاتنا، لدليل قاطع على ترهل غبائه لبلوغه سنا معمرة متقدمة. وهنا لابد من التوضيح أن التحذير من الانفجار لا يعني مطلقا الدعوة له، بل العكس هو الصحيح، بمعنى ما يراد من التحذير هو السعي الجدي والصادق لانتزاع مفاعيله، وانتهاج سبل واقعية عملية لتفاديه، ولبلوغ هذا الهدف الذي يجنب البلد ويلات قاستها شعوب شقيقة، وانتهت بالأنظمة التي واجهتها إلى حال أشبه بالجمرة الكبرى، ترجمها الشعوب باللعنات على امتداد التاريخ وليس أيام التشريق فحسب.
المدار إذا كان من بين رجال السلطة راشدين يخافون على هذا الوطن خوفهم على أنفسهم وأبنائهم، أعتقد أنهم لا يخالفونني الرأي بشأن الخطوات العاجلة التي يستوجب اتخاذها، والتي أجملها اختصارا في التالي:
1ـ يأمر رئيس الجمهورية المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، بإلغاء المادة المعدلة في الدستور، التي من شأنها أنه يحق للرئيس الترشح لأكثر من عهدتين، يرفق التعديل هذا بألا يتجاوز المرشح لمنصب الرئاسة سن 60 عاما، كما يجب إبداع منصب نائب رئيس الجمهورية الذي ينطبق عليه ذات الشرط.
2ـ بعد هذا الإجراء، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية من خارج دائرة المؤسسة العسكرية، وكذلك الأحزاب الكرتونية المرتزقة، أعني المشاركة، سواء في الالتفاف الحكومي أو البرلمان، يتم حل المجلسين الشعبي والشيوخ فورا.
3ـ يستقيل الرئيس نظرا لسنه وظروفه الصحية، ويحيل صلاحياته لنائبه.
4 ـ تقال الحكومة بطبيعة الحال، وتستدعى أخرى مكونة من مجموعة تكنوقراط، من كفاءات جزائرية نظيفة العرض واليد، تكون الحكومة مؤقتة مهمتها الإعداد لانتخابات تشريعية في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر.
5ـ يقوم المجلس المنتخب الجديد بالتعاون مع الهيئات المختصة، بصياغة دستور جديد يعرض في استفتاء شعبي، يرتكز على الحكم البرلماني بدل الرئاسي، ويفصل بأدوات عملية بين السلطات الثلاث.
6ـ على اثر ذلك تنظم انتخابات رئاسية.
أخشى ـ وأرجو أن أكون مخطئا في التقدير- أن هذا هو السبيل الوحيد لتفادي الانفجار، وعلى القائمين أن يعوا جيدا أن هذه المطالب سينالها ويبلــــغها الشعب الجزائري طوعا أو كرها كغيره من الشعوب، لا بديل عن ذلك طال الزمن أم قصر، وإنما يبقى لهذه السلطة الخيار، إما أن يعود إليها الفضل في نقل الجزائر ونظام حكمها بحكمة إلى مصاف المتحضرين المتمدنين، أو أن تعارض الحقوق المشروعة للشعب الجزائري، وحينئذ سيعصف بها لا محالة، وتصبح طريدة القانون واللعنات كمن سبقها تماما.
' فلاح جزائري

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire